تقارير وإضاءات

ماذا تفعل الصين للأويغور في تركستان الشرقية؟

ماذا تفعل الصين للأويغور في تركستان الشرقية؟

ترجمة رضوى عادل

أدى إنسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان إلى تسليط الضوء على العالم خلال الأشهر القليلة الماضية. بالنسبة للصين، كانت الصحافة السيئة التي حصلت عليها إدارة بايدن للسماح لطالبان بإستعادة السلطة بمثابة إلهاء مرحب به عن وضع كئيب آخر في منطقة تركستان الشرقية التي تقع في شمال غرب الصين.

 ولكن في الأسابيع القليلة الماضية، بدأت الإدعاءات بأن الصين ترتكب إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بل وحتى الإبادة الجماعية ضد الأويغور في تركستان الشرقية تستعيد الإهتمام الدولي. وأعلنت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يوم الإثنين أن مكتبها لم يتمكن من الوصول إلى المنطقة لكنه يعد تقريراً عن الإدعاءات بناء على معلومات تم الحصول عليها بوسائل أخرى. وفي الأسبوع الماضي، أصدر إئتلاف من مجموعات حقوق الإنسان رسالة مشتركة إلى محطات البث الدولية الكبرى، بما في ذلك إن بي سي، يحثهم فيها على عدم تغطية دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022 في بكين للإحتجاج على إنتهاكات الصين ضد الأويغور والأقليات الأخرى. وفي نفس الوقت، عززت الجمارك وحماية الحدود الأمريكية جهودها لإعتراض السلع المستوردة المصنعة بإستخدام العمالة القسرية، والتي تستهدف على وجه التحديد القطن الصيني الذي يشتبه في أن الأويغور يزرعونه في تركستان الشرقية في معسكرات العمل القسري.

 وعلى الرغم من الإهتمام المتزايد بالفظائع المرتكبة في تركستان الشرقية، فإن الوضع هناك لا يزال غامضاً إلى حد كبير بالنسبة للجمهور الأمريكي. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الصين أبقت قبضتها على تدفق المعلومات وتعكير صفو المياه من خلال دعايتها الخاصة، ولكن أيضاً لأنه صراع معقد له الكثير من التاريخ في جزء غير معروف من العالم. إليك ما تحتاج إلى معرفته.

من هم الأويغور؟

الأويغور هم المجموعة العرقية السائدة في منطقة تركستان الشرقية في شمال غرب الصين. يعيش أكثر من 12 مليون من الأويغور في تركستان الشرقية، وهناك جاليات أويغورية في قازاقستان وتركيا ودول أخرى. ينتمي الأويغور إلى الإسلام السني في المقام الأول.

تاريخ الأويغور في تركستان الشرقية متنازع عليه بين علماء الأويغور والصينيين. حيث عاش الأويغور في حوض تاريم على أطراف صحراء تاكلامكان لأكثر من ألف عام. يزعم بعض المؤرخين والناشطين الأويغور أنهم موجودون هناك منذ آلاف السنين وينحدرون من السكان القدامى في المنطقة، في حين يؤكد المؤرخون الصينيون أن الأشخاص المعروفين الآن بإسم الأويغور هاجروا إلى هناك في القرن التاسع فقط. حكم خاقانات الأويغور مساحة شاسعة من تركستان الشرقية الحديثة ومنغوليا ومنشوريا والمناطق المحيطة بها في القرنين الثامن والتاسع. تم غزو المنطقة لاحقاً من قبل الإمبراطورية المغولية، وتحول الأويغور تدريجياً إلى الإسلام على مر القرون التي تلت ذلك.

 سيطرت الصين على حوض تاريم لأول مرة خلال عهد أسرة هان في القرن الثاني قبل الميلاد، ومرة ​​أخرى خلال عهد أسرة تانغ في أوائل العصور الوسطى. تعتبر الصين الحديثة أن هذا دليل على أن المنطقة تنتمي إلى الصين منذ ما قبل وجود الأويغور هناك. احتلت الصين أخيراً منطقة تركستان الشرقية الحالية خلال عهد أسرة تشينغ في منتصف القرن الثامن عشر. منذ ذلك الحين، ضغط الأويغور وغيرهم من الشعوب غير الصينية على الحدود الغربية للبلاد بإستمرار من أجل الاستقلال وأسسوا سلسلة من الجمهوريات قصيرة الأمد في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

0dee51905b1b51a72bda5baf1beb93f010-china-hr.rhorizontal.w700

 تركستان الشرقية. الجرافيك: إنتيليجينسير

ما هو صراع تركستان الشرقية؟

 تعود جذور نزاع تركستان الشرقية إلى جهود الصين لتعزيز سيطرتها على المنطقة طوال القرن العشرين. خلال عصر ماو، قيدت الصين الحريات الدينية والثقافية للأويغور بينما شجعت الهجرة الجماعية للصينيين الهان إلى ما كان يُعرف بمنطقة شينجيانغ أويغور من الخمسينيات وحتى السبعينيات. ووفقاً لتعداد الصين لعام 2020، يشكل الهان الصينيون 42% من سكان تركستان الشرقية والأويغور حوالي 45 %. في العقد الماضي، هاجر ما يقرب من 2 مليون صيني من الهان إلى المنطقة. تدعي بكين أنها لم تتعمد تغيير التركيبة الديموغرافية لتركستان الشرقية، لكن لا يزال يُشتبه في الهجرات الأخيرة أنها جزء من سياسة صينية لإضعاف الطابع العرقي والديني للمنطقة وخنق النزعة الإنفصالية.

 وقد دعم الإتحاد السوفيتي المقاومين الأويغور في تركستان الشرقية خلال الحرب الباردة كجزء من منافسته المهيمنة مع الصين في آسيا الوسطى. وفي عصر ما بعد الحرب الباردة، اتخذت نزعة الأويغور الإنفصالية طابعاً إسلامياً متزايداً. الحزب الإسلامي التركستاني هو جماعة إسلامية متطرفة تشكلت عام 1989 وتسعى إلى الإطاحة بالحكم الصيني في تركستان الشرقية واستبداله بدولة تركستان الشرقية الإسلامية المستقلة. برز الحزب الإسلامي التركستاني وسط ثورة بلدة بارين في أبريل 1990، حيث اشتبك المسلحون مع الشرطة والجنود الصينيين. غالباً ما يوصف هذا الحدث بأنه الشرارة التي أشعلت نزاع تركستان الشرقية المستمر. منذ تسعينيات القرن الماضي، يزعم أن الإنفصاليين الأويغور نفذوا تفجيرات حافلات وهجمات بالسكاكين وأعمال إرهابية أخرى في تركستان الشرقية وأماكن أخرى في الصين.

 بعد أن أصبح شي جين بينغ رئيساً للصين في عام 2013، بدأت بكين في اتخاذ إجراءات صارمة ضد النزعة الإنفصالية بين الأويغور والأقليات المسلمة الأخرى في البلاد. توجت حملة شي القاسية ضد الأويغور، وهي جزء من طموحاته الشمولية الواسعة، بالإجراءات التي تتخذها الصين ضد الأويغور اليوم.

5fcd6911017fb287936889cf7e27efbf37-uyrghur-2.rhorizontal.w700

تقوم امرأة أويغورية في تركستان الشرقية بترتيب أشيائها في سبتمبر 2016، بينما تظهر لوحة الإعلانات وراءها زعيم الحزب الشيوعي الراحل ماو تسي تونغ. الصورة كيفين فراير/صور جيتي

ماذا تفعل الصين بالأويغور في تركستان الشرقية الآن؟

 في عام 2018، أفادت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن الصين احتجزت أكثر من مليونين من الأويغور، إلى جانب الأقليات المسلمة الأخرى، في مئات من معسكرات الإعتقال في تركستان الشرقية منذ عام 2017. أظهرت أدلة الأقمار الصناعية ازدياد شبكة المعسكرات بإستمرار منذ ذلك الوقت. وقد أفاد الناجون في المعسكرات أنه قد تم تلقين المعتقلين عقائد الدعاية السياسية الشيوعية وتم إجبارهم على ترديد شعارات تشيد بشي. كما أنهم يتعرضون للتعذيب، بما في ذلك عن طريق أساليب مثل الإيهام بالغرق، وكذلك الإعتداء الجنسي. وإجبارهم على نبذ الإسلام، وأكل لحم الخنزير، وشرب الخمر، ويتم مراقبتهم على مدار الساعة للتأكد من أنهم لا يصلون. لم يتم توجيه تهم للمعتقلين غالباً بإرتكاب أي جريمة وليس لديهم حق الطعن في احتجازهم. ولا يُسمح لهم بالإتصال بأسرهم، ويختفي العديد من المعتقلين ببساطة. كما ضغطت الصين على دول أخرى لترحيل الأويغور الذين فروا من البلاد ولجأوا إلى الخارج؛ وغالباً ما يختفون فور عودتهم إلى الصين.

07afa811d068a9d28f4e11551b8586b93d-camps-v2-hr.rhorizontal.w700

مواقع مراكز الإعتقال المشتبه بها، بيانات من معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي

وفي الوقت نفسه، يتم تدمير المواقع الثقافية والدينية في جميع أنحاء تركستان الشرقية بشكل مكثف. وجد تقرير صدر العام الماضي عن المعهد الأسترالي للسياسات الإستراتيجية، وهو مصدر رئيسي للبيانات عن إضطهاد الصين للأويغور، أن أقل من 15000 مسجد لا يزال قائماً في المنطقة، مقارنة مع العدد الرسمي للحكومة البالغ 24000، في حين تضرر أكثر من نصف المساجد المتبقية. بالإضافة إلى ذلك، فإن حوالي نصف مواقع التراث الثقافي في المنطقة قد تضررت أو دُمرت، بما في ذلك مواقع الحج القديمة.

 وتفيد التقارير بأن الصين تستخدم العمل القسري في تركستان الشرقية، مما يجبر الأويغور داخل وخارج المعسكرات على قطف القطن وتصنيع المنسوجات وغيرها من المنتجات مقابل أجر ضئيل أو بدون أجر. وقد منحت بكين إعانات للشركات الصينية للإنتقال إلى تركستان الشرقية أو توظيف عمال من الأقليات المسلمة في أجزاء أخرى من البلاد: تم نقل أكثر من 80 ألف من الأويغور من تركستان الشرقية للعمل في المصانع في جميع أنحاء الصين بين عامي 2017 و 2019، والعديد منهم من معسكرات الإعتقال. هؤلاء العمال يكدحون في ظروف غير إنسانية ويعيشون في مساكن منفصلة حيث يتعرضون للتلقين السياسي المستمر ويجبرون على تعلم لغة الماندرين، ولا يسمح لهم بالمغادرة. وقد غذت مصانع العمل القسري هذه سلاسل التوريد للشركات الكبرى متعددة الجنسيات، بما في ذلك أمازون وآبل ومجموعة متنوعة من العلامات التجارية للملابس والسيارات.

 ومن ناحية أخرى، عملت الصين على توسيع نطاق دولة المراقبة التكنولوجية الخاصة بها إلى حدود أورولية حقاً في تركستان الشرقية. حيث تتم مراقبة أنشطة المواطنين الأويغور من خلال بنية تحتية ضخمة من نقاط التفتيش والكاميرات، كما تستخدم الشرطة منصة على الهواتف المحمولة لتتبع كل شيء بدءاً من التفاعلات الإجتماعية للسكان وحتى استخدامهم للكهرباء والبنزين. كما اختبرت شركات التكنولوجيا الصينية برامج التعرف على الوجوه التي يمكنها اكتشاف عرق الأشخاص وإرسال “إنذارات الأويغور” إلى السلطات.

 وكان الكشف الآخر المزعج الذي ظهر العام الماضي هو أن الصين تستخدم وسائل منع الحمل القسرية والإجهاض والتعقيم لخفض معدلات المواليد بين الأويغور والأقليات المسلمة الأخرى في تركستان الشرقية. تخضع النساء لفحوصات الحمل المنتظمة، ويُجبرن على تركيب أجهزة داخل الرحم، ويهددن بغرامات كبيرة أو بالاحتجاز إذا كان لديهن عدد كبير من الأطفال. وقد انخفضت معدلات المواليد في مناطق الأويغور في خوتان وكاشغر بأكثر من 60 في المائة نتيجة لهذه السياسات ، بين عامي 2015 و 2018.

bd4c88e9f503f9caf2869090a1389749ea-uyghur-3.rhorizontal.w700

تُرفع الأعلام الصينية على طريق يؤدي إلى منشأة معسكر إعادة تعليم للأقليات المسلمة في ضواحي خوتان في مايو 2019. الصورة: جريج بيكر/ أ ف ب ، صور جيتي

 كيف ردت الصين على هذه الإدعاءات؟

 وتنفي بكين انتهاك حقوق الإنسان الخاصة بالأويغور وتدعي أن سياساتها في تركستان الشرقية هي إجراءات معقولة وإنسانية لمكافحة التطرف الإسلامي والعنف. يتم رفض كل تقرير عن الإنتهاكات بإعتباره تلفيقاً أو إفتراءاً أو “أخباراً مزيفة” – المصطلح المفضل الجديد للحكام المستبدين في كل مكان بفضل رئيس أمريكي سابق. في البداية، أنكرت الحكومة الصينية وجود معسكرات الإعتقال، ولكن عندما ظهرت أدلة على الأقمار الصناعية بوجود مراكز احتجاز جديدة ومتوسعة، غيرت موقفها وادعت أنها معسكرات “إعادة تعليم” أو “تعليم مهني” لمكافحة التطرف. في الرواية الرسمية، تحاول السلطات الصينية فقط محاربة الأصولية الإسلامية وتحسين الحراك الإقتصادي للأويغور الفقراء.

 تدافع الصين عن نفسها ضد المزاعم بإستخدام معادلات كاذبة وما شابه ذلك. على سبيل المثال، تدعي الحكومة أن سياستها للسيطرة على السكان في تركستان الشرقية تهدف ببساطة إلى مساواة حقوق الصينيين الهان والأقليات العرقية، الذين تعرضوا لقواعد أقل صرامة بموجب سياسة “الطفل الواحد” البائدة في البلاد. لقد تراجع شي عن العديد من الإستحقاقات التي كانت تتمتع بها الأقليات العرقية الصينية المعترف بها فيما مضى مع توسيع حقوق معينة للصينيين الهان. وقد تبدو السياسة الحالية عادلة على الورق، لكن من الناحية العملية، يرى المراقبون أنها وسيلة لتقليص عدد سكان الأويغور لتسهيل السيطرة عليهم. وبالمثل، تدافع بكين عن ممارساتها الرقابية بالقول إنها ليست للتمييز وأن الصين تستخدم تكنولوجيا المراقبة للحفاظ على السلامة العامة بنفس الطريقة التي تتبعها الولايات المتحدة والدول الأوروبية.

 تبرر الصين أيضاً أفعالها ضد الأويغور من خلال تصويرهم كجزء من الحرب على الإرهاب. لقد حققت “السلفية”، وهي سلالة أصولية من الإسلام تدعم العديد من الجماعات الإسلامية المتطرفة، نجاحات في المجتمعات الإسلامية في الصين على مدار العقد الماضي، ومثل الحكومات الغربية، غالباً ما تدمج الصين هذه الأيديولوجية مع الإسلام بشكل عام. تدعي الصين بأن منظمات الأويغور الإسلامية مثل الحزب الإسلامي التركستاني لديها معسكر في أفغانستان التي كانت تسيطر عليها حركة طالبان في التسعينيات وأقامت علاقات مع القاعدة والجماعات الجهادية الأخرى. أصبحت “تركستان الشرقية” إحدى جبهات الحركة الجهادية العالمية. وقد مكّنت هذه الصلات الجهادية الصين من تصوير أي رغبة في الحكم الذاتي من جانب الأويغور على أنها تهديد إرهابي شبيه بالتهديد الذي يمثله تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية.

  أحد أسباب تدخل الصين لتقديم المساعدة والإستثمار في أفغانستان بعد الإنسحاب الأمريكي هو تجنيد تعاون طالبان في منع الحزب الإسلامي التركستاني والجماعات المتطرفة الأخرى التي تركز على تركستان الشرقية من إنشاء قواعد جديدة هناك.

 ومع ذلك، كانت إستراتيجية الصين في الغالب تتلخص في الإنكار والتعتيم على جميع الإدعاءات مع جعل من الصعب للغاية على الصحفيين أو المحققين المستقلين الوصول إلى تركستان الشرقية. من خلال التحكم في تدفق المعلومات، يمكن لبكين أن تخلط الأمور بما يكفي من قابلية الإنكار المعقول. بالنظر إلى جميع الأدلة، من المرجح أن يخلص مراقب محايد إلى أن الصين تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان وترتكب جرائم خطيرة، من المحتمل أن تشمل الإبادة الجماعية. لكن، بالطبع، في المجال الجيوسياسي، لا يوجد مراقبون محايدون: يمكن للصين (والبلدان الأخرى التي لديها أسبابها الخاصة للوقوف إلى جانبها) دائماً أن تلقي بالشك على أي دليل وتدعي أن الإتهامات سياسية – لأنها دائماً سياسية.

كيف استجاب المجتمع الدولي؟

 مجتمعة، تشير هذه الإدعاءات إلى أن تصرفات الصين ضد الأويغور والأقليات المسلمة الأخرى هي إنتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان، ومن المحتمل أن ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية وحتى الإبادة الجماعية. يمارس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والدول الفردية والمنظمات الدولية ضغوطاً على الصين بشأن تركستان الشرقية منذ عام 2019 ويدعو بكين للسماح لمفتشي الأمم المتحدة بدخول المنطقة للتحقيق.

 في أكتوبر 2020، أصدرت ألمانيا بياناً مشتركاً نيابة عن 39 دولة عضو في الأمم المتحدة تدين “العدد المتزايد من التقارير عن الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” في تركستان الشرقية، بما في ذلك “القيود الشديدة على حرية الدين أو المعتقد وحرية التنقل وتكوين الجمعيات. والتعبير وكذلك عن ثقافة الأويغور “. وقعت الولايات المتحدة على هذا البيان، إلى جانب المملكة المتحدة وفرنسا واليابان وديمقراطيات كبيرة أخرى.

 في الوقت نفسه، أصدرت كوبا بياناً معارضاً نيابة عن 45 دولة “تدعم إجراءات الصين لمكافحة الإرهاب والقضاء على التطرف في تركستان الشرقية”. ومع ذلك، يبدو أن ميزان الرأي العالمي يتحول ضد الصين، حيث وقعت 16 دولة على بيان الإدانة الذي رفض التوقيع على بيان مماثل في عام 2019 ووقع ست دول أقل على بيان الدعم.

 وكان العالم متردداً حتى الآن في الذهاب إلى أبعد من إدانة تصرفات الصين. تقدمت مجموعة من نشطاء الأويغور بشكوى ضد الصين في المحكمة الجنائية الدولية العام الماضي، لكن في ديسمبر رفضت المحاكمة؛ الصين (مثل الولايات المتحدة) ليست من الدول الموقعة على معاهدة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، لذلك ليس للمحكمة ولاية قضائية على الإجراءات التي تحدث داخل حدود الدولة. كان المدعون يأملون في إقامة دعوى بشأن الجرائم المرتكبة ضد الأويغور الذين يعيشون في الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية في طاجيكستان وكمبوديا. وقالت المحكمة إنها ستبقي الملف مفتوحاً ويمكنها متابعة قضية بإنتظار مزيد من الأدلة.

 في أبريل 2021، أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريراً مستفيضاً عن الوضع في تركستان الشرقية، موضحة أن الصين ترتكب جرائم ضد الإنسانية.

9e6e4499765da1387a01f33517bd2f5bcb-uyghur-4.rhorizontal.w700

ناشط من الأويغور في مظاهرة في سبتمبر 2020 خارج وزارة الخارجية في برلين. الصورة: توبياز شوارز/ أ ف ب عبر صور جيتي

ماذا تفعل حكومة الولايات المتحدة؟

 كانت الولايات المتحدة أكثر استعداداً من معظم الدول الأخرى لوضع علامة “الإبادة الجماعية” على إضطهاد الصين للأويغور. وفرضت إدارة ترامب عقوبات إقتصادية وتأشيرات على المسؤولين الصينيين المتورطين في القمع واعتبرت وصفه بأنه “إبادة جماعية” العام الماضي رداً على ضغوط من النشطاء وأعضاء الكونجرس لكنهم توقفوا. في آخر يوم له في منصبه في (يناير)، كتب وزير الخارجية السابق مايك بومبيو على تويتر بأن الصين ترتكب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية. وسارع خليفته أنتوني بلينكين، إلى التوافق، وأكد في تصريحاته الأولى كوزير للخارجية أنه يعتقد أن تصرفات الصين تشكل إبادة جماعية.

 أصدر عدد من الهيئات التشريعية في الدول الأخرى قرارات وصفت إضطهاد الأويغور بأنه إبادة جماعية، بما في ذلك هولندا وكندا والمملكة المتحدة، لكن الحكومات ترددت في تبني هذه الإقتراحات: في مايو، على سبيل المثال، منعت حكومة نيوزيلندا اجتماعاً برلمانياً. قرار تطبيق تسمية الإبادة الجماعية. حيث أن نيوزيلندا معرضة بشكل خاص لخطر الإنتقام التجاري من الصين، لكن الحكومات الأخرى تتوخى الحذر أيضاً. يصعب تبرير أو إثبات تصنيف الإبادة الجماعية: فقد خلص المكتب القانوني لوزارة الخارجية في وقت سابق من هذا العام إلى أن تصرفات الصين في تركستان الشرقية ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية ولكن ليس إبادة جماعية.

 كما أن الحكومات مترددة في إستخدام اللغة التحريضية التي قد تحفز الصين على الإنتقام أو تلزمهم بمسار عمل ليسوا على إستعداد لإتخاذه. بعد كل شيء، إذا كنت على إستعداد لإستدعاء شيء بشع مثل الإبادة الجماعية، فلماذا لا تفعل أي شيء لوقفه؟ إن تصنيف سلوك الصين على أنه إبادة جماعية هو في النهاية قرار سياسي، وقرار محفوف بالمخاطر في ذلك، على الرغم من أنه قد يكون القرار الصحيح.

 وتقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها بشيء ما، على الرغم من أنه ليس له تأثير كبير بعد. أصدرت إدارة بايدن عقوبات إضافية على المسؤولين الصينيين في مارس في جهد منسق مع المملكة المتحدة والإتحاد الأوروبي وكندا. هناك أشياء أخرى يمكن للإدارة القيام بها، مثل إعطاء الأولوية للأويغور للحصول على اللجوء وإعادة التوطين في الولايات المتحدة، لكن إجبار الصين على التغيير، إذا كان ذلك ممكناً، سيتطلب حملة ضخمة ومنسقة من الضغط الدبلوماسي والعقوبات التي تشمل أكبر شركاء الصين التجاريين.

لماذا تواجه الشركات دعوات لاتخاذ إجراءات؟

 حذرت وزارة الخارجية من أن الشركات التي لديها إستثمارات غير مباشرة أو إتصالات سلسلة التوريد في تركستان الشرقية معرضة لخطر كبير لإنتهاك القانون الأمريكي. هذه المخاطر القانونية، إلى جانب زيادة وعي المستهلك، تضغط على العلامات التجارية الرئيسية للملابس لإزالة قطن تركستان الشرقية من سلاسل التوريد الخاصة بها. هذه ليست مهمة سهلة، حيث تنتج الصين 20 % من إمدادات القطن العالمية، ويتم زراعة 85 % منها في تركستان الشرقية، بما في ذلك بعض من أفضل أنواع القطن في العالم. بدأت حملة الجمارك وحماية الحدود لقمع الواردات التي يتم إجراؤها بالسخرة في إحداث تأثير، لكن قدراتها في الإنفاذ لا تزال محدودة، ولا تزال تشتري الكثير من الدول الأخرى قطن تركستان الشرقية – على الرغم من الإتحاد الأوروبي وأستراليا وبعض الدول الأخرى والمستوردين الرئيسيين يدرسون سن قوانين مثل الولايات المتحدة حيث تسمح بمصادرة البضائع المنتجة بإستخدام العمل القسري.

 لا تريد الشركات متعددة الجنسيات أيضاً التحدث بصوت عالٍ عن إنتهاكات حقوق الإنسان في الصين لأن العديد منها يعتمد على الصين ليس فقط كمورد بل كمستهلك. لن تحدث شركة أو شركتان، حتى الشركات الكبيرة، فرقاً كبيراً بما يكفي – ولن تعمل الشركات بمفردها إذا كان هذا يعني أن منافسيها سيكونون قادرين على الوصول إلى السوق الصينية بينما هم لا يفعلون ذلك. إلى أن تتمكن كتلة حرجة من أكبر الشركات في العالم من التهديد بمصداقية بالإنسحاب من الصين، فمن غير المرجح أن نرى نوعا من الضغوط الإقتصادية الذي قد يؤثر على سلوكها.

المصدر: تركستان تايمز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى