كتب وبحوث

صدقة الفطر دراسة فقهية مقارنة (2)

صدقة الفطر دراسة فقهية مقارنة (2)

إعداد عبدالله المسعود

*مسألة: ديون الله..؟!

إذا ماتَ من عليه زكاة أو فطرة او كفارة أو نذر؟

1-عند الحنفية: لا يُؤخذ من تركتِه إلا أنْ يتبرَّع ورثتهُ بذلك وهم من أَهل التبرُّع،فإن امتنعوا لم يُجبروا عليه، وإن أَوصى بذلك جاز وينفذ من ثلث ماله.

2- عند الجمهور:

تخرج من تركته لأنَّه حقُّ الله وحقُّ الآدمي إذا تعلَّقا بمحلٍّ واحد تساويا في الاستيفاء، أيّ أنَّ الزكاة حقُّ مالٍ لزم في حال الحياة فلم يسقط بالموت كدين الآدمي.

7-وقتُ وجوبها: 

 هل هي عبادة متعلِّقة بيوم العيد عند الحنفية،؟

 أو مُتعلِّقة بخروج رمضان عند الجمهور.؟

1-عند الحنفية: تجبُ بطلوع الفجر من يوم عيد الفطر، فمَنْ ماتَ قبل ذلك لم تجبْ عليه،ومن وُلد بعد ذلك لم تجب عليه، لعدم حضوره رمضان،.

2-عند الجمهور:

تجبُ بغروب شمْس ليلة عيد الفطر لأنَّها مُضافة في الأحاديث إلى الفطر من رمضان فكانت واجبة به؛ لأنَّ الإضافة تقتضي الاختصاص.

وأَوَّل فطر يقع بمغيب الشمس من ليلة الفطر وانقضاء الصوم بغروب الشمس، -فمنْ ماتَ بعد الغروب تجبُ عليه وتبقى في ذمّته عند الجمهور-،

-ومن وُلد أو أسلم بعد الغروب لا فطرة عليه.

-ومن أَيسَر بعد الغروب لا فطرة عليه عندهم لعدم وجود سبب الوجوب.

 8ـ تعجيلها: 

 يصحُّ التعجيل من أَول رمضان عند الحنفية والشافعية لوجود سبب الوجوب، فصار كأداء الزكاة بعد وجود النِّصاب عند الحنفية، ولأنَّها تجب بسببين هما صوم رمضان والفطر، فإذا وجد أحدهما جاز تقديمها على الآخر (كزكاة المال بعد ملك النصاب وقبل الحَوْل عند الشافعية)(1).

-ولا يجوز التعجيل قبل شهر رمضان.

ويصحّ التعجيل قبل العيد بيوم أو يومين لا أكثر ولا تجزئ قبله عند المالكية والحنابلة.

9ـ تأخيرها 

قال الحنفية: وَقتُ الأداء هوَ يَوْمُ الْفطر من أَوله إِلَى آخِره ثمَّ بعدهُ يسْقط الْأَدَاء وَيجب الْقَضَاء، والْأَصَح أَنَّهَا تجب وجوباً موسَّعا، لَكِن الْمُسْتَحبّ أَن تُؤَدِّي قبل الْخُرُوج إِلَى الْمصلى،حَتَّى لَا يحْتَاج الْفَقِير إِلَى الْكسْب، وَالسُّؤَال يَوْم الْعِيد فيتمكن من أَدَاء صَلَاة الْعِيد فارغ الْقلب عَن الْقُوت على مَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام اغنوهم عَن الْمَسْأَلَة فِي مثل هَذَا الْيَوْم(2).

عند الشافعية: المستحبّ أن لا تؤخَّر عن صلاة العيد فإن أُخِّرت استحبّ إخراجها أول النهار للتوسعة،ويحرم تأخيرها عن يوم العيد بلا عذر.

عند الحنابلة والمالكية: إن أخّرها عن يوم الفطر أثم وعليه القضاء؛ لأنها عبادة كالصلاة.(3).

10- الواجب في صدقة الفطر

عن ابن عمر رضي الله عنه قال: فَرَضَ النّبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم صدقة الفطر ـ أو قال رمضان ـ على الذَّكَرِ والأنثى والحرِّ والمملوكِ صاعاً من تمرٍ أو صاعاً من شعيرٍ، فَعَدَلَ النَّاسُ به نِصْفَ صاعٍ مِنْ بُرٍّ. قال نافع -مولى ابن عمر-فكان ابنُ عُمَرَ رضي الله عنه يُعْطِي التّمْرَ، فأعوَزَ أهلُ المدينَةِ مِنَ التّمرِ فأعطى شَعِيراً. فكان ابنُ عُمَرَ يُعطِي عن الصّغير والكبيرِ حتّى إنْ كان لِيُعْطِي عن بَنِيَّ. أي:أَبناء نافع مولى ابن عمر؛ كانوا عتقاء ابن عمر وكان ابنُ عُمَرَ يُعْطِيها الذين يَقْبَلُونها، وكانوا يُعْطُونَ قبل الفِطْرِ بيومٍ أو يومين(4)

1- ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ:إِلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ إِخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ الْقِيمَةُ مِنَ النُّقُودِ وَهُوَ الأَفْضَلُ، أَوِ الْعُرُوضِ، لَكِنْ إِنْ أَخْرَجَ مِنَ الْبُرِّ أَوْ دَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ أَجْزَأَهُ نِصْفُ صَاعٍ، وَإِنْ أَخْرَجَ مِنَ الشَّعِيرِ أَوِ التَّمْرِ أَوِ الزَّبِيبِ فَصَاعٌ، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّاسُ يُخْرِجُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهصلى الله عليه وآله وسلم صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ سُلْتٍ (5) أَوْ زَبِيبٍ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ، وَكَثُرَتِ الْحِنْطَةُ جَعَلَ عُمَرُ نِصْفَ صَاعِ حِنْطَةٍ، مَكَانَ صَاعٍ مِنْ تِلْكَ الأَشْيَاءِ.

ثُمَّ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: مَا سِوَى هَذِهِ الأَشْيَاءِ الأَرْبَعَةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا مِنَ الْحُبُوبِ كَالْعَدَسِ وَالأُرْزِ، أَوْ غَيْرِ الْحُبُوبِ كَاللَّبَنِ وَالْجُبْنِ وَاللَّحْمِ وَالْعُرُوضِ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ بِقِيمَةِ الأَشْيَاءِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا، فَإِذَا أَرَادَ الْمُتَصَدِّقُ أَنْ يُخْرِجَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مِنَ الْعَدَسِ مَثَلا، فَيُقَوِّمُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ نِصْفِ الصَّاعِ ثَمَانِيَةَ قُرُوشٍ مَثَلا، أَخْرَجَ مِنَ الْعَدَسِ مَا قِيمَتُهُ ثَمَانِيَةُ قُرُوشٍ مَثَلا، وَمِنَ الأُرْزِ وَاللَّبَنِ وَالْجُبْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَشْيَاءِ الَّتِي لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا الشَّارِعُ، يُخْرِجُ مِنَ الْعَدَسِ مَا يُعَادِلُ قِيمَتَهُ (6).

2-وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ: إِلَى أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ كَالْعَدَسِ وَالأُرْزِ، وَالْفُولِ وَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ وَالتَّمْرِ وَالأَقِطِ وَالدُّخْنِ (7).

وَمَا عَدَا ذَلِكَ لا يُجْزِئُ، إِلا إِذَا اقْتَاتَهُ النَّاسُ وَتَرَكُوا الأَنْوَاعَ السَّابِقَةَ، وَلا يَجُوزُ الإِخْرَاجُ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ، إِلا إِذَا كَانَ أَفْضَلَ، بِأَنِ اقْتَاتَ النَّاسُ الذُّرَةَ فَأَخْرَجَ قَمْحًا. وَإِذَا أَخْرَجَ مِنَ اللَّحْمِ اعْتُبِرَ الشِّبَعُ، فَإِذَا كَانَ الصَّاعُ مِنَ الْبُرِّ يَكْفِي اثْنَيْنِ إِذَا خُبِزَ، أَخْرَجَ مِنَ اللَّحْمِ مَا يُشْبِعُ اثْنَيْنِ (8).

3-وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ جِنْسِ مَا يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ، وَلَوْ وُجِدَتْ أَقْوَاتٌ فَالْوَاجِبُ غَالِبُ قُوتِ بَلَدِهِ، وَقِيلَ: مِنْ غَالِبِ قُوتِهِ، وَقِيلَ: مُخَيَّرٌ بَيْنَ الأَقْوَاتِ، وَيُجْزِئُ الأَعْلَى مِنَ الأَدْنَى لا الْعَكْسُ (9).

4-وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنَ الْبُرِّ أَوَ التَّمْرِ أَوِ الزَّبِيبِ أَوِ الشَّعِيرِ، لِحَدِيثِ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ ، يَقُولُ: «كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ»(10).

وَالْحَدِيثَ يُخَيَّرُ بَيْنَ هَذِهِ الأَشْيَاءِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْمُخْرَجُ قُوتًا.

وَيُجْزِئُ الدَّقِيقُ إِذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِلْحَبِّ فِي الْوَزْنِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ أَخْرَجَ مِنْ كُلِّ مَا يَصْلُحُ قُوتًا مِنْ ذُرَةٍ أَوْ أُرْزٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (11).

*هل يجوز دفع القيمة..؟

1-ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ دَفْعُ الْقِيمَةِ، لأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِذَلِكَ، وَلأَنَّ الْقِيمَةَ فِي حُقُوقِ النَّاسِ لا تَجُوزُ إِلا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمْ، وَلَيْسَ لِصَدَقَةِ الْفِطْرِ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ حَتَّى يَجُوزَ رِضَاهُ أَوْ إبْرَاؤُهُ.

2-وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ:إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ الْقِيمَةِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى لِيَتَيَسَّرَ لِلْفَقِيرِ أَنْ يَشْتَرِيَ أَيَّ شَيْءٍ يُرِيدُهُ فِي يَوْمِ الْعِيدِ ؛ لأَنَّهُ قَدْ لا يَكُونُ مُحْتَاجًا إِلَى الْحُبُوبِ بَلْ هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى مَلابِسَ، أَوْ لَحْمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِعْطَاؤُهُ الْحُبُوبَ، يَضْطَرُّهُ إِلَى أَنْ يَطُوفَ بِالشَّوَارِعِ لِيَجِدَ مَنْ يَشْتَرِي مِنْهُ الْحُبُوبَ، وَقَدْ يَبِيعُهَا بِثَمَنٍ بَخْسٍ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا الْحَقِيقِيَّةِ، هَذَا كُلُّهُ فِي حَالَةِ الْيُسْرِ، وَوُجُودِ الْحُبُوبِ بِكَثْرَةٍ فِي الأَسْوَاقِ، أَمَّا فِي حَالَةِ الشِّدَّةِ وَقِلَّةِ الْحُبُوبِ فِي الأَسْوَاقِ، فَدَفْعُ الْعَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْقِيمَةِ مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَةِ الْفَقِيرِ.

إذاً يجوز عند الحنفية أن يُعطي القيمة مالاً، أو عروضاً؛ لأنَّ الواجب في الحقيقة إغناءُ الفقير لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم»(12). والإغناء يحصل بالقيمة بل هو أَتمّ وأوفر وأيسر.

– عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ»، فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ وَجَاءَتِ السَّمْرَاءُ،[القمح الشامي] قَالَ: «أُرَى مُدًّا مِنْ هَذَا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ».(13)

ونقل هذا القول -جواز إخراج القيمة- عن جماعة من أهل العلم منهم الحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والثوري ونقل عن جماعة من الصحابة أيضاً وهذا هو القول الراجح إن شاء الله لما يلي:

أَولاً: إنَّ الأصل في الصدقة المال لقوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً). والمال في الأصل ما يملك من الذهب والفضة وأُطلق على ما يقتنى من الأعيان مجازاً وبيان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المنصوص عليه إنما هو للتيسير ورفع الحرج لا لتقييد الواجب وحصر المقصود.

ثانياً: إن أخذ القيمة في الزكاة ثابت عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعن جماعة من الصحابة ؛

1-فمن ذلك ما ورد عن طاووس قال معاذ باليمن: ائتوني بعرض ثياب آخذه منكم مكان الذرة والشعير فإنه أهون عليكم وخير للمهاجرين بالمدينة. رواه يحيى بن آدم في كتاب الخراج.

وقد عنون له الإمام البخاري في صحيحه فقال: باب العرض في الزكاة وذكر الأثر عن معاذ ونصّه: وَقَالَ طَاوُسٌ: قَالَ مُعَاذٌ رضي الله عنه لِأَهْلِ اليَمَنِ: «ائْتُونِي بِعَرْضٍ ثِيَابٍ خَمِيصٍ – أَوْ لَبِيسٍ – فِي الصَّدَقَةِ مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ وَخَيْرٌ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم بِالْمَدِينَةِ»(14).

[ ش (بعرض) هو كل ما عدا النقود. (خميص) ثوب صغير مربع ذو خطوط. (لبيس) ملبوس أو كل ما يلبس.]

وفعل معاذ مع إقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك يدل على جوازه ومشروعيته.(15)

2- الأحاديث الواردة في النص على أصناف معينة من الطعام لا تفيد تحريم ما عداها، بدليل أن الصحابة -رضي الله عنهم- أجازوا إخراج القمح -وهو غير منصوص عليه- عن الشعير والتمر ونحو ذلك من الأصناف الواردة في الأحاديث.

ما ذكره ابن المنذر من أن الصحابة أجازوا إخراج نصف الصاع من القمح؛ لأنهم رأوه معادلاً في القيمة للصاع من التمر أو الشعير، ولهذا قال معاوية: إني لأرى مُدَّين من سمراء الشام تعدل صاعًا من التمر فهم قدروه بالقيمة (16)

 3-قال أبو إسحاق السبيعي – وهو أحد أئمة التابعين-: أدركتهم وهم يؤدون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام (17)

4-ذكرالحنابلة رواية مخرَّجة عن أحمد: إلى جواز إخراجها نقوداً، وبه أخذ جماعة من المعاصرين، كالشيخ أحمد بن محمد بن الصديق الغماري في رسالة له خاصة في الموضوع، سماها: ” تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال) “18)

ثالثاً:دفع القيمة وفقه الواقع

قال الدكتور يوسف القرضاوي: “أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرض زكاة الفطر من الأطعمة السائدة في بيئته وعصره،إنما اراد بذلك التيسير على الناس ورفع الحرج عنهم، فقد كانت النقود الفضية أو الذهبية عزيزة عند العرب، وأكثر الناس لا يكاد يوجد عنده منها إلا القليل،أو لا يوجد عنده منها شيء، وكان الفقراء والمساكين في حاجة إلى الطعام من البر أو التمر أو الزبيب أو الإقط، لهذا كان إخراج الطعام أيسر على المعطي وأنفع للآخذ. ولقصد التيسير أجاز لأصحاب الإبل والغنم أن يخرجوا (الأقط) وهو اللبن المجفف المنزوع زبده فكل إنسان يخرج من الميسور لديه. ثم إن القدرة الشرائية للنقود تتغير من زمن لآخر ومن بلد لآخر ومن مال لآخر فلو قدر الواجب في زكاة الفطر بالنقود لكان قابلاً للارتفاع والانخفاض حسب قدرة النقود على حين يمثل الصاع من الطعام إشباع حاجة بشرية محددة لا تختلف فإذا جعل الصاع هو الأصل في التقدير فإن هذا أقرب إلى العدل وأبعد عن التقلب”.

أقول: ماذا يفعل في البلاد الأوربية الذين لايقبلون هذه المواد المقتاتة..؟

ويصعب إخراج الزكاة فيها طعاماً، أو تقل فائدتها ويضطر الفقير لبيعها والاستفادة من قيمتها.؟

ونشاهد الفقراء يأخذون الأرز ويبيعونه بأبخس الأثمان، لينتفعوا بقيمته، مما يدل على أن المال أنفع لهم.

*مقدار الواجب

عند الجمهور: تؤدَّى من الحبوب والثمار المقتاتة ودائماً يخرج الأحسن لا الأدنى وهي: صاع= أربعة أمداد، والمدّ= حفنة ملء اليدين، والصاع عند الجمهور = 2751غ.

الصاع عند الحنفية (3800) غ.

الدليل: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله  عليه وآله وسلم صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ)؛ (أقط:هو اللبن المجفّف، غير منزوع الزبد).

يتبع…

الحلقة السابقة هـــنا

(1) المجموع للنووي (ج6 ص126)

2 – أخرجه الدار قطني كتاب الزكاة، (2/152)، رقم (67)، والبيهقي في السنن الكبرى، في كتاب الزكاة، باب وقت إخراج زكاة الفطر، (4/175)، رقم (7528)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وتحفة الفقهاء (1/ 340)

3-الموسوعة الكويتية أخرجه البيهقي ( 4 / 175 ـ ط دائرة المعارف العثمانية

(4) أخرجه البخاري (1440).

5)- السُّلت هو الشعير النبوي، وهو نوع من الشعير ليس له قشر ( مختار الصحاح ).

6 -تحفة الفقهاء-صدقة الفطر

7 الدخن في حجم الذرة الرفيعة.

8 )-بلغة السالك 1 / 201 وما بعدها

9 )-مغني المحتاج 1 / 406، وأسنى المطالب 1 / 391، 392.

10 )-صحيح البخاري (2/ 131)1506

11)- المغني 1 / 646 وما بعدها، كشاف القناع 1 / 471 وما بعدها.

(12) سنن البيهقي الكبرى (7528).

13)- صحيح البخاري (2/ 131)1508

(14 -صحيح البخاري (2/ 116)بَابُ العَرْضِ فِي الزَّكَاةِ وفتح الباري( 4/ 54).

15 فتاوى يسألونك (1/ 109)

16 – انظر فتح الباري 5/144

17 – رواه ابن أبي شيبة 3/65

18 -موقع المسلم

(المصدر: رابطة العلماء السوريين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى