تقارير وإضاءات

ملف: “تركستان الشرقية: عراقة الماضي .. بؤس الحاضر .. أمل المستقبل”

يتضمن هذا الملف مجموعة تقارير حول قضية (تركستان الشرقية) تم تجميعها هنا..

حول تصاعد اضطهاد الصين لمسلمي الإيغور (إعداد د. زياد الشامي)

قد لا يكون الحديث عن قمع واضطهاد السلطات الصينية لمسلمي الإيغور بجديد , فالموضوع قديم قدم احتلال الصين لتركستان الشرقية عام 1949م وإطلاق اسم إقليم “شينجيانغ” عليها , بل إن المجازر التي ارتكبتها القوات الصينية الغازية بحق مسلمي تركستان الشرقية تعود إلى ما قبل تاريخ احتلالها بشكل نهائي بقرابة قرنين من الزمان و تحديدا إلى عام 1759م .

لكن تصاعد حملة القمع والاضطهاد الصيني لمسلمي الإيغور الذي وصل إلى حدود غير مسبوقة لا بد من الوقوف عنده وتسليط الضوء عليه في محاولة لقراءة ملابساته وخلفياته ومآلاته و طريقة مواجهة تلك الحملات في ضوء التطورات الأخيرة على الساحة العربية والإسلامية والعالمية .

آخر مظاهر اضطهاد السلطات الصينية لمسملي الإيغور كشفت عنه تغريدة حساب “تركستان” على تويتر ذكرت فيه أن السلطات تعاقب مسلما صينيا يدعى “ما جنغساي” وتعتقله في مدينة شيئان الصينية بسبب تنزيل القرآن في هاتفه والاستماع إليه .

التغريدة تضيف أن تنزيل مواد دينية والاستماع إليه تعتبر جريمة “إرهاب” من الدرجة الثالثة في الصين متساءلة عن حال الإيغور في تركستان الشرقية إذا كان هذا هو حال المسلمين في سائر أقاليم ومدن الصين !!!

خبر آخر يسلط الضوء على تصاعد حملة القمع والاضطهاد الصيني لمسلمي الإيغور يقول : إن الاحتلال الصيني يجبر المسلمين الإيغور بشراء علم الصين وصور رئيسه “شي جين بينغ” وتعليقهما في المنازل والمراكب .

خبر ثالث مصدره هذه المرة صحيفة بريطانية شهيرة ” فايننشال تايمز” تؤكد فيه أن الصين قد حولت تركستان الشرقية إلى سجن كبير , مضيفة على لسان “دارين بيلر” من جامعة واشنطن أن الإجراءات الأمنية في تركستان الشرقية تسببت في إيجاد شعور بأن الإقليم أصبح سجنا كبيرا .

الصحيفة لفتت إلى أن الآلاف وضعوا في مراكز احتجاز غير معروفة خلال العام الماضي، مضيفة أن كل الإيغور الذين تحدثت إليهم الصحيفة لديهم صديق أو قريب سبق اعتقاله، وهناك يجبرون على تعلم منهج الحزب الشيوعي الصيني و إرغامهم على التخلي عن هوياتهم العرقية والدينية .

وإذا عدنا بالذاكرة إلى تطبيق الهاتف الجوال الذي فرضته السلطات الصينية على مسلمي تركستان وأجبرتهم على تحميله على هواتفهم الذكية قبل أشهر , والذي اتضح أنه يقوم بعملية مسح للجوال عن الملفات ويقوم بإبلاغ السلطات تلقائيا إذا عثر على أي ملف ذو محتوى إسلامي …..وربطنا بينه وبين توقيف الشرطة الصينية لسكان تركستان بشكل منتظم للقيام بعملية بحث في جوالاتهم ومن ثم اعتقال ومعاقبة من تجد في جواله محتوى إسلامي “كالقرآن” فإن ذلك يشير إلى مستوى القمع الذي تمارسه الصين بحق مسلمي الصين عموما والإيغور على وجه الخصوص .

خبر رابع تبنته منظمة “العفو الدولية” ذكرت فيه أن السلطات الصينية اعتقلت خلال الأشهر الماضية ما يصل إلى 30 من أقارب “ربيعة قدير” زعيمة قومية الإيغور المنفية مضيفة أن من بين المعتقلين شقيقات وأشقاء وأبناء وأحفاد “قدير” مشيرة إلى أن الموعد الذي نفذت فيه الاعتقالات غير معروف وأنهم محتجزون داخل أحد ما يسمى بالمراكز التعليمية و ربما يواجهون خطر التعذيب .

لا شك ان القراءة الأولية للمشهد الإيغوري يؤكد أن الصين تستغل في حملتها التصعيدية ضد مسلمي الإيغور موجة الحملات العالمية ضد المسلمين في عموم القارات سواء كانوا أقلية أم أكثرية , ففي أوروبا وأمريكا تستعر العنصرية وحمى التمييز ضد الأقليات المسلمة هناك , وفي ميانمار تنتهج الحكومة البوذية هناك سياسة الأرض المحروقة لطرد الروهينغيا من أرضهم التاريخية “أراكان” , ولا يختلف مستوى القمع والاضطهاد الذي يطال المسلمين في عقر دارهم كما هو الحال في سورية والعراق واليمن على أيد المجوس والروس بضوء أخضر أمريكي غربي .

أمر آخر لا بد من الالتفات إليه لمن يريد أن يقرأ حملة التصعيد الصينية الأخيرة ضد مسلمي الإيغور بشكل صحيح ألا وهو محاولة الصين من خلال تلك الحملة وأد آمال الإيغور في نيل استقلال وطنهم الأم “تركستان الشرقية” وإخماد جذوة طموحهم في التحرر من الاحتلال الشيوعي الجاثم على صدورهم منذ 68 عاما .

ومن هنا يمكن تفسير محاولة الصين على مدار العقود الماضية طمس هوية الإيغور الإسلامية , ومحاربة أي مظهر من مظاهر الإسلام في تركستان الشرقية , بدءا بتحريم وتجريم تسمية مواليد الإيغور بالأسماء الإسلامية , وصولا إلى منع إطلاق اللحية للرجال و محاربة حجاب النساء , وليس انتهاء بتجريم برامج القرآن الكريم وكل محتوى إسلامي على الهواتف الذكية تحت طائلة الاعتقال والحبس .

مواجهة مثل تلك الحملات العالمية الممنهجة ضد المسلمين في شتى بقاع الأرض تتطلب بلا شك تبلور مشروع إسلامي تجتمع عليه الدول العربية والإسلامية لمواجهة المشاريع الصفوية الشيوعية الصهيونية الصليبية البوذية …..التي تجتمع جميعا – رغم اختلاف مذاهبها وتضارب مصالحها – على محاربة الإسلام والنيل من أتباعه في كل مكان .

العودة إلى تركستان الكبرى.. أيمكن أن يتحقق الحلم؟ (إعداد أمير سعيد)

طلقة أصابت رأس الأمير فأودت بحياته على الفور في الفندق الذي كان يقيم به في نيويورك منهية رحلة قصيرة بدأتها اليابان بإحياء فكرة إقامة إمارة (أو جمهورية) عثمانية في تركستان الشرقية بعد سقوط الخلافة بأكثر من عشر سنوات، وأنهتها الولايات المتحدة بالتواطؤ مع قوى دولية في اغتيال الأمير، وفي طمس معالم جريمة قتله، إذ صدرت صحف نيويورك حينها تدعي انتحار الأمير!

منذ رحلة الفرقاطة أرطغرل إلى اليابان وغرقها في العام 1890 تطورت العلاقة العثمانية اليابانية، وحاولت طوكيو استثمارها بعد نفي آل عثمان إلى خارج تركيا وإسقاط الخلافة العثمانية، إذ تراءى لها إضعاف أعدائها الأسيويين بمساندة الأمير عبدالكريم ابن الأمير سليم ابن السلطان عبدالحميد الثاني في إقامة دولة للعثمانيين في تركستان الشرقية، وهي دولة كانت تراها طوكيو تابعة لها – وفقاً للأرشيف العثماني – وكان الأمير عبدالكريم يتطلع إلى بعث الدولة العثمانية من جديد، كما بدأت بذرتها في آسيا الوسطى قبل سبعة قرون.

كان الأمير على ما يبدو حالماً بعض الشيء، إذ سرعان ما اكتشف خدعة اليابانيين باستخدامه، ومن ثم فر للولايات المتحدة التي ساهمت بقتله؛ فالجميع كان يدرك خطورة الانبعاث الإسلامي في أرض الترك الأصلية.

تركستان الكبرى، كانت ضحية مؤامرة دولية خبيثة؛ فجرى تفتيتها واقتسامها بين الروس والصينيين؛ فحصلت روسيا على تركستان الغربية، المكونة من كازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان وطاجيكستان وقيرغيزستان، فعمدت إلى فصل لغاتها المحلية بعضها عن بعض، وفرض اللغة الروسية عليها كلغة رسمية إبان حكم الاتحاد السوفييتي لهذه البلاد التركية الشاسعة، وحصلت الصين على تركستان الشرقية، ففرضت الصينية عليها ثقافة ولغة. وكلا الدولتين المحتلتين لتركستان الكبرى فرضت عقيدتها الشيوعية وحاربت الإسلام بشراسة، وعملت على تغيير التركيبة الديموغرافية لتلك الأراضي العريقة في إسلامها المحافظة على هويتها على مر العصور، فوطنتا روساً وصينيين، واستولتا على ثروات تركستان الكبرى، ودأبتا في إبعاد سكانها عن هويتها وروابطها الدينية والقبلية، وتقطيع أوصالها للابتعاد أكثر عن الأمة التركية المسلمة الكبرى.

تركستان الشرقية تأخذ الأنظار كثيراً عند الحديث عن واحدة من أكثر الدولة المسلمة التي تعاني احتلالاً بغيضاً، يصادر حريتها ويقمع سكانها ويزدري دينها ويعمل على طمس كل معالم دينها وهويتها، لكن تركستان الغربية بدولها الكبيرة وأراضيها الشاسعة تعاني هي الأخرى، وإن بدرجة أقل، وفي الذاكرة عند كليهما أشجان وأحزان، وتاريخ عريق عظيم، كانت فيه تلك البلاد حامية الإسلام، كدرع وسيف، إذ كانت ذخيرة المسلمين على مر العصور. وكانت حواضرها منائر العلم والثقافة والإبداع، وقاطرات الحضارة المندفعة في شرق المحيط الإسلامي كغربه الأندلسي.

“الإسلام، الحرية، العدالة والأخوة” كان شعار جمهورية تركستان الشرقية الإسلامية التي أُعلنت في العام 1933م، مئات المسلمين من تركستان عاودوا اجترار ماضي تركستان الشرقية باحتفال في إسطنبول بمرور ذكرى مرور 85 عاماً على إعلانها قبل أن تسقط بتآمر روسي صيني فريد، يدرك من وراءهم من الإيغور وغيرهم في تركستان الشرقية أن هويتهم الإسلامية تلك هي التي استهدفت بشكل كبير قبل ثروات جمهوريتهم الثمينة، والتي تتنوع ما بين النفط والغاز واليورانيوم، والعديد من المعادن والمقدرات الأخرى.

الإسلام هو المستهدف قبل كل ما هنالك من ثروات، وجميع القوى العالمية تدرك جيداً أن قيام انبعاث الشعور الإسلامي في هذه المنطقة يمثل تهديداً قوياً لنفوذها وربما وجودها، ولهذا لم يكن غريباً أن تتحالف الغريمتين روسيا والصين من أجل إسقاط الدولة المسلمة في تركستان قبل ثمانين عاماً، أو تجد اليابان والولايات المتحدة طريقاً واحداً للخلاص من الأمير عبدالكريم، أو تتعاون الصين والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والروس اليوم لإجهاض أي محاولة لحصول المسلمين في تركستان الشرقية على حقوقهم فضلاً عن نيل حقهم بالاستقلال أو حتى الحكم الذاتي الحقيقي. وليس غريباً أيضاً أن يمتد الصمت الغربي حيال الاستبداد الذي تعيشه دول آسيا الوسطى المسلمة لاسيما الدول التي انفرط بها عقد تركستان الغربية طوال هذه العقود سواء في الحقبة السوفييتية أو ما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي.

لكن برغم تداعي الأمم هذا على تركستان الكبرى؛ فإن حلم التائمها من جديد، وتعرفها الوثيق إلى هويتها وعقيدتها وحضارتها مرة أخرى لابد ألا يغيب، والضعف الذي يعتري المسلمين هناك لا ينبغي أن ينسيهم أصل قضيتهم، ولا جامعتهم الصغرى من بعد الإسلام، وهي الجامعة التركستانية، في آسيا الوسطى. إن تركستان بشقيها وبفاصلها الجبلي العملاق، شرقيها وغربيها، كانت على الدوام عنواناً للوحدة الإسلامية، ووشائج العقيدة والحضارة والمصير والتاريخ لا يمكن أن تزال بممحاة حديثة لم تبلغ في عمر الأمم أكثر من قرن. إن الذاكرة لابد أن تبقى جذعة واعية حاضرة ولو وهنت الأيدي وتبعثرت الجهود وانسدت الآفاق.

الحرب على هوية الإيغور…إلى أين ؟! (إعداد د. زياد الشامي)

لا يمكن أن تخطئ عين المتابع معالم الحرب المعلنة التي تشنها السلطات الصينية على هوية مسلمي الإيغور في تركستان الشرقية في الفترة الأخيرة , فما تقوم به من إجراءت وما تفرضه من قيود على المسلمين تحديدا لا يمكن أن يفسر بغير ذلك .

يكفي أن يربط القارئ بين التدابير الأخيرة المتخذة ضد المسلمين الإيغور من قبل السلطات الصينية ليدرك أن الهدف الأخير من وراء هذه التدابير هو النيل من هوية الإيغور الإسلامية و محاولة طمس أي مظهر من مظاهر دينهم الحق , ليبرز السؤال الأهم : إلى متى ستستمر هذه الحرب المعلنة ؟! وإلى أين تريد ان تصل؟!

لا تكاد تمر أيام أو أسابيع على اتخاذ إجراء أو إصدار قرار تعسفي بحق المسلمين الإيغور في بلدهم الأم “تركستان الشرقية” حتى يليه تدبير آخر وقرار عنصري جديد لا يقل تأثيرا سلبيا على حق المسلمين في ممارسة شعائرهم الدينية أو حتى إبراز مظهر من مظاهره من القرار أو الإجراء السابق .

آخر ما اتخذته السلطات الصينية من إجراءات تنال بشكل سافر من هويتهم الإسلامية توجيه أمر لمسلمي “الإيغور” في تركستان الشرقية (شينجيانغ) بتسليم كل ما لديهم من متعلقات دينية متوعدة بعقاب كل من يخالف هذا الأمر .

إذاعة “فري آسيا” الأمريكية (خاصة) ذكرت أن مسؤولين صينيين في تركستان الشرقية أقاموا جولة في الأحياء والمساجد لتبليغ المواطنين المسلمين بالأمر وتحذيرهم من “عقاب قاس” بحق من يعثر لديه على شيء من تلك المتعلقات كالمصاحف “مثلا” .

ونقلت الإذاعة عن “ديلكات راكسيت” المتحدث باسم منظمة “المؤتمر العالمي للأيغور” (غير حكومية مقرها ألمانيا) أن تلك الممارسات بدأت تتكشف الأسبوع الماضى قائلا : “تلقينا إشعارًا يقول : إن كل فرد من عرقية الأيغور يجب أن يسلم أي مواد مرتبطة بالإسلام من منزله بما في ذلك المصاحف وسجادات الصلاة وأي شيء آخر يرمز للدين” .

وأضاف “راكسيت” قائلا : إن الشرطة تنشر إعلانات بهذا الشأن عن طريق منصة التواصل الاجتماعي واسعة الانتشار في الصين “ويشات”.

المضحك المبكي في المنشور أنه يحمل في فحواه تناقضا عجيبا لم يعد مستغربا من سلطات تمارس القمع منذ زمن ضد مسلمي الإيغور , فقد ورد في المنشور أن التسليم يجب أن يكون “طوعيا” مع وجود عقوبات قاسية بحق المخالفين دون أن يوضح طبيعة تلك العقوبات . فكيف يمكن أن يكون هذا العمل طوعيا ثم يهدد من يخالفه ولا يلتزم به بعقوبات قاسية ليس لها حد أو سقف ؟!!!

وفي ظل الحملة العالمية على دين الله وأتباعه في كل مكان والتي يرافقها افتراء غير مسبوق على مبادئ وتعاليم هذا الدين الحنيف من قبل أعدائه , وتشويها غير معهود لشرائعه وأحكامه , وإلصاق تهمة التطرف والإرهاب بأتباعه مع كونهم أكثر ضحاياه باعتراف الكثير من التقارير والإحصائيات الصادرة عن الغرب نفسه …… لم تجد سلطات الاحتلال الصينية بدا من إلصاق تهمة وجود “محتوى متطرف” في المصاحف حسب زعمها لتبرير الحملة الشرسة التي أطلقتها .

لم يعد عسيرا استقراء المدى الذي يمكن أن تصل إليه السلطات الصينية في حملتها ضد هوية المسلمين “الإيغور” في عقر دراهم ومسقط رأسهم “تركستان الشرقية” , فالإجراءات التي قامت بها ضد ثاني أكبر أقلية إسلامية في آسيا بعد الهند لم تدع مظهرا من مظاهر الإسلام ولا شعيرة من شعائره دون أن تطاله منعا وحظرا ومصادرة .

فمن قرار منع الرجال من إطلاق لحاهم ومنع النساء من ارتداء الحجاب وصولا إلى حرمان المسلمين من تأدية أهم أركان دينهم الحنيف “الصلاة” وإصدار قرار يمنع المسلمين من صيام شهر رمضان , وليس انتهاء بحظر إطلاق أسماء تمت إلى الإسلام بصلة كــ “مكة” و “إسلام” و…..على مواليد مسلمي الإيغور الجدد تحت طائلة تعرض المخالفين لتلك القرارات بالعقوبة , ناهيك عن إجبار المسلمين الإيغور على تحميل برنامج “جينوانغ” على هواتفهم المحمولة لمراقبتهم وتحديد موقعهم أينما كانوا ……..لا يبدو أن هناك نهاية واضحة لتلك الإجراءات أو سقفا معينا يمكن أن تقف عنده .

كثيرة هي الحلول لمواجهة سيل أشرس الحملات ضد دين الله وأتباعه في مشارق الأرض ومغاربها ومن أهمها : تمسك المسلمين بدينهم ومواجهة حملات التشويه والطعن بأحكام دين الله الخاتم وإلصاق تهمة التطرف والإرهاب به وبأتباعه ….ببيان حقائقه وإظهار شمائله وإبراز سماحته قولا باللسان وفعلا وسلوكا على أرض الواقع .

مسلمو الإيغور…مستهدفون داخل أرضهم وخارجها (إعداد د. زياد الشامي)

أن تكون الأقليات المسلمة في معظم دول العالم – إن لم يكن كلها – مستهدفة داخل بلادها وأوطانها وأبناؤها مضطهدون في عقر دارهم ويُسامون سوء المعاملة ويتعرضون للتمييز و التضييق لمجرد أنهم مسلمون موحدون ……هو حقيقة لم يعد يجادل فيها منصف وعاقل , فأخبار حوادث اضطهاد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها التي تبثها وسائل الإعلام يوميا أكثر من أن يحصيها مقال , ومشاهد القتل والتنكيل والتهجير التي يتعرض لها المسلمون في أراكان و……لا يمكن لعين البصير أن تخطئها .

أما أن تتعرض أقلية من الأقليات المسلمة في العالم إلى استهداف خارج أوطانها فضلا عن داخلها وأن تتم ملاحقة أفراد هذه الفئة المستضعفة في بلاد المهجر ودول الشتات ….فهو أمر جد خطير وسابقة لا ينبغي المرور عليها دون ردة فعل ولو بتعليق أو حتى بيان رفض واستهجان .

نعم…..هذا ما تمارسه حكومة الصين الشيوعية تجاه مسلمي الإيغور داخل بلدهم الأم ووطنهم التاريخي “تركستان الشرقية” المحتلة وخارجها , فلم تكتف بحملة القمع والتضييق والاضطهاد التي تشنها ضدهم في ديارهم والتي دفعتهم للهجرة القسرية , بل راحت تلاحقهم في دول الشتات وتطالب بترحيلهم وإعادتهم إلى الصين بدعوى الخشية مما تسميه “التشدد والتطرف” .

أما داخل ما يسمى إقليم “شينجيانغ” ذو الغالبية المسلمة من الإيغور فقد وصل مستوى اضطهاد السلطات الصينية لهذه الأقلية حدودا بعيدة , فبالإضافة إلى منع الرجال من إطلاق لحاهم ومنع النساء من ارتداء الحجاب ومنع المسلمين من تأدية أهم أركان دينهم “الصلاة والصيام” وحرمانهم من تسمية مواليدهم بأسماء إسلامية…..أجبرت السلطات الصينية أفراد مسلمي الإيغور على تحميل برنامج “جينوانغ” على هواتفهم المحمولة لمراقبتهم أيما كانوا وتحديد موقعهم أينما حلوا .

البرنامج الذي يعتبر خرقا فاضحا لأخص خصوصيات الإنسان وإجراء قمعيا بامتياز أطلقت عليه وسائل الإعلام الصينية وصف “تطبيق الأخ الأكبر” في محاولة لتغيير الحقائق والتلاعب بالمصطلحات وتسمية الأشياء بغير مسمياتها والتمويه على حقيقة هذا الإجراء العنصري القمعي .

لا يكتف هذا البرنامج بمراقبة الملفات التي يضعها مسلمو الإيغور على هواتفهم المحمولة وتحديد المواد “الإرهابية” والدينية “غير القانونية” من فيديوهات وصور وكتب ومستندات إلكترونية” , بل يستخرج أيضا بيانات تطبيقات المحادثات والمعلومات المخزنة على شرائح الهواتف المحمولة لنقلها إلى خادم تتحكم به السلطات الصينية .

وإذا أخذنا بعين الاعتبار شدة العقوبة التي فرضتها السلطات الصينية – وهي الاعتقال لمدة 10 أيام – على متجاهلي هذه التوجيهات , ومدى الاهتمام بآلية تنفيذ القرار من خلال نشر حواجز التفتيش في مختلف الأماكن العامة ….. فإنه يؤكد حجم شراسة الحملة التي تشنها الصين ضد الإيغور .

أما استهداف السلطات الصينية لمسلمي الإيغور خارج وطنهم الأم المحتلة فقد جسدتها الحملة الأخيرة التي تشنها ضدهم في دول الشتات من خلال المطالبة بإعادة حتى طلاب العلم منهم و الدارسين في تلك الدول للتحقيق معهم ومن ثمّ ترحيلهم .

فقد أشارت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إلى أن الصين طلبت من الطلاب المسلمين الإيغور في الخارج العودة ، وطلبت من سلطات الدول في الخارج ترحيلهم أو اعتقالهم ، لدرجة أن بكين ضغطت على أحد المسلمين الإيغور في أمريكا من أجل العودة ، وقامت دول في أوروبا باعتقال عدد منهم .

وبما أن الحملة ضد المسلمين عموما قد أضحت عنوان المرحلة الحالية في المنطقة والعالم بأسره بعد أن تمّ اتهام دين الله الإسلام وأتباعه في كافة أرجاء الأرض – سواء كانوا أقلية أو حتى أكثرية – زورا وبهاتنا بــ”التطرف والعنف وما يسمى الإرهاب” ….فقد استجابت الكثير من تلك الدول لطلب السلطات الصينية وتعاملت مع اتهامات الصين لمسلمي الإيغور في الخارج على أنها حقائق !!

لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول القارة العجوز وحدها التي نفذت بشكل أو بآخر ما طلبته السلطات الصينية فيما يخص الطلاب الإيغور , بل هناك أنباء عن قيام دول عربية وإسلامية بحملة ملاحقة واسعة بحق تلك الأقلية داخل أراضيها ربما تمهيدا لترحيلهم وإعادتهم إلى الصين التي تسومهم سوء العذاب والاضطهاد .

إن أقل ما يشير إليه استهداف السلطات الصينية لمسلمين الإيغور في الخارج وملاحقتهم حتى في دول الشتات…هو مدى الاستضعاف الذي وصلت إليه الأمة الإسلامية , حيث لم يعد يأمن فيه أحد أبنائها على نفسه حتى بعد أن يُضطر للهجرة القسرية من مسقط رأسه وأرضه التي نشأ وترعرع فيها !!!!

آخر حملات اضطهاد الصين لمسلمي الإيغور (إعداد د. زياد الشامي)

لا تدع الصين وسيلة ولا طريقة لاضطهاد مسلمي الإيغور في تركستان الشرقية إلا واتبعتها , في ظل حملة عالمية ضد المسلمين من أهل السنة لا تقتصر على الدول التي يشكلون فيها أقلية كالصين وأمريكا وأوروبا فحسب , بل حتى في عقر دارهم بدول عربية وإسلامية يشكلون فيها الأغلبية الساحقة من عدد السكان .

آخر ما ابتدعته الصين لاضطهاد مسلمي الإيغور ذو الغالبية الساحقة في إقليم تركستان الشرقية الذي أطلقت عليه الصين اسم “شنيجيانغ ” منذ احتلالها له عام 1949م : القيام بحملة لإجبار المسلمين الإيغور في الإقليم على معايشة ملحدين صينيين واستضافتهم في بيوتهم ؛ والتي يبدو أنها تندرج ضمن مخططها لإحداث تغيير في التركيبة السكانية بالمنطقة ذات الغالبية المسلمة  .

الاسم الكاذب المخادع الذي أطلقته السلطات الصينية على حملتها الجديدة هو : “القرابة التوأمية” , وهو في الحقيقة شعار مفضوح ومكشوف تخفي وراءه الحكومة الصينية مآرب أخرى لم تعد تخفى على أحد أهمها : إحداث تغيير ديمغرافي في الإقليم لصالح أتباع الصين من “الهان” وغيرهم من الملحدين والمجرمين ….., تماما كما يفعل الطغاة و أعداء الإسلام والمسلمين في كل مكان .

لقد انهارت جميع شعارات : “التعايش” و “المساواة” و “الحرية الدينية” و “حماية الأقليات” و “حقوق الإنسان” التي ما دأبت حكومات أوروبا وأمريكا وأمثالها في الصين وروسيا و…….وأتباعها في بعض دول المنطقة العربية , ليظهر جليا أنها مجرد خداع ومحض افتراء , فالواقع المعاش والأحداث الأخيرة المتتالية أكدت أن اضطهاد المسلمين – سواء كانوا أقلية أو أكثرية – هو الحقيقة المخفية وراء مثل هذه الشعارات الكاذبة .

وانطلاقا من هذه الحقيقة كشف حساب “تركستان” في تغريدة على موقع “تويتر” الهدف الحقيقي من وراء الحملة الصينية الأخيرة على مسلمي الإيغور قائلا : “إن الحملة الصينية الجديدة تأتي لإجبار المسلمين الأويغور على “تبني المستوطنين الملحدين من الصينيين إخوة لهم واستضافتهم في بيوتهم!”.

حتى الآن استطاعت السلطات الصينية من خلال حملات التهجير القسرية لمسلمي الإيغور عن موطنهم الأصلي “تركستان الشرقية” , وتوطين الكثير من الصينيين الهان والملحدين ….إحداث تغيير كبير في التركيبة السكانية للإقليم المسلم , فبينما كانت نسبة المسلمين في الإقليم في بداية الحملة عام 1949م 97% , تناقصت هذه النسبة بسبب الكثير من الإجراءات الصينية إلى حوالي 45% فقط !!!

يكفي أن نذكر أن الصين دأبت منذ احتلالها للإقليم المسلم على إرسال الملايين من الصينيين إلى هذا الإقليم , حيث شجعت العاطلين عن العمل من أبناء الصين على الهجرة والعمل في تركستان، مع تقديم الحوافز المغرية لهم، وتهيئة المسكن، بل تعدى الأمر إلى إرسال الآلاف من المحكوم عليهم في قضايا سياسية أو جنائية إلى المنطقة المسلمة؛ حتى بلغت نسبة الصينيين في بعض المدن الكبرى مثل “أرومجي” و”أقصو” و”قولجا” و”قورلا” و”التاي” و”قومول” و”بوريتالا” وغيرها نحو 90% .

بل عملت الحكومة الصينية لإحداث التغيير الديمغرافي المطلوب على بناء مدن جديدة لمئات الآلاف من المستوطنين ، منها مدن “شيهنزة” و”كاراماي” و”كويتون” و “صانجو”  و”أران” وغيرها، وبلغت نسبة الموظفين والعاملين الصينيين في مختلف القطاعات في تركستان حوالي 95% …..الخ .

لم تكتف الصين بهذه الإجراءات المستمرة منذ أكثر من 65 عاما , بل صعدت من حملتها القمعية ضد مسلمي الإيغور في الداخل والخارج , أما خارجيا فقد بدأت السلطات الصينية مؤخرا بمصادرة جوازات السفر الخاصة بالإيغور من أجل منعهم من السفر والحيلولة دون اتصالهم بالعالم الخارجي , كما يتعرض حوالي ثلاثة ملايين شخص من الإيغور المهجرين في جمهوريات آسيا الوسطي وتركيا ودول أخرى إلى المضايقات والتهديدات من قبل السلطات الصينية بشكل مستمر , ناهيك عن إطلاق شائعات من حين لآخر بأنه “سوف يتم إعادة المهجرين قسرا إلى البلاد” مما يضعهم دائماً تحت دائرة الخوف والارهاب .

وأما داخليا فحدث ولا حرج عن صور الاضطهاد وأنواع العنف المادي والمعنوي المستخدم ضد مسلمي الإيغور , فقد عمدت الصين إلى مصادرة منازل وأملاك الإيغور الذين هربوا من الظلم والقهر , كما تم هدم العديد من المساجد بدعوى “عدم وجود من يرتادها” للصلاة فيها , وألقي القبض على العديد من الأثرياء الإيغور وزُجَّ بهم في السجون بزعم “الفساد وإرسال أموال لدعم النشاطات الدينية المرتبطة بالخارج” , ناهيك عن سياسة إذلال العلماء والمثقفين والناشطين وإيداعهم في السجون تحت مزاعم واتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة !!

لقد وصل اضطهاد السلطات الصينية لمسلمي الإيغور إلى حد التدخل في حرية اختيار اللباس وأسلوب حياة الفرد والعلاقات الاجتماعية وحرية التنقل والسفر واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي , حتى تحولت تركستان الشرقية إلى سجن مفتوح بالنسبة للإيغور كما يؤكد الكاتب التركي “عثمان آتالاي” في أحد مقالاته .

لا يبدو أن هناك بوادر تراجع أو انكفاء للحملات الصينية المعادية لمسلمي الإيغور , بل ربما تزداد هذه الحملات شراسة وبشاعة كما وكيفا , في ظل نمو موجة الاسلاموفوبيا في أمريكا و أوروبا والعالم بأسره بشكل عام …وهو ما يستدعي من الدول الإسلامية مراجعة حساباتها لمواجهة أشرس موجات العداء للإسلام والمسلمين .

الدول الكبرى تسعى لجعل آسيا الوسطى “أفغانستان الجديدة” (إعداد عبد الحق الأنديجاني)

يتابع الخبراء والمحللون في شئون السياسة العالمية تصاعد القمع والاضطهاد على المسلمين في جميع دول منطقة آسيا الوسطى، ولاسيما في أوزبكستان التي بلغت الوحشية والطغيان الحكومي ضد الشعب المسلم المقهور إلى حد تعجز الكلمات عن وصفها وبيانها.

وفي هذه الأيام تواصل السلطات الأوزبكية تصعيد اعتقالاتها العشوائية للشباب المسلم والفتيات المحجبات وحتى النساء الكبيرات بمجرد الاشتباه فيهن بأن لهن نشاطاً دعوياً أو تعليمياً ولو بشيء يسير بين أقربائهن.

وحين يتأمل المرء فيما يجري من ظلم وطغيان يبقى حائراً ومتسائلاً “ما الذي يجبر هؤلاء الحكام الظالمين على تكثير أعدائهم وتصعيد الغضب الشعبي العارم ضدهم؟ أليست هذه الحملات الهمجية ضد أبناء وبنات هذه الشعوب المسلمة المسالمة تعجّل بسقوط هذه الحكومات الدكتاتورية الطاغية؟”.

ولكن حين نرى ونشاهد بأم أعيننا وعبر مختلف وسائل الإعلام العالمية كيف أن دولاً مثل أمريكا وروسيا و”إسرائيل” والصين تؤيد وتشجع وتدعو – تارة علناً وتارة من وراء الستار – هذه الحكومات المتسلطة على رقاب المسلمين في آسيا الوسطى يزول العجب وينكشف السبب الحقيقي أكثر فأكثر.

وقد سمعنا ورأينا قبل أيام قليلة كيف أن المبعوث الأمريكي “ريتشارد هولبروك” يصول ويجول في المنطقة ويقابل زعماء دول آسيا الوسطى ويحذرهم من خطر تنظيم القاعدة والحركات الإسلامية وأن أنشطة تلك الجماعات لا تقتصر على أفغانستان وباكستان فحسب، بل ستتسع لتشمل أوزبكستان وطاجكستان وغيرهما من دول المنطقة.

ونحن لو لم نكن من أبناء هذه البلاد – بلاد آسيا الوسطى – ونعرف حقيقة الأوضاع الراهنة في جميع هذه الدول ربما صدقنا دعاوى المبعوث الأمريكي وأشياعه الذين أزعجوا آذاننا بكثرة تصريحاتهم المعلبة بقنابل موقوتة وأفقدوا أمننا بكثرة تدخلاتهم الحربية وفرض وصايتهم الإجرامية على الشعوب المسلمة.

ولكن الوقائع تدل دلالة واضحة على أن جميع الاضطرابات والتفجيرات التي نفذت في البلاد خلال السنين الماضية لم تنفذ إلا ووراءها أيد خفية واستخبارات سرية كانت تدفعها إلى الأمام لتحقيق أهداف إجرامية كبيرة، وقد تحققت لهؤلاء الكثير من أهدافهم تلك التي تركز أساساً على حرب الإسلام والمسلمين.
ولولا وقوف تلك القوى السرية والاستخبارات الحكومية وراء تلك الحركات لما كانت مساعيها تصب دائماً في مصالح تلك الحكومات والدول التي تعادي الإسلام والمسلمين.

ويزعم مجرمو الحرب المحليين والعالميين الذين يوقدون نيران الحروب في كل مكان بأن تنظيم القاعدة والحركات الإسلامية تشكل خطراً وتهديداً على العالم، وهم الذين تسببوا في توسيع دائرة تلك الحركات، وهم الذين أمدوهم وباعوا لهم الأسلحة المتنوعة، وهم الذين زرعوا عملاءهم في صفوف بعض تلك الحركات ليقوموا بتوجيههم إلى وجهة معينة، وينفذوا تفجيرات عشوائية متعددة في عدد من البلدان، حتى يختلقوا لأنفسهم مبررات وذرائع ليتدخلوا في شؤون الدول الإسلامية أمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً وغير ذلك، وينشروا الفوضى الخلاقة ومذابح وحشية وهمجية، كما فعلوا في أفغانستان وباكستان، والشيشان وداغستان، والعراق، وفلسطين، والصومال، وكما يريدون أن يفعلوا في اليمن والسعودية والسودان وغيرها من الدول.

وأما حكومات آسيا الوسطى ولاسيما أوزبكستان فكما هو معلوم فإنها وريثة الاحتلال الشيوعي الهالك، فهي لم تكن ولن تكون في يوم من الأيام مسلمة ولا ديمقراطية نزيهة، بل كل همها وسعيها وجهدها في المحافظة على أمنها وسلطاتها ومواصلة قمعها لكل من يأبى أن يكون عبداً مطيعاً لهم.
وفي ظل هذه العمليات القمعية الحكومية المستمرة والمتصاعدة يوماً بعد يوم نرى ونشاهد كيف أن الكثير من الشباب المسلم يضطر ليحمل السلاح ويذهب للانضمام إلى الحركات المسلحة بنية الجهاد، وهم لا يعرفون أن معظم تلك الحركات الجهادية مخترقة من قبل عملاء أعداء الإسلام.

ولهذا السبب ولعلمهم التام يعلن كبار المسئولين في الحكومة الأمريكية وغيرها بملء فيهم وبكل ثقة مما يقولون بأن “الحركات الإسلامية الجهادية” تشكل خطراً وتهديداً للأمن في آسيا الوسطى، وأنها سوف تتسلل إليها من أفغانستان وباكستان، وأنها سوف تقوم بعمليات وتفجيرات و و و …
وكيف لا يجزمون بهذه المعلومات وكيف لا يتنبئون بهذه الاضطرابات وهم الذين يدبرونها ويخططونها ويديرونها من وراء الكواليس ؟!

وقد كشف العديد من الكتاب والمحللين الصحفيين بأن عودة الوجود الأميركي إلى أوزبكستان يشكل مصدراً رئيساً لانتشار الاضطرابات والفوضى في المنطقة، إذ غالباً ما تسعى التيارات المسلحة إلى تنفيذ أعمال تخريبية في المناطق التي تنتشر فيها قوات أميركية.
ويُذكر أن العلاقات الأميركية-الأوزبكية التي تعرضت لضربة بعد مجزرة أنديجان في أوزبكستان عام 2005م وتوجيه الإدارة الأمريكية بعض الانتقادات في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية بسببها إلى حكومة كريموف، ثم وبعد سنتين أو ثلاث فقط بدأت تتحسن مرة أخرى.

وقد وقع الدكتاتور الأوزبكي المتسمي بـ “إسلام كريموف” مؤخراً بخطة التعاون الأميركية-الأوزبكية لعام 2010، والتي خرجت إلى الضوء بفضل دبلوماسية معاون وزيرة الخارجية الأميركية روبرت بليك، الذي زار طشقند أكثر من مرة، وتمكن من تقديم عروض مغرية للقيادة الأوزبكية، ولاسيما في المجال الاقتصادي -حسب مزاعمهم أمام وسائل الإعلام-.
وكان تصريح المسئول الأمريكي “روبرت بليك” قصيراً ومتعدد الدلالات، حين أشاد بدور أوزبكستان في الحرب على “الإرهاب” وأكد على أهمية توسيع التعاون الاقتصادي معها، ما يؤكد تبادل الخدمات بين الجانبين كل حسب إمكاناته وحسب احتياجاته. ‏
وتشير بعض المصادر إلى أن واشنطن دفعت مقدماً لأوزبكستان ثمن الود بينهما، حين أغلقت ملف محاكمة بحق جولنارا كريموفا – الدكتاتورة ابنة الدكتاتور- في المحاكم الأميركية، وقدمت لأوزبكستان وعوداً بتوسيع المشروعات الاقتصادية، ولا يستبعد بعض المراقبين أن تكون واشنطن قد أعادت المقيمين فيها من أبناء أنديجان في إطار هدايا كسب ود طشقند.

هذه الوقائع تعيد إلى الأذهان السياسة الخارجية الأوزبيكية التي تتغير من عام لآخر حسب الأجواء من دون أن تستقر على نهج معين، فتارة تعلن طشقند عن انسحابها من منظمات مشتركة تضم جمهوريات سوفييتية سابقة، وتهدف إلى توطيد التعاون بينها لحماية أمن واستقرار الجميع، مثل منظمة اتفاقية الأمن الجماعي، وتفتح الأبواب أمام القوات الأميركية، ومن ثم تعود وتغلق القواعد الأميركية لترتمي من جديد في أحضان الجارة روسيا، وهكذا دواليك. ويرى الخبراء في هذه السياسة عنصر عدم استقرار قد يؤثر في الوضع في أوزبكستان وفي المنطقة عموماً. ‏

النقطة الأخيرة التي تدفع إلى القلق تعود إلى وضع داخلي بدأت تتجه الأنظار نحوه في أوزبكستان التي تمكنت في عهد الرئيس كريموف من قمع الحركات الإسلامية كلها والحد من تدفق المسلحين إلى أراضيها عبر الحدود مع أفغانستان إلا أن تجارة المخدرات من أفغانستان والتي تلعب القوات الأميركية – حسب بعض المصادر- دوراً معيناً فيها، إضافة إلى التنافس الدائر في الخفاء بين مختلف المجموعات على السلطة معطيات تكشف مدى هشاشة الاستقرار في أوزبكستان.

وتجدر الإشارة إلى أن كريموف، دخل عامه الثالث والسبعين، وما زالت الصورة غير واضحة بالنسبة للقيادي المؤهل الذي سيخلفه في الرئاسة.
في هذا السياق، ينظر الخبراء إلى شخصيات ربما تتنافس على الرئاسة في أوزبكستان منها جولنارا كريموفا ابنة الرئيس وسفيرة حكومته في إسبانيا ولدى الاتحاد الأوروبي، لكنهم يرون أن فرصتها ضعيفة لأنها لا تحظى بدعم كاف في مؤسسة السلطة. والمرشح الآخر قد يكون رئيس الوزراء الحالي “شوكت مير ضياييف” أو رئيس الاستخبارات (خدمة الأمن القومي) رستام عناياتوف نظراً لقوة نفوذه حالياً في السلطة.

على الرغم من ذلك تبقى المخاوف قائمة من أن يؤدي غياب كريموف المفاجئ إلى صراع بين مختلف القوى على السلطة، وهو ما قد يتسبب في انتشار الاضطرابات العامة في البلاد وقد تكون تلك الاضطرابات المتوقعة مقصودة ومدعومة من جهة القوى الخارجية كأمريكا وروسيا و”إسرائيل” وغيرها. ‏

تركستان.. سبع حقائق وأبعاد مغيبة!! (إعداد أسامة شحادة)

قضية تركستان الشرقية تفتح ملف الشعوب المسلمة المنسية، التي تعيش تحت انواع متعددة من الإحتلال العسكرى أو السياسي، الأمر الذي يشمل المسلمين في كثير من دول آسيا وأفريقيا وأوربا!!

وينبه الأستاذ رحمة الله أحمد رحمتي، في كتابه القيم “التهجير الصيني في تركستان الشرقية” على خطأ تسمية مثل هذه الشعوب المسلمة، والتى تعد بالملايين، بأقليات أو جاليات، لأنها في الحقيقة شعوب ذات تاريخ وحضارة مستقلة ومتميزة تتواجد ضمن مساحة محددة من الأرض، وتعرضت للغزو العسكري مما أفقدها استقلالها، ولا تزال تشكل الأغلبية العددية في مواطنها رغم عمليات التهجير والإبادة التي تتعرض لها، والتوطين من خارجها لتغيير التركيبة الديمغرافية، ويؤكد بأن اطلاق اسم الأقلية عليهم يفقدهم حقوقهم القانونية بأرضهم واستقلالهم، وهذه أولى الحقائق والأبعاد المغيبة في قضايا المسلمين المنسيين في العالم الكبير!

وتركستان في الحقيقة دولة كبيرة ومستقلة للمسلمين في آسيا الوسطى يحدّها من الشرق الصين ومنغوليا، ومن الغرب قزوين ونهر أوال، ومن الجنوب التبت والهند وباكستان وأفغانستان وإيران، أما من الشمال فمنطقة منغوليا وسيبيريا، وهي الموطن الأصلى للأتراك ومن هنا جاءت تسمية تركستان والتي هي عبارة عن مقطعين ترك ستان أي: أرض الأتراك. وهذا مقرر ومعلوم منذ القرن الخامس الهجري، حيث يقول ياقوت الحموي عنها في معجم البلدان: تركستان “اسم جامع لجميع بلاد الترك.. وأوسع بلاد الترك بلاد التغزغز وحدهم الصين والتبت والخرلخ والكيماك والغزو البجناك والبذكش واذكش وخفشاق وخرخيز” 2/ 23، أما أبو الفداء صاحب تقويم البلدان فيقول” كاشغر” هي قاعدة تركستان وأهلها مسلمون” ص 504.

 تبلغ مساحة تركستان الإسلامية 5.7 مليون كم مربع، وقد تم تقسيمها إلى تركستان الغربية التى احتلتها روسيا ومزّقتها إلى خمس جمهوريات هي (أوزبكستان_ طاجيكستان_ تركمانستان_ قازاخستان_ قيرغيزستان) وتساوى 20% من مساحة روسيا، أما تركستان الشرقية والتى تحتلها الصين فتبلغ مساحتها 15% من مساحة الصين، ويكفى أن نعلم أن تركستان الشرقية لوحدها أكبر من مساحة تركيا بمرتين ونصف!!

ولذلك فإن تغيير اسمها إلى مقاطعة (منطقة شينجيانغ أو سنكاينغ الذاتية الحكم) هو لخلق وهْم لدى الناس بأنها مشكلة صغيرة تخص منطقة محدودة جداً، وقد تكرر تغيير أسماء كثير من الدول الإسلامية لتصبح محافظة أو مقاطعة من دولة محتلة ومستعمرة لها لتضييع القضية وطمس الجريمة، وهذه هي الحقيقة والبعد المغيب الثاني!!

ولقد بقيت تركستان تحتفظ باستقلالها نوعا ما حتى استولى الحزب الشيوعي على الحكم في الصين، وهنا اتفق الحزبان الشيوعيان في روسيا والصين على المسلمين وتركستان فقاما باحتلال بلادهم وإبادة مئات الملايين منهم بالقتل المباشر والتهجير والنفي القسري بوسائل بدائية عبر الثلوج إلى سيبيريا، وقد وثق ذلك كله كتاب “قتلوا من المسلمين مئات الملايين” لمحمود القاسم، وكتاب “التهجير الصيني في تركستان الشرقية”، علما بأن الإبادة لم تبدأ بزمن الشيوعية بل سبقتها من زمن القياصرة وأباطرة الصين.

وهذه الإبادة للمسلمين حدثت بعد أن استنجد الشيوعيون بزعامة لينين وماو بالمسلمين لمعاونتهم بالثورة، وإعطائهم الوعود بأنهم سيمنحونهم الإستقلال ولا غرابة أن يكذب هؤلاء على الخلق ما داموا ينكرون الخالق!!

لكن الغريب أن الإنخداع بالشيوعيين ووعودهم لا يزال مستمرا من سذج المسلمين، فمئات الملايين من المسلمين وعشرات الدول الإسلامية لا تزال تعانى من الاحتلال الصيني والروسي وتتعرض للإبادة والقتل دون أن تلقى الإهتمام المطلوب، وهذا هو الحقيقة والبعد الغائب الثالث.

ومما لا يعرفه الكثير من الناس أن أرض تركستان مليئة بالخيرات إذ فيها 121 نوعاً من المعادن، وتحتل المرتبة الأولى في إنتاج سبعة معادن في الصين، وتحتوي على مخزون نفطي وغازي كبير، وقريباً ستصبح المنتج الأول للنفط في الصين.

كما أن اليورانيوم يتوفر فيها بكثرة وكذلك الذهب، وهذا ما يفسر سبب شدة القمع والبطش التي تعاملت به السلطات الصينية تجاه المسلمين المطالبين بالتمتع بخيراتهم إذا فقدوا دولتهم وحريتهم، وهذا يكشف أن الشرق مثل الغرب في جشعه بخيرات المسلمين وثرواتهم، وهذا هو البعد والحقيقة الرابعة المغيبة!!

قامت الامبراطورية المانشورية الصينية بتهجير الصينيين للسكن والعيش في تركستان بين الأتراك لتغيير التركيبة السكانية ونشر الثقافة الصينية وقمع ثورات المسلمين الأتراك والتي دخلت في الثقافة الصينية على شكل مثل سائر يقول: “ينتفضون مرة كل خمسة عشر عاما ويقومون بثورة كل ثلاثين عاما”.

وزادت وتيرة سياسة التوطين الصينى في تركستان زمن الحزب الشيوعي والتى لازالت مستمرة لليوم، فأصبح لقومية الهان الصينية حضور كبير جدا في تركستان، ولذلك فإن سياسة الاحتلال الإستيطاني في بلاد المسلمين لم يكن قاصراً على الاستعمار الأوروبي أو الصهيوني بل مارسته دول الشرق ولايزال مئات الملايين من المستوطنين الشرقيين يستوطنون كثيرا من بلاد المسلمين في الشرق، وهذا هو البعد والحقيقة الخامسة الغائبة!!

وفي الوقت الذي يسعى فيه العالم للعولمة والوحدة والإندماج على قواسم بسيطة مثل الجوار القاري كدول الإتحاد الأوروبي، يتم فيه تكريس الانقسام والتجزئة لبلاد الإسلام، فتركستان تصبح تركستاتين، وتركستان الغربية تصبح خمس جمهوريات!! وهكذا تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، فرغم التناغم اللغوى والعرقي والديني والثقافي والحضارى لتركستان إلا أن التفتيت والتقسيم هو القائم فيها، ولعل من آخر الأمثلة على تفتيت بلاد الإسلام فصل “تيمور الشرقية” عن أندونيسيا في عام 1999م، وها هو السيناريو يكاد يتكرر في السودان شمالاً وجنوباً، وهذه هي الحقيقة والبعد السادس المغيب!!

ورغم كل هذه المعاناة والقتل والتهجير والظلم إلا أن هذه الشعوب بقيت تعتز بإسلامها ودينها وترفض أن تستبدله أو تتخلى عنه، رغم أن سلطة الإسلام وحكمه زال من سنوات طويلة، وتسلّط عليهم غير المسلمين من الوثنيين أو البوذيين أو الشيوعيين إلا أنهم رفضوا التماهي مع المحتل والانصهار في حضارته وثقافته، رغم الجهل الكبير بحقيقة الإسلام وتعاليمه مما يؤكد أن الإسلام هو دين الفطرة الذي جمع ووحّد بين الأعراق والقوميات المختلفة واللغات المختلفة، دون ضغط أو إكراه فبقيت الشعوب تنتمى له حتى في حال ضعف سلطته وقوته، ومن أفضل من شرح كيفية انتشار الإسلام بالقناعة الذاتية والقبول الطوعي في قارة آسيا وأفريقيا هو المستشرق آرنولد توماس في كتابه “الدعوة إلى الإسلام”، ولو قارنا هذا بحال الشعوب التي تحررت من نير الحكومات الشمولية والديكتاتورية في أوربا الشرقية والإتحاد السوفيتي لعرفنا مقدار الفارق الكبير، وهذه هي الحقيقة والبعد السابع المغيب!!

إن قضية تركستان يمكن أن تكون نموذجا مصغرا لكثير من قضايا ومآسي المسلمين في زمننا هذا الذي لا يتم تسليط الضوء فيه عليها، فلو تمت المقارنة بين ضحايا وجرائم الإحتلال الأمريكي في العراق والروسي في الشيشان في السنوات الخمس الأخيرة فسيتفاجأ الكثير أن الإحتلال الروسي أشد سوءا وقسوة!! ولكن الإعلام يهتم بقضايا دون قضايا بحسب أجندات الإعلام في العالم العربي والإسلامي، والذين ينقسمون بين معسكرين سياسيين ورؤية ثقافية واحدة، فهم غالبا مع الرؤية العلمانية الليبرالية ثقافيا ولكنهم منقسمون تجاه التبعية للقيم الرأسمالية أو اليسارية، ولذلك تغيب القضايا الإسلامية بينهما وتحضر الأجندة الوطنية والقطرية والإقليمية بحسب توافقها مع نظرتهم المصلحية، وإلى الله المشتكى من هوان المسلمين على أعدائهم وبني جلدتهم.

(المصدر: موقع المسلم)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى