كتاباتكتابات المنتدى

مقتطفات من كتاب (الإسلام ثوابت ومحكمات) للدكتور محمد يسري إبراهيم | (1) الإسلام ذلكم الدين العظيم

مقتطفات من كتاب (الإسلام ثوابت ومحكمات) للدكتور محمد يسري إبراهيم (1) الإسلام ذلكم الدين العظيم

 

بقلم د. محمد يسري إبراهيم (خاص بالمنتدى)

 

التعريف بالإسلام العام

كل دين أنزله الله على أنبيائه ورسله فهو الإسلام، وبالإسلام أوصى كل نبيٍّ أمته، وتبـرَّأ من كل دينٍ خالفه.

وحقيقة الإسلام العام: استسلامٌ لله تعالى بالتوحيد، وبراءةٌ من الشرك، واتباعٌ لشريعة نبيِّ ذلك الزمان.

قال الله تعالى:

إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلْإِسْلَٰمُ ۗ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْيًۢا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ
(3 : 19)
  [آل عمران: 19].

 

التعريف بالإسلام الخاص

نبيُّ آخر الزمان، صاحب الرسالة الخاتمة، والشريعة الناسخة، والكتاب المهيمن هو محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي من ذرية إسماعيل بن إبراهيم صلى الله عليهم وسلم.

وبعد بعثته ودعوته ﷺ لا يسع أحدًا سمع بالإسلام المنزَّل على خير الأنام أن يتديَّن  بغيره؛ تصديقًا لخبره وانقيادًا لأمره، وتعبدًا بشرعه  ﷺ.

قال الله تعالى:

وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلْإِسْلَٰمِ دِينًۭا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلْءَاخِرَةِ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ
(3 : 85)
[آل عمران: 85].

 

التكليف بالإسلام عمومه وشروطه

وكل إنسانٍ عاقلٍ بالغٍ فهو مخاطبٌ بالإسلام الخاتم، ومكلَّفٌ به، وذلك منذ بعثته ﷺ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وهو تكليفٌ لا إكراه فيه، ولا عذر في الإعراض عنه بعد العلم به، ولا نجاة في الآخرة إلا بالاستجابة له.

قال الله تعالى:

قُلْ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ٱلَّذِى لَهُۥ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْىِۦ وَيُمِيتُ ۖ فَـَٔامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِىِّ ٱلْأُمِّىِّ ٱلَّذِى يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَٰتِهِۦ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
(7 : 158)
[الأعراف: 158].

 

واجب المكلف في هذه الحياة

الإسلام دين الإنسان والإنسانية، يجيب عن أسئلة الفطرة؛ فيبين للإنسان مبدأه ومنتهاه، ويعرِّفه بخالقه وواجبه في هذه الحياة، ويستخلف الإنسان في إقامة الفرض وعمارة الأرض، ويقيم له الميزان ليقوم بالقسط في كل شأن على وجه الإحسان، وذلك ابتلاء الإنسان.

قال الله تعالى:

وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَٰلِحًۭا ۚ قَالَ يَٰقَوْمِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُۥ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلْأَرْضِ وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَٱسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوٓا۟ إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّى قَرِيبٌۭ مُّجِيبٌۭ
(11 : 61)
[هود: 61].

 

خصائص  الإسلام

والإسلام الخاتم دينٌ دعوته الحرية من كل عبودية لغير الله، وهو دين الفطرة والهدى والرحمة، يدعو إلى العلم، ويحترم العقل، شريعته يسر، وعبادته ذكر وشكر، وتربيته يقين وصبر، أخلاقه ربانية، ومناهجه وسطية، أخباره صدقٌ، وأحكامه عدلٌ، وقضاؤه فصلٌ.

وهو دينٌ شامل؛ فتشريعاته في كل شأن تحقق مصالح العباد في المعاش والمعاد.

وتشمل دعوته كل خير وبر وعدل، وهي للناس كافة.

وتجمع عقيدتُه وعبادته وشريعته وأخلاقه كلَّ ما يحبه الله ويرضاه.

قال الله تعالى:

قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ . لَا شَرِيكَ لَهُۥ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ .
(6 : 162-163)
[الأنعام: 162 – 163].

 

حقوق الإنسان في الإسلام

دعوة الإسلام تقوم على تكريمٍ حقيقيٍّ للإنسان في كل زمان ومكان، فهومكرم في أصل خلقه وذريته، له حقوق مكفولة في نفسه وأسرته، ومجتمعه ودولته، وله حريات مصونة في معتقده ورأيه، وعبادته وحركته.

فلا تُمتهن له كرامةٌ بسبب عرقٍ، ولا يُتعدَّى على حقه بسبب تمييزٍ أو عنصرية، ولا تقيد حريته إلا إذا اعتدى على غيره، أو أساء إلى دين الإسلام وقيم أمته!

فلا حضارة ولا عمران إلا بالموازنة بين حقوق الإنسان وواجباته.

قال الله تعالى:

وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِىٓ ءَادَمَ وَحَمَلْنَٰهُمْ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلْنَٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍۢ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًۭا
(17 : 70)
  [الإسراء: 70].

 

***

 

أصول النظام الإسلامي

قامت الدولة المسلمة وازدهرت حضارتها على أساس من التوحيد الذي حرَّر الإنسان من العبودية لغير الواحد الديَّان، وقضى على الخرافات والأوهام، وسائر صور استعباد واستبداد الإنسان بأخيه الإنسان.

فكانت السيادة في دولة الإسلام الأولى لشريعة الرحمن، وللأمة حَقُّ تولية حكامها ومراقبتهم ومحاسبتهم على ما أَسَّسته الشورى من نظامٍ وسلطان.

وتعددت منجزات المسلمين الحضارية عبر قرون تعاقبت ودولٍ تتابعت، فلما ضعف الإيمانُ، واختلَّت العلاقة بين الراعي والرعية، ضعفت الدولة وانقسمت، وأفلت شمس التمكين وإقامة الدين.

قال الله تعالى:

وَلَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُوا۟ وَٱخْتَلَفُوا۟ مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَٰتُ ۚ وَأُو۟لَٰٓئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌۭ
(3 : 105)
  [آل عمران:105].

 

التجديد قَدر هذا الدين الخاتم

الاجتهاد والتجديد قدر هذه الأمة المسلمة، حين يتصدى لهما الربانيون المتأهلون، والأكفاء المأمونون، كلٌّ في مجاله الذي يسره الله له.

وإذا كان التجديد والاجتهاد عملًا فرديًا فيما مضى فإنه اليوم عمل جماعي، تقوم به طائفة من المؤمنين، على تنوعها واختلاف تخصصاتها، تجدِّد العهد بتمسك السابقين الأولين بأصول هذا الدين، وتنفي عنه انحرافات وتأويلات الزائغين والضالين، وتُذكِّر الأمة بأخلاق المجاهدين، وتسعى لإعداد المستطاع من كل قوة تحقِّق النصر المبين.

تصديقًا لوعده وخبره ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا»([1]).

قال الله تعالى:

وَقَالَ ٱلَّذِى ٱشْتَرَىٰهُ مِن مِّصْرَ لِٱمْرَأَتِهِۦٓ أَكْرِمِى مَثْوَىٰهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدًۭا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى ٱلْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُۥ مِن تَأْوِيلِ ٱلْأَحَادِيثِ ۚ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمْرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
(12 : 21)
  [يوسف: 21].

 

الأمة الإسلامية ظافرة منصورة

يعتقد المسلمون أن بالشرع المطهر، والواقع المعاصر من مبشرات النصر وأسباب التفاؤل الكثير! فقد مرَّت بالمسلمين مِحَنٌ وأزمات، وكوارث ونكبات، خرجت منها الأمة ظافرة منصورة، قاهرة لأعدائها، مستعلية بإيمانها، مستمسكة بكتاب ربها وسنة نبيها وأصول دينها، وما خبر انكسار الحملات الصليبية والتترية عن الذاكرة ببعيد.

فالإسلام قَدَرُ هذه الأمة الغالبُ الذي لا يُغالب، وهو يعلو ولا يُعلى!

قال الله تعالى:

وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ . إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ . وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَٰلِبُونَ .
(37 : 171 - 173)
[الصافات: 171 – 173].

 

________________________________________________________

([1]) أخرجه أبو داود (4291) من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى