تقارير المنتدىتقارير وإضاءات

تقرير حصري | العلماء ومعتقلي الرأي في بلاد الحرمين .. محنة في سجون التنكيل والموت

تقرير حصري | العلماء ومعتقلي الرأي في بلاد الحرمين .. محنة في سجون التنكيل والموت

 

(خاص بالمنتدى)

 

شهد مطلع سبتمبر/ أيلول 2017 بداية “محنة علماء الحرمين”، حيث شنّت سلطات آل سعود بتوجيهات محمد بن سلمان حملة اعتقالات كبيرة طالت المئات من رموز تيار الصحوة من أكاديميين واقتصاديين وكتاب وصحفيين وشعراء وروائيين ومفكرين.

بدأت الحملة باعتقال الداعيتين سلمان العودة وعوض القرني، لتنطلق بعدها حملة الاعتقالات بسرعة كبيرة لتشمل رموزا إسلامية بارزة مثل الأكاديمي في المعهد العالي للقضاء عبد العزيز الفوزان، وإمام الحرم المكي صالح آل طالب، والشيخ سفر الحوالي، والشيخ عبد العزيز الطريفي، والشيخ محمد موسى الشريف، والشيخ علي بادحدح، والدكتور علي العمري، والشيخ د. إبراهيم الدويش وغيرهم.

وقد جاءت الاعتقالات من دون أمر قضائي أو مذكرة إلقاء القبض، وهي طريقة تشبه عمليات الاختطاف، ومُنِع المعتقلون من التواصل مع ذويهم أو توكيل محام لمتابعة قضاياهم.

وأدناه نبذة عن أبرز العلماء والدعاة المعتقلين:

الشيخ د. سلمان العودة: ولد عام 1956، يعتبر أحد رموز الوسطية الإسلامية، ومن أكثر علماء الدين السعوديين جرأة، وقد كلفته آراؤه الفقهية السياسية السجن وعرضته لمضايقات، وله إسهامات كبيرة في الدعوة والفتوى والعمل الخيري.

اعتقل في 10 سبتمبر/ أيلول 2017 بعد تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر رحب فيها بأنباء قرب انفراج الأزمة بين السعودية وقطر، حيث كتب قائلا “ربنا لك الحمد لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.. اللهم ألف بين قلوبهم لما فيه خير شعوبهم”.

الشيخ د. عوض القرني:  ولد عام 1957 بمنطقة عسير، أصدرت محكمة سعودية في مارس/آذار 2017 قرارا بإغلاق حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر وتغريمه مئة ألف ريال بعد إدانته بتدوين تغريدة “مثيرة للرأي العام وتَرابُط المجتمع مع قيادته ومؤثرة على علاقات المملكة مع دول أخرى”.

اعتقلته السلطات السعودية في سبتمبر/ أيلول 2017 واتهمته بحثّ الشباب على الانضمام للجماعات الإرهابية، بالإضافة للتواصل “مع دولتين مرتبطتين بجماعة الإخوان المسلمين المصنفة جةماعة إرهابية داخل البلاد”.

الشيخ د. سفر الحوالي: ولد عام 1955 في حوالة جنوبي السعودية، وحصل على الماجستير والدكتوراه من جامعة أم القرى في مكة، وبرز كزعيم لحركة “الصحوة” التي اتهمت الأسرة الحاكمة بالفساد وانتقدتها بسبب التحرر الاجتماعي والعمل مع الغرب، فزجت به السلطات في السجن خلال تسعينيات القرن الماضي ثم أطلقت سراحه فيما بعد، ثم عادت السلطات السعودية لاعتقاله مجددا في يوليو / تموز 2018، من سرير مرضه، حينما أصدر الحوالي نسخة إلكترونية من كتابه “المسلمون والحضارة الغربية”، وهو ما أثار لغطًا واسعا لنقده اللاذع للحكومة السعودية والعائلة الحاكمة، حيث صرح الحوالي في كتابه بأن الإسلام الذي يقدمه آل سعود هو إسلام أميركي، لا الإسلام الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الترف وسوء الإدارة في المملكة إنما هو لما سماه الحوالي “تحكيم الصبيان”.

الشيخ د. ناصر العمر: ولد عام 1952 في قرية المريدسية التابعة لمدينة بريدة، بمنطقة القصيم. حصل على درجة الماجستير من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وهو الأمين العام السابق لرابطة علماء المسلمين، وقد منع من السفر منذ أكتوبر/تشرين الأول من العام 2017، ثم اعتقلته السلطات السعودية  في أغسطس / آب 2018 بسبب بعض التغريدات على توتير تضمنت كلاما عاما، فسّرتها السلطات على أنها موقف سياسي مما يجري داخل المملكة أو خارجها.

الشيخ عبد العزيز الطريفي: ولد عبد العزيز الطريفي في الكويت عام 1976، وتنقل في صغره بين الكويت والموصل (العراق) ومصر، قبل أن يستقر في العاصمة السعودية الرياض. أنهى دراسته الجامعية في كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في مدينة الرياض، ودرس دراسة شرعية حرة خارج الإطار الأكاديمي عند عدد من الشيوخ منهم: مفتي الديار السعودية سابقًا : الشيخ عبد العزيز بن باز، وشيخ الحنابلة الفقيه عبدالله بن عبد العزيز بن عقيل، والشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك، والشيخ عبد الكريم بن عبدالله الخضير، وغيرهم.

وفي الثالث عشر من أبريل/نيسان 2016م؛ تم توقيف الشيخ الطريفي وتحديد إقامته، وذلك قبل اعتقاله بصفة نهائية، لينتهي به المقام في سجن الحائر. كان ذلك إثر تغريدات أطلقها الطريفي في معارضة قرارات الحكومة بشأن تحجيم صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف، والفساد الأخلاقي الذي قد بدأ في الاستشراء داخل المملكة. لكن أمر الاعتقال أكبر من مجرد تغريدة رأي كتبها الطريفي على تويتر، وإنما يكمن في أن المشروع التنويري الذي يبشر به محمد بن سلمان لا يمكن أن يسمح بوجود عالم مثل الطريفي لا يخضع تمام الخضوع لمشروعه الخاص.

الدكتور علي العمري:  داعية إسلامي سعودي ورئيس جامعة مكة المكرمة المفتوحة، ولد عام 1976، واعتقل أيضا في سبتمبر / أيلول 2017، وأغلقت السلطات السعودية قناة “فور شباب” التي يديرها الدكتور العمري.

الشيخ د. محمد موسى الشريف: داعية سعودي ولد عام 1961، وهو طيار وأستاذ جامعي وكاتب وباحث في التاريخ الاسلامي، ومتخصص في علوم القرآن والسنة، وقد اعتقل في سبتمبر / أيلول 2017.

الشيخ د. علي عمر بادحدح: رئيس لجنة تطوير المناهج بجامعة الملك عبد العزيز، وقد تم اعتقاله في سبتمبر / أيلول 2017 على خلفية جهوده في الأعمال الخيرية.

الشيخ د. إبراهيم الدويش: وهو داعية وأستاذ بجامعة القصيم، حصل على الماجستير والدكتوراه في السنة وعلومها من قسم السنة بكلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد اعتقل في أبريل / نيسان 2020.

ويعاني العلماء والدعاة ومعتقلي الرأي، وكذلك المعتقلين الفلسطينيين في سجون السلطات السعودية من شتى أنواع التنكيل والإهانة والتعذيب والإهمال الطبي، وقد توفي العديد منهم في داخل السجن أمثال الشيخ أحمد العماري والشيخ د. موسى القرني -رحمهما الله- وغيرهم.

وبرزت صور أخرى لظلم العلماء والدعاة ومعتقلي الرأي ورموز تيار الصحوة في بلاد الحرمين، تمثّلت في المنع من السفر لهم أو لعوائلهم كما جرى مع الشيخ د. سعيد بن ناصر الغامدي الذي تعرضت عائلته -حتى الأطفال والنساء منهم- للمنع من السفر، وهو ما حصل كذلك مع عائلة الشيخ د. سلمان العودة والأكاديمي د. أحمد بن راشد بن سعيّد، كما مُنِع من السفر كذلك الداعية الشهير د. محمد العريفي، بالإضافة إلى منعه من الخطابة وإجباره على تسليم كلمات المرور إلى حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي للدولة.

وكان للنساء من الداعيات نصيبهنّ في الظلم والاعتقال والتنكيل، فاعتقلت السلطات السعودية الداعية المعروفة عائشة الهاجري (65 عاماً)، بعد مداهمة نحو 20 عنصراً من المباحث لمنزلها في مكة، وهي حالياً في سجن ذهبان (بمحافظة جدة)، وكانت خلفيات الاعتقال هي “نشاطها الدعوي وتحفيظ القرآن في منزلها”.

وقد تعدّى الظلم والاضطهاد العلماء والرموز من أهل بلاد الحرمين إلى اعتقال رموز عربية مقيمة في تلك البلاد، كان أبرزهم د. محمد الخضري -ممثل حماس السابق في الرياض- ونجله هاني، بالإضافة إلى نحو 60 فلسطينياً من أعضاء ومناصري حركة المقاومة الإسلامية “حماس”.

ومنذ بدء الاعتقالات الظالمة بحق علماء ورموز بلاد الحرمين، انطلقت المطالبات والمناشدات والبيانات من قبل العشرات من الهيئات والمؤسسات العلمائية والمنظمات الحقوقية والإنسانية بالإفراج عن هؤلاء الرموز المعتقلين، حيث ناشد علماء ومفكرون وعشرات الهيئات وروابط العلماء ملوك ورؤساء الدول في العالم الإسلامي المسارعة إلى إطلاق سراح المعتقلين من علماء الأمة ودعاتها، ومن بين روابط العلماء وهيئاتهم: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورابطة علماء المسلمين، ومنتدى العلماء، ورابطة علماء أهل السنة، ودار الإفتاء الليبية، وهيئة علماء فلسطين في الخارج، وهيئة علماء المسلمين في لبنان، والاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدعاة، وتيار أهل السنة في لبنان، وغيرها من الروابط والهيئات.

كما دعا علماء الأمة إلى ممارسة الضغط الدولي لإطلاق سراح العلماء والدعاة، وحث المنظمات والهيئات الحقوقية والاجتماعية والإنسانية والإعلام الحر النزيه وأصحاب القرار جميعا على القيام بواجبهم من أجل رفع الظلم عن المظلومين عموما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى