كتب وبحوث

التكوير على التحرير والتنوير (14) | الشيخ محمد خير رمضان يوسف

التكوير على التحرير والتنوير (14)

الشيخ محمد خير رمضان يوسف

 

(خاص بمنتدى العلماء)

 

الجزء الرابع عشر

 

سورة الحِجر

11- {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}.

يَسخَرونَ بـالرسولِ الذي يُرسِلهُ اللهُ إلـيهم، عُتوًّا منهم وتمرُّدًا علـى ربِّهم. (الطبري).

19- {وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُون}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ القولُ في {مَدَدْنَاهَا} و{رَوَاسِيَ} في سورة الرعد (الآية 3): {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا}. ومن قولهِ هناك: المدُّ: البسطُ والسعة، ومنه: ظلٌّ مديد، ومنه: مدُّ البحرِ وجَزْره، ومدَّ يدَهُ إذا بسطها. والمعنى: خلقَ الأرضَ ممدودةً متَّسعةً للسيرِ والزرع؛ لأنه لو خلقها أسنمةً من حجر، أو جبالاً شاهقةً متلاصقة، لما تيسَّرَ للأحياءِ التي عليها الانتفاعُ بها، والسيرُ من مكانٍ إلى آخرَ في طلبِ الرزقِ وغيره.

والرواسي: جمعُ رَاسٍ، وهو الثابتُ المستقرّ، أي: جبالاً رواسي.

{وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ}: وما أنبتَ فيها من الزروعِ والثمارِ المتناسبة. (ابن كثير).

أي: في الأرض؛ لأن الفواكهَ الجبليةَ غيرُ منتفعٍ بها في الأكثر، أو لأن الأرضَ تعمُّها، فإنها لما أُلقيَتْ فيها صارتْ منها. (روح البيان).

22- {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ}.

أي: من السحاب. وكلُّ ما علاكَ فأظلَّكَ فهو سماء، وقيل: من جهةِ السماء، والمرادُ بالماءِ هنا ماءُ المطر. (فتح القدير).

28- {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}

فسَّرَ الكلماتِ الثلاثِ قبلَ آيتينِ منها، فكان ممّا قال:

الصلصال: الطينُ الذي يُترَكُ حتى يَيبس، فإذا يبسَ فهو صلصال، وهو شبهُ الفخّار، إلا أن الفخّار هو ما يبسَ بالطبخِ بالنّار.

الحمَأ: الطينُ إذا اسودَّ وكرهتْ رائحته.

المسنون: الذي طالتْ مدَّةُ مكثه.

33- {قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}.

فسَّرَ الكلماتِ الثلاثِ في الآيةِ (26) من السورة، فكان ممّا قال:

الصلصال: الطينُ الذي يُترَكُ حتى يَيبس، فإذا يبسَ فهو صلصال، وهو شبهُ الفخّار، إلا أن الفخّار هو ما يبسَ بالطبخِ بالنّار.

الحمَأ: الطينُ إذا اسودَّ وكرهتْ رائحته.

المسنون: الذي طالتْ مدَّةُ مكثه.

45- {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ في سورةِ البقرة، ومما قالَهُ في (الآية 2) منها: التقوى الشرعيةُ هي امتثالُ الأوامر، واجتنابُ المنهياتِ من الكبائر، وعدمُ الاسترسالِ على الصغائر، ظاهراً وباطناً، أي: اتقاءُ ما جعلَ الله الاقتحامَ فيه موجباً غضبَهُ وعقابه.

وذكرَ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرةِ أيضًا، أن الجنةَ هي المكانُ الذي تكاثرتْ أشجاره، والتفَّ بعضُها ببعضٍ حتى كثرَ ظلُّها، وذلك من وسائلِ التنعمِ والترفهِ عند البشرِ قاطبة.

48- {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ}.

وما هم من الجنةِ ونعيمها وما أعطاهم الله فـيها بمخرَجين، بل ذلك دائمٌ أبداً. (الطبري).

52- {إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُون}.

الذين دخلوا على إبراهيـمَ خـليلِ الرحمن، حين أرسلَهم ربُّهم إلى قومِ لوطٍ ليُهلكوهم. (الطبري)، {فَقَالُواْ سَلامًا}: مصدرٌ منصوبٌ بفعلٍ مضمر، تقديره: سلَّمنا، أو نسلِّمُ سلاماً. والسلامُ هنا التحية. (ابن عطية).

53- {قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ}.

ذكرَ في الآيةِ السابقةِ أن الوجلَ هو الفزع.

56- {قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّون}.

… الذين قد أخطأوا سبيلَ الصواب، وتركوا قصدَ السبيل، في تركهم رجاءَ الله, ولا يخيبُ مَن رجاه, فضلُّوا بذلكَ عن دينِ الله. (الطبري).

57- {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُون}.

أشارَ إلى ورودِ معناها في سورةِ يوسف {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ} [الآية 51]. وفيه قوله: الخَطب: الشأنُ المهمّ، من حالةٍ أو حادثة. قيل: سمِّيَ خطباً لأنه يقتضي أن يخاطِبَ المرءُ صاحبَهُ بالتساؤلِ عنه. وقيل: هو مأخوذٌ من الخُطبة، أي: يُخطَبُ فيه، وإنما تكونُ الخطبةُ في أمرٍ عظيم، فأصلهُ مصدرٌ بمعنى المفعول، أي: مخطوبٌ فيه.

59- {إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِين}.

يريدُ أهلَهُ المؤمنين. والمعنى: إنا أُرسِلنا إلى قومٍ أَجرمَ كلُّهم إلا آلَ لوط، لنهلكَ الأوَّلين ونُنجي الآخِرين. واكتفى بنجاةِ الآلِ لأنهم إذا نجَوا وهم تابعون، فالمتبوعُ – وهو لوط – أولَى بذلك. (روح البيان، باختصار).

60- {إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِين}.

قضَينا. (البغوي).

64- {وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}.

تأكيدٌ لخبرِهم إيّاهُ بما أخبروهُ به، مِن نجاتهِ وإهلاكِ قومِه. (ابن كثير).

65- {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ}

قالَ في تفسيرها في الآيةِ (81) من سورةِ هود: أمرٌ بالسُّرَى – بضمِّ السينِ والقصرِ –  وهو اسمُ مصدرٍ للسيرِ في الليلِ إلى الصباح.

74- {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ}.

قالَ في الآيةِ الكريمةِ (82) من سورةِ هود: {فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُود}: المعنى أن القريةَ انقلبتْ عليهم انقلابَ خسفٍ حتى صارَ عالي البيوتِ سافلاً، أي: وسافلها عالياً، وذلك من انقلابِ الأرضِ بهم. وإنما اقتصرَ على ذكرِ جعلِ العالي سافلاً لأنه أدخلَ في الإهانة. والسجِّيلُ فُسِّرَ بوادي نارٍ في جهنَّمَ يقالُ (سجِّيل) باللاّم، و(سجِّين) بالنون. و {مِنْ} تبعيضية، وهو تشبيهٌ بليغ، أي: بحجارةٍ كأنها من سجِّيلِ جهنَّم.

83- {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِين}.

 فأخذتهم صيحةُ الهلاك. (الطبري).

أي: صيحةُ جبريل، فإنه صاحَ فيهم صيحةً واحدةً فهلكوا جميعًا. وقيل: أتتهم من السماءِ صيحةٌ فيها صوت… (روح البيان).

سورة النحل

4- {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ}

 جَدِلٌ بالباطل. (البغوي).

6- {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُون}.

الجمال: ما يتجمَّلُ به ويُتزيَّن، والجمال: الحُسن، والمعنى هنا: لكم فيها تجمُّلٌ وتزيُّنٌ عند الناظرين إليها. (فتح القدير).

7- {إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}.

أي: ربُّكم الذي قيَّضَ لكم هذه الأنعامَ وسخَّرها لكم. (ابن كثير)، {لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} بخلقه، حيثُ جعلَ لكم هذه المنافع. (النسفي، الخازن).

9- {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}

ولو أرادَ اللهُ لجمعَكم على ملَّةِ التَّوحيدِ وألزمَكم بها، وسيكونُ ذلكَ بغيرِ اختيارِكم، لكنَّ اللهَ شاءَ أن يعطيَكم حرِّيةَ الاختيار، لتكونوا مسؤولين عن الأعمالِ التي تختارونَها، وسوفَ تُحاسَبون عليها. (الواضح).

10- {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ}.

ذكرَ أن إنزالَ الماءِ من السماءِ تقدَّمَ معناهُ عند قولهِ تعالى: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ}. وفيه تصريفُ كلمة (الماء)، وإيرادُ أقوالٍ عن السلفِ في المطر.

قالَ الشوكاني رحمَهُ الله: {هُوَ ٱلَّذِى أَنْزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ} أي: من جهةِ السماء، وهي السحاب {مَاءً} أي: نوعاً من أنواعِ الماء، وهو المطر.

12- {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ}

وذلَّلَ اللهُ لكم اللَّيلَ والنَّهار، يَخلُفُ أحدُهما الآخر، اللَّيلُ بهدوئهِ لِسَكنِكم ومنامِكم، والنَّهارُ بضيائهِ وحرارتهِ لعملِكم ومعاشِكم. وسخَّرَ لكم الشمسَ والقمرَ في حركةٍ دائمة، ليتشكَّلَ مِن سَيرِهما اللَّيلُ والنَّهار، ويستفيدَ منهما الإنسانُ في حياتِه، ولا غنَى له عنهما. وهذهِ النُّجومُ بأعدادِها الكثيرة، وأجرامِها المضيئة، وحركاتِها الدائبةِ في مدارِها، مذلَّلاتٌ بأمرِه، يتصرَّفُ فيها ولا يمتنعُ عليهِ شيءٌ منها. (الواضح).

22- {فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُون}.

متعظِّمون. (البغوي). {وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ} عن قبولِ الحقّ، متعظِّمون عن الإذعانِ للصواب، مستمرُّون على الجحد. (فتح القدير).

23- {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ}.

الذين يتعالَونَ على الحقّ، فلا يُرتجَى منهم اقتناعٌ وإيمان. (الواضح في التفسير).

25- {أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}.

قالَ في تفسيرِ مثلِها، في الآيةِ (31) من سورةِ الأنعام: و{سَاءَ مَا يَزِرُونَ} إنشاءُ ذمّ. و{يَزِرُونَ} بمعنى يَحملون، أي: ساءَ ما يمثَّلُ مِن حالهم بالحَمْل.

وقالَ الإمامُ الطبري: ألا ساءَ الإثمُ الذي يأثمون، والثقلُ الذي يتـحمَّلون.

29- {فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}.

ادخـلوا طبقاتِ جهنـم، ماكثـين فيها، فلبئسَ منزلُ مَن تكبَّر على اللهِ ولم يقرَّ بربوبـيتهِ ويصدِّقْ بوحدانـيتهِ جهنَّـم. (الطبري).

31- {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ}.

لهم جنَّاتٌ مُعَدَّةٌ لإقامةٍ دائمة، يدخلونَها ويسكنونَ فيها فرحينَ مبتهجين، تزيِّنُها الأنهارُ جاريةً بين قصورِها وأشجارِها، ولهم فيها ما يشاؤونَ من أنواعِ المطعوماتِ والمشاربِ والثِّمارِ اللَّذيذة. (الواضح).

32- {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.

{ادْخُلُوا الْجَنَّةَ} التي أعدَّها اللهُ تعالَى لكم ووعدَكم إيّاها، بسببِ ثباتِكم على التقوَى والطاعة، بالذي كنتُم تعملونَهُ مِن ذلك. (روح المعاني، باختصار).

45- {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ}.

ذكرَ أن معنى المكرِ تقدَّمَ في الآيةِ (26) من السورة: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}. وقد عرَّفَهُ بقوله: المكر: إلحاقُ الضرِّ بالغيرِ في صورةِ تمويههِ بالنصحِ والنفع.

47- {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}

فإنَّ ربَّكم إنْ لم يأخذْ هؤلاءِ الذين مكروا السيِّئاتِ بعذابٍ معجَّلٍ لهم، وأخذَهم بموتٍ وتنقُّصِ بعضِهم في أثرِ بعض، لرؤوفٌ بخَلقه، رحيمٌ بهم، ومِن رأفتهِ ورحمتهِ بهم لم يخسفْ بهم الأرض، ولم يعجِّلْ لهم العذاب، ولكنْ يخوِّفُهم وينقِّصُهم بموت. (الطبري).

48- {يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ}.

أشارَ إلى بيانِ معنى الظلالِ في سورةِ الرعد (الآية 15): {وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}، قال: والظلالُ جمعُ ظلّ، وهو صورةُ الجسمِ المنعكسِ إليه نور.

51- {إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}.

فإيّايَ فاتَّقوا، وخافوا عقابي بمعصيتِكم إيَّايَ إنْ عصيتُموني وعبدتُم غيري، أو أشركتُم في عبـادتِكم لي شريكًا. (الطبري).

53- {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُون}.

{نِّعْمَةٍ}: أيَّ نعمةٍ كانت، كالغنى، وصحةِ الجسم، والخصب، ونحوها.

{الضُّرُّ} أي: الفقر، والبلاءُ في جسدكم، والقحط، ونحوها. (روح البيان).

60- {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ عند قولهِ تعالى: {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [سورة البقرة: 209]، ومما قالَهُ هناك: العزيزُ فعيلٌ من عزَّ إذا قويَ ولم يُغلَب، وأصلهُ من العزَّة. والحكيم: يجوزُ أن يكونَ اسمَ فاعلٍ من حكمَ، أي: قويُّ الحُكم، ويحتملُ أنه المحكِمُ للأمور، فهو من مجيءِ فَعِيل بمعنى مُفعل…

61- {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ نظيرهُ عند قولهِ تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} من سورةِ الأعراف (الآية 34)، وقد قالَ هناك: {يَسْتَأْخِرُونَ} و{يَسْتَقْدِمُونَ} بمعنى يتأخَّرون ويتقدَّمون، فالسّينُ والتّاءُ فيهما للتأكيد، مثلُ استجاب. والمعنى: إنّهم لا يتجاوزونَهُ بتأخير، ولا يتعجَّلونَهُ بتقديم. والمقصودُ أنهم لا يؤخَّرون عنه، فعَطْفُ {وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} لبيانِ أن ما علمَهُ الله وقدَّرَهُ على وفقِ علمه، لا يَقدرُ أحدٌ على تغييرهِ وصَرفه.

62- {وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى}.

أي: العاقبةُ الحسنى عند الله، وهي الجنة، إن كان البعثُ حقًّا. (روح البيان).

63- {فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

… ولهم في الآخرةِ عذابٌ شديدٌ على طاعتِهم له، دونَ طاعةِ رسُلِهم. (الواضح)، هو عذابُ النار. (روح البيان).

65- {وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ الْسَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}.

أي: من السحاب، أو من جهةِ العلوّ، كما مرّ، أي: نوعاً من أنواعِ الماء. (فتح القدير).

69- {ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون}.

{سُبُلَ} أي: الطرقُ التي فهَّمكَ الله وعلَّمك. (فتح القدير).

{لآيَةً}: حجةً ظاهرةً دالةً على القدرةِ الربانية. (روح البيان).

71- {أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُون}.

الجحود: الإنكار. والباءُ لتضمينهِ معنى الكفر. (روح البيان).

77- {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

{السَّاعَةِ}: القيامة.

{إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}: إنما وصفَ اللهُ تعالى نفسَهُ بالقدرةِ على كلِّ شيءٍ في هذا الموضع؛ لأنهُ حذَّرَ المنافقين بأسَهُ وسطوتَه، وأخبرَهم أنهُ بهم محيط، وأنهُ على إذهابِ أسماعِهم وأبصارِهم قدير. ومعنى {قَدِيرٌ}: قادر، كما أن معنى {عَلِيمٌ}: عالم. (الطبري).

78- {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

فاشكروا الله على ما أنعمَ به عليكم من ذلك دونَ الآلهةِ والأنداد، فجعلتم له شركاءَ في الشكر، ولـم يكنْ له فيما أنعمَ به علـيكم من نعمهِ شريك. (الطبري).

87- {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}.

ذكرَ عند تفسيرِ الآيةِ (94) من سورةِ آلِ عمران، أن الافتراءَ هو الكذب، وهو مرادفُ الاختلاق، وكأن أصلَهُ كنايةٌ عن الكذبِ وتلميح، وشاعَ ذلك حتى صارَ مرادفًا للكذب.

92- {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا}.

{نَقَضَتْ}: النقض: انتثارُ العَقدِ مِن البناءِ والحَبلِ والعِقد، وهو ضدُّ الإبرام. (مفرداتُ الراغب).

93- {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}.

على ملَّةٍ واحدة، وهي الإِسلام. (البغوي).

94- {وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ}.

أحالَ معناها إلى الآيةِ (92) من السورة {تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ} ومما قالَهُ هناك: الدَّخَل: الفساد، أي: تجعلون أيمانكم التي حلفتموها. والدَّخَل أيضاً: الشيءُ الفاسد. والمعنى: تجعلون أيمانكم الحقيقةَ بأن تكونَ معظَّمةً وصالحة، فيجعلونها فاسدةً كاذبة، فيكونُ وصفُ الأيمانِ بالدَّخَل حقيقةً عقلية. أو تجعلونها سببَ فسادٍ بينكم، إذ تجعلونها وسيلةً للغدرِ والمكر، فيكونُ وصفُ الأيمانِ بالدَّخَل مجازاً عقلياً.

97- {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

قالَ في مثلها، في الآيةِ السابقة: أي: بسببِ عملهم البالغِ في الحسن، وهو عملُ الدوامِ على الإسلام، مع تجرُّعِ ألمِ الفتنةِ من المشركين.

102- {وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}.

… وهدًى لهم مِن الضلالة، وبُشرَى للمسلمينَ الذين استسلـموا لأمرِ اللهِ وانقادوا لأمرهِ ونهيه، وما أنزلَهُ في آي كتابه، فأقرُّوا بكلِّ ذلكَ وصدَّقوا به قولاً وعملاً. (الطبري).

106- {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.

ولهم عذابٌ كبيرٌ يومَ القيامة، لعِظَمِ جُرمِهم. (الواضح).

113- {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ}.

وهم مشركون. وذلكَ أنه قُتِلَ عظماؤهم يومَ بدرٍ بالسيفِ على الشرك. (الطبري).

115- {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}.

فسَّرَهُ في الآيةِ (173) من سورةِ البقرة، وملخصه: البغي: الظلم، والعدوان: المحاربةُ والقتال، ومجيءُ هذه الحالِ هنا للتنويهِ بشأنِ المضطرِّ في حالِ إباحةِ هاتهِ المحرَّماتِ له، بأنه بأكلِها يكونُ غيرَ باغٍ ولا عاد، لأن الضرورةَ تُلجىءُ إلى البغي والاعتداء… فالجائعُ يأكلُ من هاتهِ المحرماتِ إن لم يجدْ غيرها أكلاً يُغنيهِ عن الجوع..

116- {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُون}.

ذكرَ عند تفسيرِ الآيةِ (94) من سورةِ آلِ عمران، أن الافتراءَ هو الكذب، وهو مرادفُ الاختلاق، وكأن أصلَهُ كنايةٌ عن الكذبِ وتلميح، وشاعَ ذلك حتى صارَ مرادفًا للكذب.

118- {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ}.

أشارَ مؤلفُ الأصلِ إلى أن المرادَ ما ذُكِرَ في سورةِ الأنعام.

ويعني الآيةَ (146) منها: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ}.

123- {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}.

{مِلَّةَ}: ذكرَ عند تفسيرِ الآيةِ (120) من سورةِ البقرة، أن الملة: الدينُ والشريعة. قال: وهي مجموعُ عقائدَ وأعمالٍ يلتزمُها طائفةٌ من الناسِ يتفقون عليها، وتكونُ جامعةً لهم كطريقةٍ يتبعونها، ويحتملُ أنها مشتقةٌ من (أملَ) الكتاب، فسمِّيتِ الشريعةُ ملَّةً لأن الرسولَ أو واضعَ الدينِ يعلِّمها للناسِ ويمللها عليهم، كما سمِّيتْ دينًا باعتبارِ قبولِ الأمةِ لها، وطاعتهم وانقيادهم.

{حَنِيفًا}: ذكرَ في الآيةِ (120) من السورةِ أن الحنيفَ: المجانبُ للباطل.

128- {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}.

وهو مع الذين يُحسِنون رعايةَ فرائضه، والقيامَ بحقوقه، ولزومَ طاعته، فيما أمرَهم به ونهاهم عنه. (الطبري).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى