كتابات

نحن قوم لا نستسلم ننتصر أو نموت

بقلم محمد العربي زيتوت

قرأت تعليقا بصفحتي على الفيس بوك يقول صاحبه في نهايته: هل سوريا اليوم أفضل أم سوريا الأسد (الأب و الابن)؟ هل ليبيا اليوم أفضل أم ليبيا القذافي؟! هل عراق اليوم أفضل أم عراق صدام.. فلتذهب هذه الحرية للجحيم.

كثيرون لا يعرفون لماذا لُقب سيدنا أبو بكر عبد الله بن عثمان القرشي ب “الصديق”، بل أن هناك من يعتقد أن ذلك اسمه الأصلي! الواقع أنه سمي بذلك بعد واقعة الإسراء والمعراج، فقد روت إبنته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما: “لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه، وسعوا بذلك إلى أبي بكرـ رضي الله عنه ـ فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم. قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة”.

استطاع كفار قريش أن يقنعوا بعض المؤمنين بأن محمد صل الله عليه وسلم مجنون أو على الأقل كاذب.. فقد زعم أنه أسري به من بيته في مكة إلى بيت المقدس في فلسطين؟

والناس تعرف أن المسافة بينهما، آنذاك، تستغرق في أفضل الأحوال شهرا بأيامه ولياليه ذهابا وشهرا إيابا، فكيف يدعى محمد أنه ذهب وعاد في جزء من ليلة واحدة؟

كان هذا عن الإسراء فقط، ولم يكونوا قد علموا بموضوع المعراج، أي صعود الرسول صل الله عليه وسلم، إلى سدرة المنتهى بعد أن قطع، مرفوقا بجبريل عليه السلام، السموات السبع ورأى من العجائب ما رأى، والتقى بكثير من الأنبياء والرسل هناك بل وصلَّ بهم أيضا وأمور أخرى.

كثيرين يرتدون عن أدبارهم.. يكفرون بما كانوا قد آمنوا به.. تهتز عقيدتهم.. ترجف أركانهم في زمن الاختبار، زمن الامتحان، زمن الضغوط الرهيبة.. زمن الأحداث الجسام.

الثبات اليوم في زمن الثورات المضادة والدمار والخراب والفوضى، الذين أحدثهم الطغاة وأنصارهم في الداخل والخارج ليس سهلا، بل هو زلزالا شديدا كثيرا ما يهدم ضعاف النفوس الذين كانوا يعتقدون أن الحرية والعدل والحق أمر سيتبرع به الطغاة بمجرد أن تنتفض الشعوب وتتظاهر.

يبدو أن هروب المخلوع بن علي وتهاوي مبارك السريع، هو الذي غرر بالبعض منا فسارع إلى تبنى الثورة على الظلم والظالمين.. لكن ثورة سوريا أعادت وتعيد الكثيرين إلى حقيقتهم، وهي الخوف والرعب من دفع ثمن الحرية.. والعدل.. والرشد.

يفضلون أن يظلوا عبيدا خانعين تحت حكم العبيد الطغاة على أن يدفعوا ثمن الكرامة والحرية والتحرر من الطغيان.

أبو بكر سُمي صديقا لأنه صدق بمحمد، صل الله عليه وسلم، في أحلك الظروف وأصعبها وكان أول رجل يؤمن به ويدافع عن عقيدته بكل شيء متخليا عن أمواله وأملاكه ووالده وأصدقاءه في ظروف يعتبرها بعضنا قاهرة ووجب الخضوع لها.

للحرية ثمن.. للكرامة ثمن.. واسألوا شعب الجزائر الذي دفع ما يزيد عن مليون من أبناءه في حرب ضروس دامت أكثر من سبع سنوات حتى قال البعض في نهاية الخمسينات سئمنا الثورة وليت الأمور تعود كما كانت لأن فرنسا لن يستطيع أحد أن يخرجها.

ارجعوا لتلك الفترة لتعرفوا ما كان يقوله بعض الجزائريين الذين يئسوا، خاصة بعد وصول ديغول للحكم بوعوده البراقة وحربه البشعة وبناء الخطوط المكهربة على حدود تونس والمغرب.

يجب أن يكون شعار الأحرار دائما هو ما قاله عمر المختار: “نحن قوم لا نستسلم ننتصر أو نموت”.

المصدر: صحيفة الأمة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى