تقارير وإضاءات

500 حافظ من 25 دولة بأكبر مسابقة قرآنية بألمانيا

خالد شمت – الجزيرة نت.

لم يرد ببال أي من المسلمين في الغرب عامة وألمانيا خاصة أن يوما سيأتي على العاصمة الألمانية برلين لتحتضن مسابقة لحفظة القرآن الكريم ويشارك فيها المئات.

وقبل أربعين عاما لم يكن في ألمانيا إلا مسلم واحد يحفظ قدرا من القرآن الكريم -بحسب رئيس الكلية الأوروبية للعلوم الإنسانية خالد حنفي- وكان تتم الاستعانة به للقراءة في أي مناسبة إسلامية، واختتمت أمس الأحد في العاصمة الألمانية برلين مسابقة قرآنية شارك فيها 520 حافظا من 25 دولة.

وينطوي الحدث وحجم المشاركة وكلمات المنظمين والمشاركين والمعنين على الكثير من الحقائق والدلالات حول جانب من أوضاع المسلمين في الغرب عامة وألمانيا خاصة.

وحرص التجمع الإسلامي -أكبر منظمة إسلامية عربية في ألمانيا- الذي رعى النسخة الثالثة من المسابقة هذا العام على استقطاب الحفظة من الناشئة والشباب، واشترط عدم تجاوز سن المشاركين 35 عاما، وجاء المتنافسون من ولايات ألمانيا الـ16، إضافة إلى النرويج وفرنسا.

ومثل غير الناطقين بالعربية نحو ربع المشاركين في المسابقة، التي شارك فيها 12 من الألمان، و48 من حفظة القرآن كاملا، و38 مشاركة من الحافظات لنصف الكتاب الكريم، وفاز بالجائزة الأولى في حفظ القرآن الكريم كاملا لاجئ سوري يعيش بمدينة هامبورغ.

ودفعت مشاركة معظم مساجد العاصمة الألمانية في تلك المسابقة رئيس الاتحاد الإسلامي في برلين مراد غول إلى التفاؤل، معتبرا ذلك خطوة تالية لتوحدها بعد اتفاقها هذا العام على إصدار تقويم سنوي موحد لمواقيت شهر رمضان ومواعيد الصلوات بالعاصمة الألمانية.

أما رئيس هيئة العلماء والدعاة في ألمانيا طه عامر فقال إن رسالة المسابقة هي” رعاية حفظ القرآن الكريم وتدبره والاقتراب من روحه المحفزة على تنشئة أجيال تمثل عنصر سلام وصمام أمان لمجتمعاتها، ودعوة للخير ومحبة الناس وتمني الخير لهم”.

وحول الدلالات المتعلقة بالهوية، تحدث رئيس الكلية الأوروبية للعلوم الإنسانية خالد حنفي عن دور المسابقة القرآنية السنوية في الحفاظ على اللغة العربية والانتماء للدين والهوية بين الأجيال الجديدة في ألمانيا، ودعا لجعل الرسالة الكبرى للمسابقة تعريف المجتمع الألماني بأن تقوية مسلميه صلتهم بربهم وبالقرآن تمثل أفضل وقاية من خطر التطرف والغلو.

وغير بعيد عن هذا المعنى دعا أحمد عيسي المعصراوي شيخ عموم المقارئ المصرية السابق مسلمي ألمانيا لتجسيد روح القرآن في تعاملهم مع مجتمعهم سلوكا وأدبا وخلقا، وأشار إلى أن المسابقة القرآنية تمثل رافدا قويا يظهر أن الحفاظ على القرآن الكريم بحفظه يتواصل عبر الأجيال.

وعلى هامش الاحتفالات التقت الجزيرة نت مدير مركز دار السلام الإسلامي طه صبري الذي قال إن مقر المركز الحالي كان كنيسة مهجورة سابقا اشتراها المسلمون وحولوها إلى مسجد.

وربط صبري بين المسابقة القرآنية وعلاقة قال إنها قديمة للبلد الذي أقيمت فيه مسابقة للقرآن الكريم، مشيرا إلى أن ألمانيا التي أخترع مواطنها حنا غوتنبيرغ الطباعة الحديثة عام 1447 شهدت طباعة مصحفين يعدّان تاريخيا أقدم مصحفين مطبوعين في العالم، وصدر الأول باللاتينية عام 1613 بينما صدر الثاني الذي يعد أول مصحف مطبوع بالعربية في العالم بمدينة هامبورغ عام 1693.

ورأى الإمام ذو الأصل التونسي أن طباعة أول مصحفين بالعالم “تتكامل مع علاقة ألمانيا الثقافية القديمة بالإسلام، من خلال أمير شعرائها عبر العصور يوهان فولفغانغ غوته الذي أتقن العربية، وأستلهم كثيرا من أشعاره ومسرحياته من القرآن الكريم، ومجد الرسول محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- وقال عبارته الشهيرة إذا كان هذا هو الإسلام فنحن جميعا مسلمون”.

وأشار صبري إلى أنه عند طباعة أول مصحفين في العالم بألمانيا لم يكن أحد يتخيل أنه سيأتي يوم تقام فيه مسابقة كبيرة لتكريم حفاظ الكتاب الكريم، في هذا البلد الذي قالت مستشارته أنجيلا ميركل ومن قبلها رئيس الجمهورية السابق إن الإسلام جزء منه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى