مقالاتمقالات المنتدى

صلاح الدّين بطل حطّين ومحرّر أولی القبلتين 2

صلاح الدّين بطل حطّين ومحرّر أولی القبلتين 2

 

بقلم أ. د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)

 

1. بعد أن تحرّرت القدس علی يد القائد البطل المجاهد الرّبانيّ الفذّ صلاح الدّين الأيّوبيّ عامل كلّ من فيها معاملة حسنة تختلف عن معاملة الصّليبيّين لسكّانها الأصليّين قبل حوالي مائة سنة من الزّمان حينما قتل الفرنجة الصّليبيّون جميع أهالي مدينة القدس: من رجال وكهول ونساء وأطفال.. وقد وصل عدد ضحايا المجزرة إلی: سبعين ألف نسمة! وتمّت تصفيتهم جسديّاً في ساحات المسجد الأقصى المبارك؟! 2. على النّقيض من ذلك عاملهم السّلطان صلاح الدّين معاملة إسلاميّة مثاليّة ما زال كثير من المؤرّخين الأجانب يثنون عليه بسببها! ومن الجدير بالذّكر: انّه لم تقع من صلاح الدّين أيّة معاملة قاسية انتقم فيها من الصّليبيّين بل سمح لهم بمغادرة القدس في غضون أربعين يوماً بشرط أن يدفعوا فدية مقدارها عشرة دنانير عن كلّ رجل وخمسة دنانير عن كلّ امرأة ودينار واحد عن كلّ غير بالغ. 3. أظهر -رحمه اللّه- تسامحاً كبيراً مع فقراء الصّليبيّين الذين عجزوا كلّيّاً عن دفع الجزية استجابة لقول اللّه تعالی: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} وللّه درّ الشّاعر القائل: ((حَكمنا فكان العفو منّا سَجيّة : فلمّا حَكمتم سالَ بالدّم أبطحُ! وما عجبٌ هذا التّفاوت بيننا : فكلّ إناءٍ بالذي فيه يَنضحُ))! 4. بعد حياة حافلة بالجهاد في مرضاة ربّ العباد آن للفارس المقدام أن يترجّل وعن دنيانا الفانية أن يرحل فمرض -رحمه اللّه- مرضاً شديداً وساءت حالته ودخل في غيبوبة طويلة لم يفق منها إلّا نادراً وفي اللّيلة الثّانية عشرة من مرضه كلّف قارئاً أن يتلو علی مسامعه القرآن الكريم وحين وصل إلى قوله تعالى: ﴿فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ تبسّم وهو الذي لم يبتسم قبل تحرير أولی القبلتين من براثن المحتلّين وأسلم الرّوح إلی بارئها بعد حياة حافلة بمقارعة الصّليبيّين عام 589 هـ. 5. في الختام: اللّهمّ ربّنا يسّر لأمّة خير الأنام ﷺ من يقيم خلافة الإسلام ويرفع راية القرآن ويحرّر لنا أرض المحشر والمنشر درّة بلاد الشام كما حرّرها من قبل صلاح الدّين القائد البطل الهمام! تری هل يرجع الماضي فإنّا: نذوب لذلك الماضي حنينا؟*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى