كتاباتكتابات مختارة

العقد القادم… صعود الإسلام وسقوط الاستعمار!

العقد القادم… صعود الإسلام وسقوط الاستعمار!

بقلم أ. سيف الهاجري

العقد القادم…

صعود الإسلام وسقوط الاستعمار!

(نظام الاستعمار الغربي للشرق الأوسط وصل إلى نهايته)

يوشكا فيشر وزير خارجية ألمانيا الأسبق

بعد مرور عقد على قيام ثورة الربيع العربي وتحطيمها لقواعد النظام الدولي الاستعماري والنظام العربي المستبد الذي يحكم العالم العربي منذ سقوط الخلافة العثمانية اﻹسلامية، دخل العقد الميلادي الجديد موافقا لشهر جمادى الأولى الذي وقعت فيه أول معركة بين المسلمين والروم في مؤتة والتي بها فتح النبي صلى الله عليه وسلم الطريق للفتوحات الإسلامية التي أسقطت الإمبراطورية الفارسية وأسقطت الدولة الرومانية الشرقية بفتح السلطان محمد الفاتح عاصمتها القسطنطينية في جمادى الأولى من عام 857 للهجرة ليتحقق بهذا الفتح العظيم ما بشر به النبي عليه الصلاة والسلام (لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ ، فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا ، وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ).

لقد دخل العقد الجديد والعالم يمر بتحولات كبرى أطلق عنانها ثورة الشعوب العربية وتحرر الشعب التركي كون العالم العربي وتركيا أي (الشرق الأوسط) هو الركيزة الجيوسياسية والاقتصادية التي بنى عليها الغرب الاستعماري نظامه الدولي بعد الحرب العالمية الأولى ضمن ترتيبات اتفاقيات الصلح بين القوى الاستعمارية في فرساي عام 1918م على أنقاض الخلافة العثمانية وإمبراطورية الهابسبورج النمساوية والقيصرية الألمانية والقيصرية الروسية، وبعد الحرب العالمية الثانية أقامت القوى الاستعمارية المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة والمؤسسات الاقتصادية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتطلق بعد ذلك موجة الاستقلال الصورية لمعظم دول العالم الثالث لتبدل القوى الاستعمارية ثوب الاستعمار المباشر إلى هيمنة غير مباشرة من خلال هذه المؤسسات التابعة للنظام الدولي تحت رعاية الدول الخمس الكبرى صاحبة حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

لكن العالم العربي والإسلامي لم يهدأ منذ سقوط الخلافة واستمر لقرن وهو يقاوم ويجاهد هذا النظام الدولي وأدواته الوظيفية منذ حرب الاستقلال التركية وثورات العراق وسوريا ومصر وليبيا والمغرب والجزائر واليمن إلى أيامنا هذه التي نعيش فيها أحداث الربيع العربي والتحرر التركي وكأن التاريخ يعيد نفسه لكن بشكل جديد وغير مسبوق في ظل سقوط النظام الدولي وانهيار مؤسساته وأدواته الوظيفية.

فالنظام الدولي يتهاوى ولن يكون قائما بشكله الحالي في العقد القادم ولهذا تسعى القوى الدولية لإعادة ترتيب أوراقها وسياساتها لتتهيأ للتحولات الكبرى والجذرية في العقد القادم.

فأمريكا أطلق الرئيس ترامب شعاره (أمريكا أولا) وأعاد صياغة السياسة الخارجية والسياسات الاقتصادية وانسحب من اتفاقيات دولية وأعاد صياغة الاستراتيجية العسكرية وأعلن الانسحاب من عدة مناطق في العالم لتحقيق أهداف هذا الشعار.

والصين أطلقت مشروعها (الحزام والطريق) بشقه الاقتصادي لتفتح الطريق لنفوذها وهيمنتها السياسية في الساحة الدولية.

وأوربا بدأت بإعادة صياغة استراتيجياتها وسياساتها سواء من كان خارج الاتحاد الأوربي كبريطانيا، او من خلال الاتحاد نفسه كألمانيا وفرنسا ودعوتهما إلى تطوير مؤسسات الاتحاد لمواجهة التغيرات السياسية التي يواجهها كصعود اليمين المتطرف، وإلى تشكيل جيش أوربي موحد لمواجهة الأخطار الخارجية التي تهدد أوربا خاصة بعد ضعف الالتزام في حلف النيتو الذي وصفه الرئيس الفرنسي ماكرون بالميت سريريا.

وروسيا فهي تسعى من خلال تدخلها المباشر في أوكرانيا وسوريا وليبيا فرضها نفسها على الساحة الدولية لتكون حاضرة وللخروج من أزماتها الداخلية سياسيا واقتصاديا.

ومع محاولات القوى الدولية وضع استراتيجياتها للعقد القادم إلا أن أشد ما تخشاه هو تحرر العالم العربي والتقدم التركي في منطقة الشرق الوسط.

فالقوى الدولية أصبحت شبه عاجزة أمام سير الأمة نحو التحرر من هيمنتها ونفوذها بعد أن فعلت ثورة الربيع العربي فعلها في النظام الدولي في موجتها الأولى وانطلاق موجته الثانية في السودان والجزائر والعراق ولبنان والتي لا زالت في بداياتها، وفي الوقت نفسه أصبحت تركيا أكثر جرأة ومبادرة في الدخول على خط الثورة ودعمها كما في سوريا وليبيا.

وهكذا كما رأينا في العقد الماضي الحرب الإجرامية التي شنتها القوى الدولية على شعوب الأمة من الإيغور وأفغانستان وكشمير شرقا إلى تركيا والعالم العربي غربا، سنرى في العقد القادم ملاحم جديدة ستخوضها الأمة وشعوبها لمواجهة هذا التداعي الأممي الذي يسعى لمنع الأمة من التحرر والنهوض في هذا العقد قبل أن تقيم القوى الدولية نظامها الدولي لتبقي الأمة وشعوبها في ربقة العبودية والاستعمار.

واليوم وفي ظل تراجع القوى الدولية وعجزها في الوفاء بالتزاماتها اتجاه النظام الدولي وصراعاتها السياسية الداخلية وانشغالها بنفسها فأمام الأمة وشعوبها فرصة تاريخية هيأها الله لها لتعيد للإسلام مجده وسيادته على العالم.

إن العقد القادم يتطلب من قوى الثورة العربية والدول الإسلامية الحرة كتركيا وماليزيا أن تعيد ترتيب أوراقها للعمل على وحدة الصف والتنسيق فيما بينهم كما في قمة ماليزيا وكما في الاتفاق التركي الليبي، لتصبح سياسات على أرض الواقع.

كما أن العقد القادم يتطلب كذلك من قوى الثورة العربية والدول الإسلامية الحرة أن تحذر وتتخلص من الأدوات الوظيفية التي رعتها القوى الاستعمارية ضمن المنظومة السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية من دول وجماعات وأحزاب، فمعرفة العدو الداخلي خاصة الذي ركب موجة الثورة والتحرر أهم وأخطر من العدو الحقيقي نفسه، وهذا ما رأيناه في الثورة المضادة على ثورة الربيع العربي وفي الانقلاب العسكري في تركيا.

فالعقد القادم والذي سنرى فيه صعود الإسلام بصعود الأمة بحاجة لجهود كبرى على كل المستويات وخاصة المستوى الشرعي ومعرفة الأحكام السياسية للخطاب السياسي الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم وتطبيقاته في العهد النبوي والعهد الراشدي والذي هو النموذج السياسي الواجب شرعا على الأمة تطبيقه والأخذ به سواء على المستوى القطري أو على مستوى الأمة في حال توحدها بعيدا عن النماذج السياسية الغربية كالديموقراطية والاشتراكية والقومية والوطنية والتي روجها رجال الغرب وأدواته الوظيفية ليكون بديلا عن النظام السياسي النبوي والراشدي في الإسلام.

فالنظام الدولي الذي سيتشكل في العقد القادم على أنقاض النظام الدولي الحالي لن يقوم إلا وللأمة الإسلامية دور أساسي فيه، فالإسلام سيظهر وسيصعد بإذن الله وهو ما نرتقبه ونعيش من أجله.

﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾

(المصدر: موقع أ. سيف الهاجري)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى