
بيان علماء ودعاة الأمة حول استضافة هيئة الترفيه السعودية لمسيءٍ إلى النبي ﷺ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فقد تابع العلماء وطلاب العلم والمصلحون في العالم الإسلامي بغضب واستنكار بالغ ما أقدمت عليه الهيئة العامة للترفيه في المملكة العربية السعودية من توجيه دعوةٍ رسميةٍ للكوميدي الأمريكي الملحد “مارك نورماند” المعروف بسوء طويته وجرأته على سبِّ النبي ﷺ والاستهزاء بالقرآن الكريم والحجاب وسائر شعائر الإسلام، بل وإعلانه في لقاءٍ متلفزٍ عزمه على رسم النبي ﷺ أثناء عرضه في الرياض — في تحدٍّ سافرٍ لمشاعر المسلمين واستهزاءٍ بمقدساتهم.
ولم يقتصر الخطر على الفعل نفسه، بل زاد سوءًا سكوت الحكومة السعودية ورضاها الضمني عن هذه الجريمة، رغم علمها بما صدر عن هذا الشخص من إساءات متكررة للنبي ﷺ ولدين الإسلام، في تعدٍّ خطيرٍ على حدود الله، وامتهانٍ صريحٍ لشرف الرسالة، واعتداءٍ على أمةٍ بأكملها.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تُستضاف فيها شخصيات تطاولت على ثوابت الدين، فقد سبق لهيئة الترفيه أن جمعت على مسارحها من سبّ الله تعالى علنًا، وروّجت للفاحشة، وأشاعت الفسق تحت دعوى السياحة والترفيه والانفتاح والرفاه الاقتصادي، حتى صارت هذه الهيئة بابًا لطمس الهوية الإسلامية واستهداف شباب الأمة في أخلاقهم ودينهم.
وإن العلماء إزاء هذا الحدث الخطير يؤكدون في بيانهم على ما يلي:
أولًا:
إنّ الإساءة إلى النبي ﷺ كفرٌ أكبر مخرجٌ من الملة بإجماع المسلمين، كما قال القاضي عياض في “الشفا”:
«اعلم – وفقنا الله وإياك – أن من سبّ النبي ﷺ، أو عابه، أو ألحق به نقصًا في نفسه، أو نسبه، أو دينه، أو خصلة من خصاله، أو عرّض به، أو صغّر شأنه، أو استهزأ به، فهو سابٌّ له، والحكم فيه حكم السابّ: يُقتل ولا يُمترى فيه، تصريحًا كان أو تلويحًا».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول:
«إن من سب النبي صلى الله عليه وسلم من مسلم أو كافر فإنه يجب قتله، وهذا مذهب عامة أهل العلم»، وقال أيضًا:
«يُقتل ولا يُستتاب سواء كان مسلمًا أو كافرًا».
فهذه نصوص صريحة من كلام الأئمة تدل على أن سبَّ النبي ﷺ جرمٌ عظيم يوجب على الأمة أن تغضب لله ولرسوله ﷺ، وأن تمنع كل من يعتدي على مقام النبوة أو يُروِّج لمن يفعل ذلك.
وإن كان هذا الممثل ملحدًا كافرًا، فإن استضافته وتكريمه والاحتفاء به مع العلم بإلحاده وإساءته جريمةٌ شرعيةٌ وموبقة عظيمةٌ، بل قد تكون رضًا بالكفر ومشاركةً فيه، والرضا بالكفر كفرٌ بالله العظيم.
قال الله تعالى:
{قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: 140].
ثانيًا:
إن هيئة الترفيه في السعودية قد كثر بلاؤها، وتمادى فسادها، وظهر أثرها في نشر الفحش والتفحش، واستهداف الشباب والناشئة تحت شعارات “الانفتاح والسياحة والاقتصاد”، حتى صار كثير من أنشطتها تطبيعًا مع الفجور ومناصرةً للإلحاد ومحاربةً للقيم الإسلامية التي قامت عليها بلاد الحرمين.
وإن استمرار هذا الطريق نذيرُ سوءٍ وغضبٍ من الله عز وجل، قال تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [النور: 19].
ثالثًا:
يدعو العلماء عموم المسلمين والعلماء والدعاة والغيورين إلى:
* الاستنكار العلني لهذا الحدث المشين، ورفض استضافة من يسب الله ورسوله ﷺ.
* إعلان البراءة من هيئة الترفيه ومن يقف وراءها ممن أصر على هذه السياسات العدوانية ضد الدين والأخلاق.
* تحريم حضور مثل هذه الفعاليات أو دعمها بأي وجه، فإنها إعانةٌ على الإثم والعدوان ومشاركةٌ في الباطل.
* المطالبة بإلغاء هذا العرض فورًا، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة، حمايةً لجناب النبي ﷺ وصيانةً لحرمة الحرمين.
رابعًا:
يذكّر العلماءُ أن السكوت عن مثل هذه الجرائم، أو التهاون بها، أو تبريرها، يُعدُّ خيانةً للدين ومشاركة في الإثم والعدوان على جناب النبي صلى الله علبه وسلم.
وإنّ العلماء إذ يعلنون موقفهم هذا، فإنهم يقومون بواجب البلاغ والبيان الذي أوجبه الله عليهم، نصرةً لدين الله، ودفاعًا عن مقام النبي الكريم ﷺ، وتحذيرًا من عواقب السكوت والرضا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.





