مقالات مختارة

محمد العيسى وتعزيز مبادئ الدين المنحرف. بقلم د. فيصل بن قزاز الجاسم

محمد العيسى وتعزيز مبادئ الدين المنحرف. بقلم د. فيصل بن قزاز الجاسم

محمد العيسى ماض في تعزيز مبادئ الدين المحرف الجديد بتقرير جواز تهنئةالكفار بجميع أنواعهم-كتابيهم ووثنيهم-بأعيادهم الدينية، زاعما أن حكم التهنئة من مسائل الاجتهاد لاالنص والإجماع.
وأتى بتحريفات وليٍّ للقواعد والدلائل لا يُستغرب من أمثاله ممن امتطوا مركب التغيير والتحريف.
ويكفي قاصد للحق أن يعلم أن تحريم تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية أمرٌ متفق عليه بين العلماء السابقين، كما اتفقت عليه المذاهب المتبوعة.

قال ابن القيم: (وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك،أو تهْنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهومن المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثما).

فالعلماء متفقون على حرمة التهنئة بأعياد الكفار الدينية مختلفون في التكفير بها.
والحكم بالتكفير -لمن قال به- مبني على ما تتضمنه التهنئة من الرضا والإقرار،وهو ضد مايجب من البراءة والإنكار.

وادعاؤه وجود من أفتى بجواز التهنئة من كبار علماءالعالم الإسلامي، فهو باطل لكونه قولا محدثا جديدا قد سبقه الاجماع والاتفاق. ولايخفى على أدنى طالب علم أن الخلاف اللاحق لايرفع الإجماع السابق.
والعيسى عاجز عن النقل عن الأئمة المتبوعين والعلماء المرضيين في تجويز التهنئة، لكنه قادر على إطلاق الدعاوى.

وأما ادعاؤه عدم وجود نص يمنع من التهنئة، فإن عنى الإسلام المحرف الجديد فنعم، وأما الإسلام العتيق فالنصوص فيه أكثر من أن تحصر، ويكفي الرجوع إلى كلام العلماء في أبواب الردة فضلا عن الكتب المفردة ككتاب «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية، و«أحكام أهل الذمة» لابن القيم وغيرها.
ويكفي أن يعرف المسلم أن النبي ﷺ نهانا عن بداءة الكفار بالسلام،وشرع لنا مخالفتهم فيما ليس من فعلهم كتغيير الشيب، فضلا عما هو من خصائص دينهم كأعيادهم أو دنياهم كلباسهم، ورَبَط النبي ﷺ ظهورالإسلام بمخالفة الكفار فقال: (لايزال الدين ظاهرا ما عجَّل الناس الفطر،فإن اليهود والنصارى يؤخرون).

ونهانا عن الإقامة في ديارهم فقال: (أنا برىء من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين)، وشَرَع لنا إلزام من يستوطن من الكفار بلاد الإسلام بأحكام الصغار، بتغيير لباسهم ومراكبهم وهيئاتهم عن المسلمين، كما فعله عمر رضي الله عنه في خلافته ووافقه الصحابة رضي الله عنهم وسار عليه المسلمون.

وأما زعمه أنَّ تَرْك النبي ﷺ التهنئة لا يدل على المنع لكونها من المباحات، وترك المباحات لا يدل على المنع، فهذامن الهذيان، لأن التهنئة المقصودة بالمنع ما كان على عيد ديني، والأعياد الدينية من الشرائع،كما أن عيدي الأضحى والفطر من شرائع الإسلام لا من مباحاته، بخلاف التهنئة على أمر دنيوي كالولد والزواج.

وأما ادعاؤه وجود المصلحة في التهنئة وخلوها عن المفسدة، فهو ضد ما جاءت به الشريعة، وخلاف ما قام عليه دين الإسلام، لأن الإسلام قائم على البراءة من جميع الأديان وتكفير أهلها، والتميز عنهم ومخالفتهم ومفارقتهم وجهادهم، وهو معنى الكفر بالطاغوت الذي هو شطر كلمة التوحيد، والتهنئة إقرار ورضى.

وأما زعمه أن تحريم التهنئة إنما هو من باب سد الذرائع، فيباح للمصلحة الراجحة، فأمرٌ لا ينقضي منه العجب، وحقيقة قوله أن الكفر بالطاغوت إنما هو من باب سد الذرائع، وعليه فيباح إظهار الرضى بالطاغوت والإيمان به للمصلحة الراجحة!!
وهل التزام هذا إلا مروق من الإسلام ونبذ له.
نعم،لو قال: مشابهتهم في الهدي الظاهر محرم تحريم الوسائل والذرائع، كمشابهتهم في لباسهم وشعورهم ونحو ذلك لكونه مدعاة لموافقتهم في الباطن لكان له وجه، وأما إظهار الرضى بدينهم، كتهنئتهم بعيدهم الديني، وترك البراءة من عقيدتهم وشعائرهم الدينية، فهو محرم لذاته لأنه من أصل الإسلام والتوحيد.

وأما المصلحة الراجحة التي ادعاها في تجويز التهنئة، وهي تعزيز التعايش والوئام مع الكفار وخصوم الإسلام، وتحقيق الاندماج مع المجتمعات الكافرة فهو بيت القصيد، وهو لبدعوة العيسى، ومحور نشاطاته، وأصل إسلامه الجديد القائم على إهمال عقيدة البراءة من الكفار،والتهوين من أصل الكفر بالطاغوت.

وعليه،
فإني أكرر نصيحتي للمسلمين جميعا بأن يحذروا من دعوة محمد العيسى وأمثاله، وأن يتمسكوا بالإسلام العتيق المبني على الدلائل والنصوص، المتلقى من أهل العلم والتقى والفضل، المدون في دواوين الإسلام ومجاميعه.
فلا جديد في أحكام الإسلام، ولا تجديد في عقيدته وأصوله وقواعده ومبادئه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى