كتب وبحوث

تطبيق الاشتراكيَّة في دار الإسلام: أسبابه وتداعياته المؤسفة 7 من 10

تطبيق الاشتراكيَّة في دار الإسلام: أسبابه وتداعياته المؤسفة 7 من 10

 

بقلم د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

 

موقف أمريكا من ثورة يوليو: تأييد سرّيّ وخذلان علنيّ

يبدأ محمَّد جلال كشك كتابه ثورة يوليو الأمريكيَّة: علاقة عبد النَّاصر بالمخابرات الأمريكيَّة (1988م) باستعراض اعتراف اللواء أركان حرب محمَّد نجيب، رئيس مجلس قيادة ثورة يوليو 1952م، وأوَّل رئيس لمصر في النظام الجمهوري (سبتمبر 1953-أبريل 1954م)، في مذكِّراته، كنتُ رئيسًا لمصر (1984م) بقوله “عرفتُ…كم كانت جريمة الثورة في حقِّ الإنسان المصري بشعة…وعرفتُ ساعتها أيَّ مستنقع ألقينا فيه الشعب المصري…فقد حريته…فقد كرامته…فقد أرضه…وتضاعفتْ متاعبه…المجاري طفحتْ…المياه شحَّتْ…الأزمات اشتعلتْ…والإنسان ضاع” (ص376). يشير كشك في خطبة الكتاب، الذي يحمل العنوان الفرعي علاقة عبد النَّاصر بالمخابرات الأمريكيَّة، إلى أنَّه يسعى من خلاله إلى دحْض وتفنيد ما مارسه محمَّد حسنين هيكل، الصُّحافي والسِّياسي المقرَّب من الرَّئيس الرَّاحل جمال عبد النَّاصر، من “التَّزييف والتَّهويش” للحقائق التَّاريخيَّة في كتابه قصَّة السُّويس (1977م)، وإن اعترف فيه “بعلاقة انقلاب يوليو بالمخابرات الأمريكيَّة” (ص9). يعبِّر كشك عن سبب كتابته هذا المؤلَّف الضَّخم، وهو سعيه إلى دفْع الجيل الجديد من أبناء المسلمين، الذي يتعرَّض “لأكبر عمليَّة غسيل مخٍّ وتجهيل”، إلى التَّفكير وتمييز الحقيقة عن التَّزوير المتعمَّد. أمَّا عن سبب ردِّ كشك على هيكل، فهو موقفه المحيِّر من الكيان الصُّهيوني منذ أربعينات القرن الماضي، وقتما كان لم يزل صحافيًّا مبتدئًا، واتِّهامه خلال العهود الثَّلاثة السَّابقة على عهد تأليف هذا الكتاب بنفس التُّهمة، وهي “العمل على إضعاف الرُّوح المعنويَّة في مواجهة إسرائيل” (ص10).

هل من أوجه للمقارنة بين محمَّد علي وعبد النَّاصر؟

لا يرى كشك مدعاة للمقارنة بين محمَّد علي (1805-1848م) وعبد النَّاصر (1956-1970م)، بل ويعتبرها مقارنة “بين الأصل والمسخ”، مشيرًا إلى أنَّ محمَّد علي تسلَّم مصر وهي مجرَّد ولاية عثمانيَّة، وتركها بعد أن ضمَّ إليها السُّودان ووصل سُلطانه إلى منابع النِّيل وبعض أجزاء من جزيرة العرب، بينما مات عبد النَّاصر بعد أن فصَل السُّودان عن مصر، وسيناء محتلَّة وغزَّة خارج السِّيادة المصريَّة بالكامل (ص13). ترك محمَّد علي مصر وهي أقوى دولة في المنطقة، لدرجة أنَّ هدَّد الدَّولة العثمانيَّة ووصل إلى حدودها، وكان أسطولها الأقوى على الإطلاق في آسيا وإفريقيا، ولم يُهزم في معركة. أمَّا عبد النَّاصر، فقد مات وترك مصر “ووزنها صفر من النَّاحية العسكريَّة”، كما “لم ينتصر في حرب قط” (ص13). يتطرَّق كشك إلى هذه المقارنة تمهيدًا لإلقائه الضَّوء على ملابسات إسقاط دولة محمَّد علي، وهي في مرحلة أفولها وضعفها، على يد قادة الجيش المصري، الذي أسَّسه هو ونجله ووريثه، إبراهيم باشا، ليس دفاعًا عن محمَّد علي وسلالته، إنَّما إحقاقًا للحقِّ بسرد التَّاريخ بعيدًا عن التَّحريف والطَّمس. كان كشك معتقلًا في فترة خلْع الملك فاروق، بعد ما يصرُّ على تسميته “انقلاب يوليو”، وقد فرح بحركة الضُّبَّاط الأحرار، كما فعل “المثقَّفون المغفَّلون”، لكنَّه عارضه “عندما بدأ يكشف عن وجهه” وأُدخل المعتقل من جديد من يونيو 1954 حتَّى يونيو 1956م، والعجيب أنَّ عبد النَّاصر لم يقدم على اعتقاله من جديد، ربَّما ثقةً في كتاباته (ص19).

هدف الكتاب

اعتمد كشك في تناوله للحقبة النَّاصريَّة على شهادات رجالات ثورة يوليو، وعلى وثائق السَّفارة الأمريكيَّة المفرج عنها في موعدها الرَّسمي، بعد مرور 30 عامًا على الفترة، ممَّا يعني اطِّلاعه على وثائق تؤرِّخ علاقة عبد النَّاصر بأمريكا خلال الفترة ما بين عاميّ 1952 و1960م، وتلك كانت كافية لخدمة أغراض البحث. لم يقصد المفكِّر الإسلامي تشويه سيرة زعيم العروبة، إنَّما فقط أراد تبيان الحقِّ، بل ورفع الظُّلم عنه في بعض ما نُسب إليه من اتِّهامات، من بينها “أنَّه عميل إسرائيل، وأنَّ أمَّه يهوديَّة“، كما يذكر كشك (ص21). وممَّا شجَّع كشك إعادة قراءة تاريخ عبد النَّاصر ما وصَفه من غرابة في بعض تصرُّفاته، ما جعَل مراجعة التَّاريخ السرِّي للنَّاصريَّة لزامًا. ويشهد كشك بأنَّ تنظيم الضُّبَّاط الأحرار كان “مصريًّا وطنيًّا خالصًا”، لم تعرف غالبيَّته العظمى عن “الصَّفقة التي عُقدت مع المخابرات الأمريكيَّة” (ص21). لا يشكِّك كشك في أهداف عبد النَّاصر من وراء الاتفاق مع أمريكا، معتبرًا أنَّها كانت بلا شكٍّ “وطنيَّة في جوهرها، شريفة في مقصدها”؛ غير أنَّ المشكلة تكمن في أنَّ عبد النَّاصر أخطأ التَّقدير، حينما اعتقد أنَّ بإمكانه استغلال أمريكا في خدمة تلك الأهداف، خاصَّة وأنَّه من غير الممكن أبدًا التَّعاون مع القوى الاستعماريَّة لتحقيق مصالح الشُّعوب، التي ليس لتلك القوى الاستعماريَّة هدف أكبر من إخضاعها ونهْب خيراتها (ص22). ما حدث هو أنَّ قرارات قيادات الثَّورة بدت وكأنَّها صادرة من إسرائيل ذاتها ولخدمة أهدافها، وليس لخدمة مصالح الشَّعب المصري، ولم يجد كشك تفسيرًا لتلك “التَّأثيرات الإسرائيليَّة على القرار المصري” غير أنَّها مُرِّرت “عبر المخابرات الأمريكيَّة” (ص23). يلخِّص كشك أهداف المخابرات الأمريكيَّة في مصر في ثلاثة أهداف، هي “منْع قيام ثورة راديكاليَّة حقيقيَّة في مصر؛ وحماية إسرائيل؛ وتصفية نفوذ الإمبراطوريَّتين، البريطانيَّة والفرنسيَّة في العالم العربي، وإحلال النُّفوذ الأمريكي، وليس الرُّوسي محلَّهما” (ص26).

تشابُه ثورة يوليو والثَّورة العربيَّة من حيث خدمة مصالح الاستعمار

أشعلت بريطانيا خلال سنوات الخرب العالميَّة الأولى (1914-1919م) الثَّورة العربيَّة الكبرى في جزيرة العرب والشَّام لإنهاء النُّفوذ التُّركي في الشَّرق الأوسط وتقويض دولة الخلافة، بينما ساندت أمريكا ثورة يوليو 1952م في سبيل إنهاء ما بقي من الأنظمة الحاكمة التَّابعة للدَّولة العثمانيَّة في السَّابق، والقائمة على الإقطاع، واستبدالها بنظام اشتراكي يعد بالعدالة والمساواة. تشترك الثَّورتان القائمتان على نشْر الفكر العروبي المناداة بالقوميَّة العربيَّة، في عدم المبالاة بالصُّهيونيَّة في البداية، بل في محاولة التَّقرُّب إليها، ثمَّ ينتهي الأمر بهزيمة عسكريَّة ساحقة، في حرب فلسطين عام 1948م، وفي حرب الأيَّام السِّتَّة عام 1967م. ويجد كشك الكثير من أوجه الشَّبه بين خطَّة بريطانيا للتَّخلُّص من الوجود التُّركي في المنطقة من خلال ثورة عربيَّة، وبين خطَّة أمريكا للتَّخلُّص من النُّفوذ البريطاني من خلال ثورة عربيَّة أخرى.

ثورة يوليو في عيون الأمريكان

يصرُّ كشك على اعتبار ثورة يوليو انقلابًا أجهض الثَّورة الشَّعبيَّة الحقيقيَّة في مواجهة الاستعمار الغربي، بل ويجد فيها ثورة مضادَّة استهدفت تقويض مساعي الإصلاح الحقيقيَّة لما يصبُّ في مصلحة الاستعمار. وليس أدلُّ على ذلك خيرٌ من تسمية أمريكا لتلك الثَّورة “مكنسة”، أزاحت نظامًا سياسيًّا لم يكن من اللازم استمراره حينها، مع دخول إسرائيل مرحلة جديدة من التَّطوُّر؛ ويؤيِّد كشك تلك التَّسمية من مبدأ أنَّ “أم الصَّبي أدرى باسمه”، في إشارة منه إلى الدُّور الأمريكي في الإطاحة بالنظام الملكي واستبداله بالعسكري، بعد تقييد حزب الوفد المصري، متزعِّم الكفاح الشَّعبي ضدَّ الاحتلال البريطاني. ينقل كشك عن السَّفير البريطاني في مصر قوله قبيل ثورة يوليو، وتحديدًا في يناير 1952م، “مهما تكن سياسة الحكومة الجديدة، فالمهمُّ أنَّنا تخلَّصنا من الوفد”، ويحملنا ذلك إلى الحديث عن هجوم الوفد على القصر الملكي لتغاضيه عن قضيَّة الاحتلال البريطاني، وتعيين موالين للاحتلال في مناصب قياديَّة. وقد عُرف عن حزب الوفد تأييده للرَّأسماليَّة الوطنيَّة، ودعمه للتَّنمية الاقتصاديَّة المصريَّة، وقد نجح من قبل في إلغاء الامتيازات الأجنبيَّة من خلال معاهدة 1936م، إلى جانب تقليص النُّفوذ البريطاني، خاصَّة مع تنامي رأس المال الوطني في أعقاب الحرب العالميَّة الثَّانية (1939-1945م)، وضرورة إنهاء القبضة الأجنبيَّة المقيِّدة للطَّفرة الاقتصاديَّة المرجوَّة.

غير أنَّ “انقلاب يوليو” جاء لتقويض مساعي التَّنمية، من خلال “سحْق الرَّسماليَّة الوطنيَّة في مصر والوطن العربي كلِّه، وتسليم مصر والوطن العربي مرَّة أخرى للإنتاج الأجنبي، سوقًا مفتوحة بلا مقاومة أو قوَّة قادرة وصاحبة مصلحة في المقاومة” (ص86). وينسب كشك ما حدث إلى “التَّيار العسكري المتآمر” الكامن في الجيش لتنفيذ ‘مؤامرة’ 23 يوليو” مع أمريكا (ص87). تعاوَن اليهود بدورهم مع أمريكا، مستغلِّين انتصارها في الحرب العالميَّة الثَّانية في تأييدها قضيَّتهم، ورغبتها في السَّيطرة على شرق البحر المتوسِّط، وهذا ما يوفِّره موقع فلسطين، وكان لا بدَّ من أن تنهي أمريكا وجود بريطانيا، المحتلَّة لفلسطين بموجب الانتداب المعلن عام 1920م، بعد تقسيم الشَّام بينها وبين فرنسا تنفيذًا لاتفاقيَّة سايكس-بيكو السرِّيَّة. توافقت أهداف الضُّبَّاط الأحرار في التَّخلُّص من الحُكم الملكي الموالي للإنجليز، أو على الأقل المتخاذل في الدِّفاع عن قضيَّة جلاء المحتل، مع أهداف أمريكا في أن تحل محلَّ الوجود البريطاني في المنطقة؛ لكنَّ الأهداف تصادمت لاحقًا، بعد أن صار من مهام رجال الثَّورة التَّصدِّي للتُّوسُّع الصُّهيوني في المنطقة، على حساب الأراضي العربيَّة، ولخدمة المصالح الأمريكيَّة.

أمريكا تبدأ التَّواصل مع قادة ثورة يوليو

يشير كشك في بداية تعرُّضه لنشأة الاتصال بين الضُّبَّاط الأحرار والمخابرات الأمريكيّة، إلى أنَّ اعتراف خالد محيي الدِّين، أحد الأحرار وعضو مجلس قيادة الثَّورة ورئيس حزب التَّجمُع، أكبر حزب ناصري، كما نقل عنه جمال الشَّرقاوي في كتابه حريق القاهرة (1976)، بأن أمريكا بدأت التَّواصل مع الضُّبَّاط الأحرار في مارس من عام 1952م، لتسري نغمة جديدة بين الضُّبَّاط عن ضرورة التَّصدي للحُكم الدِّيكتاتوري والتفاهم مع أمريكا. وينقل كشك شهادة الصُّحافي محسن محمَّد، رئيس مجلس إدارة جريدة الجمهوريَّة ورئيس تحريرها الأسبق، عن الصُّحافي والعسكري الأمريكي كيرميت روزفلت، الذي يصفه بـ “الرَّجل الذي ادَّعى كثيرون أنَّه شريك في الثَّورة”، أنَّه طُلب إليه زيارة مصر واللقاء بـ “الرَّجل الذي سيزيح الملك فاروق عن عرشه ويجلس مكانه”؛ فاعتذر روزفلت الذي لم يسمح له منصبه بأن يتحاور مع رجل “يتآمر ضدَّ رئيس دولة صديقة، حتَّى ولو كان ذلك الرَّئيس يستحقُّ التَّوبيخ“؛ ولذلك آثر الصُّحافي الأمريكي تأجيل اللقاء إلى ما بعد الثَّورة (ص129). ويتأسَّف كشك على التَّواطؤ المعترَف به بين ضبَّاط يوليو 1952م والإدارة الأمريكيَّة، الذي انكشف بعد سنوات خُدع فيها الشَّعب، معتقدًا أنَّ نال كرامته بإزالة الحُكم الملكي الموالي وإجلاء الاستعمار البريطاني، بينما تمَّ ذلك بمباركة الاستعمار الأمريكي لمصلحته الفرديَّة (ص133):

هؤلاء الَّذين نفَّذوا ‘‘ثورة’’ يوليو، هم هؤلاء مَن تولَّوا خلال ثلاثين سنة تعليم الوطنيَّة وتحديد مفاهيمها وعزْل مخالفيهم؛ فنشأ جيل لا يرى غضاضة في تعلُّم الدّين من أحبار إسرائيل والوطنيَّة في كامب ديفيد…أمَّا العمالة لأمريكا، فتلك حُلم يتشوَّقون إليه تشوُّق المسلم للوصول إلى سدرة المنتهى!

ينقل كشك عن محسن محمَّد في كتابه فاروق ملك مصر، ما رواه عن تصريح المؤلِّف الأمريكي باري سان كلير، بأنَّ أمريكا استغلَّت عداء الشَّعب المصري لبريطانيا ووظَّفته لصالحها، مضيفًا ما يشير إلى مقابلة جمال عبد النَّاصر أحد مسؤولي السَّفارة الأمريكيَّة بالقاهرة في إحدى دور العرض السِّينمائي في ديسمبر 1951م. ويضيف كشك شهادة حسين حمُّودة، وهو أحد الضُّبَّاط الأحرار، عن التعاون الأمريكي مع الضُّبَّاط قبيل اندلاع الثَّورة، كما وردت في كتاب حمُّودة صفحات من تاريخ مصر، ومفادها أنَّ أمريكا تواصلت مع قيادات في الجيش المصري من خلال الملحق العسكري الأمريكي بالسَّفارة الأمريكيَّة بالقاهرة، مضيفًا أنَّه حضر شخصيًّا اجتماعات في منزل الملحق العسكري الأمريكي بالقاهرة، بحضور عبد النَّاصر. كان الحديث في تلك الاجتماعات يدور حول “التَّسليح والتَّدريب والموقف الدَّولي والخطر الشُّيوعي…وأنَّ الولايات المتَّحدة ستساند أيَّ نهضة تقوم في مصر” لدرء الخطر الشُّيوعي الذي كان يهدِّد مصر إذا ما بقيت الأوضاع على ذلك النَّحو؛ وكانت تلك الاجتماعات في الفترة ما بين عاميّ 1950 و1952م، نقلًا عن كشك (ص134). يستنتج المفكِّر الإسلامي أنَّ أمريكا أرادت تأسيس نظام حُكم يواليها في مصر ليحقِّق مصالحها، “دون استخدام القوَّة ضدَّ بريطانيا العظمى” (ص137). ويكرِّر كشك فكرته بعبارة أخرى، بتأكيده على أنَّ هدف ثورة يوليو 1952م لم يكن سوى التخلُّص من قيادات غير ملائمة للأوضاع الجديدة في المنطقة بعد تأسيس إسرائيل الصُّغرى، بعد أن أدَّت بريطانيا مهمَّتها في ذلك، ووقع على عاتق الأمريكان تدعيم التَّوسُّع الاستيطاني في الشَّرق الأوسط. تطلَّب ذلك قيادات جديدة “لا تتعفَّف عن التَّعامل مع الأمريكان، ولا تتردَّد في ضرْب وسحْق القوى الوطنيَّة المعارِضة”، ولكن مع مغازلة مشاعر الجماهير وإقناعهم بالدِّفاع عن قضاياهم المحليَّة والإقليميَّة، ومساندة الوحدة العربيَّة في مواجهة الاستعمار الغربي، باعتباره العدو الألد والعقبة الكبرى في طريق النَّهضة (ص196-197). أدركت أمريكا أنَّ نظامًا مثل هذا أطول عمرًا وأكثر صمودًا في مواجهة السَّخط الشَّعبي، بعد أن أثبتت تجاربها في بلدان أخرى أنَّ النظام البوليسي قصير العمر (ص197):

أمَّا الصّيغة الأكثر قدرة على الاستمرار والَّتي أتقن الأمريكيون صناعتها بعد تجربة سوريا فهي الصّيغة الثَّوريَّة، الانقلاب المدعوم، الَّذي يركب موجة ثوريَّة موجودة فعلًا لتصفية الثَّورة الحقيقيَّة، يتبنَّى شعارات الجماهير ليستأصل المنادين المخلصين بها…ويسبُّ أمريكا كلَّما سنحت مناسبة، بينما يصفّي كلَّ الاتّجاهات والتَّشكيلات والمؤسَّسات الَّتي تشكّل خطرًا حقيقيًّا على المصالح الأمريكيَّة والاستراتيجيَّة الأمريكيَّة.

المصدر: رسالة بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى