
(في مثل هذا اليوم انتصر ألب أرسلان في ملاذكر علی الرّوم)!
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة(خاص بالمندى)
ان من عادة بطل الإسلام الهمام السّلطان (ألب أرسلان) -رحمه اللّه- أن يصطحب معه في كلّ غزواته العلماء والزّهاد لرفع المعنويّات والابتهال إذا حمي الوطيس لفاطر الأرض والسّموات هذا وقد صحبه في موقعة (ملاذكرد) إحدی أهمّ المعارك الفاصلة في التّاريخ الإسلاميّ الإمام الرّبّانيّ محمّد بن عبد الملك البخاريّ الذي خاطب السّلطان ألب بكلمات تستحقّ أن تكتب بماء العيون والذّهب: (إنّك تقاتل عن دين وعد اللّه بنصره وإظهاره على الأديان وأرجو أن يكون اللّه عزّ وجلّ قد كتب باسمك هذا الفتح فالقهم يوم الجمعة بعد الزّوال في السّاعة -أي ساعة الإجابة- التي يكون الخطباء فيها على المنابر فإنهم يدعون للمجاهدين)! واستجاب هذا البطل المجاهد لنصيحة العالم الزّاهد فالأمور المادّيّة لا تكفي لهزيمة المعتدين بل لا بدّ من الدّعاء واستغاثة ربّ العالمين! في مثل هذا اليوم السّابع من ذي القعدة من عام 463 هجريّة الموافق 26 آب 1071 ميلاديّة قام بطل الإسلام السّلطان ألب أرسلان فصلّى إمامًا بجحافل المؤمنين الذين باعوا أنفسهم طمعًا في جنّات النّعيم والنّظر إلی وجه اللّه الكريم وبكى من خشية الرّحمن وخرّ ومن حوله سجّدًا للأذقان ثمّ مرّغ وجهه في الثّری تذلّلًا للّه ربّ الوری ولبس كفنه وتحنّط ثمّ استعدّ لملاقاة المولی عزّ وجلّ وقال لمن حوله من الجند: (من أراد منكم أن يرجع فليرجع فإنّه لا ملك هاهنا إلا الواحد الأحد)! ثمّ امتطى صهوة جواده ونادى بأعلى صوته قبيل المعركة: (إن هزمت فإنّي لا أرجع أبدًا فإنّ ساحة الحرب هي قبري)! وعند الزّوال حينما يتنزّل نصر اللّه في الأهوال علی المؤمنين من الرّجال التحم الفريقان حزب الشّيطان من عبدة الصّلبان وجند الرّحمن من حملة القرآن وكان السّلطان ألب أرسلان في مقدّمة الصّفوف وهو يصول ويجول كالأسد الهصور ولا يقود المعركة من خلف الشّاشات كما جرت عادات الزّعامات في هذه الأوقات! ودارت معركة حامية الوطيس بين أولياء اللّه وجند إبليس حاول قائد البيزنطيّين رومانوس حسم هذه المعركة مبكّرًا مغرورًا بجيشه الهائل الجرّار وقلّة عدد المجاهدين الأبرار الأخيار الأطهار حملة لواء دين الواحد القهّار ولكنّ ثبات الجند الموحّدين أذهلهم وشتّت أفكارهم ودبّ الرّعب في نفوسهم وأصيبوا بالتّعب والإرهاق وحلّ بينهم النّزاع والشّقاق وشعر الرّوم -شذّاذ الآفاق- بورطة لا تطاق أوقعوا فيها أنفسهم بمواجهة أبطال الإسلام فقرّروا الانسحاب من ساحات الوغی بل التّخلّي عن قائدهم رومانوس الذي حاول الرّجوع إلى الخلف ومواصلة القتال في الليل عند ذلك انتهز الأسد الباسل والقائد المناضل الفرصة وشدّ بكامل جيشه وبكلّ قوّته على جيش الرّوم العرمرم وأحدث في صفوفه ثغرة كبيرة نجح من خلالها باقتحام قلب جيش العدو وقامت فرق الرّماة الفدائيّة بإمطاره بوابل كثيف بالسّهام المميتة فحصلت مقتلة عظيمة فيهم وانكشفت صفوفهم ثمّ حلّت الهزيمة بهم ووقع في الأسر أعداد كبيرة منهم قائدهم المتغطرس المغرور بشيطانه: (رومانوس) ويعتبر أوّل قيصر من الرّومان يقع أسيرًا في أيدي أبطال الإسلام وقد كانت هزيمة معركة ملاذكرد هي أفدح خطب نزل بالدّولة البيزنطيّة لدرجة أنّ المؤرّخين الغربيّين قارنوها بمعركة (اليرموك) الفاصلة في التّاريخ من حيث النتائج والآثار ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾ !!
أقرأ أيضا:غزة.. وعقاب الله للطغاة..!!