مقالاتمقالات المنتدى

شروط الأضحية بعجول مُسَمّنة

شروط الأضحية بعجول مُسَمّنة

 

بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)

 

اتّفق جمهور العلماء على عدم جواز الأضحية بالعجول التي تقلّ أعمارها عن السّنتين للأحاديث الصّحيحة الواردة في ذلك وذهب بعض العلماء المعاصرين إلى جواز الأضحية بها للضّرورة والمصلحة الرّاجحة وقد كنت أفتي من قبل برأي الجمهور القائل بعدم الجواز ولكنّني اليوم أفتي بعد دراسة عميقة لهذه المسألة بخلاف ذلك وأسأل اللّه تعالى السّداد والتّوفيق!

وإليكم أيّها الإخوة الكرام خلاصة ما توصّلت إليه في هذه المسألة فإن أصبت فبفضل اللّه وحده وإن أخطأت فأستغفر اللّه ولكلّ مجتهد نصيب:

1. اختلف العلماء في وجوب الأضحية على القادر عليها والرّاجح أنّها سنّة مؤكّدة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها

2. يجب أن لا يقلّ سنّ الأضحية من الضّأن عن نصف سنة ومن المعز عن سنة ومن البقر عن سنتين ومن الإبل عن خمس سنين إضافة إلى سلامتها من العيوب التي تؤثّر في جودة لحمها وثبت أنّ الرّسول ﷺ قال للصّحابيّ الذي أراد أن يضحّي بغير السّنّ المعتبرة شرعاً: {نَعَم تُجزِئُ عَنكَ وَلَن تُجزِئَ عَن أحَدٍ بَعدَكَ}

3. تجوز الأضحية بالعجول المسمّنة التي تقلّ أعمارها عن السّنتين في حالة واحدة هي عدم وجود بدائل عنها! فمن تمكّن من الأضحية بالعجل البلديّ الذي لا يقلّ عمره عن السّنتين وهذا غير متوفّر في بعض المناطق أو كان بإمكانه أن يضحّي بالمعز أو الضّأن أو الإبل فلا يجوز له حينئذٍ أن يضحّي بالعجل المسمّن بأقلّ من سنتين وهذا هو مذهب الجمهور

4. إذا لم يجد من أراد أن يضحي إلّا العجول المسمّنة التي لا تعيش أكثر من سنتين في الغالب ويستحيل أن تكون طعاماً صالحاً للنّاس بعد السّنتين فإنّني في هذه الحالة مضطر أن أفتي كما أفتى كثير من العلماء بجواز الأضحية بها لقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ ولقوله ﷺ: {وَما أَمَرتُكُم بهِ فَافعَلُوا مِنهُ مَا استَطَعتُم}

5. من المعلوم اليوم أنّ العجل المسمّن ابن السّنتين يستحيل أن يكون طعاماً صالحاً للأكل لصعوبة نضجه حين طبخه ويكون المضحّي به في هذه الحالة قد أساء لمن سيأكل هذا اللّحم من الأهل والأصدقاء والأقارب والجيران وأساء كذلك للفقير الذي أعطاه هذا اللّحم الذي قد يسبّب لمن يأكله عسر الهضم! وعلى فرض أنّ المسكين وافق على أخذ هذه الصّدقة حياءً أو اضطراراً فسيدفع ثمن الغاز الذي سيطبخ به الطّعام أكثر من قيمة اللّحم الذي لا يأكله سوى الجارح من الحيوان! وثمن الكهرباء والغاز في فلسطين هو الأغلى في العالم! كذلك فإنّ هذا اللّحم يسمّى لحماً مجازاً لأنّه لا ينضج بعد ساعتين من وضعه على النّار وعلى فرض أنّه نضج بعد ذلك فإنّه يتحوّل بعد طهيه هذه المدّة الطّويلة لخيوط من اللّحم وليس لحماً طريّاً طبيعيّاً!

6. صدق من قال: أهل مكّة أدرى بشعابها والشّاهد يرى ما لا يراه الغائب! إنّ من الصّعوبة بمكان أن تجد عجلاً بلديّاً غير مسمّن في هذه الأيّام! وأكثريّة النّاس اليوم لا تستطيع الأضحية بالغنم أو الضّأن بسبب البطالة والفقر! ولهذا لا حرج من الأخذ بالرّأي الآخر الذي أجاز أن يكون عمر العجل المسمّن أقلّ من سنتين لأنّه إن زاد عن السّنة كان وجوده كعدمه! بل إنّ المضحّي الذي أعطى غيره من هذه الأضحية كسر خاطره وما جبرها وأساء لنفسه ولغيره علم بذلك أم لم يعلم! قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ ومعلومٌ أنّ لحم العجل المسمّن الذي زاد عن السّنتين ليس من الطّيّبات!

7. الأضحية سنّة مؤكّدة للقادر عليها ومن تمكّن من شراء الضّأن أو المعز فلا يجوز له أن يضحّي بالعجل المسمّن ومن لم يجد العجل البلديّ الذي جرت العادة باشتراك سبعة أشخاص فيه وفقد من السّوق وكان المضحّي بين خيارين لا ثالث لهما: إمّا أن يضحّي بعجل مسمّن ابن سنتين لكنّه لا يصلح للاستهلاك الآدميّ وإمّا أن يضحّي بعجل مسمّن عمره أقلّ من ذلك لكنّه أطيب وأنفع وأصلح لصاحبه ولغيره فلا حرج حينئذٍ من القول بالجواز والأخذ بما أفتى به كثير من العلماء المعاصرين وذلك من باب: (الضّرورات تبيح المحظورات والضّرورة تقدّر بقدرها وإذا ضاق الأمر اتّسع)!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى