
وأينا لم تفتنه الدنيا !
بقلم الشيخ محمد يسري إبراهيم ( خاص بالمنتدى)
عن وبرة قال: «سأل رجل ابن عمر رضي الله عنهما: أطوف بالبيت وقد أحرمت بالحج؟ فقال: وما يمنعك؟ قال: إني رأيت ابن عباس يكرهه، وأنت أحب إلينا منه، رأيناه قد فتنته الدنيا، فقال: وأينا لم تفتنه الدنيا !؟
ثم قال: رأينا رسول الله ﷺ أحرم بالحج، وطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، فسنة الله وسنة رسوله ﷺ أحق أن تتبع من سنة فلان إن كنت صادقا».
هذا الحديث أخرجه الامام أحمد ومسلم وغيرهما .
وفي هذا الحديث موقف جليل لابن عمر مع ابن عباس رضي الله عنهم وأرضاهم ..
فمعرفته بالسنّة، ومخالفته لابن عباس، لم تمنعه من الذبّ عنه، والردّ عن عرضه، ودفع ظنة السوء به، وتأديب السائل حين آنس منه تزكيته على ابن عباس، مع التواضع وهضم النفس، واتهامها (وأيّنا لم تفتنه الدنيا)!
وهو ابن عمر .
نعم الحق أحق أن يتبع، لكن ليس من لازمه إسقاط الناس، والتقليل منهم، والقدح فيهم، والفرح بخطئهم، وإظهار الفضل عليهم !
هذه المقاصد الرديئة لا ينطوي عليها قلب مؤمن يريد الله والدار الآخرة .
فرق عظيم بين من قصده إظهار الحق ونصره، ومن مراده إظهار نفسه ورفعها، والله أعلم بالسرائر .
العلم إذا لم يزنه أدب وإصلاح نفس، طغى به صاحبه واغترّ، فتتبع عورات الناس وأخطاءهم، واشتغل بعيبهم ونقصهم.
ثم لا تجده يومًا معترفًا بتقصير، أو خطأ، ولا تجري على لسانه مفردات الإنصاف والعدل.
زيّن له الشيطان سوء عمله، وقبيح فعله، ﴿ أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ﴾ .
اللهم ألهمنا رشدنا ، وقنا شرّ أنفسنا، وأعذنا من حظوظها الدنيّة، واحفظ ألسنتنا، واهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت .
إقرأ أيضا:دور أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – في الدعوة مع رسول الله ﷺ