تقارير وإضاءات

التأصيل الشرعي لحق العودة الفلسطيني

التأصيل الشرعي لحق العودة الفلسطيني

د. نواف تكروري

لحق العـودة أبعاد متعددة؛ وقد تطرق الباحثون لهذه الأبعاد بأبحاثٍ كثيرة تم تناولها إما مجتمعة وإما منفردة، فمنهم من كَتب عن حق العودة ببعده الإنساني. ومنهم من كتب عنه ببعده القانوني، ومنهم من كتب عنه ببعده الوطني والقومي. أما التطرق لحق العودة من الوجهة الشرعية ووجوب هذا الحق فهو أمر مهم لم يسبق وأن كتب فيه بعمق.

وأبتدئ بالحديث عن الفرق بين حق العودة كحق وبين حق العودة كواجب، أما الحق فيمكن للإنسان أن يتنازل عنه، فهو حقٌ شخصي يمكنه التصرف به، كبيع شيء من أثاث بيته أو حتى بيته إن أراد، وأما الواجب فهو الحق العام الذي لا يمكن للفرد أن يتصرف به، ووجوب هذا الحق يكمن بتمكين الإنسان ممارسته لهذا الحق بشتى أشكاله.

مثلاً من حق الإنسان أن يمارس عبادته، ومن واجب المجتمع تمكين هذا الإنسان ممارسته هذا الحق، وواجبٌ على هذا الإنسان أيضا أن يمارس هذا الحق، بالرغم من أنه لا يحق له التنازل عنه، وبمثل قضيتنا الفلسطينية وجب على المجتمع الدولي أن يمكِّن الشعب الفلسطيني من العودة إلى دياره، بل عليه أن يساعده في هذا التمكين، وإن على الفلسطيني أن يتمسك بهذا الحق ولا يتنازل عنه لأن هذا الحق شأنٌ عام وليس خاصاً، لماذا؟ لأن أرضه اغتصبت اغتصابا وحلّ محلَّه إنسان آخر، وتمَّ بذلك الاعتداء على الشعب والسلطان في هذه الأرض، وهذا أمرٌ لا يخصهُ بمفرده بل يخص الشعب بكامله.  وحين نتكلم عن التأصيل الشرعي لحق العودة نريد بذلك أن نقول أن لهذه القضية أصلها وبُعدها الشرعي الذي تأمر به، ويثبت ذلك بحكم شرعي واضح مدَّعم بالدلائل والبراهين، حيث أن وجوب هذا الحق يستند إلى دلائل وبراهين تدلل على وجوبه فمنها ما استند عليه من القرآن الكريم، ومنها ما استند عليه من السنة الشريفة، ومنها ما استند به على فتاوى العلماء، ومنها ما استند به على العقل وتمييزه للحق والباطل، فمن كتاب الله تعالى جل شأنه يقول: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ..} فإذا نظرنا إلى أهلنا في فلسطين في داخلها فإنهم ربما يستطيعوا أن يعدُّوا الصواريخ التي يملكونها أو التي يستطيعوا أن يصنعونها ويعدُّوا العمليات الاستشهادية ويبحثوا بالوسائل المختلفة لكي يواجهوا هذا العدو دفاعاً عن حقهم وطلباً لحرية أرضهم ومقدساتهم ودفعاً للظلم اللاحق بهم أشخاصاً وممتلكات ومقدسات وأعراض وكل ذلك ولكن ما هو الدور المنوط بأهلنا في الشتات وفي المهجر أنقبل بالعدو ونقول نحن عُجَّز لا نستطيع أن نفعل شي طبعاً لا.. إن الذي يعيش في دول الشتات يمكنه أن يُعِد ويمكنه أن يحضِّر وإن تمسكه بحق العودة هو ضَربٌ من ضروب الإعداد، وهو باب من أبواب القوة، التي يمكن أن تضعف العدو، لأنه يعلم كم يخشى العدو من الحديث عن «التمسك بحـق العودة» ومن المطالبة بعودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه وممتلكاته، لان هذا يؤذيه إلى حدٍ كبير، وأن اللاجئ  عندما يواجه عدو يغتصب أرضه ويعتدي على ممتلكاته من حقه أن يبحث في أذيته وذلك لا لقصد الأذية وإلحاق الأذى؛ وإنما بقصد أن يتمكَّن من استرداد المغتصب من أرضه  وبالتالي تحصيل الحق الضائع، فمن أهم ادوار المهجَّر إعداَد العُدَّة لإرهاب العدو وإشعاره بعدم استقراره وذلك بتمسكه بحقه بالعودة، وبالتالي حرام شرعا أن تمنح الاطمئنان للعدو والذي يمنعه الأطمئنان هو تمسك اللاجىء الفلسطيني بحقه بالعودة الذي يزعزع استقرار وأمن العدو الصهيوني، من هذا نصل للنتيجة المتوخاة بان العودة واجب، وقديماً قالوا: (كل ما فيه قوة لأهل الحرب لا يجوز بيعهم إياه)، هذه قاعدة متفق عليها اتفاق قديم، ارجع إلى كتب الفقه تجدها في كل كتب الفقه (كل ما فيه قوة لأهل الحرب لا يجوز بيعهم إياه) قال الإمام مالك حتى الإبرة .. فما بالك إذا كان بيع للارض والمقدسات ماذا يكون حكمه؟ انه حرام وحرام مطلق.

 ورغم أننا نعلم معاناة أهلنا في الشتات، ونعلم أوضاعهم وظروفهم القاسية ولكن نعلم أيضا أن ابسط ما يقدمونه هو تمسكهم بحق العودة. لأن ذلك ما يغيظ به الكفار ويجعلهم في قلق دائم وعدم استقرار، وهذا هو المطلوب بث الخوف الدائم وعدم الركون للأمن.

إن المعاناة التي يعانيها الإنسان الفلسطيني عندما يرفض التوطين ويرفض الحصول على جنسية أخرى تُنسيه حقه في العودة… عندما يرفض التنازل ويتحمل المشاق تأتيه البشرى القرآنية : يقول الله سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب الله لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون وادياً إلا كتب لهم ليجيزهم الله أحسن ما كانوا يعملون}.

فإذاً أهلنا في المهجر مكلَّفون بعدم التخلف عن أهلنا في شعب الجهاد، وإذا كان هذا واضحٌ للعيان. إن أمامهم وسائل كثيرة فمن هذه الوسائل {ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطأون موطئاً يغيظ الكفار}.

إعلانك بالتمسك بحق العودة يُغيظ الكفار ويجعلهم يرتعدون خوفاً بأن الأمة ما زالت حيَّة وترفض التنازل عن هذا الحق. إذاً يغيظهم {ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين}.

وهنا نعلم أوضاع أهلنا في الشتات وظروفهم القاسية وأحوالهم فجاء النص مطمئناً {ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ} المعاناة التي تعانيها عندما ترفض التوطين والحصول على جنسية أخرى تُنسيك حقك في العودة.. عندما ترفض التنازل وتتحمل المشاق تأتي البشارة القرآنية {لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدوهم نيلاً} ثم قال: {ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة } تطمين لأن الإنسان إذا تجنَّس وفُتحت أمامه أبواب الدنيا وربما أخذ الجنسية الأمريكية والأوربية أو غيرها وأصبحاً جزءاً من ذلك إذا ترتَّب على ذلك نسيان حق العودة ربما تفتح أمامه كثير من المصالح والاستفادة المادية فيعتبرها نفقة، من هذه المصالح إن كان من أجل الثبات على حق العودة وعدم التنازل إنما هو نفقات تنفقها في سبيل الله ثباتاً على المبدأ وحفاظاً على الهوية وبالتالي تكون مأجور، كل صغيرة كل ظمأ كل شعب كل نفقة كل حرمان يلحق الفلسطيني إن كان يستحضر نية الثبات واستخلاص الحق ومنع التهويد ويقابلها بذلك أنه إذا آثر الريَّ والشبع والاطمئنان والاستراحة وتوفير الأموال وغير ذلك على حساب هذا الحق العام فإنه يكون خاسر وموزور.

ضيق العيش الذي يعاني منه أهلنا وشتاتهم مكتوب ولهم به أجر ومثوبة وهو شوكة في حلق العدو الذي يريد منهم أن يتنازلوا… وشعبنا حرٌ فهو يوثر المشقة والصعوبة وإذا كان لا بد منها هذا خيارنا نحن لا نختار حياة المشقة والصعوبة ولكن إذا كانت ثمناً لعزتنا وكرامتنا فلا بد لنا من هذا الاختيار ولا بد أن نقبل بها فلا نقبل الذل والهوان والتنازل عن الأرض والمقدسات في سبيل الراحة والاطمئنان والمال وغير ذلك… أي عندما نتكلم عن التأصيل الشرعي لحق العودة نتكلم عنه بصفته المحرِّض للمسلم على الثبات على حقه بل مساعدٌ له على تحصيله ولأن التطمين هو طريق التحصيل الذي يهول من أول ضربة والذي يفِرُّ عند أول صعود.

يقول أيضاً سبحانه وتعالى: {وأخرجوهم من حيث أخرجوكم} هذا أمر، أمر بالوجوب إذا العدو أخرجكم إذا اعتدى على أرضكم وطردكم منها فهذا واجب عليكم أن تخرجوه من حيث أخرجكم .. وكيف يتحقق هذا الإخراج مع وجود التنازل عن حق العودة.. إذا تنازلت عن حق العودة فلن تستطيع أن تخرجه فالتنازل عن حق العودة تفريط في الأمر الرباني {وأخرجوهم} فلا يجوز بحال من الأحوال فالعودة واجب لأنها سبيل لإخراج العدو الصهيوني من أرضنا. قال تعالى: {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها). وهذه الآية نزلت في تخريب اليهود لبيت المقدس ولا شك أن تخريبهم لكل بيوت الله يمكِّنهم من الاستمرار في غيهم واحتلالهم لها..والمساجد يتمكن اليهود من الإفساد فيها ومنعها وهم الآن أي اليهود في فلسطين يعيثون بها فساداً ويحيلونها إلى خمَّارات وبارات وغير ذلك رأيت ذلك بأم عيني في مواقع مختلفة، وهناك بعض الإخوة الباحثين ومنهم الأخ أحمد خليفة من أم الفحم ومتخصص بهذا الباب تكلم عن المساجد التي لحق بها فساد وما تقول لنا الآن وأنت تتكلم عن حق العودة أو قد ألحق بها فساداً للتنازل عن حق العودة يقرر هذا الإفساد بالمساجد ويقرر منع ذكر اسم الله سبحانه وتعالى فيها ومطالبتنا بحقنا أو العودة إلى أرضنا ومقدساتنا ومنازلنا نُبقي هذه المساجد وهذه المقدسات وهذه البيوت محفوظة حقاً للمسلمين حتى لا يُعتدى عليها فالتنازل إذا تمكين؟ ويقول سبحانه وتعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} التوافق على التنازل أو تقريره إسقاط وإسقاط حق العودة هو العدوان وتثبيت العدوان.

أما التمسك بهذا الحق فهو ردٌ على العدوان وإضعاف له ولو بعد حين. ويقول سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم إن كنتم تعلمون}

كل مسلم أو نفس أمانة بين يديه لا يجوز بها التصرف إلا على شرع الله سبحانه وتعالى وكذلك بالتالي إذا كان التنازل عن الأرض والحقوق الخاصة يؤدي إلى ضياع المصالح العامة والمقدسات خيانة لله وللرسول؟ وخيانة للأمانة.

هذه بعض الأدلة من الكتاب، ومن أراد أن يبحث عن بديل يجد الكثير من الأدلة التي تدل على هذا المعنى وإن كان بعضها ليس مباشراً ولكن الناظر بها بإمعان يجد فيه دلالات واضحة على المعنى المراد.

هذه هي الدلائل من القران الكريم أما من السنة الشريفة فرسول الله (ص) أخرج من مكة وهو خارج وقف على أطلالها متأثراً باكياً وهنا إشارة إلى حب الوطن الذي هو من صفات الإنسان الشهم ومن صفات المسلم المتمسِّك بدينه، لذلك وقف رسول الله (ص) على أطلال مكة وقال: «والله إنك لأحب أرض الله إلى الله والله لأنك أحب أرض الله إليّ، ولولا أهلك أخرجوني ما خرجت»..  وبالتالي نحن خرجنا كما اخرج النبي صلى الله عليه وسلم. طبعاً الرسول لم يعد إلى مكة إنما أقام في المدينة المنورة و(ص) دُفن فيها، وهذا هو المطلوب بالنسبة لنا. الرسول (ص) بقي مجاهداً ومناضلاً ومتحركاً ومحركاً لجنده ومطالباً بحقه حتى أصبح حق العودة بالنسبة إليه مطلباً فأخذ يذهب ويجيء وهذا الذي نطلبه. الذي نقوله إنه بالنسبة للفلسطيني ليس وجوب عليه أن يعود إلى هناك بعد أن تحرر البلاد ولكن وجوباً عليه ألا يتنازل وأن يحفظ لنفسه حقاً للعودة وأن تبقى ممتلكاته باسمه وأن تبقى خاضعة لحكمه وسلطانه، وأن لا تبقى لأعداء الله، وبالتالي البعض يظن أنه عندما نتكلم عن «حق العودة» فإن الفلسطيني عندما نكلفه بالعودة إلى أرضه سوف يخسر ممتلكاته في الخارج ويقال له أنت مكلَّف يجب أن تذهب وتقيم في داخل فلسطين.. لا السوري إذا هو يملك الذهاب والإياب إلى سورية ولكنها إذا اختار أن يشتري أرضاً في اليمن أو في الأردن أو في مصر أو في … هذا مُتاح له ذلك، ولكن على أن يبقى هذا حق له مستمر دائم وليس مجرد، إذاً هذا الذي تطالب به: حق زيارة البلاد متى شئت . ادخلوها كما قال الإمام «أبو حنيفة»: ادخلوها بدين الإسلام وليس بقرار وليس بطلبٍ من الكيان الصهيوني الغاصب كما أن هذا حق لي يجب أن أُمكنَ منه وألا يُختار بيني وبينه وإن أردت السفر سافرت وإن أردت العودة عُدت وإذا أردت الذهاب والإياب فعلت هذا هو الذي ينبغي أن يكون.

والدليل الذي يليه: الحفاظ على حق العودة هو إثبات لهوية الأرض. عندما تحافظ على حق العودة فإنك تُعلن أن هذه الأرض فلسطينية ـ عربية ـ إسلامية. وإذا تنازلت عن هذا الحق فإنك تفرِّط في هذه الأرض وتتنكَّر لهويتها. وبالتالي كان التنازل عن الأرض من المحرَّمات، ثم الحفاظ على حق العودة ذلك باب من أبواب الجهاد لأنه يعطِّل المشروع الصهيوني. المشروع الصهيوني لو تمكَّن من إنهاء حق العودة لكان قد قطع شوطاً كبيراً في تحقيق أهدافه وغاياته، وجهادنا في فلسطين وفي كل مواقع وجودنا هو من أجل تعطيل المشروع الصهيوني بالهيمنة على أرضك. فإذا كان الحفاظ على حق العودة يؤدي إلى تعطيل هذا المشروع أو إضعافه فهو إذاً ضرب من ضروب الجهاد، ومما يدل على ذلك أيضاً أنه في عام 1936 يا إخوة أفتى علماء المسلمين وقد اجتمعوا في المسجد الأقصى المبارك بحرمة التنازل عن أي شبر من أرض فلسطين، بل أكثر من ذلك بل قالوا بتكفير محل التنازل، المحل للتنازل عن أرضه أو باعها لليهود فإنه يستحلها. فقد كفر. أما إذا باعها فقد وقع في المآثم والكبائر والخيانة فأجمع العلماء من يومها أن بيع أي جزء من الأرض لليهود أو التنازل عن أي جزء للمحتل للأرض من اليهود هي كبيرة من الكبائر ومحرمٌ من المحرمات وبالتالي لا يجوز كما أنتم تعلمون أن الإجماع من الحجج القطعية.

هناك أمر يا إخوة في الفقه أن الأصل في التجنس بالجنسية اليهودية حرام. وذلك لأنه يكاد يمثل اعترافاً بالكيان الصهيوني، فلا يجوز للمسلم أن يتجنَّس بجنسية الكيان الصهيوني. أهل 48 يتجنَّسون بجنسية الكيان الصهيوني وهو مشروع استثناءً من باب درء المفاسد. فإذا كان الأمر الممنوع شرعاً قد تمَّ التجاوز فيه والتخلي عنه فمن باب درء المفاسد، فلأن يتجنَّس المسلم بجنسية الكيان الصهيوني أهون من أن يخرج من الأرض لأنه لا يمكَّن من البقاء إلا بذلك بسلطان الاحتلال وإجرامه، فإذا أُبيح له أن يتجنَّس حفاظاً على هوية الأرض من أجل أن يبقى فيها فهل يجوز له أن يتنازل عن هذه الأرض التي أبيح ارتكاب محظور من أجل البقاء فيها؟ قطعاً لا.. وبالتالي التنازل عن حق العودة هو بيعٌ للأرض والتنازل عنها، وهو مأثم من المآثم وجريمة من الجرائم.

(المصدر: هيئة علماء فلسطين في الخارج)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى