تقارير وإضاءات

تجديد الخطاب الديني في مصر … العقم نعمة والسعي للإنجاب قنوط من رحمة الله

تجديد الخطاب الديني في مصر … العقم نعمة والسعي للإنجاب قنوط من رحمة الله

يوم الجمعة الماضي 19 فبراير 2021م، ارتقى وزير الأوقاف المصري، محمد مختار جمعة، منبر مسجد السادات في تلا بمحافظة المنوفية، وبدلا من حث المسلمين على التكاثر والتناسل عملا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم : [تكاثروا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة]؛ فإذا به يزعم أن «العقم» قد يكون نعمة من الله، وذلك في إطار تشجيعه للناس بعدم التناسل أو الإقلال منه عملا بتوجيهات زعيم الانقلاب المصري الطاغية، عبدالفتاح السيسي”، والذي وصفه الأزهري سعد الدين الهلال بأنه نبي، وأن الله بعث السيسي ومحمد إبراهيم نبيين كما بعث موسى وهارون؟!

وفي خطبة الجمعة وصف مختار جمعة الزوجين اللذين يسعيان إلى الإنجاب بعد زواج امتد إلى سنوات بأن ذلك شكل من أشكال القنوط من رحمة الله، فإذا تأخر زوجان في الإنجاب فلا يجب عليهما البحث في العلم والطب عن علاج لذلك؛ لماذا؟ لأن “العقم” في “دين السيسي الجديد” الذي يبشر به مختار جمعة، نعمة، وأن السعي والبحث في الوسائل الطبية ومحاولات الإنجاب، قنوط من رحمة الله!

الخطاب الديني الجديد!
الغريب في الأمر أن الوزير حاول تغليف هذا الهراء الشرعي والعلمي بغلاف براق واعتبر هذا التجديف فهما جديدا لنصوص الإسلام في ضوء متطلبات العصر، وأن على أهل العلم التركيز على تنظيم الإنجاب ووضعه ضمن “الضرورة الشرعية”.
ووصف جمعة سعي بعض فئات المجتمع المصري إلى إنجاب الولد باعتباره نوعا من أنواع عدم الرضا بقضاء الله، وقال إن “سعي المصريين إلى كثرة الإنجاب بهدف أن يرزقهم الله بالولد ليكون سنداً لهم خطأ كبير”، مضيفا أن “العقم قد يكون نعمة في كثير من الأحيان”، وأن الأزهر الشريف إذا أراد أن يعطي فتوى في أمر تحديد النسل، فتجب مراعاة كثير من الجوانب، فإن كانت الدولة شاسعة المساحة، وفيرة الثروات، فلا مانع من الإنجاب طالما كان العائل قادرا مستطيعا، في حين أن “الوضع الراهن في مصر يجعلنا نخرج أمر تحديد النسل من فتوى الحلال إلى وضعه تحت بند الضرورة الشرعية”.
واعتبر جمعة تجديفه قراءة جديدة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج]، ووضع البلاد حاليا يجعل من شرط الباءة عسير المنال واعتبره شرطا للإنجاب أيضا لمن تزوجا ولم ينجبا!!
ما يقدمه مختار جمعة هو شكل من أشكال التجديد في الخطاب الديني الذي يبشر به السيسي منذ سنوات ما بعد انقلابه المشئوم في منتصف 2013م. وترد الاستشارية النفسية نيفين محسن إن المجتمع المصري لن يمكنه الاستجابة لهذه الضغوط المتكررة في خطاب تحديد النسل، كما “تجب مراعاة الألفاظ المستخدمة في النصح، وضرورة أن يختبر كل شخص النصح على نفسه أولا، فكيف للمصريين أن يستجيبوا لتنظيم النسل بينما من ينصحهم لديه عدد كبير من الأولاد”.

غرامة على الإنجاب!
في ذات السياق، دعت وزيرة التضامن الاجتماعي بحكومة الانقلاب، غادة والي، الإثنين 15 فبراير 2021م، إلى فرض عقوبة قانونية على كثرة الإنجاب، للمساهمة في الحد منه. وشددت والي، خلال مشاركتها باحتفال منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، بمناسبة مرور 70 عاما على إنشائها، على أهمية تضافر الجهود والعمل مع جهات الدولة للحد من كثرة إنجاب الأطفال، وحمايتهم مما يقع عليهم من أذى في مراحلهم السنية المختلفة. وأضافت أن مصر لديها 9 ملايين طفل تحت خط الفقر، ما يعني افتقارهم إلى الحد الأدنى من الرعاية، مشيرة إلى أنهم يتعرضون لأنواع مختلفة من العنف أشد قسوة من مجرد التربية السليمة أو عدمها، وضربت أمثلة منها الزواج المبكر، والفتيات اللاتي يعانين من الإنجاب المبكر.
وتأتي خطبة مختار جمعة وتصريحات غادة والي متسقة تماما مع توجهات الطاغية السيسي الذي كرر مؤخرا حديثه عن الزيادة السكانية، ومطالبته بضرورة تقليل الإنجاب، ما يفسر توجه الخطاب الديني الرسمي، الذي تتحكم فيه وزارة الأوقاف، إلى فرضه على خطب الجمعة وغيرها، كما أثار الإعلامي المقرب للنظام تامر أمين مؤخرا غضبا واسعا حين تحدث في ذات الموضوع، بعد أن تحولت محاولته لتنفير المصريين من كثرة الإنجاب إلى خطاب كراهية للفقراء وتمييز ضد سكان صعيد مصر.

(المصدر: رابطة علماء أهل السنة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى