متابعات

هل يوقف الاحتجاج سياسة مودي العنصرية ضد مسلمي الهند؟

هل يوقف الاحتجاج سياسة مودي العنصرية ضد مسلمي الهند؟

فَجّر إقرار الحكومة الهندية “قانون الجنسية” (منح الجنسية الهندية للمواطنين الفارين من الاضطهاد، من غير المسلمين، من ثلاث دول مجاورة هي باكستان وبنغلاديش وأفغانستان)، الاحتجاجات المعارضة للقانون في أرجاء البلاد، باعتباره ربطا للمواطنة بالدين.

ويعتبر معارضو القانون أنه يخالف “علمانية” الدستور، ويناقض ما نص عليه من “منح الفرص بشكل متساو للمواطنين”، في حين اعتبر مسلمو الهند أن القانون يستهدف حقوقهم في المواطنة، ويجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية.

عنصرية ممنهجة 

 

جاء إقرار البرلمان الهندي لمشروع قانون الجنسية الذي تقدمت به حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، منتصف كانون الأول/ديسمبر الماضي، متصلا بمجموعة إجراءات أثارت مخاوف مسلمي الهند من “عنصرية ممنهجة” تمارسها الحكومة ضدهم.

فوفقا لمسلمي البلاد، تسارعت الإجراءات العنصرية بشكل خاص بعد فوز حزب بهارتيا جاناتا “الشعب الهندي” الهندوسي القومي بزعامة مودي في الانتخابات البرلمانية منتصف أيار/مايو العام الماضي بأغلبية ساحقة (302 من أصل 542 مقعدا مقارنة مع 282 مقعدا حصل عليها الحزب في 2014).

وشكل إلغاء المادة “370” من الدستور في الخامس آب/أغسطس الماضي، والتي كانت تعطي لإقليم كشمير الحكم الذاتي وحق تقرير المصير، أولى الإجراءات العنصرية التي باشرت بها حكومة مودي عقب الفوز بالانتخابات، وفق ما ذكر مدير الشؤون الخارجية بمؤسسة رعاية الإنسان، الدكتور رضوان رفيقي، لـ”عربي21″.

وفي خطوة عنصرية جديدة، قامت المحكمة العليا في التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر بالبت في قضية مسجد بابري بأيوديا، والذي هدمه سنة 1992 عدد من الهندوس المتطرفين متذرعين بـ”إعادة بناء معبد رام”. ومنح القضاة في القرار الحق للهندوس ببناء المعبد في ذات المكان.

وفي ذات السياق، استذكر رفيقي “التدخل السافر” من قبل الحكومة الهندية في قانون الأحوال الشخصية الخاص بالمسلمين، حينما أقر البرلمان الهندي قانون “تجريم الطلاق بالثلاث” نهاية 2017 (يسجن من يأتي بثلاث طلقات ثلاث سنوات، ويدفع غرامة مالية ونفقة للزوجة)، مشيرا إلى أن هذا التدخل يخالف المعمول به سابقا من أن “المسلمين والهندوس أحرار في أحوالهم الشخصية خاصة في النكاح والطلاق والعبادات”.

كما وَسّعت مؤخرا بعض الولايات الهندية مثل “نيودلهي” و “أندرا برادش” صلاحيات الاعتقال الممنوحة للشرطة والمحكمة، والتي تسمح لهم بالاعتقال الوقائي حال قناعة السلطات بأن شخصا ما يمثل تهديدا للأمن القومي أو القانون أو النظام. وبحسب رفيقي فإن “القرار عام لكنه يستهدف من يسمونهم المنبوذين وبطبيعة الحال فالمسلمون مستهدفون بهذا القرار.

ويقول رفيقي: “هذه القرارات وغيرها، تريد حكومة مودي من خلالها تغيير واجهة الدستور الهندي العلماني ليصبح دستورا هندوسيا تماما، وأن تكون هذه الدولة هندوسية دينيا، وأن يكون المسلمون على درجة ثانية من المواطنة”.

إسقاط العنصرية

تفاجأت حكومة مودي بأن “قانون الجنسية” أشعل المظاهرات في العاصمة نيودلهي، وبعد ذلك انتشرت أرجاء البلاد، وبحسب رفيقي فقد شارك في المظاهرات “المسلمون وغير المسلمين”، كما أن بعض المظاهرات وصل عدد المشاركين فيها أكثر من 3 ملايين متظاهر”.

ويرى رفيقي أن “عامة مواطني الهند يرفضون القرار”، ورافضو القرار يقولون: “لو نجحنا في ذلك، ووصلنا إلى حشد 60 أو 70 بالمئة من الشارع الهندي حول هذا الرفض فسوف يلغى نهائيا”.

ويُقَابل “قانون الجنسية” أيضا بمعارضة من قبل نصف الولايات في الهند، فهناك 14 ولاية من أصل 29  تعارض الحكومة المركزية في تطبيق هذا القرار، ويصرون على عدم تنفيذه، وفق ما ذكر رفيقي.

ويوضح بأن “هذه الولايات في أيديها الرفض، لأن هذا القرار لا ينفذ عن طريق الحكومة المركزية، ولكن عن طريق حكومة الولايات”.

ومن الجهات المعارضة لـ”عنصرية حكومة مودي” كذلك حزب المؤتمر الوطني وعدد من الأحزاب المحلية، التي تريد أن يبقى الدستور الهندي على علمانيته، وأن تكون الفرص متساوية بين المواطنين الهنديين من غير فوارق على أساس ديني أو عرقي، وهم يرون أن هذا القرار ضد روح الدستور الهندي.

ويشير رفيقي إلى أن القرار معروض الآن لدى المحكمة العليا الهندية (المركزية)، وحتى الآن لم يصدر حكم نهائي حوله، ولم يعقدوا أي جلسات بهذا الصدد.

وعن ذلك يقول: “المحكمة لديها صلاحية أن تلغي هذا القرار، لأنه يخالف المبادئ الأساسية للدستور الهندي”، مضيفا “نتوقع أن تتوجه المحكمة لإلغاء القرار”.

ويعتقد بأن سياسة حكومة مودي العنصرية تواجه عقبة العدد الهائل للمسلمين الذين يشكلون قرابة  15 بالمئة من إجمالي سكان الهند البالغ 1.339 مليار، وهم لا يستطيعون إخراج هذا العدد من البلاد، فيسعون إلى إقصائهم ونزع قوتهم من التأثير في الداخل.

مواجهة القمع

ويؤكد رفيقي أن “الرفض الشعبي للقانون مستمر رغم القتل والتشريد والحرق الذي طال المسلمين في نيودلهي وضواحيها”.

ويقول: “الذين يؤيدون القرار لا يستطيعون مواجهة مثل هذا الضغط الشعبي، لذا يحاولون تغيير الأنظار بخلق الاضطرابات الطائفية”.

ويرى بأن “سكان الهند وعبر القنوات الديمقراطية سيكونون هم الفيصل، فهم يرفضون هذا القرار بشكل شعبي، لحين تغييره من قبل البرلمان”.

وتابع: “كانوا يظنون أن القمع قد يوقف الاحتجاج، لكنهم لم يفطنوا إلى أن ذلك القمع جعل الشباب والنساء أكثر إصرارا على الرفض، فخرجت المظاهرات بعد القمع أكثر من ذي قبل”.

وعبر عن خشيته من أن تقابل المظاهرات الجارية بعنف أكبر من ذي قبل، منوها إلى أن المنظمات الحقوقية والأحزاب المعارضة تضغط على الحكومة، وأشارت بأصابع الاتهام والمسؤولية عن العنف إلى “قوى الأمن، وليس فقط العصابات أو المتطرفين”.

وختم بالقول: “رغم أن الإحصائيات الرسمية تقول إن ضحايا القمع في نيودلهي وضواحيها هم 50 شخصا، إلا أن أحاديث الناس تتكلم عن عدد أكبر يصل إلى قرابة 100 ضحية”.

(المصدر: عربي21)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى