تقارير وإضاءات

احتفال البهائيين في الأردن يثير الجدل.. ما قصة هذه “الديانة”؟

احتفال البهائيين في الأردن يثير الجدل.. ما قصة هذه “الديانة”؟

احتفل أتباع الديانة البهائية في الأردن بمناسبة مرور 200 عام على مولد الباب المبشر بهاء الله، لكن الاحتفال أثار جدلاً وصل لتوجيه نائب في البرلمان سؤالاً نيابياً للحكومة، ووسط اتهامات لهذه الفئة بالخروج عن الإسلام.

ويعود تاريخ وجود البهائيين في الأردن إلى أكثر من قرن، وعلى الرغم من ذلك تحاول هذه الطائفة القليلة العدد، اليوم، إثبات وجودها عبر تعايش سلمي ومواطنة كاملة والانصهار في المجتمع الأردني، كأحد مكوناته المهمة، على الرغم من بعض الحقوق المنقوصة.

ولم يتمكن بهائيو الأردن من قبل من إقامة مناسبات دينية تخصّهم داخل مركزهم البهائي الموجود في العاصمة عمان منذ نحو خمسين عاماً، وسبق أن منعوا قبل عامين من الاحتفال بمناسبة دينية أخرى، لكن السماح لهم هذه المرة بالاحتفال أثار الجدل في أوساط الأردنيين.

غضب من احتفال البهائيين

في 17 نوفمبر الجاري أقام أتباع الطائفة البهائية في الأردن احتفالاً أثار جدلاً واسعاً، دفع النائب صالح العرموطي إلى توجيه سؤال نيابي للحكومة حول كيفية السماح بإقامة هذه الاحتفالية، لا سيما أن دائرة الإفتاء في الأردن أصدرت فتوى تقول إن البهائية ليست ديناً، وإن أتباعها مرتدون عن الدين الإسلامي.

وبحسب تصريحات صحفية للناطقة باسم البهائيين في الأردن، تهاني روحي، فإن الاحتفال أقيم في مقر الطائفة بالعاصمة عمّان، بحضور ما لا يزيد على 40 شخصاً.

وأوضحت أن الاحتفال جاء بمناسبة مرور 200 عام على مولد “الباب” بهاء الله، وهو بمنزلة النبي عند البهائيين، مضيفة: “هذا الاحتفال يقام مرة كل مئة عام، ولا داعي للضجة حوله، لا سيما أنه أقيم في مكان مغلق”.

فيما تساءل النائب العرموطي، قائلاً: “هل فعالية هذا العام مرخصة؟ ومن هي الجهة التي قامت بترخيصها؟ ومنذ متى تواجدت هذه الطائفة في الأردن؟”.

وأضاف: “هل الحكومة وأجهزتها تعرف من هو الباب المبشر؟ وهل تم رصد بعض التصريحات الصادرة عنهم التي تتحدث أن البهائية كدين مستقل، وأنه ليس هناك دين نهائي، ورسالة سماوية، وأن رسولهم بهاء الله، وأنهم ليسوا مسلمين، وأن انطلاق هذه الطائفة قد بدأ من إيران، وأن قبلتهم عكا ومركزهم الروحي حيفا، وأن الرسول محمداً صلَّى الله عليه وسلم ليس خاتم الأنبياء والمرسلين؟”.

 ولفت العرموطي إلى ضرورة توضيح ماهية التصريح الممنوح من قبل الحكومة إلى “المركز البهائي الروحاني”.

منع سابق!

منذ 2012، تمنع الحكومة الأردنية إقامة فعاليات الطائفة البهائية، خوفاً على حياتهم والسلم الاجتماعي، عقب أحداث شهدها ذلك العام بعد الاعتداء على أنصار هذه الطائفة، لكنها هذا العام أرخت يدها وسمحت لهم بإقامة الفعالية في مكان محدود بمقر إقامتهم.

ولا تزال الذاكرة الحكومية الأردنية الحديثة تأخذ بالحسبان أحداث عبدون، جنوب غرب العاصمة، عام 2012 حين قام محتجون بالاعتداء على حفل “هالوين” كان مقاماً بأحد المقاهي هناك.

وأثارت المسألة جدلاً واسعاً في المجتمع الأردني، وهو ما دفع إلى التخوف من اعتداء مماثل على البهائيين، ومنعتهم من إقامة فعاليات مماثلة خلال السنوات السابقة.

وفي 2017، قال نائب رئيس الوزراء وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء الدكتور ممدوح العبادي: إن “الدولة الأردنية تتغاضى عن نشاطات الطائفة البهائية في الأردن، ولا تحظر فعالياتهم إلا في الحالات التي ترى أنها قد تشكل خطراً على حياتهم”.

وأضاف: “إن الدولة الأردنية تتعامل بحذر مع الطائفة البهائية التي ترفض أن تنطوي تحت الدين الإسلامي أو المسيحي ليتم التعامل معها بشكل رسمي، معللة بأنها ديانة مستقلة”.

البهائية

العدد والوثائق الممنوحة لهم

ويبلغ عدد البهائيين في الأردن قرابة ألف شخص، جاء معظمهم من إيران في أواخر القرن التاسع عشر هرباً من الاضطهاد القاجاري هناك.

ويعتبر البهائيون هم أصحاب الدين الثالث في الأردن إلى جانب المسلمين والمسيحيين، على الرغم من عدم تسجيله كدين رسمي من الأديان الموجودة في الأردن.

وعلى الرغم من أن الأردن يضم عدداً لا يستهان به من الدروز، فإنهم مسجلون في الأوراق الرسمية كمسلمين، في حين أن البهائيين لا توضع ديانتهم في بطاقتهم الشخصية، بل تترك خانة الدين فارغة، مما قد يتركهم عرضة للتمييز.

ويحصل البهائيون على دفتر عائلة منقوص بدلاً من شهادة الزواج لتسيير بعض أمورهم اليومية، لكن ذلك يضع عقبات كثيرة أمام إتمام معاملاتهم ووثائقهم، فضلاً عن مشكلات الميراث وتسجيل الممتلكات الخاصة بالطائفة.

ما هي البهائية؟

وتعد البهائية ديناً مستقلاً بذاته، لا يتبع أي دين آخر، حيث يؤمن أتباعه بوحدانيّة الله وبكل كتبه ورسله وأنبيائه، ويؤمنون أيضاً بوحدة الجنس البشريّ قولاً وفعلاً، وأن بهاء الله هو رسول الله بعد محمد عليه السلام، وأن الرسالة السماوية لن تنقطع لطالما أن البشر يعيشون على هذه الأرض.

الكتاب الأقدس هو أهم الكتب المقدسة في البهائية، وهو باللّغة العربية، ويشتمل على الحدود والأحكام والنّصائح الأخلاقيّة والروحانية.

 وتنتشر البهائية في أكثر من 183 دولة في أنحاء العالم، ويبلغ عدد البهائيين أكثر من خمسة ملايين شخص، النسبة الكبرى منهم في الهند.

وظهرت البهائية في إيران في أواسط القرن التاسع عشر، وقد سبقت البهائية دعوة دينية تسمى بـ”البابية”، بدأت عام 1844، وكان مؤسسها علي محمد بن محمد رضا الشيرازي، الملقب بـ”الباب”، والمولود في شيراز الإيرانية في 20 أكتوبر 1819، واللقب مأخوذ من المعتقدات الشيعية، وهو يعني الوسيط بين الله أو الولي المقدس والإنسان، لكن البابية لم تقدم نفسها كحركة إصلاحية شيعية، وإنما اعتبرت نفسها ديانة مستقلة، كما أن الباب وضع لها كتاباً مقدساً خاصاً بها هو “البيان”، الذي يعتبره البابيون تنزيلاً سماوياً.

البهائية

وتوضح أنه من غير الممكن أن تعتنق الديانة البهائية وأنت غير مؤمن بالأديان التي سبقتها، موضحة في الوقت ذاته أن من يعتنق البهائية ليس مرتداً عن الدين الإسلامي كما يشاع، بل هو دين مستقل جاء في عصر مختلف.

ويؤدي البهائيون صلاتهم منفردين، ولا وجود لصلاة الجماعة لديهم، ولا رجال دين في الديانة البهائية التي لا تقر بوجود وساطة بين العبد وربه.

ويصوم البهائيون سنوياً شهر “العلاء”، وهو شهر الصيام الذي يمتد 19 يوماً من 2 إلى 20 مارس، ويكثر البهائيون في هذا الشهر من الدعاء والروحانيات.

(المصدر: الخليج أونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى