متابعات

كلمة: أ.د. علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد في المؤتمر العالمي في باكو – أذربيجان

كلمة: أ.د. علي محيى الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد في المؤتمر العالمي في باكو – أذربيجان

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه، وبعد الشكر لسماحة العلامة شيخ الإسلام الله شكرباشازاده حفظه الله ،

أصحاب السماحة والسعادة

أود أن أحييكم باسم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، رئاسة وأمانة وأعضاء. وأن أقدم التهاني الحارة لأذربيجان شعباً ورئيساً وحكومة، وأهنئهم على هذا الانتصار الكبير ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا بداية خير وأمن وأمان على منطقة القوقاز، وأن يتحقق الأمن والأمان، وأن تعود الحقوق إلى أصحابها.

أصحاب السماحة والسعادة، الحضور الكرام

 نجتمع اليوم لبحث المشكلة القديمة التي تتجدد، بسبب ازدواجية المعايير، وغلبة المصالح المادية على القيم السامية والأخلاق، إنها قضية احتلال أرمينيا لأراضي أذربيجانية، التي حاولت أن تحلها وفقاً للمفاوضات والقرارات الدولية طوال ثلاثين سنة، لكن أرمينيا لم تسمع- مع الأسف الشديد- لصوت العقل والعدل والحقوق، فنشبت حروب كان آخرها الحرب القائمة التي راح ضحيتها من الطرفين آلاف، ودمرت البيوت والممتلكات.

وفي نظر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أنه ليس هناك حل دائم إلا من خلال عودة الحقوق إلى أصحابها عن طريق اعتراف أرمينيا بذلك ثم المفاوضات الجادة لتحقيق هذا الهدف مع مراعاة مصالح الطرفين، وحقوق الجوار وإبرام اتفاقية مصالحة شاملة تخدم الطرفين، لأن من المعلوم شرعاً وعقلاً وطبعاً وفطرة أن الظلم ظلمات، وأن احتلال الأراضي – مهما طال- لا بد أن ينتهي، وأن أخذ أراضي الغير بالقوة لا بد أن ينجلي، وأن قوة الطغيان ستنهار، وأن الحق هو الذي سينتصر مهما طال الباطل وصال، قال تعالى (فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) سورة هود آية/49

أصحاب السعادة والسماحة

إن موقف الإسلام واضح وقائم على فقه الميزان والتوازن بين القوة والعزة في مكانها، والرحمة واللين والإحسان في مكانها، فهو حقاً دين العدل المطلق والإحسان، والعزة والكرامة فلن يقبل بالضيم والعدوان على أحد، وفي الوقت نفسه فقد أمر المسلمين أن يكونوا جسداً واحداً في التراحم والتعاطف والتعاون، كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح – الذي رواه البخاري في صحيحه(60111) ومسلم في صحيحه (2586)- وقال سبحانه (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ) سورة آل عمران/ آية 103

فوحدتنا نحن المسلمين هي الحل لمعظم مشاكلنا، وإلا فسيكون الضياع كما قال تعالى (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) سورة الأنفال / آية 46

فأمتنا الإسلامية أحوج ما تكون إلى وحدة قائمة على الحق ونصرة المظلومين، ودرء الظلم والاحتلال عن بلاد الإسلام والمسلمين، والوقوف مع جميع قضاياها، وعلى رأسها قضية المسجد الأقصى، والقدس الشريف، وفلسطين، وكذلك قضايا المسلمين في كشمير، وروهينجا، والإيغور وغيرها، ولا يمكن أن ننسى الدفاع عن مقدساتنا، بل عن المقدسات الدينية كلها، وعلى رأسها مقام الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، ونبذل كل جهد للدفاع بالصدع عن دينه وصفاته العظيمة، ومنع ازدراء الأديان ورموزها، من خلال قرار دولي وأممي، كما علينا أن نظهر للعالم خيرية هذا الدين، وأنه دين الرحمة للعالمين وليس دين الإرهاب والترويع للآمنين، فقال تعالى : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) سورة آل عمران/ آية 110، فهذه خيرية العقيدة والأخلاق والوحدة والتقدم والعلم والإبداع وليست خيرية الأعراق، فعلينا أن نعتصم بحبل الله جميعاً، ونبتعد عن كل ما يفرقنا تحت أي اسم، ونقف مع جميع حقوقنا، ومنها حق أذربيجان في أراضيها المحتلة.

إن القرآن الكريم أكد على أن جميع البشر شركاء في الأرض فقال : (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ) سورة الرحمن / آية 10، ولذلك دعا إلى تحقيق الأمن للجميع من خلال المشتركات الإنسانية وحظر العنصرية والكراهية.

وكم كنت أتمنى أن تكون لمنظمة التعاون الإسلامي قوة ردع إسلامية، ومحكمة عالمية لإحقاق الحق، وإبطال الباطل، لأن الله تعالى لما تحدث عن الصلح بين المتقاتلين ذكر وجوب قوة ثالثة فقال تعالى : (فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ) سورة الحجرات/ آية 9

أكرر شكري لسماحة الشيخ الله شكر باشازاده على إتاحة الفرصة لنا ولجميع المشاركين، وندعو لأذربيجان بالتوفيق والنصر المبين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أ.د. علي محيي الدين القره داغي

الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى