تقارير وإضاءات

أحدهم بنى 90 مسجدًا! 4 سياسيين محاربين للإسلام أسلموا في النهاية

إعداد محمد صلاح عبد الجواد

لعلّ أكثر ما تخشاه الأحزاب اليمينيّة المتطرّفة، هو تعاطف أحد أعضائها مع الطوائف والجماعات التي يتهمها اليمين دائمًا بالإرهاب، ويحملها مسئولية إفساد الثقافة والقيم في المجتمعات التي ينتمون إليها، ولعل أشهر التيارات اليمينية هي التي نمت نموًّا كبيرًا في الدول الأوروبية، والتي تمارس اضطهادًا ممنهجًا ضد الأجانب من مهاجرين ولاجئين، فضلًا عن اضطهاد الطوائف المسلمة؛ إذ يعدون انتشار الإسلام في أوروبا خطرًا على هويّتها المسيحيّة اليهودية. ولكن في هذا التقرير، سوف ننقل لك أربعة أمثلة عن تجارب مختلفة ليمنيين متطرفين حاربوا الإسلام في البداية، ولكنهم دخلوا بعدها في الإسلام، وأصبح بعضهم دعاة له في مجتمعاتهم.

 

ماكسين بوتي.. الإسلام يطرق أبواب اليمين الفرنسي المتطرّف

في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2014، استقبل مجموعة من قيادات حزب الجبهة الوطنية الفرنسي المعروف بعدائه للمهاجرين والمسلمين، بريدًا إلكترونيًا يحمل فيديو لأحد أعضاء الحزب البارزين، وعضو المجلس المحلي في باريس؛ يعلن فيه إسلامه، ويطلب من القيادات وجموع أعضاء الحزب التعرّف على الإسلام الحقيقي المسالم الذي تتوافق مبادئه مع المبادئ الأساسية التي يقوم عليها الحزب. ويرى ماكسين بوتي أن التشويه الإعلامي هو السبب الرئيسي للسمعة السيئة التي تلاحق الإسلام وحزب الجبهة الوطنية في أوروبا، على الرغم من كونهما مشتركين في دعم الضعفاء، ومساندتهم أمام بطش أصحاب رؤوس الأموال، حسبه. وقد شعرت قيادات الحزب بالحرج، على رأسهم رئيسة الحزب والمرشحة الرئاسية السابقة مارين لو بان من فيديو ماكسين بوتي، عضو إدارة الحزب بباريس، وصدر قرار على الفور بإيقافه من الحزب.

 

 

ويحكي بوتي أنه كان مسيحيًّا يتبع الطائفة الكاثوليكية، وأخذ القرار بالتحويل إلى دين آخر عندما قرأ الإنجيل ووجد من وجهة نظره أن به الكثير من التناقضات، ولكنه عندما قرأ القرآن وجد أن الإسلام أكثر عقلانية وانفتاحًا، واتخذ ماكسين بوتي قراره بعد أن خاض الكثير من النقاشات والجدالات مع أحد الأئمة المسلمين، تعرّف عليه خلال إحدى الحملات الانتخابية مطلع عام 2014. وفي حوار له مع جريدة «Le Parisien» دافع بوتي عن الإسلام وأصر على تبرئته من أفعال المتطرفين، خصوصًا الدولة الإسلامية، وقال: «الإسلام لم يأمر بقطع رؤوس الناس؛ بل الإسلام نزل لكي يوحّد جميع الرجال والنساء في العالم».

 

فان دورن.. آمن بالإسلام بعد «الفتنة»

في عام 2008، شارك السياسي الهولندي أرنود فان دورن، في صناعة فيلم بعنوان «الفتنة» الذي يصف الإسلام والمسلمين بالعنف وعدم التسامح، والطمع في السيطرة على العالم، وقد أنتج هذا الفيلم حزب الحرية الهولندي، المعروفبإيديولوجيته اليمنية المعادية للمهاجرين، وخطابه المحارب للإسلام وللمسلمين، ولكن فان دورن لم يكن يعلم أنّه سوف يأتي عليه اليوم الذي يرتدي فيه الجلباب الإسلامي الأبيض، ويقف باكيًا أمام قبر نبي الإسلام محمد -صلى الله عليه وسلم- بعد أن يؤدّي مناسك الحج لأول مرة عقب اعتناقه الإسلام في أبريل (نيسان) 2013، بعد سنوات من العمل تحت مظلة حزب الحرية الهولندي، الذي نعته بعض من أعضائه بالخيانة عقب إعلانه اعتناق الدين الإسلامي.

 

أرنود فان دورن مع ابنه إسكندر بعد اعتناق الإسلام- مصدر الصورة: Arab News

وبدأت ميول فان دورون نحو الإسلام بالتدريج؛ فالبداية كانت بقراءة القرآن وتفسيراته، ثم أقنعه أحد معارفه بزيارة مسجد في مدينته، ولقي هناك ترحيبًا كبيرًا على عكس ما كان يتوقع، ومكث في المسجد يومًا بأكمله يتحدث مع المسلمين، وعندما حكى فان دورن عن شعوره بهذه التجربة قال: «كنت أشعر بالارتباك في البداية، ولكن سرعان ما تغيّر هذا الشعور إلى إحساس بالدفء والسلام الداخلي». وبعد عام واحد فقط؛ حدثت مفارقة أخرى في حياة أرنود فان دورن، وذلك عندما أعلن ابنه «إسكندر» اعتناقه الإسلام، وجاءت هذه الخطوة بعد أن لاحظ السلام الذي حل على والده؛ فبدأ بدراسة القرآن بصحبة صديق مسلم له يدعى «يونس»، الذي يقول عنه إسكندر إنه كان حريصًا أن يتعلّم منه شيئًا جديدًا عن الإسلام كل يوم. وبعد ذلك انطلق إسكندر مع والده في رحلة التعمق في الدين الإسلامي، وتبنّي مبادرة للتعريف بالإسلام وتصحيح صورته.

 

 

آرثر فاجنر.. وجد هويته أخيرًا في الإسلام

قبل أن ينتهي عام 2017، وبالتحديد في يناير (كانون الثاني) الماضي؛ تناولت الصحف العالمية خبر إسلام السياسي الألماني «آرثر فاجنر»، الذي ينتمي لحزب البديل الألماني – ثالث أكبر حزب في ألمانيا- والذي يعرف بعدائه للمهاجرين والمسلمين، حتى إنّ أحد شعارات حملات الحزب للانتخابات البرلمانية السابقة كان «الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا».

ويحاول الكثير من السياسيين التابعين للحزب والممثلين له، سواء في الحكومة أم البرلمان، معارضة انتشار المساجد في ألمانيا، وفي أحد البيانات الرسمية للحزب، طالب الحزب الشرطة الألمانية بإطلاق النار على اللاجئين الذين يحاولون التسلل إلى ألمانيا، لأنهم – من وجهة نظر الحزب- يمثلون خطرًا على المواطنين الألمان، وثقافتهم الغربية المحافظة، وحتى إن آرثر فاجنر نفسه انتقد المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» وقال إنها ارتكبت خطأ كبيرًا عندما سمحت للاجئين السوريين بالقدوم إلى الأراضي الألمانية.

 

آرثر فاجنر- مصدر الصورة: التليجراف

وفي حوار مصور مع شبكة الـ«بي بي سي» البريطانية، أوضح فاجنر أنه طوال حياته يعاني من أزمة في تحديد هويته الثقافية؛ كونه ألمانيًّا ذا أصل روسي؛ وقال: «الألمان لا يعرفون أني ألماني، والروس لا يعرفون أني روسي». ويتابع آرثر فاجنر أنه وجد في الإسلام القيم المحافظة التي تتفق مع مبادئه السياسية، إذ إن تغيُّر الكنيسة – من وجهة نظره- كان أحد الأسباب التي دفعته نحو الإسلام، وضرب مثالًا بمعارضته مشاركة بعض القساوسة البروتستانت في مظاهرة لدعم حق المثليين جنسيًّا في الزواج، مما يتعارض مع مبادئ الأنجيل، من وجهة نظر فاجنر. ورجّحت بعض الصحف أن تطوّع آرثر فاجنر الأسبوعي للترجمة مع اللاجئين الشيشانيين المسلمين؛ كان من أهم الأسباب التي وفرت له المساحة للتحدث والاشتباك مع المسلمين، والتعرف على الإسلام بصورة أكبر، حتى انتهى به الأمر للتحوّل من المسيحية إلى الإسلام.

 

حوار آرثر فاجنر مع بي بي سي

 

كارسيفاك.. من متطرف يهدم المساجد إلى مسلم يبني 90 مسجدًا

مسجد «بابري» هو نقطة خلاف تاريخية بين الهندوس والمسلمين في الهند، وذلك بعد أن قام حشد هندوسي يتكون مما يقرب من 150 ألف شخص بهدم المسجد في ديسمبر (كانون الأول) عام 1992، وكان دافع الهندوس لهدم المسجد التاريخي بعد خمسة قرون من بنائه؛ هو أن المسلمين وقت حكم المغول المسلمين للهند قاموا بهدم معبد كبير للإله «رام»، ومنذ هدم المسجد وحتى هذه اللحظة، ما يزال النزاع حوله قائمًا بين الهندوس والمسلمين.

 

كارسيفاك- المصدر الجزيرة

كان على رأس الحشد الذي هدم المسجد شخص يدعى «كارسيفاك»، وهو أول شخص صعد إلى قبة المسجد ليهدمها. بعدها، وفي أحداث تشبه سيناريوهات «بوليوود» الهندية، تحوّل كارسيفاك من المتطرف الذي هدم مسجدًا، إلى داعية إسلامي يسافر من بلدة هندية إلى أخرى لينشر تعاليم الدين الإسلامي. ويقول كارسيفاك الذي غيّر اسمه إلى محمد عامر، إنه كان شابًا متحمسًا اندفع خلف الآراء السياسية المتطرفة، وبعد هدم المسجد كان سعيدًا للغاية؛ لأنه تمكن من خدمة المعتقد الهندوسي الذي ينتمي إليه، ولكنه حين عاد إلى منزله وجد عائلته الهندوسية العلمانية في منتهى الغضب لما فعله ابنها، وحينها شعر بالذنب لأول مرة، وقرّر التقرب من المسلمين والإسلام، حتى أعلن إسلامه هو وصديقه «يوجندرا بال» الذي كان قد تعاهد معه بهدم مسجد بابري وبناء معبد رام، ولكنهم أعلنوا إسلامهم وتعاهدا على بناء 100 مسجد تكفيرًا عن هدم مسجد بابري، وحتى الآن تمكنا من بناء 90 مسجدًا كبيرًا في الهند.

 

 

(المصدر: ساسة بوست)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى