كتابات مختارة

“عن مؤتمر الشيشان ومتلازمة السلفية!”

بقلم محمد الهمامي

مهما تزيّن الباطل وتزخرف..شمس الحق ستعرّيه وتكشف زيفه؛ فالمشكلة إذا ليست فيما يمثله الإسلام في تفسيره السنّي من حقٍ ناصع.. بل في بعض من يمثل هذا الحق الشريف.. عقود من الزمن وخطابهم يدّعي التمثيل الحصري لهذا الحق دون غيرهم..!

تطرفوا كثيرا في الخطاب بإخراج الأشعرية والماتريدية والصوفية من مظلّة السنة.. فها قد ارتد عليهم تطرفهم بتطرفٍ مثله.  وهذا ربما من نتائج الاشتغال بمحاكم التبديع والتفسيق ونحوها.. ولو اشتغلوا ببيان الحق دون التعرض لمن ابتلي بشيء من مايخالفه لكان أولى.

لكن ما مضى فات والعبرة بالآتي، ولعلهم يعون الدرس الآن ويفكرون بطريقة أخرى تحترم مشاعر قلوب بقية المسملين وإن خالفوهم المذهب.

وتكسبهم بدل أن تعاديهم..  وإن لم؛

فليصبروا على الإقصاءات القادمة لأن لكل فعل ردّة فعل، مساوية له في القوّة معاكسة له في الاتجاه كما يقال.

يدّعون السلفية.. وإن سألتهم عن ماهي السلفية؟ قالوا المنهج الذي يتبع من يختارونه هم من العلماء.. وليس كل علماء أهل السنة المعتبرين من تلك الحقبة المباركة!

وفي هذا المعنى حدث معي الآتي:

مسلم بريطاني من أصل أفريقي يحدثني في مسجد جامعة هال ببريطانيا ممتدحا المنهج الذي يتبعه بأنه منهج السلف.

قلت له من هم السلف؟

قال الإمام أحمد بن حنبل(١٦٤- ٢٤١هجري) رحمه الله و غيره من أئمة السلف.

قلت له والأمام أبو الحسن الأشعري(٢٥٠-٣٢٤) والماتريدي ( ت ٣٣٣ )-رحمهم الله-  هل هم من السلف أم من من المغضوب عليهم؟!

فاحتار في الجواب..لأنه تذكّر أنهم كلهم من السلف الصالح رضي الله عنهم.

فقلت له : هذا المصطلح (أعني السلفية) فيه انتقائية ظالمة لكثير من فقهاء الأمّة.

وقلت له أيضا:

قولك عن نفسك بأنك سلفي ربما يوقعك في محظور شرعي تأثم عليه.

قال كيف؟

قلت: فيه نوع من امتداح النفس بنسبتها لمن أثنى عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم.. و هذه تزكية للنفس إذا جاءت في سياق المقارنة بين مذاهب أهل السنة العقدية..والأولى اجتنابها( ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ).(قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا).

انتهى حديثي معه.

وفي الحديث عن معنى السلفية، قال الشيخ الددو حفظه الله.. ما يسمى بالسلفية اليوم، الصحيح أن يقال مذهب أهل الحديث أو الحنابلة.. فأهل السنة انقسموا في الاعتقاد إلى ثلاثة مذاهب:

أهل الحديث الحنابلة ، والأشاعرة ، والماتريدية.

وأضاف حفظه الله:

من الخطأ البين ادّعاء أن ما يسمى”مذهب السلف أو السلفية” هو مذهب الصحابة.

فالصحابة لا مذهب لهم.. والمذاهب كلها جاءت بعدهم في عصر تابعي التابعين.

انتهى كلامه حفظه الله *

مصطلح “السلفية” للأسف مصطلح غير منضبط وليس له حدّ محدد يمكن أن يقاس عليه أو يحاكم إليه. وما يشاع اليوم له من استخدام من قبل البعض هو نوع من التدليس على الناس بخلط المفاهيم واستغلال المصطلحات الجاذبة لعقول العامة؛ فالأولى اجتنابه وفي غيره من المصطلحات غناء للمتجرد المنصف. أما المزايدة على الانتساب للجيل السلفي المزكّى بحديث الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم -فليس ذلك لأحد من أهل السنة دون البقية، فالكل ينهل من ذلك النبع المبارك، ومن الظلم البيّن احتكار البعض النسبة إلى ذلك الجيل دون غيرهم.

المصدر: الاسلام اليوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى