
تعريف بالمسجد الأقصی المنيف(٣)
(جامع عمر والمصلّی المروانيّ)
بقلم: أ.د. محمّد حافظ الشريدة( خاص بالمنتدى)
!في السّنة الخامسة عشرة من الهجرة دخل عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه مدينة القدس فاتحًا بعد أن انتصر المسلمون علی الرّومان في بلاد الشّام بقيادة الصّحابيّ الجليل (أبي عبيدة) رضي اللّه عنه واشترط بطريرك القدس صفرونيوس أن يستلم الخليفة عمر مفاتيح المدينة بنفسه فحضر للقدس وكتب لهم (العهدة العمريّة) الوثيقة التي منحتهم الحرّيّة الدّينيّة وقد غيّر عمر اسم المدينة من إيلياء إلى القدس ثمّ بنی فيها مسجدًا.. وجامع عمر من أقدم مساجد البلدة القديمة ويقع في حارة النّصارى إلى الجنوب من كنيسة القيامة وهو دليل على تسامح المسلمين مع أهل الكتاب الذّمّيّين فقد بني هذا المسجد في المكان الذي صلّى فيه عمر يوم فتح زهرة المدائن ورفض أن يصلّي في كنيسة القيامة حين دخل وقت الصّلاة خشية أن يتّخذها المسلمون مسجدًا فيما بعد فيقال: هنا قد صلّی أمير المؤمنين عمر! ويقع هذا المسجد في المنطقة الشّرقيّة لكنيسة القيامة ويشترك المسجد والكنيسة معًا في نفس المدخل وقد تمّ بناء هذا المسجد من الخشب والأعمدة وبقايا جذوع الأشجار وهو مربّع الشّكل ولكنّ حجمه ليس كبيرًا مقارنة مع مسجد قبّة الصّخرة من الجدير بالذّكر أنّ الملك الأفضل الأيّوبيّ جدّد بناء جامع عمر الأثريّ سنة 870 هجريّة وبعد ذلك تمّ بناء مئذنته المربّعة الشّكل الجميلة المنظر! ويحقّ لنا أن نقول بكلّ فخر: للّه درّك يا عمر! أمّا الآن فسنتحدّث عن المصلّی المروانيّ وباللّه التّوفيق: معلوم لكم أيّها المباركون أنّ مساحة المسجد الأقصی المبارك (144) دونمًا وداخل هذا المسجد الشّريف: المصلّى المروانيّ النّظيف الذي يقع في أسفل الجهة الجنوبيّة الشّرقيّة من المسجد الأقصى المنيف وقد أطلق عليه: التّسوية الشّرقيّة من الأقصى وذلك نسبة إلى التّسوية المعماريّة التي بناها الأمويّون في ذلك المكان حتّی يتسنّى لهم بناء الأقصی على أساسات متينة فقاموا ببناء الأروقة الحجريّة على دعامات قويّة ويتكوّن المصلّى المروانيّ من ستّة عشر رواقًا ومساحته: (4000) متر مربع وقد خصّص في زمن عبد الملك بن مروان كمدرسة فقهيّة وأثناء احتلال الفرنجة لأولی القبلتين استعمل الصّليبيّون المصلّی المروانيّ اسطبلًا للخيول ومخزنًا للذّخيرة وأطلقوا عليه اسم: (اسطبلات سليمان) وظنّ العوامّ أنّ الذي بناها هو سليمان عليه السّلام وقد أعاد البطل الهمام صلاح الدّين الأيّوبيّ افتتاحه للصّلاة بعد انتصاره علی الصّليبيّين في موقعة حطّين وقد أغلق هذا المصلّی عشرات السّنين.. وقبل حوالي ثلاثين سنة أطلقت الحركة الإسلاميّة برئاسة شيخ الأقصی زميلي في الدّعوة إلی اللّه الأخ الحبيب الأستاذ رائد صلاح مبادرة لترميم المصلّى المروانيّ ونفّذ هذا العمل على عدّة مراحل بإشراف الأوقاف الإسلاميّة ومؤسّسة الأقصی.. وشارك في هذا العمل الخيريّ آلاف الشّباب المؤمن.. وقد تمّ الانتهاء من ترميم المثلّی بفترة وجيزة من الزّمن وقدّرت المدّة لتجهيزه للصّلاة فيه بسنتين فتمّ تنفيذه بعد أربعة شهور بتوفيق العليّ القدير.. اللّهمّ ربّ العالمين احفظ المرابطين وأولی القبلتين.
إقرأ أيضا:التأصيل لخذلان غ زة !!!(١٥)