مقالاتمقالات المنتدى

في ظلال الهجرة النّبويّة (١)

في ظلال الهجرة النّبويّة (١)

 

بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)

 

قال اللّه عزّ وجلّ: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} وقال الرّسول ﷺ: {إنَّما الأعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَإنَّما لِامْرِئٍ ما نَوَى فَمَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللّهِ ورَسولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللّهِ وَرَسولِهِ وَمَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا يُصِيبُهَا أوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إلَيْهِ} للهجرة في سبيل اللّه فضل كبير وشأن عظيم قال ﷺ: {لَا تنقطِعُ الهِجرَةُ حَتّى تَنقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلَا تَنقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغربِها} والهجرة هي الخروج من ديار الكفر إلى بلد الإيمان وقد أكّد ﷺ هذا المعنى بقوله: {حتّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ} أي عندما لا يقبل رجوع مسرف بارتكاب الآثام {وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبها} أي عندما تطلع الشّمس من مغاربها لا تقبل التّوبة كما لا تقبل في سكرات الموت ومع أنّ الهجرة من مكّة المكرّمة قد انقطعت لقوله ﷺ: {لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وإذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا} إلّا أنّ هجر المعاصي والنّفاق والفرقة والشّقاق وسوء الأخلاق وسائر الخصال الذّميمة باقية ليوم القيامة قال تعالى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} أي اترك الأصنام وتبرّأ منها ومن أهلها وقال ﷺ: {الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مِنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللّهُ عَنْهُ} أي ترك ما نهى اللّه عنه من الأفعال والأقوال ومن أنواع الهجرة المعنويّة هجر الكافرين والعلمانيّين والمثبّطين والسّيداويّين اليساريّين والتّحذير منهم قال اللّه عزّ وجلّ: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} أي اصبر على ما يقوله سفهاء قومك {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} أي أتركهم تركا لا عتاب معه ومن أعظم أنواع الهجرة في هذا العصر هجرة القلوب إلى علّام الغيوب من بيده الخلق والأمر والنّفع والضّرّ وذلك بإخلاص العبادة للعزيز المقتدر في العلن والسّرّ حتّى لا يقصد العبد بقوله وفعله سوى وجه ربّه ﷻ قال ﷺ: {مَن أحَبَّ للّهِ وَأبْغضَ للّهِ وَأعْطى للّهِ وَمَنعَ للّهِ فَقدِ استَكْمَلَ الإيمانَ} ومن أنواع الهجرة كذلك الهجرة إلى هديه ﷺ باتّباعه في كلّ ما أمر وطاعته فيما نهى عنه وزجر والدّعوة إلى الكتاب والسّنّة إنّ المَطلوب منّا في هذه الأوقات الهجرة الصّادقة للّه ربّ الأرض والسّموات بفعل الخيرات وترك المنكرات والتّضامن مع المنكوبين في الثّغر بأرض المحشر والمنشر!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى