مقالاتمقالات المنتدى

الإسلام الروح والمسلمون الجسد

الإسلام الروح والمسلمون الجسد

بقلم د. أبو البراء وائل بن أحمد الهمص*. (خاص بالمنتدى)

في وقت سابق كنت قد نشرت جملة قلت فيها: إن الإسلام الروح والمسلمون الجسد، وتأتي هذه الجملة لتبث الأمل وتجدد العزم والهمم وترفع المعنويات في وقت نعيش فيه ظروفا صعبة خاصة في ظل حالة الضعف التي نعيشها اليوم كمسلمين، وفي ظل التضييق على كل ما هو إسلامي في محاولة لطمس الهوية الإسلامية من قبل أعداء الدين وأعوانهم في المنطقة من المرجفين والمنافقين، وفي ظل الإعلام الموجه والذي يبذل كل جهد لتشويه صورة المسلمين وخاصة العلماء والدعاة والمصلحين والمتمسكين بتعاليم الإسلام الحنيف. في ظل هذا كله وغيره يشعر جزء كبير من المسلمين باليأس والإحباط، بل وصل بهم الظن إلى أن شمس الإسلام قد غربت وأنها لن تشرق من جديد.. ومن باب بث الأمل في القلوب والنفوس المؤمنة الغيورة وقذف اليأس في ذات الوقت في القلوب الكافرة والمنافقة أقول لكم يا أحبتي لا تيأسوا فالإسلام الروح والمسلمون الجسد…
يجب علينا أن ندرك حقيقة تدفعنا للثقة والتفاؤل وهي أن كل ما يبذله الأعداء من محاولات لطمس الهوية الإسلامية والتضييق على المسلمين بشتى الوسائل إنما هي محاولات تستهدف الجسد لا الروح. إذ إن الروح والذي هو الإسلام رباني المصدر تكفل الله بحفظه وجعل فيه أسباب السعادة والفلاح في الدارين، وهذا الجانب لا يقوى أحد كائنا من كان على مواجهته، وإنما هم أقصد أعداء الدين يواجهون الجسد فيضعفونه بأحد طريقين: إما طوعا وذلك باستجابة بعض ضعاف النفوس من المسلمين لأعداء الدين ولمخططاتهم وذلك بمحض إرادتهم واتباعا لشهواتهم ومصالحهم الدونية والدنيوية، وإما كرها وذلك بالتضييق على المسلمين وخاصة الدعاة والمصلحين في الدرجة الأولى بشتى أنواع وسائل التضييق من القهر والإقصاء والتشريد والتعذيب والسجن والقتل وغير ذلك.

باختصار هم يلجؤون إلى الوسائل المادية التي تضعف الجسد إما بالإغراء أو بالإكراه، لكن هذه الوسائل ليس لها على الروح من سبيل لأن الروح قد تكفل الله عز وجل بحفظه والذي هو الدين والإسلام. وأما الجسد والذي يمثله المسلمون فقد يضعف في بعض الأزمنة والأوقات تبعا لقرب المسلمين وبعدهم من مادة هذه الروح وهذا المنهج الرباني..
ومع ذلك فالأعداء حين يعملون على إضعاف الجسد يكون هذا الإضعاف مؤقتا إذ إن الجسد لا بد له من مادة الحياة ونبع البقاء والذي هو الروح.
نعم يضعفون الجسد بالإغراء فيعيش مدة غارقا في شهواته وملذاته لكنها لذة ناقصة يعقبها هم وغم وحسرة ونكد لا راحة معها فيظل هذا الجسد يبحث عن الراحة والطمأنينة والسعادة فلا يجدها إلا في روحه التي غفل وبعد عنها فيعود ويستيقظ من جديد. أو يضعفونه كرها وجبرا فلا يجد له أنسا ولا معينا ولا ناصرا إلا بالتمسك بروحه فيزداد تمسكا بهذه الروح لأنها مادة طمأنينته.
وفي كلتا الحالتين نعلم يقينا أن الجسد لا بد له أن يعي أنه لا حياة له ولا راحة إلا بفعل ما يصلح لروحه والابتعاد عن ما لا يناسب هذه الروح، فيعطينا هذا يقينا إلى أن الجسد وإن كان اليوم ضعيفا فلا بد له أن يأتي يوم يقوى هذا الجسد ويعرف خطأ ما كان عليه فيصوب أفعاله وتصرفاته وحينها يصاب الأعداء بالهزيمة والإحباط حين يدركون أن ما قاموا به إنما كان سببا في إقناع هذا الجسد أنه لا يصلح حاله إلا بالسير وفق ما تمليه عليه روحه.
فالإسلام الروح والمسلمون الجسد، فإن كان الجسد اليوم مريضا أو ضعيفا فلا يدفعنا ذلك إلى اليأس والقنوط طالما أن الروح سليمة معافاة وهي كذلك لأن الله عز وجل هو الذي تكفل بحفظ هذه الروح، وإنما يدفعنا هذا لعلاج المرض والضعف ليعود الجسد إلى قوته ونشاطه، وهذا الدور أقصد دور العلاج يتحمله أطباء الأمة من علماء ودعاة ومصلحين ومجاهدين وكل فئات الأمة أن يردوا جسد هذه الأمة إلى الطريق المستقيم وأن يعطوها العلاج النافع ليستعيد هذا الجسد مجده وعزه وقوته، والعلاج يكمن في قوله صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي) إنه النبع الصافي والروح الذي بدونه لن نحيا (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم. صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور).
فالإسلام الروح والمسلمون الجسد، فاستبشروا وتفاءلوا ولا تيأسوا وعودوا إلى نبعكم الصافي والروح التي بدونها لن نحيا….

*أستاذ الفقه وأصوله في الجامعة الإسلامية بغزة

اقرأ أيضا: طالب العلم بالنسبة لمجتمعه وأمته،كالوتد بالنسبة للخيمة….

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى