تقارير وإضاءات

المجلس الأوروبي لللإفتاء والبحوث ودعوة للنقد والمراجعة

إعداد حامد العطار

بعد عشرين عامًا من العطاء الفقهي، قرر المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث إجراء نظرة تقييمية لمسيرته العلمية خلال هذه السنوات العشرين.
فقد ارتأت الأمانة العامة للمجلس أن يكون موضوع الدورة القادمة السابعة والعشرين: ( المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث: عشرون عاما من العطاء…تقويم للماضي، ورؤية للمستقبل) وسوف تنعقد هذه الدورة السابعة والعشرون فى الفترة من 7-11 نوفمبر 2017 الموافق 18 – 22 صفر 1439هـ.

وكانت بداية المجلس في 2017، مع عقد اللقاء التأسيسي في مدينة لندن في بريطانيا في الفترة : 21-22 من ذي القعدة 1417 هـ الموافق 29-30 من شهر آذار ( مارس ) 1997 م بحضور ما يزيد عن خمسة عشر عالماً . وكان ذلك تلبية لدعوة من قبل ( اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا ) .

وذكر المجلس في بداية تأسيسه مجموعة من الأهادف يتوخى تحقيقها، منها :
1-إيجاد التقارب بين علماء الساحة الاوروبية، والعمل على توحيد الآراء الفقهية فيما بينهم ، حول القضايا الفقهية المهمة .
2-إصدار فتاوى جماعية تسد حاجة المسلمين في أوروبا وتحلُّ مشكلاتهم، وتنظم تفاعلهم مع المجتمعات الأوروبية في ضوء أحكام الشريعة ومقاصدها .
3-إصدار البحوث والدراسات الشرعية، التي تعالج الأمور المستجدة على الساحة الأوروبية بما يحقق مقاصد الشرع ومصالح الخلق .
4-ترشيد المسلمين في أوروبا عامةً وشباب الصحوة خاصةً، وذلك عن طريق نشر المفاهيم الإسلامية الأصلية والفتاوى الشرعية القويمة .
27 دورة

ومنذ تأسيس المجلس إلى الآن عقد المجلس سبعا وعشرين دورة ، وذلك فى عدة مدن أوروبية منها سرييفوا (البوسنة و الهرسك)، وباريس ( فرنسا )، وكولون (ألمانيا )، بلنسية ( أسبانيا )، واستوكهولم ( السويد )، ولندن (برطانيا)، واسطنبول ( تركيا ) إضافة إلى مقر المجلس دبلن ( أيرلندا ) .

وتم في هذه الدورات مناقشة عدة قضايا وموضوعات مما يهم المسلمين في أوروبا، والإجابة عن عدد من الأسئلة الواردة .كما عقد المجلس عدة ندوات تخصيصية للاستعانة بها على أداء رسالته.

 مرجعية علمية

مثل المجلس في هذه الفترة أهم مرجعية إفتائية بحثية جماعية على الساحة الأوربية، وخلال مسيرة المجلس العلمية أنتج إنتاجا علميا كان له أثر في ترشيد مسلمي أوربا ومساعدتهم على أن يعيشوا إسلامهم في ظل مجتمعات غير إسلامية باعتدال ووسطية، تنأى بهم عن الإفراط والتفريط وتحفظ عليهم دينهم.

كما أصبح المجلس مرجعا للمؤسسات الأوروبية العلمية والمدنية، وكان نتاجه العلمي محل اهتمام الباحثين والدارسين فى الجامعات والمعاهد العلمية الشرعية في أوروبا وخارجها.

وقد أحدث باجتهاداته الجديدة الصادرة عنه حراكا فقهيا تجديديا تفاعلت معه المجامع ومؤسسات الإفتاء الفقهية الأخرى

إصدارات المجلس

 أصدر المجلس المجموعة الأولى والثانية من الفتاوى، وقد ترجمتا إلى الإنجليزية والفرنسية والبوسنية والأوردوا والألبانية .
كما أصدر كتاب القرارات والفتاوى من الدورة الأولى حتى العشرين. كما أصدر كتاب المجلس الذى يحوى كل كتاب موضوعا من الموضوعات التى تهم المسلمين فى الغرب، وأبرز هذه الكتب : الدين والسياسة تأصيل ورد وشبهات – تقسيم المعمورة – المشاركة السياسية للمسلمين في الغرب – فقه المواطنة – تعيين أوائل الشهور القمرية بين الرؤية والحساب – نظرية القضاء الشرعي خارج ديار الإسلام تأصيلا وتنزيلا.

أبرز القرارات

وكانت أبرز القرارات التي أحدث حراكًا فقهيا واسعًا، قرار المجلس بشأن إسلام المرأة دون زوجها، حيث رأى المجلس أنه إذا أسلمت الزوجة وبقي الزوج على دينه أنه إن كان إسلامها قبل الدخول بها فتجب الفرقة حالاً.

وأما إن كان إسلامها بعد الدخول، فلها أن تنتظر إسلامه ولو طالت المدة، فإن أسلم فهما على نكاحهما الأول دون حاجة إلى تجديد له.
وأضاف : أنه لا يجوز للزوجة عند المذاهب الأربعة بعد انقضاء عدتها البقاء عند زوجها، أو تمكينه من نفسها. ويرى بعض العلماء أنه يجوز لها أن تمكث مع زوجها بكامل الحقوق والواجبات الزوجية؛ إذا كان لا يضيرها في دينها وتطمع في إسلامه، وذلك لعدم تنفير النساء من الدخول في الإسلام، إذا علمن أنهن سيفارقن أزواجهن، ويتركن أسرهن.

ومن القرارات التي أصدرها المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث،شراء البيوت بقروض ربوية التي خلّفت جدلا واسعا، قراره المرقوم ب (4/2) من أنه لا يرى بأسًا من اللجوء إلى القرض الربوي لشراء بيت يحتاج إليه المسلم في أوروبا لسكناه هو وأسرته، بشرط ألا يكون لديه بيت آخر يغنيه، وأن يكون هو مسكنه الأساسي، وألا يكون عنده من فائض المال ما يمكّنه من شرائه بغير هذه الوسيلة، ولآ يجد تمويلًا إسلاميا يغنيه عن القرض الربوي.

مراجعات

من القرارات التي تراجع عنها المجلس، قراره بخصوص دخول الشهور القمرية خاصة شهري رمضان وشوال, والذي كان قد أجاز فيه الاعتماد على الحسابات الفلكية في تحديد بدايات الشهور الهجرية حيث تم العدول عن هذا القرار المرقوم ب ( 27 (9/6) ليؤكد المجلس في قراره اللاحق المرقوم ب ( 77 (4/17) على أن ثبوت دخول الشهر الجديد شرعياً ، يحصل إذا توافر ما يلي:

أولاً: أن يكون الاقتران قد حدث فعلاً قبل غروب الشمس.

ثانياً: أن يكون هناك إمكانية لرؤية الهلال بالعين المجردة أو بالاستعانة بآلات الرصد في أي موقع على سطح الأرض، ولا عبرة لاختلاف المطالع لعموم الخطاب بالأمر بالصوم والإفطار.

ثالثاً: لقبول إمكانية رؤية الهلال لا بد أن تتحقق الشروط الفلكية التالية: أ – أن يغرب الهلال بعد غروب الشمس في موقع إمكانية الرؤية. ب – ألا تقلّ زاوية ارتفاع القمر عن الأفق عند غروب الشمس عن ( 5ْ) خمس درجات. ج – ألاّ يقلّ البعد الزاوي بين الشمس والقمر عن ( 8ْ ) ثماني درجات.
وتأتي هذه الدعوة لعقد هذه الوقفة التقيييمة للمجلس انعكاسا لإيمانه بأن إسهاماته الفقهية ليست معصومة من الخطأ، كما أنها ليست محصنة من النقد والمراجعة.

(المصدر: إسلام أونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى