كتب وبحوث

التكوير على التحرير والتنوير (21) | الشيخ محمد خير رمضان يوسف

التكوير على التحرير والتنوير (21)

الشيخ محمد خير رمضان يوسف

 

(خاص بمنتدى العلماء)

 

الجزء الحادي والعشرون

(تابع لسورة العنكبوت)

53- {وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.

وهم غافلونَ عنه. (الواضح).

58- {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}.

{وَالَّذِينَ آَمَنُوا}: يعني صدَّقوا الله ورسولَهُ فيما جاءَ به من عند الله، {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: يقول: وعملوا بما أمرهم الله فأطاعوهُ فـيه، وانتهوا عما نهاهم عنه. (الطبري).

{تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}: تجري مِن تحتِها الأنهارُ على اختلافِ أصنافها، مِن ماءٍ وخمر، وعسلٍ ولبن، يَصرفونَها ويُجرونَها حيثُ شاؤوا، {خَالِدِينَ فِيهَا} أي: ماكثين فيها أبدًا، لا يبغونَ عنها حِوَلًا، {نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}: نعمتْ هذه الغرفُ أجرًا على أعمالِ المؤمنين. (ابن كثير).

59- {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون}.

ذكرَ أن معنى التوكلِ تقدَّمَ في سورةِ آلِ عمران (الآية 159) وقد قالَ هناك: التوكُّلُ حقيقتهُ الاعتماد، وهو هنا مجازٌ في الشروعِ في الفعلِ مع رجاءِ السدادِ فيه من الله، وهو شأنُ أهلِ الإيمان، فالتوكُّلُ انفعالٌ قلبيٌّ عقليٌّ يتوجَّهُ به الفاعلُ إلى الله، راجياً الإعانة، ومستعيذاً من الخيبةِ والعوائق، وربَّما رافقَهُ قولٌ لسانيّ، وهو الدعاءُ بذلك.

60- {وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ}.

ذكرَ أن الكلامَ تقدَّمَ عليها عند قولهِ تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} في سورةِ البقرة، وهو (الآية 146) من سورةِ آلِ عمران. ومما قالَهُ هناك: “وكأيِّن” كلمةٌ بمعنى التكثير، قيل: هي بسيطةٌ موضوعةٌ للتكثير، وقيل: هي مركَّبةٌ من كافِ التَّشبيهِ و(أيّ) الاستفهامية، وهو قولُ الخليلِ وسيبويه، وليستْ (أيّ) هذه استفهاماً حقيقيًّا، ولكنَّ المرادَ منها تذكيرُ المستفهمِ بالتكثير، فاستفهامها مجازي، ونونها في الأصلِ تنوين، فلمّا ركِّبتْ وصارتْ كلمةً واحدة، جعلَ تنوينها نوناً وبُنيت. والأظهر أنَّها بسيطة…

65- {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ}.

السفينة.

66- {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُون}.

أي: عاقبةَ ذلك وغائلته، حين يرون العذاب. (روح البيان).

سورة الروم

9- {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}.

{يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ}: ذكرَ في سورةِ الأنعام (الآية 11)، أن النظرَ في عاقبةِ المكذِّبين هو المقصدُ من السير، فهو ممّا يُرتقَى إليه بعد الأمرِ بالسير، ولأن هذا النظرَ محتاجٌ إلى تأمُّل وترسُّمٍ فهو أهمُّ من السير…

{وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}: بالمعجزاتِ والآياتِ الواضحات، فكذَّبوهم، فأهلكهم الله تعالى. (روح البيان).

10- {كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ}.

وكانوا بحججِ الله – وهم أنبـياؤهُ ورسلهُ – يسخرون. (الطبري).

13- {وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ}.

وكانوا بشركائهم في الضلالةِ والمعاونةِ في الدنـيا على أولـياءِ اللهِ {كَافِرِينَ}: يجحدون ولايتهم، ويتبرَّؤون منهم. (الطبري).

14- {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُون}.

قالَ أثناءَ تفسيرهِ الآيةَ (12) من السورة: شاعَ إطلاقُ (الساعةِ) على وقتِ الحشرِ والحساب. وأصلُ الساعةِ المقدارُ من الزمن، ويتعيَّنُ تحديدهُ بالإضافةِ أو التعريف.

15- {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ}.

الذينَ آمنوا باللهِ ورسولهِ وعملوا بما أمرَهم اللهُ به, وانتهَوا عمَّا نهاهُم عنه… (الطبري).

16- {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ}.

وأما الذينَ جحدوا توحيدَ الله, وكذَّبوا رسلَه, وأنكروا البعثَ بعد الممات، والنشورَ للدارِ الآخرة… (الطبري).

20- {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ}.

أي: ومن علاماتِ الله الدالَّةِ على البعث. (روح البيان).

21- {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا}.

ومن حججهِ وأدلَّته. (الطبري).

24- {وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}.

{وَمِنْ آَيَاتِهِ}: ومن حججه.

{لَآَيَاتٍ}: لعبراً وأدلَّة. (الطبري).

31- {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}

{وَاتَّقُوهُ} أي: خافوهُ وراقبوه، {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} وهي الطاعةُ العظيمة، {وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} أي: بل مِن الموحِّدين المخلصين له العبادة، لا يريدون بها سواه. (ابن كثير).

38- {فَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ}.

ذكرَ في الآيةِ (177) من سورةِ البقرة، أن المسكينَ هو الفقيرُ الذي أذلَّهُ الفقر، قال: وقد اتفقَ أئمةُ اللغةِ أن المسكينَ غيرُ الفقير، فقيل: هو أقلُّ فقراً من الفقير، وقيل: هو أشدُّ فقراً، وهذا قولُ الجمهور، وقد يطلقُ أحدُهما في موضعِ الآخَرِ إذا لم يجتمعا…

40- {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}

اللهُ الذي خلقَكم ولا قدرةَ لكم على الكسب، وأعطاكمُ السَّمعَ والبصرَ وسائرَ الأعضاءِ والحواسّ، ورزقَكم مِن الأموالِ والأنعامِ والزُّروع، ثمَّ يميتُكم فلا يمتنِعُ أحدٌ منكم عليه، ثمَّ يُحييكُم بعدَ الموتِ ويَبعثُكم مِن قبورِكم. (الواضح).

43- {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ}.

قالَ في نظيره، في الآيةِ (30) من السورة: إقامةُ الوجهُ تقويمهُ وتعديلهُ باتجاههِ قبالةَ نظره، غيرَ ملتفتٍ يميناً ولا شمالاً. وهو تمثيلٌ لحالةِ الإقبالِ على الشيءِ والتمحضِ للشغلِ به بحالِ قصرِ النظرِ إلى صوبِ قبالته، غيرَ ملتفتٍ يَمنةً ولا يَسْرة.

45- {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ}.

{الَّذِينَ آمَنُوا} بالله ورسوله، {وعَمِلُوا الصَّالِـحاتِ} يقول: وعملوا بما أمرهم الله. (الطبري)، وهي ما أريدَ به وجهُ الله تعالى ورضاه. (روح البيان).

46- {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون}.

تفسيرُ الآية: ومن آياتهِ الدالَّةِ على قدرتِه، أنْ يُرسِلَ الرِّياحَ مبشِّرةً بالمطر، ليُصيبَكم مِن رحمتِه، فيُغيثُ به العبادَ والبلاد، مِن الرِّيِّ والخِصْبِ والنَّماء، ولِتَجريَ السُّفنُ في البحرِ عندَ هبوبِها بأمرِه، ولتَطلبُوا مِن رزقهِ بالكسبِ والتِّجارةِ في البرِّ والبحر، ولِتَشكروا ربَّكم على هذه النِّعَم. (الواضح).

47- {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا}.

ولقد أرسلنا يا محمدُ من قبلِكَ رسلاً إلى قومِهم الكفرة، كما أرسلناكَ إلى قومِكَ العابدي الأوثانِ من دونِ الله، {فَجَاءُوهُمْ بِـالبَّـيِّناتِ} يعني: بالواضحاتِ من الحججِ على صدقهم، وأنهم لله رسل، كما جئتَ أنت قومكَ بـالبيِّنات، فكذَّبوهم كما كذَّبك قومُك، وردُّوا عليهم ما جاؤوهم به من عند الله، كما ردُّوا علـيكَ ما جئتَهم به من عندِ ربِّك، {فَـانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أجْرَمُوا}، يقول: فانتقَمنا من الذين أجرموا الآثام، واكتسبوا السيئاتِ من قومِهم، ونحن فـاعلو ذلك كذلك بمجرمي قومِك. {وكانَ حَقًّا عَلَـيْنا نَصْرُ الـمُؤْمِنِـينَ} يقول: ونجَّينا الذين آمنوا بالله وصدَّقوا رسلَهُ إذ جاءهم بأسُنا، وكذلك نفعلُ بك وبمن آمنَ بك من قومك، {وكانَ حَقًّا عَلَـيْنا نَصْرُ الـمُؤْمِنِـينَ} علـى الكافرين، ونحن ناصروك ومن آمنَ بك على مَن كفرَ بك، ومظفروك بهم. (الطبري).

48- {فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}.

أي: لحاجتهم إليه يفرحون بنزولهِ عليهم ووصولهِ إليهم. (ابن كثير).

53- {إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ}.

يقولُ تعالَى ذكرهُ لنبيِّه: ما تُسمِعُ السماعَ الذي يَنتفِعُ به سامعهُ فيعقلهُ إلا من يؤمنُ بآياتنا؛ لأن الذي يؤمنُ بآياتنا إذا سمعَ كتابَ الله تدبَّرَهُ وفهمَهُ وعقلَه، وعملَ بما فيه، وانتهَى إلى حدودِ الله الذي حدَّ فيه، فهو الذي يَسمَعُ السماعَ النافع. وقوله: {فَهُمْ مُسْلِـمُونَ} يقول: فهم خاضعون لله بطاعته، متذلِّلون لمواعظِ كتابه. (الطبري).

سورة لقمان

4- {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}.

الذين يواظبون على إقامةِ الصَّلاةِ بأركانِها وشروطِها وفي أوقاتِها، ويعطون الزَّكاةَ لمستحقِّيها مِن الفقراءِ ومَن في حُكمِهم، ويؤمنون بالبعثِ بعدَ الموت، والحسابِ والجزاء، والجنَّةِ والنَّار. (الواضح).

5- {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ في سورةِ البقرة (الآية 5)، وهو في صفحات، من ذلك قوله: هو بمنزلةِ أن يقول: إن تلك الأوصافِ هي سببُ تمكنهم من هدي ربِّهم إياهم. والقصدُ التنويهُ بشأنِ الهدَى، وتوسلاً إلى إفادةِ تعظيمِ الهدَى.

والفلاح: الفوزُ وصلاحُ الحال، فيكونُ في أحوالِ الدنيا وأحوالِ الآخرة، والمرادُ به في اصطلاحِ الدين: الفوزُ بالنجاةِ من العذابِ في الآخرة. والفعلُ منه: أفلح، أي: صارَ ذا فلاح.

6- {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}.

هؤلاء الذين وصفنا أنهم يشترون لهوَ الحديثِ ليضلُّوا عن سبيلِ الله، لهم يومَ القيامةِ عذابٌ مُذِلٌّ مُخزٍ في نارِ جهنَّم. (الطبري).

8- {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ}.

هذا ذكرُ مآلِ الأبرارِ مِن السعداءِ في الدارِ الآخرة، الذين آمنوا باللهِ وصدَّقوا المرسَلين، وعملوا الأعمالَ الصالحةَ المتابعةَ لشريعةِ الله، {لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ} أي: يتنعَّمون فيها بأنواعِ الملاذِّ والمسارّ، مِن المآكلِ والمشارب، والملابسِ والمساكن، والمراكبِ والنساء، والنضرةِ والسماع، الذي لم يخطرْ ببالِ أحد. (ابن كثير).

9- {خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.

وهم في ذلكَ مقيمون دائمًا فيها، لا يظعنون، ولا يبغون عنها حِوَلًا.

وقوله: {وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا} أي: هذا كائنٌ لا محالة؛ لأنه مِن وعدِ الله، واللهُ لا يُخلِفُ الميعاد؛ لأنه الكريمُ المنّان، الفعّالُ لما يشاء، القادرُ على كلِّ شيء. (ابن كثير).

10- {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء}.

{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}: ذكرَ أنه تقدَّمَ في سورةِ الرعد {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} (الآية 2). قالَ (ملخصًا): السماواتُ هي الكواكبُ السيّارة، وطبقاتُ الجوِّ التي تسبحُ فيها. ورفعُها: خلقُها مرتفعة. والعَمَدُ جمعُ عماد، وهو ما تُقام عليه القبَّةُ والبيت. وجملةُ {تَرَوْنَهَا} في موضعِ الحالِ من {السَّمَاوَاتِ}، أي: لا شبهةَ في كونها بغيرِ عمد.

{وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ}: ذكرَ أنه تقدَّمَ في سورةِ النحل {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} (الآية 15). ومن قولهِ هناك: الرواسي جمعُ راسٍ، وهو وصفٌ من الرَّسْو، ويقال: الرُّسُوّ، وهو الثباتُ والتمكنُ في المكان. ويطلقُ على الجبلِ (راس) بمنزلةِ الوصفِ الغالب. ولما كانت الجبالُ مجعولةً كالتكملةِ للأرض، وموضوعةً على ظاهرِ سطحها، عبَّرَ عن خلقها ووضعها بالإلقاء، الذي هو رميُ شيءٍ على الأرض. وقولهُ تعالى: {أَن تَمِيدَ بِكُمْ} تعليلٌ لإلقاءِ الرواسي في الأرض. والمـَيْد: الاضطراب. وضميرُ {تَمِيدَ} عائدٌ إلى {الأَرْضِ}، بقرينةِ قرنهِ بقولهِ تعالى: {بِكُمْ}، لأن الميدَ إذا عُدِّيَ بالباءِ عُلِمَ أن المجرورَ بالباءِ هو الشيءُ المستقرُّ في الظرفِ المائد، والاضطرابُ يعطِّلُ مصالحَ الناس، ويلحقُ بهم آلاماً، ولما كان المقامُ مقامَ امتنان، عُلِمَ أن المعلَّلَ به هو انتفاءُ الميدِ لا وقوعُه.

{وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ}: ذكرَ أنه تقدَّمَ في سورةِ البقرة (الآية 164)، قالَ ما ملخصه: البثُّ في الأصلِ نشرُ ما كان خفيًّا، ثم استُعملَ البثُّ مجازاً في انتشارِ الشيءِ بعد أن كان كامناً، كما في هاتهِ الآية. وبثُّ الدوابِّ على وجهِ عطفهِ على فعلِ {أَنزَلَ} هو خلقُ أنواعِ الدوابِّ على الأرض، فعبَّرَ عنه بالبثِّ لتصويرِ ذلك الخلقِ العجيبِ المتكاثر، فالمعنى: وخلقَ فبثَّ فيها من كلِّ دابة.

{وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء}: ذكرَ أنه نظيرُ قولهِ تعالى: {وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ} (مع الآيةِ السابقةِ من سورةِ البقرة)، ومما قالَهُ هناك: السماءُ المفردُ هو الجوُّ والهواءُ المحيطُ بالأرض… وإسنادُ الإنزالِ إلى الله لأنه الذي أوجدَ أسبابَ نزولِ الماءِ بتكوينهِ الأشياءَ عند خلقِ هذا العالمِ على نظامٍ محكم.

12- {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ}.

أشارَ إلى سبقِ تعريفِ (الحكمة) في سورةِ البقرة (الآية 269)، قالَ هناك: الحكمةُ إتقانُ العلم، وإجراءُ الفعلِ على وفقِ ذلك العلم…

16- {إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}.

قالَ في اسمِ الله تعالى (الخبير) في سورةِ الأنعام: الخبير: الموصوفُ بالعلمِ بالأمورِ التي شأنها أن يُخبِرَ عنها عِلماً موافقاً للواقع.

21- {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِير}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ في سورةِ البقرة {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} (الآية 170). قالَ هناك: ذكرَ إعراضهم عمن يدعوهم إلى اتباعِ ما أنزل الله، وتشبَّثوا بعدمِ مخالفتهم ما أَلْفَوا عليه آباءهم، وأعرضوا عن الدعوةِ إلى غيرِ ذلك دونَ تأملٍ ولا تدبر. {بَلْ} إضرابُ إبطال، أي: أضرَبوا عن قولِ الرسول: {اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} إضرابَ إعراضٍ بدونِ حجة، إلاّ بأنه مخالفٌ لما ألفَوا عليه آباءهم.

ثم قال: المرادُ بما ألْفَوْا عليه آباءهم: ما وَجَدوهم عليه من أمورِ الشرك. اهـ.

وذكرَ أن (السعير) تقدَّمَ في سورةِ الإسراء (الآية 97)، قال: السعيرُ لهبُ النار، وهو مشتقٌّ من سعَّرَ النارَ إذا هيَّجَ وقودها.

22- {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}.

أشارَ إلى تفسيرهِ في سورةِ البقرة (الآية 256)، قال: العروة: ما يُجعَلُ كالحلْقةِ في طرفِ شيءٍ ليقبضَ على الشيءِ منه، وقد تكونُ العروةُ في حبل، بأن يُشَدَّ طرفهُ إلى بعضهِ ويُعقَد، فيصيرَ مثلَ الحلقةِ فيه. والاستمساكُ بالعروةِ الوثقَى تمثيليّ، شُبِّهتْ هيئةُ المؤمنِ في ثباتهِ على الإيمانِ بهيئةِ مَن أمسكَ بعروةٍ وثقَى من حَبلٍ وهو راكبٌ على صَعبٍ أو في سفينةٍ في هَولِ البحر، وهي هيئةٌ معقولةٌ شُبِّهتْ بهيئةٍ محسوسة.

25- {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.

{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} أي: إذْ قامتْ عليكم الحجَّة باعترافِكم. (ابن كثير). {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ}: بل أكثرُ هؤلاءِ المشركينَ لا يعلمونَ مَن الذي له الحمد, وأينَ موضعُ الشكر. (الطبري).

29- {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ}.

ذكرَ أن الكلامَ مرَّ عليه في سورةِ الأعراف {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ}. الآيةِ (54)، ومما قالَهُ هناك: … وهي من أعظمِ المخلوقاتِ التي اشتملت عليها السّماوات… وأُطلِقَ التسخيرُ فيه مجازاً على جعلِها خاضعةً للنّظامِ الذي خلقها الله عليه بدونِ تغيير، مع أن شأنَ عظمِها أن لا يستطيعَ غيرهُ تعالى وضعَها على نظامٍ محدودٍ منضبط. ولفظُ الأمرِ في قوله: {بِأَمْرِهِ} مستعملٌ مجازاً في التصريفِ بحسبِ القدرةِ الجاريةِ على وفقِ الإرادة.

32- {وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ}

بأدلَّتِنا وحُجَجِنا. (الطبري).

34- {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ}.

{السَّاعَةِ}: القـيامة.

{الْغَيْثَ}: المطر. (روح البيان).

سورة السجدة

3- {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ}.

ذكرَ عند تفسيرِ الآيةِ (94) من سورةِ آلِ عمران، أن الافتراءَ هو الكذب، وهو مرادفُ الاختلاق، وكأن أصلَهُ كنايةٌ عن الكذبِ وتلميح، وشاعَ ذلك حتى صارَ مرادفًا للكذب.

4- {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرهُ في سورةِ الأعراف (الآية 54)، ومختصرُ تفسيرهِ لها: … تعليمٌ بعظيمِ قدرته، ويحصلُ منه للمشركين زيادةُ شعورٍ بضلالهم في تشريكِ غيرهِ في الإلهية. وقد اقتضتْ حكمةُ الله تعالى أن يكونَ خلقُ السّماواتِ والأرضِ مدرجاً، وأن لا يكونَ دفعة… وأيًّا ما كان، فالأيامُ مرادٌ بها مقادير، لا الأيامُ التي واحدُها يوم، الذي هو من طلوعِ الشمسِ إلى غروبها، إذ لم تكنْ شمسٌ في بعضِ تلك المدة. والتعمُّقُ في البحثِ في هذا خروجٌ عن غرضِ القرآن.

والاستواءُ له معانٍ متفرِّعةٌ عن حقيقته، أشهرها: القصدُ والاعتلاء، وقد التُزِمَ هذا اللَّفظُ في القرآنِ مسنداً إلى ضميرِ الجلالةِ عند الإخبارِ عن أحوالٍ سماوية، كما في هذه الآية. ونظائرُها سبعُ آيات من القرآن…

12- {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا}

نعملْ فـيها بطاعتك. (الطبري)، حسبما تقضيهِ تلك الآيات. (روح البيان).

15- {وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}.

وسبَّحوا اللهَ في سجودهم بحمده, فيبرِّؤونَهُ ممَّا يصفهُ أهلُ الكفرِ به, ويضيفونَ إليه من الصاحبةِ والأولادِ والشركاءِ والأنداد. (الطبري).

16- {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}.

جمعُ جَنْب، وهو شِقُّ الإنسانِ وغيره. والمعنى: ترتفعُ وتتنحَّى أضلاعُهم. (روح البيان).

19- {أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون}.

{آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: الذين صدَّقوا الله ورسوله، وعملوا بما أمرهم الله ورسوله.

{بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون}: جزاءً منه لهم بما كانوا يعملون في الدنـيا بطاعته (الطبري).

20- {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ في سورةِ الحج {كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا} (الآية 22). قال: لشدَّةِ ما يغمُّهم، أي: يمنعهم من التنفس، يحاولون الخروج، فيُعَادون فيها، فيحصلُ لهم ألمُ الخيبة، ويقالُ لهم: ذوقوا عذابَ الحريق. والحريق: النارُ الضخمةُ المنتشرة. وهذا القولُ إهانةٌ لهم، فإنهم قد علموا أنهم يذوقونه.

23- {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ}.

 وهو التوراة. (ابن كثير).

24- {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}

جمعُ إمام، والإمام: الذي يؤتَمُّ به في خيرٍ أو شرّ، وأُريدَ بذلك في هذا الموضعِ أنه جعلَ منهم قادةً في الخيرِ يؤتَمُّ بهم، ويُهْتَدى بهديهم. (الطبري).

27- {تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ}.

ذكرَ عند تفسيرِ الآيةِ (142) من سورةِ الأنعام، أنها الإبلُ والبقرُ والشاءُ والمعز.

سورة الأحزاب

5- {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ}.

{أَقْسَطُ}: القِسطُ – بالكسرِ – العدل.

{وَمَوَالِيكُمْ}: وأولياؤكم فيه [في الدين] أي: فادعوهم بالأخوَّةِ الدينيةِ والمولوية، وقولوا: هذا أخي، وهذا مولاي، بمعنى الأخوَّةِ والولايةِ في الدين، فهو من الموالاةِ والمحبة. (روح البيان).

8- {وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا}.

أي: موجِعًا. (ابن كثير).

13- {إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا}.

أي: ما يريدون إلا الهربَ من القتال. وقيل: المراد: ما يريدون إلا الفرارَ من الدين. (فتح القدير).

19- {تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ}.

أي: دورانًا كائنًا كدورانِ عينِ المغشَى عليه من معالجةِ سكراتِ الموتِ حذرًا وخوفًا والتجاءً بك. يقال: غُشِيَ على فلانٍ إذا نابَهُ ما غشيَ فهمه، أي: ستره. (روح البيان).

21- {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}.

 المرادُ بـ {مَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ} المؤمنون، فإنهم الذين يرجون الله ويخافون عذابه، ومعنى يرجون الله: يرجون ثوابَهُ أو لقاءه، ومعنى يرجون اليومَ الآخِر: أنهم يرجون رحمةَ الله فيه، أو يصدِّقون بحصوله، وأنه كائنٌ لا محالة. وهذه الجملةُ تخصيصٌ بعد التعميمِ بالجملةِ الأولى. {وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً} معطوفٌ على {كَانَ}، أي: ولمن ذكرَ الله في جميعِ أحوالهِ ذكراً كثيراً. وجمعَ بين الرجاءِ لله والذكرِ له، فإنَّ بذلك تتحققُ الأسوةُ الحسنةُ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم. (فتح القدير).

22- {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ}.

جماعاتِ الكفّار. (الطبري). أي: الجنودَ المجتمعةَ لمحاربةِ النبيِّ عليه السلامُ وأصحابهِ يومَ الخندق. (روح البيان).

23- {فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}.

{وَمِنْهُم} أي: وبعضهم، {مَّن يَنتَظِرُ} قضاءَ نذره، لكونهِ مؤقتًا، كعثمانَ وطلحةَ وغيرهما، فإنهم مستمرون على نذورهم، وقد قضَوا بعضها، وهو الثباتُ مع رسولِ الله، والقتال، إلى حينِ نزولِ الآيةِ الكريمة، ومنتظرون قضاءَ بعضها الباقي، وهو القتالُ إلى الموتِ شهيدًا. وفي وصفهم بالانتظارِ إشارةٌ إلى كمالِ اشتياقهم إلى الشهادة.

{وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} أي: وما بدَّلوا عهدَهم وما غيَّروهُ تبديلًا ما، لا أصلًا ولا وصفًا، بل ثبتوا عليه راغبين فيه، مراعين لحقوقهِ على أحسنِ ما يكون (روح البيان).

24- {لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ}.

ليُثيبَ الله أهلَ الصدقِ بصدقِهمُ اللهَ بما عاهدوهُ عليه، ووفـائهم له به. (الطبري).

25- {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا}.

لم يصيبوا ما أرادوا من الغلبة. وسمّاها خيرًا لأن ذلك كان عندهم خيرًا، فجاءَ على استعمالهم وزعمهم. (روح البيان).

27- {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}.

وكانَ اللهُ على أنْ أورثَ المؤمنـينَ ذلك, وعلى نصرهِ إيّاهم, وغيرِ ذلكَ منَ الأمور، ذا قدرة, لا يتعذَّرُ علـيه شيءٌ أراده, ولا يمتنعُ علـيه فعلُ شيءٍ حاولَ فعلَه. (الطبري).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى