كتب وبحوث

بيان غير المسلمين لدينهم في مجتمع المسلمين.. بين الجواز والمنع

اسم الكتاب: بيان غير المسلمين لدينهم في مجتمع المسلمين.. بين الجواز والمنع.

اسم المؤلف: د. وصفي عاشور أبو زيد.

الناشر: دار المقاصد للطباعة والنشر والتوزيع – بالقاهرة.

نبذة عن الكتاب:

من مقدمة الكتاب للمؤلف د. وصفي عاشور أبو زيد:

من الموضوعات المهمة في هذا الجانب وضْعية غير المسلمين في المجتمع الإسلامي من ناحية حرية فكرهم وبيان دينهم، والتعبير عن معتقداتهم ومحاسن عقيدتهم وشعائرهم كما يتصورونها هم ويعتقدونها، وضوابط هذا كله وشروطه، ومن الذي يمارسه ويقوم به…إلى غير ذلك من مسائل تتصل بهذه القضية المهمة.

والحق أن هذا موضوع خطير، وبالغ الحساسية لا سيما في واقعنا المعاصر، فالقول بحرية الاعتقاد، وحرية التعبير عن الرؤى والأفكار لا يماري فيه من له أدنى صلة فكرية بالإسلام، لكن الخطورة والحساسية تكمن في واقعنا المعاصر الذي سيتنزل عليه وفيه هذا الموضوع، فما من شك أن الواقع معقد، والعلاقات متشابكة، وأبعاد الموضوع متنوعة، وجوانبه مختلفة ومتباينة، ومآلاته خطيرة ومزعجة ما لم يكن مضبوطًا بضوابط تحمي من الوقوع في سلبيات، أو الانجرار إلى فتن ومشكلات؛ سعيًا لقبول المبدأ الثابت بيقين في نصوص الشرع، وضبطًا لتنزيله في المكان والزمان والحال.

وحينما نتحدث عن مثل هذه القضية فإننا ننطلق من شرع إسلامي أصيل، يفرضه علينا الإسلام بعقيدته وشريعته، غير متملقين أو متزلفين لأحد كائنًا مَن كان، ونسعى لتحقيق مفهوم الجماعة الوطنية في ضوء ثوابت الإسلام وقطعياته ومقاصده الجامعة، وننطلق من الإيمان بأن غير المسلمين جزء من نسيج مجتمع المسلمين من الناحية الاجتماعية لا العقدية، فتشكيل نسيج المجتمع ليكون قطعة واحدة ووحدة جامعة لا يقتضي الإيمان بعقائد الآخرين ولا الرضا بها، ولا يلزم منه إكراه الآخرين على عقائدنا، متخذين من قول الله تعالى شعارًا ومنطلقًا: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ . إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). [سورة الممتحنة: 8-9].

كما أننا حين نتحدث في مثل هذه القضية فإننا ننطلق أيضًا من هدي رسولنا – صلى الله عليه وسلم – الثابت في وثيقة المدينة، التي مثَّلتْ أول دستور إسلامي قبلت فيه غير المسلمين في مجتمع المسلمين، واستوعبتهم، ومنحتهم حقوقهم وحرياتهم المنضبطة، ونظَّمتْ العلاقات الجامعة للمسلمين مع غيرهم في ظل الوحدة المجتمعية التي لا تُقَصِّر مع مخالفات المسلمين، ولا تنتقص من حق غير المسلمين.

كما أن مقصدنا من هذه الدراسة هي إعادة اللحمة المجتمعية لمجتمعات المسلمين التي أصابها التفكك والترهل، وطالها الدخن والوهن، واتسمت بتهتك العلاقات التي أصبحت مبنية على التربص والعداء والتدابر، بديلا عن التفهم والتعايش والتعاون لما فيه المصلحة العليا للمجتمعات.

إننا نريد – بهذا البحث وغيره – أن تستعيد المجتمعات المسلمة عافيتها الاجتماعية، وصحتها النفسية، وقوة نسيجها، ومتانة الأواصر التي تجمع المسلمين بغيرهم عبر حالة من المصالحة المجتمعية مع غير المسلمين بما هم جزء أصيل من نسيج المجتمع؛ إذ الإصلاح السياسي قد يستغرق القليل من الوقت، لكن الإصلاح الاجتماعي والنفسي، وترميم الأواصر والعلاقات، ووصل الوشائج، وإعادة الثقة في النسيج الاجتماعي سيستهلك – قطعًا – وقتًا أطول مما يحتاجه المجتمع من الناحية السياسية أو الاقتصادية.

إن تناول مثل هذه القضية لا يحمل يتنازلا لأحد على حساب العقيدة أو الشريعة، بل يحمل الخير للنسيج الاجتماعي من خلال مصالحته والتئام مكوناته، الذي لن تتنزل عليه أحكام الشريعة الإسلامية ويتم تطبيقها إلا إذا كان هناك صحة اجتماعية في مجتمعاتنا، وقوة نسيج في العلاقات والوشائج، وإلا فإنه لن يصح تنزيل الأحكام التكليفية وتطبيقها إلا إذا توافرت الأرضية الصحيحة من الأحكام الوضعية، وتهيأت تماما لاستقبال الحكم التكليفي، وإلا سيظل الحكم التكليفي معلقًا في الهواء لا يستطيع التحرك نحو عمله وفعله في الواقع ما لم تتوافر له الأرض الصحيحة، والنسيج السالم القوي الذي يُعبَّر عنه بالحكم الوضعي من وجود الأسباب، وتوافر الشروط، وانتفاء الموانع.

كما أن هذا البحث يحمل في طياته وبين سطوره تحذيرا لغير المسلمين في مجتمعات المسلمين بأن قضاياهم الفكرية ومشكلاتهم الاجتماعية والسياسية لن تحل بالأساليب الأمنية والطرق الملتوية، وإنما ستحل أو لن تحل إلا بقيادة مصالحة وطنية حقيقية، يصح فيها العزم، وتتضح فيها السبيل، وتتلاقى عليها النوايا، بعيدا عن التدخل المُكره في العقائد والعبادات والتشريعات الخاصة؛ كي يلتئم المجتمع، ويقوى نسيجه، وتتحقق مقاصد هذا كله مما ذكرناه في الفوائد العشر لتطبيق الرأي المختار في  هذه القضية بضوابطها، وهي بلا شك جزء أساسي من الحلول التي ستتحقق بها السلامة النفسية والصحة الاجتماعية لمجتمعات المسلمين.

والواقع أن هذه المسألة بالذات بعدما بحثت فيها وجدت أنها في حاجة إلى بحث وتحرير، وإلى تثاقف وتحاور حولها؛ لأنها ـ بالفعل ـ لم تنضج بحثيًّا، ولم أر أحدا من علمائنا ـ حسَب اطلاعي ـ قال فيها كلمة شافية، أو وصل فيها لرأي مفصل ومؤصل.

كما أنها لم تطرح بشكل واسع لدى علمائنا القدامى؛ نظرًا لعدم حاجتهم إلى تناولها وبيانها، ولأن مجتمعاتهم كانت تتميز بنوع من السلامة النفسية والقوة الاجتماعية؛ حيث كانت تجمعها سياسة واحدة وحكومة واحدة ومرجعية واحدة، بينما تطرق لهذه القضية بعض المعاصرين؛ لأن الحاجة أمُّ الاختراع كما يقولون؛ إذ إن مجتمعاتنا لم تكن كما كانت، بفعل المستعمر الغربي وعملائه من بني جلدتنا، وبفعل أخلاق المسلمين وتصرفاتهم وتصوراتهم كذلك.

ومن هنا تناولت هذه القضية في هذا البحث الذي أسميته: “بيان غير المسلمين لدينهم في مجتمع المسلمين بين الجواز والمنع”، واحتوى مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة.

وقد احتوت المباحث تحديد مصطلحات الموضوع وضبط مضامينه، وآراء العلماء واتجاهاتهم في هذه القضية، ثم الرأي المختار مع أدلته النقلية والعقلية، وضوابط إجراء هذا الرأي، وفوائده، وأخيرا شبهات وردود حول الرأي المختار.

خطة البحث:

– المقدمـــــة

– المبحث الأول: تحديد مصطلحات وضبط مضامين:

أولا: المقصود بغير المسلمين في البحث.

ثانيًا: الفرق بين البيان والدعوة.

ثالثًا: الفرق بين الدعوة والتنصير.

رابعًا: المقصود بمجتمع المسلمين.

– المبحث الثاني: اتجاهات العلماء في هذه القضية:

الاتجاه الأول: منع غير المسلمين من بيان دينهم وعقائدهم

الاتجاه الثاني: جواز بيان عقائدهم ومحاسن دينهم بضوابط

الاتجاه الثالث: الجواز مع حق الاقتناع والإقناع بين طرفيْنِ واعيَيْنِ.

– المبحث الثالث: الرأي المختار:

أولا: أدلة نصية للرأي المختار.

ثانيا: أدلة اجتهادية للرأي المختار.

ثالثًا: ضوابط إجراء هذا الرأي.

رابعًا: الفوائد العشر للرأي المختار.

خامسا: شبهات وردود.

– الخاتمة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى