كتاباتكتابات المنتدى

طوفان الأقصى .. ماذا حدث صباح السبت؟

طوفان الأقصى

ماذا حدث صباح السبت؟

 

بقلم أ. عماد الدين عشماوي (خاص بالمنتدى)

 

مثلما يعمل المؤمن تعمل جنود الله التي لا يعلمها إلا هو لتهيئ له كل خير وتحفظه من كل شر “وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ” “وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ”. في اليوم السادس لغزوة “طوفان الأقصى” المباركة التي قام بها رجال أمتنا المرابطون في ثغور فلسطين المباركة، نحاول أن نسهم بجهد المقل في هذا المقال من خلال بعض المشاعر والملاحظات حول هذا الحدث الجلل والمسار الحاسم في عملية الدفع بين الحق والباطل على أرض المحشر حتى تتطهر من رجس الصهاينة الغاصبين وتعود للأمة من جديد أرضها ومسجدها ومقدساتها.

فالطريق إلى فلسطين عنوانه الجهاد الصادق الذي يقوم به رجال الامة الذين صدقوا في فلسطين، والنصر الكبير وتطهير فلسطين من دنس الصهاينة ومن والاهم، يمر  بقرانا وأحيائنا بأطفالنا وشبابنا نساءنا ورجالنا.. وداخل كل مؤسساتنا في كل المجالات عندما نتعلم فقه الجهاد والحياة الحقيقية في سبيل الله.

ماذا حدث يوم السبت؟؟

بدأت كتائب الجهاد المسلمة في  فلسطين صباح السبت 7 أكتوبر 2023 (20 ربيع الأول 1445هـ) غزوة واسعة وقوية على العدو المحتل، وفي المقابل بدا الكيان الصهيوني مصدوما، لكنه سرعان ما أعلن الحرب المفتوحة أيضا. وأعلن الغرب بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تضامنه التام مع الكيان الذي صنعوه. وحتى الآن فإن الخسائر متقاربة في العدد لكنها مختلفة في موازين المواجهة والأثر والنتيجة والمآل في الدارين.

لقد استيقظنا صباح يوم السبت على فلسطين مختلفة، وأمة مسلمة مختلفة، وكيان غاصب مختلف، وغرب صليبي مختلف، وصحونا كأشخاص مختلفين أيضًا، مشاعرنا المهزومة أو المهزوزة أو الحزينة تبدلت، نصر يلوح في الأفق، وعلى الجانب الآخر في ساحة الأعداء كارثة تلوح في الأفق بالنسبة للكيان الصهيوني وداعميه في الغرب وفي بلادنا. لا شيء في المعسكرين أصبح كما كان قبل ستة أيام مضت.

كيان مختلف

في معسكر العدوان والاحتلال والغصب: بدت الطرق فارغة. المدارس والشركات مغلقة. كل محادثة تسمعها هي عن الحرب. الناس مختلفون أيضًا. كان الجميع يثقون في أن الدولة ستحميهم. لم يتخيل أحد أن الرجال في غزة، الذين أطلقوا قبل سنوات أغاني تهدد إسرائيل بلغة عبرية هزلية هزلية، سيسيطرون على مدننا، ويذبحون عائلاتنا ويختطفون أطفالنا، هكذا كتبت إحدى الصهيونيات.

لقد استيقظ الغاضبون في الكيان المصطنع صباح يوم السبت على كيان مختلف. يقول موقع “والا” الإسرائيلي إنه “مثلما حدث في يوم الغفران قبل خمسين عاماً، بعد ساعات من الحرب، لم يقف حتى أحد يرتدي الزي العسكري أمام الجمهور ويشرح ما يجب القيام به”.

لماذا تعتبر هذه الحرب، كارثة بالنسبة للكيان الصهيوني، أسوأ من هجوم يوم العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر عام 1973م، والذي حدث قبل 50 عامًا ويومًا واحدًا؟

إن يوم السبت الماضي سيسجل في التاريخ كملحمة حقيقية وغزوة من غزوات الإسلام الخالدة التي مهدت لتحرير فلسطين؛ كذا سيذكرها التاريخ ويحكيها الآباء والأمهات في البيوت والمعلمين في المدارس والشيوخ على المنابر والمؤرخون في كتب التاريخ وتدرس في كليات الجهاد في مجتمعاتنا المسلمة، فقد أدت هذه الغزوة المباركة لنتائج كثيرة من أهمها، كما يقول محللو العدو:

1- إذلال للجيش الذي لا يقهر في أوج تفاخره بقوته، فقد تم غزو الكيان الصهيوني في 22 موقعًا خارج قطاع غزة، بما في ذلك مجتمعات تصل إلى 15 ميلًا داخل الكيان، من قبل قوة عسكرية تابعة لـ “ما يعادل دولة لوكسمبورغ” ولكن هذه القوة الصغيرة لم تغزو الكيان فحسب، فتغلبت على قوات الحدود الصهيونية؛ بل أعادت رهائن صهاينة إلى غزة عبر نفس الحدود – وهي الحدود التي أنفق فيها الكيان الصهيوني ما يقرب من مليار دولار لإقامة جدار كان من المفترض أن يكون غير قابل للاختراق فعليًا، وهذه ضربة صادمة لقدرات الردع الصهيونية.

2- أن الكيان الصهيوني الذي يفتخر دائماً بقدرة أجهزته الاستخباراتية على اختراق حماس والمجاهدين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والحصول على إنذارات مبكرة، فشل في متابعة استعدادات كتائب الجهاد لغزوه.

3- يعيش الكيان الصهيوني حرباً صعبة ذات خصائص لم تعرفها من قبل، ومفاجأة كاملة بعدد غير قليل من القتلى والجرحى والأسرى والمختطفين، فالفشل عظيم والفشل الاستخباراتي خطير.

4- نجاح حماس يعدّ حدثا استراتيجيا كبيرا، فقد انهار الشعور بالأمن داخل الكيان الصهيوني، ونقلت الحرب إلى الداخل الصهيوني، كما ظهر الجيش ومعه الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في وضع “عار”.

5- الجزء المروع حقًا بالنسبة للكيان الصهيوني-كما يقول المحلل الصهيوني-: لم تتمكن حماس فقط من اجتياز الحدود إلى الكيان الغاصب ومهاجمة المجتمعات والقواعد العسكرية الصهيونية، بل تمكنت أيضًا من خطف عدد من الصهاينة – وفقًا للتقارير تضمنوا بعض كبار السن والأطفال والجنود وقادة الجيش وأخذهم رهائن إلى غزة.

6-أن المجتمع الإسرائيلي لن يعود إلى الوضع الذي كان عليه قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري “وسط إخفاق حكومي بحجم إخفاق غولدا مائير”، رئيسة الوزراء السابقة إبان حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، فالمفاجأة أحرقت كل شيء.

7- لم تفلح الأقمار الصناعية والقواعد العسكرية لأمريكا حامية الكيان والموجودة في كل مكان ولا أقمار الكيان الغاصب وجواسيسه في معرفة ما يجري في غزة.

ماذا فعلت حماس

ما حدث منذ يوم السبت الماضي وحتى لحظة كتابة هذ السطور يجب أن يدرس لكل مسلم لفهم كيف يتحقق النصر بالتوكل الحقيقي على الله، وكيف تكون ثماره، والمعنى الحقيقي للآية الكريمة” واعدوا لهم ما استطعتم من قوة”، لأن هذا ما قام به المجاهدون المرابطون على مدى أكثر من عامين من الاعداد الحقيقي لهذه الغزوة المباركة، ونوضح ذلك فيما يلي:

1-لقد تعلم المجاهدون كيفية التعامل مع هيمنة العدو الصهيوني التكنولوجية وتوقفوا عن استخدام التكنولوجيا التي يمكن أن تكشفهم، واعتمدوا على ما لديهم من إمكانات متوفرة ميسرة بين أيديهم منحها الله لهم، ولم يقولوا مثلما يقول المثبطون والمتخاذلون ليس لدينا تكنولوجيا نعول عليها.: «لقد عادوا إلى العصر الحجري» كما يقول المحلل الصهيوني، موضحاً أن المجاهدين لم يكونوا يستخدمون الهواتف أو أجهزة الكومبيوتر، وكانوا يتولون إدارة أعمالهم الحساسة داخل غرف محصنة بوجه خاص من التجسس التكنولوجي أو كانوا يختبئون تحت الأرض.

2-اعطت كتائب الجهاد الكيان الصهيوني انطباعاً بأنها غير مستعدة للقتال، واستخدمت تكتيكاً استخباراتياً غير مسبوق لتضليل الكيان الصهيوني خلال الأشهر الماضية، وأعطته انطباعاً عاماً بأنها غير مستعدة للدخول في قتال أو مواجهة مع إسرائيل، بينما هي تجهز لهذه العملية الضخمة.

3- هذه الغزوة المباركة والهجوم التي أطلقت عليه حركة “حماس” اسم عملية “طوفان الأقصى”، جاء بعد عامين اتخذت فيهما حماس حيلاً كثيرة لإبقاء خططها العسكرية طي الكتمان، وإقناع الكيان الغاصب بأنها غير عازمة على القتال.

4-إنه من الأمور المذهلة في تجهيزات الحركة لهذا الهجوم، أن المجاهدين أنشأوا نموذجاً محاكياً لمستوطنة إسرائيلية في غزة، وتدربوا فيه على الإنزال العسكري واقتحام المستوطنات، بل وصورت مقاطع فيديو لهذه المناورات.

5-تضمنت حملة الخداع أيضاً خلال العامين الماضيين امتناع “حماس” عن العمليات العسكرية ضد الكيان الغاصب، فحتى عندما شنت حركة “الجهاد الإسلامي” سلسلة من العمليات والهجمات الصاروخية، لم تشارك حماس فيها.

6-هذا الهجوم المذهل المتعدد الأوجه استغرق أشهراً من التخطيط من جانب حماس، مع انضباط شديد من حيث السرية نظراً لشبكة الاستخبارات الإسرائيلية الواسعة في الأراضي الفلسطينية. وعلى هذا النحو، فإنه يمثل بلا شك فشلًا استخباراتيًا هائلاً لإسرائيل من شأنه أن يهز أسس المؤسسة الأمنية في الكيان الغاصب.

موقف داعمي الكيان الغربيين

انكشفت مع بدء غزوة “طوفان الأقصى” كل الوجوه القبيحة الغربية والشرقية، وظهرت الحقائق عارية، فالمعسكر الغربي بأكمله قام يدافع عن اللصوص الذين جاء بم ليسرقوا الأرض ويفرقوا الشمل، وبنص ما قاله الرئيس الأمريكي: سنواصل الوقوف متحدين، ودعم شعب إسرائيل الذي يعاني من خسائر لا توصف ومعارضة كراهية الإرهاب وعنفه. الأمر لا يتعلق بالحزب أو السياسة. وإنما يتعلق بأمن عالمنا، وأمن الولايات المتحدة الأميركية. وتقف الولايات المتحدة بثبات إلى جانب إسرائيل. وينطبق هذا على الإدارة، ومجلسي الكونجرس، والديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء. قد تكون قلوبنا مكسورة، ولكن عزمنا واضح. هذه لحظة يجب على الولايات المتحدة أن تتكاتف فيها، لتعبر عن حزنها مع أولئك الذين يشعرون بالحزن”.

وهذا وزير دفاعه يقول ” لا تزال أفكاري وصلواتي ترافق الشعب الإسرائيلي والأسر الكثيرة التي فقدت أحباءها نتيجة الهجوم الإرهابي المقيت الذي شنته حركة حماس. وقمت اليوم بالتوجيه باتخاذ عدة خطوات لتعزيز وضع وزارة الدفاع الأمريكية في المنطقة وترسيخ جهود الردع الإقليمية، وذلك ردا على هجوم حماس على إسرائيل وبعد مناقشات مفصلة مع الرئيس بايدن.

لقد أصدرت توجيهات بتحريك مجموعة حاملة الطائرات المقاتلة جيرالد ر. فورد إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، وتشتمل هذه المجموعة على حاملة طائرات البحرية الأمريكية جيرالد ر. فورد (CVN-78) وطراد الصواريخ الموجهة من فئة تيكونديروجا يو أس أس نورماندي (CG 60)، بالإضافة إلى مدمرات الصواريخ الموجهة من فئة أرلي-بورك يو أس أس توماس هودنر (DDG 116) ويو أس أس راماج (DDG 61) ويو أس أس كارني (DDG 64) ويو أس أس روزفلت (DDG 80). واتخذنا أيضا خطوات لزيادة عدد أسراب الطائرات المقاتلة التابعة لسلاح الجو الأمريكي من طراز إف-35 وإف-15 وإف-16 وآي-10. وتبقي الولايات المتحدة قواتها في مختلف أنحاء العالم على أهبة الاستعداد لتعزيز وضعية الردع هذه إذا دعت الحاجة”.

وهذا بيان أمريكا مع فرنسا وألمانيا وإيطاليا، جاء فيه: صدر البيان المشترك التالي اليوم عن كل من قادة فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك عقب الاتصال الذي أجروه في ما بينهم. نحن الرئيس الفرنسي ماكرون والمستشار الألماني شولتز ورئيس وزراء إيطاليا ميلوني ورئيس وزراء المملكة المتحدة سوناك والرئيس الأمريكي بايدن نعرب عن دعمنا الثابت والموحد لدولة إسرائيل والإدانة القاطعة لحركة حماس وأعمالها الإرهابية المروعة.

ونحن نوضح ألا مبرر أو شرعية للأعمال الإرهابية التي تقوم بها حماس ويجب إدانتها عالميا. لا مبرر للإرهاب على الإطلاق، وقد رأى العالم بهلع إرهابيي حماس وهم يذبحون عائلات في منازلها ويذبحون أكثر من مئتين من الشباب الذين كانوا يستمتعون بمهرجان موسيقي ويختطفون نساء مسنات وأطفال وأسر بأكملها ويحتجزونهم الآن كرهائن.

ستدعم دولنا إسرائيل في جهودها للدفاع عن نفسها وشعبها ضد الفظائع المماثلة، ونؤكد أيضا على أن هذه الفترة غير مناسبة لتستغلها أي جهة معادية لإسرائيل لتحقيق مكاسب.

وكانت ألمانيا قد ضمنت «وثيقة الأمن الوطني» الصادرة في شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي تأكيدات مفادها بأن ألمانيا «تتحمل مسؤولية الدفاع عن حق إسرائيل في الوجود»، وأنها تعتبر علاقتها بها شبيهة وفي المستوى نفسه لعلاقاتها مع شركائها الأوروبيين.

وأخيرا جاءت تصريحات وزير الخارجية أنتوني ج. بلينكن قبل مغادرة قاعدة أندروز أمس متوجها إلى الكيان الصهيوني، وجاء فيها: ننطلق إلى إسرائيل كما تعلمون وأتوجه إلى هناك حاملا رسالة بسيطة وواضحة بالنيابة عن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية والشعب الأمريكي، مفادها أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل. الولايات المتحدة تدعم الشعب الإسرائيلي. نحن ندعمهم اليوم وسندعمهم غدا وسندعمهم كل يوم.

نحن مصممون على التأكد من تمتع إسرائيل بكل ما تحتاج إليه للدفاع عن نفسها وتوفير الأمن لشعبها، وثمة مساعدات عسكرية مهمة طلبتها إسرائيل في الطريق إليها. ويأتي ذلك ليضاف إلى ما نقوم به منذ سنوات للتأكد من تمتع إسرائيل بما تحتاج إليه للدفاع عن نفسها، ونذكر في هذا الصدد مذكرة التفاهم التي تفاوض عليها الرئيس أوباما.

ونتوقع في الوقت عينه أن يكون لدى إسرائيل احتياجات وطلبات أخرى. لقد تواصلنا بشكل وثيق مع الكونغرس بشأن هذه المسألة، ونتطلع إلى مواصلة ذلك للتأكد من حصول إسرائيل على ما تحتاج إليه.

وسأعيد أيضا التأكيد والتشديد على الرسالة القوية جدا التي وجهها الرئيس بايدن إلى أي دولة أو طرف قد يحاول الاستفادة من الوضع الحالي، وهي رسالة تثنيهم عن القيام بذلك. لقد حرك الرئيس أكبر مجموعة من حاملات الطائرات في العالم إلى المنطقة لتوضيح نيتنا ردع أي طرف يفكر في شن أي عدوان آخر ضد إسرائيل.

وهي تصريحات لا تحتاج لأي تعليق أو تعقيب، لكنها تحتاج لرجال وأموال وأعمار للرد عليها بما يناسبها، نحتاج استراتيجية شاملة لإعادة بناء الأمة من جديد حتى لا تكون قصعة هؤلاء وغيرهم الشهية، فكفى تهاوناً وهواناً.

المطلوب من الأمة

المطلوب من كل فرد في الأمة كثير ويحتاج إيمان راسخ ويقين جازم بمهمة هذه الأمة على الأرض وكيف أخرجها الله لتكون شاهدة على العالمين، ومن أهم المهام التي نرصدها مبدئيا في هذا المقال:

1-كيف ستشرح كيفية تحقق هذا النصر ومعانيه معانيه وآثاره لأجيالنا الجديدة، وبأي وسائل حتى يحفر في الذاكرة فلا ينسى أبدا.

2-كيف نحول هذا اليوم من أيام الله إلى صورة لا تمحى من ذاكرة الأم بكافة سبل التوثيق المكتوبة والمصورة والمسموعة.

3- كيف نعيد صياغة حجج التحريض على الجهاد لدى الأجيال الجديدة، وإسقاط كل الحجج الفارغة من عند وجود القوة أو وقوف القوى العظمى مع الكيان الغاصب لنعيد ترتيب العقل المسلم من جديد ليعمل في ظل ما لديه لا ما يطمح إليه ويعجز عنه.

4-أن نتذكر  جيداً…ولا ننسى أبداً مهما حدث: أنه عندما ظهر الفساد في البر والبحر… بعث الله محمداً-صلى الله عليه وسلم- فقضى عليه، وأنه عندما طغى الصهاينة ورتعوا في بلاطات الحكام وطبعوا معهم وأوشكوا على التطبيع مع بلاد الحرمين جاءهم طوفان الأقصى، فحطم الأحلام والآمال إلى حين. فطوفان الأقصى بشارة وبرهان وفاتحة خير  لبداية الجولة الثانية التي وعد الله بها عباده المؤمنين الصادقين أولي البأس الشديد الذين يجوسوا خلال الديار.

5-الدعاء والصلاة والصدقة والتعريف بما يدور في ارض المحشر ومع المرابطين وجهادهم العظيم لعدو الله ورسوله وعدوهم وعدونا هو واجب الوقت هذا جهادنا فلا نضيعه .

6-لنتوضأ وضوئنا الأخير  للصلاة هذه الأيام وما يتبقى من أيام حتى الفتح الكبير،كأننا إلى الله راجعون الآن وفي كل لحظة آتية، ولنجهز سلاحنا الذي لا يخيب ولا نملك غيره الآن، سلاح الدعاء، ولنصلي في البيوت والمساجد ونضرع إلى الله أن ينصر إخواننا في فلسطين، وأن ينصرنا على أنفسنا فنخرج من حب الدنيا وكراهية الموت الذي أورثنا الذل والمهانة إلى حب الجهاد ونصح الأمة فننال الحسنيين: الدنيا بالحياة الطيبة والآخرة بالفردوس الأعلى من الجنة.

7-رسالة القدس وفلسطين لنا واضحة، وهي تقول: عندما نتحرر من نقائصنا ونعود لعهدنا مع ربنا تعود لنا فلسطيننا..

8-إن القدرة على الجهاد ليست عملية سهلة، وأيضا ليست مستحيلة أو فاشلة. ولكنها عملية شاقة وصعبة في غرسها في النفوس حتى تتمكن منها، وهو الدور الذي يقع على عاتق العلماء والدعاة الصادقين، وكل مسلم يعي حجم التحدي الذي تواجهه الأمة في تنمية هذه العقيدة على الجهاد والحفاظ عليها طوال الوقت.

9- غزة العزة والكرامة والجهاد الحقيقي تذكرنا  بحقيقة حياتنا اللاهية ومعيشتنا الضنك  التي يجبأن نهجرها فورا، والمتمحورة حول الطعام اللذيذ والشراب المريء والفراش الوثير والتنافس الحقير حول الدرهم والدينار والدولار والذهب

10- كنت أعلم علم اليقين أن قصص بني اسرائيل في القرآن موجه لنا لنتلافى أخطائهم الكثيرة.. لكني أيقنت عين اليقين أن أخطر أمراضهم التي أهلكتهم تماما هي الهزيمة النفسية التي أراها لدى غالبية أبناء أمتنا اليوم.. يا سادة نحن لا نهزم عندما نخسر معركة لكن هزيمتنا الحقيقية عندما نتساءل عن جدوى معتقداتنا و جدوى الجهاد في سبيلها.. فما بالنا بأقوام يحلفون بكل المقدسات إنهم مهزومون قبل أن يدخلوا أي معركة مع أشباح باهتة لا قيمة لها… الهزيمة النفسية هي أخطر أمراض أبناء هذه الأمة.

خاتمة

تعجز كلمات البشر عن وصف ما حدث ويحدث اليوم في أرض المحشر والرباط والمرابطين؛ خاصة لو كانت كلمات أمة فرطت في ذروة سنام دينها: الجهاد وأخلدت إلى الأرض، ورضت بالدون وحياة القصعة، لحبها للدنيا وكراهيتها للموت، فصارت غثاء كغثاء السيل.

 وحدها كلمات السماء وأفعال عباد الرحمن الذين صدقوا تعبر عما حدث ويحدث في بيت المقدس. إن يوم السبت الماضي كان وسيظل يوما والله من أيام الله عظيم، شفا الصدور وشرحها وأدخل البهجة على قلوبنا الحزينة، وصدق الله حيث يقول في كتابه العزيز “وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ”. “ويشف صدور قوم مؤمنين”

لله دركم يا أهل فلسطين يا أحباب رسول الله، لله دركم يا أهل فلسطين في السماء تدعون المجاهدين حقا، وفي الارض أنتم الوحيدون الذين تمنحون الحياة المعنى، وتحيون الدين وبه تحيون، ومن يستشهد منكم هم وفد الرحمن عليه يفدون وفي جناته ينعمون، هذا والله العز كله، لمثل حياتكم فليحيا من يريد الحياة الحقيقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى