أخبار ومتابعات

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يثمن دور جنوب إفريقيا في نصرة القضية الفلسطينية

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يثمن دور جنوب إفريقيا في نصرة القضية الفلسطينية

في رسالة تقدير مؤثرة، عبر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين – من خلال خطاب رئيسه سماحة الشيخ علي القره داغي  – عن امتنانه العميق لدولة جنوب إفريقيا قيادةً وشعباً، مستعرضاً موقفها الثابت والمبدئي في دعم القضية الفلسطينية.

ومن الجدير بالذكر أن خطاب رئيس الاتحاد وُضع في لوحة زجاجية قُدمت كهدية إلى فخامة رئيس جنوب إفريقيا، وتمت قراءة الرسالة له باللغة الإنجليزية.

 

رسالة إلى فخامة الرئيس سيريل رامافوزا

وجه رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أ.د. علي محيي الدين القره داغي، رسالة خاصة إلى قادة جمهورية جنوب إفريقيا وعلى رأسهم فخامة الرئيس سيريل رامافوزا. وأكد القره داغي في رسالته أن هذه البادرة تأتي استجابةً لواجب النصرة للمستضعفين، مستشهداً بآية قرآنية تقول: “مَا لَكُمْ لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلْوِلْدَٰنِ” (النساء: 75).

 

تقدير للدور الحاسم في محكمة العدل الدولية

أشاد القره داغي بالموقف الشجاع الذي اتخذته دولة جنوب إفريقيا بإحالة قضية الإبادة والعدوان على غزة إلى محكمة العدل الدولية. وأوضح أن هذا التدخل الجريء أسهم في تسليط الضوء على الظلم والمعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن هذا الجهد يجب أن يستمر ولا يُترك للتحريف أو النسيان.

 

موقف أخلاقي وإنساني رفيع

أكد القره داغي أن رؤية مشاهد الإبادة الجماعية في فلسطين عبر وسائل الإعلام حركت مشاعر العلماء والجماهير في جميع أنحاء العالم، وأثارت موجة من التضامن والتنديد بالجرائم المستمرة ضد المدنيين في غزة. وبيّن أن ما يزيد عن 40 ألف شخص قد قُتلوا، منهم 36 ألف مدني بينهم 10 آلاف امرأة و16 ألف طفل، فضلاً عن تدمير المستشفيات والمساجد والكنائس وتشريد نحو مليوني شخص.

 

جنوب إفريقيا.. نموذج للأمن والعدل

وتوقف القره داغي عند تاريخ جنوب إفريقيا المليء بالقمع والاستعباد والإبادة الجماعية، مشيراً إلى التحول الرائع الذي شهدته البلاد لتصبح نموذجاً للأمن والسلام والحرية والديمقراطية. وأضاف أن هذا التحول يُعد مصدر فخر واعتزاز لكل من يسعى لتحقيق العدالة في العالم.

 

شكر خاص للرئيس رامافوزا والقيادة السياسية

وأعرب القره داغي عن تقديره العميق للرئيس سيريل رامافوزا، ومشيراً إلى الدور البارز لوزيرة الخارجية الدكتورة ناليدي باندور في إشعال منارة الأمل والإيمان بالقضايا العادلة. وأكد أن هذا الثبات في وجه التهديدات والانتقادات يعكس شجاعة منقطعة النظير ويعبر عن موقف أخلاقي نبيل.

 

دعم مستمر ودعوة للاتحاد العالمي

ودعا القره داغي الأمة العالمية إلى الاتحاد من أجل الدفاع عن مكتسبات محكمة العدل الدولية وحشد المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، مستشهداً بآية قرآنية تدعو للتعاون على البر والتقوى. كما ناشد حكومة جنوب إفريقيا والحزب الحاكم بالبقاء صامدين في موقفهم حتى يتحقق السلام العادل في فلسطين.

 

رسالة دعم إلى القادة والشعب

حث القره داغي جميع القادة الحاضرين على نشر هذه الرسالة وتعزيزها في كل مناسبة، داعياً إلى الإيمان والعدالة والسلام وحقوق الإنسان. وختم رسالته بالتأكيد على أن الله غالب على أمره، ولكنه وجه نداءً بأن السلام يجب أن يسود في العالم، مع تكرار دعوة القرآن الكريم للدخول في السلم.

نص الرسالة :

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

رسالة تقدير لدور جنوب افريقيا الحرة العادلة -التي ترسم الطريق الى فلسطين حرة كريمة

 

أحييكم تحية طيبة، وباسم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يسعدني أن أنقل هذه الرسالة إلى قادة جمهورية جنوب أفريقيا، وبخاصة فخامة الرئيس سيريل رامافوزا، استجابة لواجبنا المبين في نصرة المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، قال تعالى: (مَا لَكُمْ لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلْوِلْدَٰنِ) (النساء: 75)

إن كلمة الشكر هذه تعبير عن الامتنان والتقدير للشعب والحكومة والحزب الحاكم في دولة جنوب أفريقيا، وهي امتثال لقول نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال: “لا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ “ رواه أبو هريرة.

ونشكر شعب جنوب أفريقيا، الذي سلط الضوء على الإبادة الجماعية المستمرة في فلسطين. إن استمرار هذه الإبادة الجماعية، قد ألحق عواقب وخيمة بالمستضعفين من الأطفال والنساء والمدنيين في فلسطين، وكانت نتيجة هذه الإبادة حتى الآن:

– قُتل ما يزيد عن 40 ألف شخص، منهم نحو 36 ألف مدني. منهم 10000 امرأة و16000 طفل؛ وغير ذلك من تدمير المستشفيات والمساجد والكنائس، وجعل حوالي مليوني شخص في عدم أمن وأمان.

إن رؤية هذه الإبادة الجماعية من خلال وسائل الإعلام قد أثرت فينا نحن العلماء، وحركت الجموع الكبيرة التي تدفقت عبر الشوارع والجامعات والمساجد والكنائس في جنوب أفريقيا، بل في العالم أجمع، واستجابت الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني إلى التنديد بهذه الإبادة الجماعية والأزمة الإنسانية

أننا نستهجن الاستعمال المزيف لشعارات معاداة السامية، الذي تستعمله الجهات المشرفة عل هذه الإبادة، ونستنكر الانتقادات الموجهة ضد هذه التعاطف الإنساني وهذا الغضب السلمي، لأن الإسلام لا يعاد الشعوب والعرقيات بل يدعوهم إلى التعارف فقال تعالى: }يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {(سورة الحجرات:13)

ونشكر جنوب أفريقيا، الدولة التي تجاوزت تاريخها المليء بالقمع والاستعباد والإبادة الجماعية والعنف، ونعتز ونسعد بما نشهده من تحول دولة جنوب أفريقيا إلى نموذج لدار الأمن والسلام والحرية والديمقراطية وحرية المعتقد لجميع المسلمين وغيرهم

وفي سياق اعتزازنا وامتناننا لدولة جنوب أفريقيا، فأننا نستحضر  قاعدة إسلامية وهي: “إن الدولة العادلة يمكن أن تستقر وتستمر حتى في ظل غياب قيادة مسلمة، ولكن الدولة الظالمة تنهزم وتفشل حتى لو قادها قائد مؤمن ” وهذه الكلمة تؤكد القيمة الدائمة للعدالة، وميزان العدل.

وفي دار الأمن والعدل هذه، نعلن تضامننا مع علماء أفريقيا وقادتها وشعبها، ونتبنى معكم حماية حرية التعبير التي تميزت بها بلادكم، ونعبر عن كل ذلك بكلمة الشكر هذه  

ونؤكد على شكرنا وفخرنا بالموقف الشجاع والمبادرة العظيمة التي قامت به دولة جنوب افريقيا بعرض قضية الإبادة والعدوان على غزة على محكمة العدل الدولية، وما ألحقته إسرائيل بقطاع غزة من دمار. لقد أضاء هذا التدخل الجريء في محكمة العدل الدولية طريقًا واعدًا نحو الحرية والكرامة للشعب الفلسطيني. وإننا لننتهز الفرصة العظيمة التي توفرها لنا هذه الدولة الشجاعة كي تكون منصة مفتوحة من أجل مناشدة كل العالم وأحرار العالم المدافعين عن الحرية للوقوف بكل ثبات من أجل إنهاء الاحتلال والإبادة الجماعية المستمرة في غزة.

إننا نقدر هذه العدالة التي أظهرتها جنوب أفريقيا – تحت قيادة الرئيس سيريل رامافوزا، بتيسير من وزير العدل لامولا، ومتابعة وتنفيذ وزارة الشؤون الدولية

لقد أضاءت وزيرة الشؤون، الدكتورة ناليدي باندور، العالم بمنارة الامل والإيمان بالقضايا العادلة، وسط هذه الوحشية والمذبحة السائدة. وكان هذا الثبات والالتزام بالعدالة شجاعة منقطعة النظير في وجه التهديدات والانتقادات الموجهة إلى جنوب أفريقيا.

لقد استطاعت دولتكم تمثيل كل الشعوب المحبة للحرية في العالم، وانتصرت في الجولة الأولى نيابة عن كل أحرار العالم، وعبرت بشكل أصيل عن محنة إخوانهم الفلسطينيين وبينت للعالم الصورة الحقيقة لتاريخ فلسطين المعاصر، كما استطاعت بكل حكمة أن تناشد ضمير أتباع الديانة اليهودية، وأثارت نفوس ومشاعر الصغار والكبار في جميع أنحاء العالم، ودفعت الحكومات إلى إعادة التفكير في سياساتها الخارجية.

واستطاعت بعد هذه الجهود أن تفضح وتعزل مهندسي ومؤيدي هذه الإبادة الجماعية  

إنه لمن الضروري الحفاظ على الإنجازات والتقدم الذي تحقّق في محكمة العدل الدولية

حتى لا تكون محاولة قصيرة عابرة، أو تتعرض للتحريف والنسيان، ولهذا يجب علينا جميعا أن نرعى هذه المبادرة ونقف بقوة خلفها كي تكون وسيلة قانونية أساسية لوقف الإبادة الجماعية وتوفير الإغاثة للسكان، الفلسطينيين ضد المجاعة والتشرد، وتحقيق السلام العادل والدائم في فلسطين.

في هذه اللحظة الفاصلة من تاريخ العالم، نؤكد على ما يلي:

1. ندعو الأمة العالمية إلى الاتحاد من أجل العدالة والسلام لضمان الدفاع عن مكتسبات محكمة العدل الدولية، وحشد المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، فإن الله يقول “… وتعاونوا على البر والتقوى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [5: 2]

 

2. نناشد حكومة جنوب أفريقيا والحزب الحاكم أن يظلا صامدين في موقفهما الساعي لتحقيق نتيجة عادلة من خلال محكمة العدل الدولية، إلى أن تتوقف الإبادة الجماعية ويحل السلام العادل في غزة وفلسطين. ونسعين بالله تعالى لأنه لن يتركنا، قال تعالى:” فَلا تَهِنُوا وتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ واللهُ مَعَكُمْ ولَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ [47:35]

3. إننا نحث كل أحرار العالم عامة وجنوب أفريقيا خاصة على عدم موالاة المعتدين على المستضعفين، وعدم اتخاذ أي قرارات سياسية محورية تخدم هذه الموالاة أو تعبر عن الرضى على هؤلاء المعتدين، قال تعالى:”يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِٱلْمَوَدَّةِ) (الممتحنة:1)

4. إننا ندرك الصعوبات التي عاشتها دولة جنوب أفريقيا، وما تعرضت إليها من خيبات أمل عديدة، ولكننا كعلماء وقادة نقدم لحكومتكم كل الشكر والدعم ونحمل معها مشروع المصالحة والعدالة والرحمة للإنسانية، لان ديننا يأمرنا بتقديم الخير والبر مع من يخالفنا مادام لم يمارس جريمة الإبادة والقتل والتهجير، قال تعالى:( لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8).

ولذلك، فإننا نحث جنوب أفريقيا على إعطاء الأولوية للجهود المستمرة التي يبذلها الحزب الحاكم ليس لأجل فلسطين فحسب، لكن في بناء دولة خالية من الفساد والعنف وعدم المساواة.

5. ندعو جميع القادة الحاضرين إلى العناية بهذه الرسالة وتعميمها ونشرها بكل وسيلة وفي كل مناسبة إلى كل الناس وفي كل الدول.

فلنردد دعوتنا إلى الإيمان والعدالة، والسلام، وحقوق الإنسان عبر كل وسيلة حتى تصل إلى الناس كافة بإذن الله. ولنكرر دعوة القرآن الكريم جميع المؤمنين إلى الدخول في السلم فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (البقرة: 208)

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته  

 

أخوكم

أ.د. علي محيي الدين القره داغي

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى