أخبار ومتابعات

جماعة الدعوة والإصلاح في إيران ” الاحتجاج السلمي حق قانوني مكفول للجميع وتجاهله يؤدي إلى الاحتقان والعنف”

جماعة الدعوة والإصلاح في إيران ” الاحتجاج السلمي حق قانوني مكفول للجميع وتجاهله يؤدي إلى الاحتقان والعنف”

اعتبرت “جماعة الدعوة والإصلاح في إيران” الاحتجاج السلمي على السياسات والمسارات المتبعة حق طبيعي وقانوني مكفول لجميع أبناء الوطن، وأن تجاهله أو تقييده يؤدي إلى مزيد من الاحتقان ويقلل من مساحة التفاعل المدني ويؤدي إلى زيادة التشدد والعنف.

وطالبت الجماعة في بيانا حول أحداث شهري سبتمبر وأكتوبر ٢٠٢٢ حصل المكتب الإعلامي على نسخة منه، ولاة الأمر بضرورة الاستفادة من الطاقات الوافرة والفاعلة والمتخصصة المعنية بإحداث التوازن في اتجاه تلبية احتياجات والاستجابة لهموم جيل الشباب وتأمين الحاجات المعيشية والرفاهية العامة والاهتمام بنصائح النخب والمثقفین للخروج من الأزمة.

نصّ البيان-:

مضى أكثر من أربعين يوماً على الوفاة المفجعة للشابة مهسا أميني بعيداً عن أهلها، عقب احتجازها من قبل شرطة الآداب في طهران، وما ترتب عليها من احتجاجات واسعة في كل أنحاء البلاد.

إن جماعة الدعوة والإصلاح، کمنظمة مدنية، تتبع منهجاً ثقافياً واجتماعياً، وهذا ما أكدت في مؤتمرها الخامس في نوفمبر/تشرين الثاني 2019. وهي تنأى بنفسها عن الخوض في الأحداث السياسية انسجاماً مع هويتها هذه.

في المقابل ونظرا إلى أهمية وتطور الأحداث الجارية التي أعقبت وفاة السيدة أميني، ترى لزاماً عليها التأكيد على ما یلي:

1ـ بناء على المادة الـ56 من الدستور، والتي تنص على أن السيادة هي للشعب وأن جميع أركان الحكم هم وكلاء للشعب، فإن الاحتجاج السلمي على السياسات والمسارات المتبعة حق طبيعي وقانوني مكفول لجميع أبناء الوطن، فضلاً عن أنه يشكّل فرصة لتقييم الأداء.

لا شك أن تجاهل الحق في الاحتجاج القانوني أو تقييده يؤدي إلى مزيد من الاحتقان ويقلل من مساحة التفاعل المدني بل ويمكن أن يؤسس لردود أفعال وخيارات متشددة وعنیفة أحياناً.

2ـ إن جماعة الدعوة والإصلاح انطلاقاً من توجهاتها الأساسية ترفض أي شكل من أشكال العنف، فكراً وممارسة، وهي على قناعة أن الحفاظ على أرواح المواطنين من البديهيات بل وأهم مسؤوليات الحكومات. وعليه، فإن الجماعة تدين استخدام العنف ضد المتظاهرین السلمیین في مختلف المناطق وخاصة في محافظة سيستان وبلوشستان والمحافظات الكردية غربي البلاد وكذلك الاعتداء الإرهابي على مرقد شاهجراغ في شيراز.

وفي السياق ذاته، فإن بيان مجلس أمن المحافظة في إقليم سيستان وبلوشستان وإقراره بالتقصير وتجاوزه الإسقاطات بشأن أحداث الجمعة الدامية في زاهدان (في 30 سبتمبر) وإقالة المتورطين فيها وإحالتهم للمحاكمة، يعدّ خطوة في الاتجاه الصحيح، نأمل أن تستمر في حالات مماثلة ليساهم في حلحلة الوضع القائم.

 إن وضع السياسات المطلوبة والفاعلة يستدعي فهم المسارات الاجتماعية الراهنة والاعتراف بها مع الأخذ بعين الاعتبار الفجوات الموجودة بين الأجيال. لذا فإن استمرار السياسات الخاطئة وعدم الاعتناء بالتطور والتحول المجتمعي السريع والشامل، المبني على متطلبات العصر الحديث والظروف الراهنة، سيؤدي إلى تكبيد المجتمع المزيد من الكلفة والأعباء. وهذا يتطلب من الجماعة أن تقوم برصد دقيق وصحيح لهذه التغيرات الاجتماعية الشاملة وإعادة النظر في برنامجها في إطار القراءة المقاصدية للنصوص والتعاليم والتربية الدينية بما يلائم الوضع الجديد.

 سبق وأن حذرت الجماعة خلال مراحل زمنية ومناسبات سابقة من غياب أسس وفرص الحوار المؤثر بشأن قضايا البلاد الملحة، وهي تعتقد اليوم أنه من غير اللائق ولا النافع متابعة المطالب المشروعة والبديهية بلغة غير الحوار المتحضر المنسجم مع التاريخ الثقافي والحضاري المشرق للشعب الإيراني. وإن من إجراءات حسن النوايا ومتطلبات هذا الحوار المؤثر، إطلاق سراح السجناء السياسيين والسماح للمعارضين والمغيبين بالتعبير عن توجهاتهم وآرائهم. وفي السياق، تعتبر الجماعة أن النافذة التي فتحتها أخيراً هيئة الإذاعة والتلفزيون للجمهورية الإسلامية في إحدى قنواتها، تستضيف فيها آراءً أخرى، تمثل خطوة إيجابية، ونأمل أن يقتدي بذلك بقية القنوات في هذا المنبر الرسمي، بغية الرقي بموقع هذه المؤسسة ومكانتها من خلال إحداث تغييرات أساسية في التوجهات والبرامج.

 اتخذت جماعة الدعوة والإصلاح توجهاً ناقداً ومنتقداً لبعض أبعاد مشروع الإسلام السياسي خلال العقدين الأخيرين على الرغم من تأثرها الفكري بالحركة الشاملة للصحوة الإسلامية. وقد تصدت بشكل واضح وصريح في رسالة “التوجهات والحلول عام 2006″، لآفات رؤية الحكم الإيديولوجي وذلك ضمن أبواب «الحرية» و «حقوق الإنسان» و«الشورى».

كما تطرق لذلك فضيلة الأمين العام للجماعة، بشكل مباشر وصريح في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة الشرق الأوسط، في ۲۰۰۹.

 إننا إذ نغتنم هذه الفرصة للتأكيد مرة أخرى على هوية الجماعة الثقافية والاجتماعية، نعلن أن السياسة لم ولن تكون أبداُ الأولوية لديها. كما أن النشاط السياسي الرامي للوصول إلى السلطة، حالاُ ومستقبلاُ، يتنافى مع الفلسفة الوجودية للجماعة، لكن ذلك لا يعني نفي الاهتمام بالتربية السياسية. فالرقي بالبصيرة السياسية والمشاركة في عملية التنمية السياسية في البلاد من أساسيات العمل المدني على الصعيد الثقافي والاجتماعي.

 إن جماعة الدعوة والإصلاح إذ تجدد تأكيدها على قبول الآخر والتعددية وتخطي النعرات العرقية والطائفية، تطمئن جمهورها ومحبيها بأن نشاطها الثقافي والاجتماعي يهدف إلى تحسين الأجواء العامة لتحقيق حياة أفضل للمواطنين، والارتقاء بالجانب الروحي والأخلاقي.

وهنا نعبر عن قناعتنا الراسخة بأن الله عزوجل لطالما منع نبي الرحمة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من أن يجبر الآخرين على الإيمان بوحدانيته، فالأولى أن الباري أيضاً لا يرضى أن يفرض من يحكم باسم الدين، نمط حياة خاص في عصرنا الحالي.

ختاماً، نطالب ولاة الأمر بضرورة الاستفادة من الطاقات الوافرة والفاعلة والمتخصصة المعنية بإحداث التوازن في اتجاه تلبية احتياجات والاستجابة لهموم جيل الشباب وتأمين الحاجات المعيشية والرفاهية العامة والاهتمام بنصائح النخب والمثقفین للخروج من الأزمة.

 جماعة الدعوة والإصلاح

إیران- 30/10/2022

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى