
تأملات في فقه التمكين (٣)
بقلم د. حسن السلهاب( خاص بالمنتدى)
كلما قرأت في معاني التمكين الإلهي أجد عجبا، أجد أن التمكين لم ولن يأتي مع الرخاء، لن يٌمكن لعباد الله المؤمنين وهم في ترف من العيش أو وهم على أسرتهم نائمون. بل يأتي التمكين لمن بذلوا الجهد وضحوا من أجل قضية عادلة وواضحة، من أجل حق أمنوا به فدفعوا الثمن كاملا. وكما قلنا سابقا أن التمكين الجزئي ليوسف عليه السلام بدأ من رميه في الجٌب، مع أن الواقعة للوهلة الأولى تنبأ بشؤم في ظاهرها، لكن حكمة الله تقول عكس ذلك. إن إخوة يوسف خطط وألقوه في الجب ليهلك أو يلتقطه بعض السيارة، فمكنه الله سبحانه وتعالى بأن خلصه من الجب، وآواه في بيت العزيز. وباء من ألقوه بالخيبة والفشل؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو الإله القادر المنفذ لما يريد.
التمكين مشيئة إلهية:
يقول مصطفى مسلم: «إن لفظة التمكين في القرآن الكريم لا تأتي إلا للشيء الذي لا تسعفه الأسباب المادية من الوصول إليها، فيأتي بأسباب وتدابير ربانية غير عادية»
إن التمكين يأتي في أوقات لا يستقيم معها في أفهامنا وإدراكنا البشري القاصر مفهوم التمكين مطلقا، فمستحيل أن نتصور أن يوسف مع إلقاءه في الجب يكون في ذلك بداية للتمكين، ومستحيل أن يرد أبدا على عقولنا أن من باعوه عبدا أنه كان يجول بخاطرهم ولو بطريقة الحٌلم أن من معهم سيكون عزيز مصر ونبي مٌرسل، مستحيل أن يتصور عقلنا البشري ولو بطريق التسلية أن من كانوا مع يوسف بالسجن أنه سيخرج ويكون عزيز مصر، ولم يتخيل أو يجول بخاطر إخوة يوسف أنهم في يوم ما سوف يقفون أمامه ليسألوه قوت يومهم فيقولون له { يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ}، تخيلوا من ألقوه يقولون له (يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ) هو من يتصدق عليهم. إنها سُنة التمكين لعباد الله المؤمنين.
ولذلك أجد في كلام القائد أبو عبيدة هو وإخوانه ثقة في موعود الله وأن الغلبة والتمكين لهذا الدين فيقول:
لنذكر المتعامين والمتواطئين والعاجزين من قوى العالم التي تحكمه شريعة الغاب، نذكر بعدوان بلغ أقصى مداه على مسرانا وأقصانا وبدأ تقسيمه الزماني والمكاني فعلا، وأحضرت البقرات الحمر تطبيقا لخرافة دينية مقيتة مصممة للعدوان على مشاعر أمة كاملة في قلب عروبتها ومسرى نبيهم ومعراجه إلى السماء، بل بلغت جريمة هذا العدو وحكومته الفاشية حد المطالبة بسحق شعب وتهجيره وتدنيس مقدساته علنا وقتله ببطء في غزة والضفة والقدس وفي فلسطين المحتلة منذ عام ١٩٤٨، ولم يكن أمامنا سوى ان نفعل ما امتلكناه من قوة ونذكر العالم بأن لهذه الأرض ولهذا المسرى رجال وأهل وحماة، فكانت ملحمة السابع من أكتوبر والتي جاءت لتدفيع الثمن لهذا المحتل وعصاباته التي ترتكب المجازر على مدار مائة عام ضد أهلنا وشعبنا وتحتل قبلة المسلمين الأولى وتسعى لإبادة شعبنا وتصفيته ووجوده. وأننا بفضل الله عز وجل سوف ننال إحدى الحُسنيين، “إنه لجهاد نصر أو استشهاد”.
إقرأ أيضا:حظر الإخوان المسلمين في الأردن(١٢)