مقالاتمقالات المنتدى

جواهر التدبر (٢٢٨) .. تعاضد القرآن والصلاة

جواهر التدبر (٢٢٨)

تعاضد القرآن والصلاة

 

بقلم أ.د.فؤاد البنا

– معادلة الإصلاح!
يصبح المرء مؤهلا للقيام بدور إصلاحي مؤثر في مجتمعه إذا امتلك مجموعة من المؤهلات، وصلب هذه المؤهلات أمران ذكرتهما الآية الكريمة التي تقول: {والذين يُمسّكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين} [الأعراف: ١٧٠] ومن قراءة الآية يتضح أن الطريق إلى الإصلاح يحتاج إلى معادلة تتكون من مطلوبين وهما:
الأول: الاستمساك الصارم بالكتاب السماوي المقدس: فهماً، وتنزيلا، وتطبيقا، وتشير إلى هذه الصرامة عبارة (يُمسّكون)، حيث يتشبثون بتعاليمه كبيرها وصغيرها، محكمها ومتشابهها، ويحسنون تنزيلها على الوقائع بفهم شامل للواقع، ويصيرون إعلانات متحركة للقرآن بتجسيده الواعي على أنفسهم!
الثاني: إقامة الصلاة الدائم بشروطها وأركانها المادية والمعنوية أو الروحية، وهذا ما يفيده قوله (أقاموا)، وبدون توفر كافة الأركان والشروط المادية والمعنوية يصبح الأمر مجرد أداء، والإقامة هي التي تتوافر لها حضور العقل وخشوع القلب، ومن التزاوج بين العقل والقلب يولد المقصد الأساسي للصلاة والمذكور في قوله تعالى: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}.
وهكذا فإن فهم القرآن وحسن تنزيله وصرامة تطبيقه يوفر بوصلة الهداية وخارطة السير في طريق الاستقامة الشامل، مما يجعل سير الداعية على بصيرة، ويؤدي إقامة الصلاة إلى توفير الدافعية والزاد ويوقظ طاقة الإخلاص والاحتساب!

– التجارة التي لا تبور:
إذا كان تمازج القرآن مع الصلاة يؤدي إلى صناعة أناس مصلحين داخل المجتمع؛ فإن إضافة الزكاة والصدقات إلى القرآن والصلاة يصنع تجارة غير قابلة للبوار لا في الدنيا ولا في الآخرة بل ولا في أي ظرف، كما قال تعالى: {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور. ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور} [فاطر: ٢٩، ٣٠].
وقد اختار الله مصطلح التلاوة دون القراءة ليذكّر بأن المراد من القراءة هو المتابعة، فهم يتلون كتاب الله أي يسيرون خلفه، ولن يحدث السير خلف نص مبهم أو غامض، ومن ثم فإن التدبر والفهم من أساسيات التلاوة، ويثمر التصور الصحيح المبني على تدبر خاشع للقرآن، يثمر إقامة شعائر صحيحة وإنجاز أعمال صالحة، وعمود الشعائر هو الصلاة التي تتم إقامتها بشروطها وأركانها وآدابها المادية والمعنوية، مما يؤدي إلى ظهور مقاصد الصلاة في حياة المصلين!
أما عمود الأعمال الصالحة فهو إنفاق المال سرا وعلانية، سواء من خلال الزكاة أو الصدقات، وهؤلاء المتصفون بهذه الخلال الثلاث هم أصحاب التجارة التي لا تبور، والذين يجزيهم الله في الدنيا والآخرة، ويشير إلى الجزاء الدنيوي قوله تعالى: {ليوفيهم أجورهم} ذلك أنه يقوم على العدل، بينما يقوم الجزاء الأخروي على الفضل الإلهي، وهو المشار إليه في قوله تعالى: {ويزيدهم من فضله}!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى