كتب وبحوث

اختيارات الشيخ عبد الرحمن السعدي في المسائلِ الفقهية المستجدّة

اسم الكتاب: اختياراتُ الشيخ عبد الرحمن السعدي في المسائلِ الفِقهية المستجَدَّة- جمعًا ودراسة-.

اسم المؤلف: عبد الرحمن بن خالد السعدي.

عدد الصفحات: 311 صفحة.

الناشر: دار الميمان- الرياض.

 

نبذة عن الكتاب:

العُلماءُ هم سادةُ النَّاسِ وقادتُهم الأجلَّاءُ، وهم مناراتُ الأرضِ وورَثةُ الأنبياءِ، وهم خيارُ النَّاسِ المُراد بهم الخيرُ، المُستغفَر لهم، جاهدوا حقَّ الجهادِ في صيانة الشَّريعةِ الإسلاميَّة وتعزيزِها، وسارعوا في إصلاحِ المجتمَعِ الإسلاميِّ وإرشادِه حال ورودِ المستجَدَّات.

وهذا الكتابُ (اختياراتُ الشيخ عبد الرحمن السعدي في المسائل الفقهية المستجَدَّة) يعرِضُ فيه مؤلِّفُه أنموذجًا بديعًا لتخريجاتِ عالمٍ كبيرٍ مِن علماء الأمَّة وإمامٍ من أئمتها، وهو: عبد الرحمن بن ناصر السعدي- رحمه الله تعالى.

وقد قسَّم المؤلِّفُ الكتابَ إلى: مقدِّمة، وخمسةِ فصولٍ، وخاتمة.

فافتتَح المؤلِّفُ الكتاب بمقَدِّمة ترجم فيها للشَّيخ السعدي رحمه الله، وبيَّن فيها نَسبَه وطَلبَه للعِلمِ وأهليتَه للاجتهادِ، وتحدث تبَعًا عن حقيقةِ المستجَدَّات:

ورجَّحَ أن حقيقة المستَجدِّ في الاصطلاحِ لا تبعُدُ عن حقيقتِه في اللُّغةِ، وبيَّنَ أن العلماءَ المُعاصرين يعرِّفون المستجَدَّ من المسائِلِ: بالذي لم يكُن له وجودٌ مِن قَبلُ.

وتطرَّقَ تبعًا إلى ما يُرادِفُ مصطلَحَ المُستجَدِّ، وبيَّنَ أنه قد يعبَّرُ عنه بـ :

– النَّوازل.

– القضايا.

– الوقائع.

وفي خاتمةِ هذه المقدِّمة بيَّن مَنهجَ الشيخ السعدي في دراسةِ المسائل الفقهيَّة، وأنَّ منهجَه يتجلَّى في عدَّةِ أمور، من أهمِّها:

– التصوُّرُ الفقهيُّ للمسائل المستجَدَّة.

– اتِّباعُ المنهجِ البحثيِّ في دراسته للمسائل المستجَدَّة.

– الاعتمادُ على الأصول الكليَّة والنصوص الشَّرعية، ومقاصد التشريع وقواعد الأصول والفِقه، عند تقريرِه لرأيه في المسائل المستجَدَّة.

– الرجوعُ إلى أهل الخبرةِ لتقريرِ رأيه في المسائل المستجَدَّة.

وفي الفصل الأول الذي عَنْوَن له المؤلِّف بـ (اختيارات الشيخ في المسائل المستجدَّة في أبواب العبادات) كان الحديثُ عن بعض المسائل المستجَدَّات في ربعِ العباداتِ التى بحثها الشيخُ وحرَّر فيها قولًا صريحًا يُعتمَدُ عليه بعد ذلك، فمن أبرز هذه المسائل:

– استعمال الخطيبِ لمكَبِّر الصوت

وبيَّن أنَّ الشيخَ يرى أنَّه لا بأس باستعمالِه استصحابًا للإباحةِ، وأنَّه داخِلٌ في أمر الله تعالى ورسولِه بتبليغ الحَقِّ إلى الخلقِ.

– ومن هذه المسائِلِ أيضًا:

– أثَرُ الإبَرِ المغَذِّية على الصيامِ

وبيَّنَ أن الشيخَ قد نصَّ على أنَّ إيصالَ الأغذيةِ بالإبرةِ إلى الجوفِ مِن طعامٍ أو شرابٍ، لا شكَّ في الفِطرِ به؛ لأنَّها تغَذِّي الجسَدَ، فهي في معنى الأكل والشُّرب، وقد بحث المؤلِّفُ المسألة وبيَّنَ فيها مذاهِبَ العُلَماءِ، ورجَّحَ أن الإبَرَ المغَذِّية مُفطرةٌ، وعلَّل اختيارَه بأن العِلَّة ليست الوصولَ إلى الجوف، بل العِلَّةُ حصولُ ما يغذِّي البَدَن.

– ومن المسائل الهامَّة التي شارك الشيخُ في بحثِها أيضًا:

– الصيامُ في البلاد التي ليلها أربعُ ساعات

فبيَّنَ أنَّ الشيخ فرَّقَ في حكم هذه المسألة بين حالتينِ:

أوَّلًا: العجز: فالعاجِزُ عن الصيامِ في هذه الأوقاتِ يؤخِّرُ الصيامَ إلى وقتٍ آخر يَقصُرُ فيه النهارُ.

ثانيًا: القدرةُ: فالقادِرُ على الصيامِ في هذه الأيامِ الطُّوالِ يلزَمُه أن يصومَ ولا يحِلُّ له الفِطرُ.

ورجَّحَ الباحث فيه ما ذهب إليه الجمهورُ من وجوبِ صيامِ النَّهارِ كاملًا لأهل البلادِ التي يتميَّزُ فيها الليلُ عن النهار.

ثم افتتح الفصل الثاني وعَنونَ له بـ (في اختيارات الشيخ في المسائل المستجَدَّة في أبواب المعاملات)

ومن أبرز المسائلِ التي عالجها الشيخُ فبحَثَها وقاسها قياسًا صحيحًا مكتَمِلَ الأركانِ:

– حكمُ اللَّعِب بأمِّ الخطوط

فبيَّنَ الباحِثُ حقيقةَ هذه اللُّعبة التى انتشرت في زمن الشيخِ، وأنها عبارة عن ثلاث مربَّعات متداخلةٍ، ولها خطوط متقاطعةٌ، فأشبهتِ الشِّطْرَنْجَ، وهي شائعةٌ بصورة أكثَرَ عند الكبارِ؛ لأنَّها تحتاجُ إلى تركيزٍ ذِهني.

وبيَّنَ الباحِثُ أنَّ مذهَبَ الشَّيخِ عدم الجوازِ، سواء كان اللَّعِبُ بعِوَضٍ أو بغير عِوَض، وبرهانُه على هذا هو القياسُ، حيث جعل اللَّعِبَ بأم الخطوطِ مِن جنسِ الشِّطْرنج والنَّرد الذي صحَّ الحديثُ عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في الزجرِ عنه، وهذا عينُ ما رجَّحه الباحِثُ في أخرياتِ المسألة.

ومنها أيضًا:

حكمُ أخذ الأموالِ على الوظائف الشرعيَّة من بيت المالِ مع ما يدخلُه من أموال محرَّمة.

 وبيَّن الباحِثُ أنَّ مَذهَبَ الشيخِ على الجوازِ؛ لتعليلاتٍ عِدَّةٍ، من أهمِّها:

– أنَّ الأصلَ الِحلُّ.

– وأنَّ هذه الأموالَ التي في بيت المالِ يستحيلُ رَدُّها على أهلِها، وقد باء بإثمِها مَن أخَذَها.

– أنَّه لو تَورَّع عنها أهلُ الديانةِ أخَذَها أهلُ الفِسقِ، فحدث بذلك الشَّرُّ والمفاسِدُ الكبيرةُ.

ورجَّح الباحثُ ما قاله الشيخُ، وبيَّن أنَّ السَّلفَ رحمهم الله امتنعوا مِن أخذِها تورُّعًا، والتورُّعُ لا يعني التحريمَ، وإنَّما مخالفة الأَولى في حقِّهم.

 وأفرد الفصلَ الثالث لـ (اختيارات الشيخ في المسائل المستجَدَّة في أبواب فقه الأسرة).

فبيَّنَ فيه المسائِلَ التي حلَّت بالدولةِ، وكان للشيخِ رأيٌ فيها، ومنها:

– تشكيل دائرة أوقافٍ تُضمُّ إليها جميعُ الأوقاف.

فذكر أنَّ الشيخَ جعل لها حالتين:

الحالة الأولى: أن يكونَ للوقفِ ناظِرٌ خاصٌّ مُعَيَّن أو موصوف من جهةِ الواقف، فالأصلُ أنه يتعيَّنُ الوقفُ على الناظرِ.

الحالة الثانية: ألا يكونَ له ناظرٌ خاصٌّ، أو كان له ناظِرٌ وقد رأى الناظرُ مصلحةً ظاهرةً لذلك

وعلَّل الشيخُ هذا التفصيلَ بشيئين:

أولًا: وجودُ المصلحةِ.

ثانيًا: سدُّ ذريعة التلاعُبِ بالوقفِ.

وفي الفصل الرابع كان البحثُ في (اختيارات الشيخ في المسائلِ المستجَدَّة في أبواب الجِنايات)

ولَمَّا دخلت السيَّارات بلادَ الحَرَمين الشَّريفين وتَبِعَها- بطبيعة الحال- نوازِلُ خاصَّة بها، كان الشيخُ من أبرز من تكلَّم عن هذه المسائلِ التي حلَّت بالمجتمَع حينَها، ومنها:

– ضمان حوادث السيارات

فبيَّنَ الباحثُ أنَّ الشيخ كان له ترتيبٌ عامٌّ حين بحثَها، فلا بدَّ من بيان القاعدةِ العامَّة في الضَّمانِ، ومن ثمَّة بيان حالات الخطأ وترتيب الضَّمان عليها وصورتها، وكذلك حالاتُ التَّلَف وصورتها.

فالقاعدة العامةُ: أن التَّلَف المتعلِّق بحوادثِ السياراتِ لا يخلو من حالتين:

الأولى: الإتلافُ العَمدُ الذي يَقتُل غالبًا، فيأخذُ أحكامَ القتل العَمدِ.

الثانية: الإتلافُ العمْدُ الذي لا يقتُل غالبًا، فيجب عليه الضَّمانُ بوجوبِ الدِّية عليه.

وأما حالاتُ الخطأ: فصورتُها كتعلُّقِ الصبيِّ بالسيارة أو سقوطِه منها، وهي لا تخلو من حالتين:

الحالة الأولى: أن يكون صاحبُ السيارة لا يعلمُ بذلك، فلا ضمانَ عليه.

الحالة الثانية: أن يكون صاحِبُ السيارة عالِمًا بذلك، فعليه الضمانُ إن لم يفعَلِ الأسبابَ المانعةَ مِن تلَفِه.

وأمَّا حالات التلف: فصورتها نزولُ الراكبِ من سيارة الأجرةِ حال سيرِها، وهي على حالتين:

الحالة الأولى: أن ينزِلَ من تِلقاء نفسِه، فلا ضمانَ على السائقِ.

الحالة الثانية: أن ينزِلَ بأمرِ السَّائقِ أو غيرِه، وهو جاهِلٌ لا يدري، فالضمانُ على القاتلِ.

ونبَّه الباحث في أخريات المسألةِ على ضرورةِ بحثِ كلِّ حادثةٍ وحدها، وإعمالِ هذه القواعدِ؛ ليظهَرَ الحكمُ الخاصُّ بهذه الحادثةِ.

وجاء الفصل الخامسُ جامعًا لمسائِلَ شتَّى في باب المستجدَّات، وعنونَ له بـ (اختيارات الشيخ في المسائل المستجدَّة المنوَّعة)

ومن أهمِّ هذه المباحث:

– مسألة نقل الأعضاءِ للضَّرورة

وبيَّنَ الباحثُ أنَّ اختيارَ الشيخِ هو جوازُ نقل الأعضاء للضرورةِ

ومن هذه المسائل أيضًا: تعلُّم العلومِ العَصريَّة

وبيَّنَ الباحثُ مذهبَ الشيخ في تعلُّمِ هذه العلومِ، وهو جوازُ تعَلُّمِها؛ لعمومِ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} وهذا الأمرُ بالجهادِ لا يتِمُّ إلا بتعَلُّمِ فنونِ الحَربِ والصناعاتِ التي تتوقَّفُ القوةُ عليها.

وختم بحثَه بجملةٍ من النتائجِ والتوصياتِ، ثم أنهى حديثَه بوصيَّةٍ للباحثينَ في السياساتِ الشرعيَّة، بدراسة السياساتِ الشرعيَّة عند الشيخِ عبد الرحمن السعدي تأصيلًا وتطبيقًا.

والكتابُ مفيدٌ وماتِعٌ.

المصدر: الدرر السنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى