علماء من عصرنا

العلامة أحمد بن حجر آل بوطامي | د. يوسف القرضاوي

العلامة أحمد بن حجر آل بوطامي | د. يوسف القرضاوي

العلامة أحمد بن حجر آل بوطامي القاضي الفقيه الداعية المعلم (حوالي 1335 – 1423هـ = 1915 – 2002م) الشيخ أحمد بن حجر أحد العلماء العاملين، والدعاة الصادقين في دعوتهم إلى الله، عاش عمره للعلم وللدعوة، وللقضاء وللتعليم وللإفتاء، وكان سلفي العقيدة، عالمًا بالشريعة، قاضيًا بالحق، هكذا عرفه كل من عاشره واتصل به. وهو أحد المؤسسين للقضاء الشرعي في قطر بعد العلامة الشيخ عبد الله بن زيد المحمود (رئيس المحاكم الشرعية وقاضي قطر الأول). عرَفتُ العالم العامل، والقاضيَ الفاضل، الشيخَ أحمد بن حجر حفظه الله ورعاه، منذ قدم إلى قطر، منذ نحو سبع وثلاثين سنة، وعرَفه كذلك الخاصَّة والعامَّة، من علماء المسلمين المشهود لهم بالعلم والعمل، والغيرة على الإسلام، والدفاع عن عقيدته وشريعته، وعن قرآنه وسنَّة نبيَّه عليه الصلاة والسلام. كما عرَفتُ من مزاياه: أنه رجل طُلَعة، يحبُّ القراءة، ويحرص على الاطِّلاع، ولا يدَّعي أنه عرَف كلَّ شيء، بل يطبِّق ما قاله السلف: اطلب العلم من المهد إلى اللحد. ولا يزال المرء عالمًا ما طلب العلم، فإذا ظنَّ أنه علم فقد جهل. ولا يسمع بكتاب علميٍّ له قيمة ظهر في السوق إلا سارع إلى اقتنائه، ولذا تجد مكتبته عامرةً بالكتب، حافلةً بالمراجع القيِّمة، في كلِّ جوانب المعرفة الإسلامية. وقد عاش العلَّامةُ الشيخُ ابن حجر طوال عمره في خدمة الإسلام، قاضيًا يحكم بالشرع، وخطيبا يصْدَعُ بالحقِّ، ومصنِّفا يطارد الباطل، فقد جنّد قلمه كما جنَّد لسانه لبيان المعارف الشرعية الصحيحة، والردِّ على أباطيل خصوم العقيدةِ والشريعة، يفنِّد الشبهات، ويدحض المفتريات، ويتعقَّب المنحرفين، يكشف سِترهم ويفضح زيفهم. هكذا رأيناه يردُّ على مَنْ تطاول على عقيدة السلف. يردُّ على القاديانية ونِحلتها الضالَّة. ويردُّ على مَن زعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ويكتب في أواخر حياته. ويردُّ على مَن دعا إلى التمذهب والتعصب والتقليد. ويردُّ على مَن لعن الصحابة والتابعين. وبلغت مؤلفاته الثمانية وعشرين مؤلفًا، بعضها في تصحيح العقيدة، وبعضها في فقه الشريعة، وبعضها في الدعوة، منها: الدُّرر السنية في عقد أهل السنة المرضية (منظومة). جوهرة الفرائض (منظومة)، اللآلئ السَّنِيَّة في التوحيد والنهضة والأخلاق المَرْضِية (منظومة)، شرح العقائد السلفية بأدلتها العقلية والنقلية، تطهير الجنان والأركان عن درن الشرك والكفران، الإسلام والرسول في نظر منصفي الشرق والغرب، الرد الشافي الوافر على من نفى أُمِيَّة سيد الأوائل والأواخر… وغيرها. وقد قدمت له كتاب القول (المجتبى في تحريم الربا). شاء الله للشيخ ابن حجر أن يقضي السنوات الأخيرة من عمره على فراش المرض، وافته المنية صباح الثلاثاء الخامس من جمادى الأولى سنة 1423 هـ الموافق 14/6/2002 م عن عمر ناهز ثمانية وثمانين عامًا، والألسنة تثني عليه، وتدعو له، وتترحم عليه، والكل يقول: رحمه الله رحمة واسعة، وتقبله في الصادقين الصالحين، والعلماء العاملين، والدعاة الربانيين، وجزاه الله عن العلم، وعن الإسلام، وعن قطر، خير ما يجزي به المؤمنين الصادقين.

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى