
يشهد المؤتمر الدولي “عبد المجيد الزنداني.. تراثه وفكره” المنعقد في إسطنبول حوارًا علميًا واسعًا حول إرث أحد أبرز علماء العصر الحديث، حيث يشارك فيه نخبة من العلماء والباحثين من مختلف الدول الإسلامية لإعادة قراءة مشروع الشيخ الزنداني الفكري والدعوي والعلمي، وإبراز أثره في مسيرة المعرفة الإسلامية.
يُعدّ الشيخ عبد المجيد الزنداني شخصية علمية فريدة جمعت بين فقه الوحي ومنهج البرهان، وصاغت رؤية تجمع بين الإيمان والعقل والعمل. وقد تميّز بمسار علمي بدأ من حلقات الكتّاب في اليمن، مرورًا بالأزهر الشريف، ثم دراسته للعلوم الطبيعية والصيدلة، وصولًا إلى تأسيس مؤسسات علمية كبرى من أهمها الهيئة العالمية للإعجاز العلمي وجامعة الإيمان، اللتين أصبحتا منارات لتخريج العلماء والدعاة وربط العلم بالعمل والدعوة بالواقع.
وتتناول جلسات المؤتمر ملامح التجديد في فكر الشيخ، حيث عرض العلماء منهجه في إعادة إحياء علم العقيدة بروح تجمع بين الإيمان والبرهان، مؤكدين أن خلفيته العلمية الواسعة جعلته يعيد صياغة الخطاب العقدي والدعوي بلغة يفهمها العقل الحديث، مع الحفاظ على أصالة الوحي وقطعية الدليل. كما أظهرت المداولات المنهج المتكامل الذي أسسه الشيخ في الربط بين النصوص الشرعية والحقائق الكونية، وهو المنهج الذي تجلّى في مشروع الإعجاز العلمي الذي أصبح من أهم إنجازاته العلمية والدعوية، وأسهم في تأسيس مراكز بحثية في العالم الإسلامي وتركيا، وترجمة عدد من كتبه إلى لغات متعددة.
وفي إطار الحديث عن دور الشيخ في الحوار والدفاع عن الإسلام، استعرض الباحثون جهوده في مواجهة الشبهات والإلحاد، ومحاوراته مع غير المسلمين، واعتماده على الحجة العلمية والنقاش الهادئ، إضافة إلى دوره في الدعوة إلى الوحدة الإسلامية ونشر قيم الوسطية والاعتدال وربط الإصلاح السياسي بالأخلاق والعلم والإيمان.
وقد أوصى الباحثون في مداخلاتهم بأهمية جمع تراث الشيخ الزنداني في موسوعة علمية شاملة، وتوثيق جهوده في الإعجاز العلمي والحوار والدعوة والتربية، ودعم المؤسسات التي أسسها وتطوير برامجها البحثية، إلى جانب مواصلة دراسة منهجه في الجمع بين الوحي والعقل بوصفه أحد النماذج المعاصرة التي أثرت في الفكر الإسلامي وأسهمت في تجديد الخطاب الشرعي.
بهذا يواصل المؤتمر مداولاته، وسط تأكيد علمي واسع على أن الشيخ عبد المجيد الزنداني يمثّل مدرسة فكرية متجددة، وعالمًا جمع بين الإيمان العميق والرؤية العقلية، وترك بصمة لا تزال حاضرة في مسيرة الدعوة والعلم والإصلاح.




