تقارير وإضاءات

تاريخ وحاضر الإسلام في نيوزيلندا

إعداد د. ليلى حمدان

نيوزيلندا دولة جزرية تقع في جنوب غرب المحيط الهادئ وتتألّف من جزيرتين رئيسيتين (الجزيرة الشمالية والجزيرة الجنوبية) ومجموعة من الجزر الصغيرة عددها حوالي 600 جزيرة، أبرزها جزيرة ستيوارت وجزر تشاتام. عاصمتها ويلينغتون وأكبر مدنها أوكلاند، ويفصلها عن أستراليا 1500 كيلو متر عبر بحر تسمانيا، وتتميز هذه البلاد بأنها لا تتشارك حدودها البرية مع أية دولةٍ أخرى.

ويبلغ عدد السكان في نيوزيلندا 5 ملايين تقريبًا معظمهم أوروبيون بنسبة 74%، بينما يمثل السكان الأصليون الماوري حوالي 15% من السكان.

وتسمى نيوزيلندا بلغة الماوري “أوتياروا” وتعني أرض السحابة البيضاء الطويلة. ويوصف الإسلام فيها بأنه الدين الأسرع نموًا؛ إذ تشير الإحصائيات إلى أن عدد المسلمين الماوريين وهم السكان الأصليون لنيوزيلندا زاد من 99 مسلمًا إلى 708 مسلمًا في السنوات العشر الأخيرة من القرن الرابع عشر الهجري (العشرين الميلادي) أي حتى عام 1422هـ (2001م)، وارتفع إلى 1074 مسلمًا بحلول 1427هـ (2006م).

وازداد عدد السكان المسلمين 6 أضعاف خلال الفترة من 1411هـ إلى 1427هـ (1991م إلى 2006م)، غالبيتهم من السنّة، ولكن هناك عدد كبير من الشيعة.

وفي بقية منطقة أوقيانوسيا شهدت فانواتو وفيجي وجزر سليمان فضلًا عن بابوا غينيا الجديدة وكاليدونيا الجديدة في العقود الأخيرة زيادة نسبية في عدد المسلمين والمعتنقين للإسلام من السكان الأصليين، لتصل في فيجي 7%.[4]

تاريخ الإسلام في نيوزيلندا

كان وصول الإسلام إلى هذه المنطقة حديثًا للغاية، فقد بدأت هجرة المسلمين بأعداد كبيرة إلى نيوزيلندا بعد سنة 1390هـ (1971م)، حيث دخل البلاد عدد من المسلمين القادمين من جنوب شرق آسيا وجزر فيجي والهند من منطقة كوجرات وألبانيا ويوغسلافيا وتركيا وباكستان.

وأثرت تلك الهجرة على السكان الأصليين حيث أسلم عدد منهم، وانتشر الإسلام بين السكان حتى وصل عدد المسلمين في نيوزيلندا إلى حوالي 6000 مسلمًا، ومع استمرار وصول المسلمين في هجرات من جنوب شرق آسيا لاسيما من جزر فيجي (التي تبعد 1000 كيلو متر تقريبًا) انتعش نشاط الدعوة بشكل كبير وأسلم العديد من النيوزيلنديين من أصل أوروبي.

ثم تبع هذه الموجات موجات أخرى من الشام ومصر والعراق، وكذا دول المغرب العربي والصومال والسودان وإثيوبيا وكينيا ونيجيريا، مما أسهم في تزايد عدد المسلمين الذين يتوقع أن يتجاوز معدل نموهم السكاني 7% في السنوات القادمة.

وأشارت بعض المصادر إلى أن أول عائلة مسلمة ذهبت إلى نيوزيلندا كانت أسرة وزيرا الهندي الذي ذهب مع زوجته وأبنائه إلى كانتربري عام 1270هـ (1854م) للعمل لدى السير جون كراكفورت الذي أطلق على ضيعته في نيوزيلندا اسم كشمير.

ويبلغ عدد مسلمي نيوزيلندا حسب إحصاء سنة 2013 للسكان 46,194 نسمة ما يعادل 1.04% من مجموع سكان البلاد، ويتجمعون في المدن الكبرى في أوكلاند والعاصمة ولنغتون وكريستشيرش. ومعظم المسلمين من الطبقات العادية والقليل منهم من الفنيين المدربين.

المؤسسات الإسلامية في نيوزيلندا

تشير بعض المصادر إلى أن أول منظمة إسلامية في نيوزيلندا تأسست في عام 1369هـ (1950م) في أوكلاند وكان عدد المسلمين في البلاد حينئذ نحو 200 شخص. وفي عام 1378هـ (1959م) قامت المنظمة بشراء عقار في بونسونبي وأقامت أول مركز إسلامي في البلاد.

وتم إنشاء الاتحاد الدولي لمسلمي نيوزيلندا في ويلنغتون عام 1382هـ (1962م) ثم اتحاد مسلمي كانتيربوري عام 1397هـ (1977م).

ثم شهدت البلاد إنشاء عدة جمعيات إسلامية في مدن أوكلاند، وويلينغتون، وبلمرستون، وكرايستشرش، والجمعية الإسلامية النيوزلندية التي تنشط في داخل البلاد وخارجها؛ حيث امتدت جسورها إلى المسلمين في جزر فيجي القريبة من نيوزيلندا، وإلى المسلمين في جنوب أفريقيا والهند وأستراليا.

ويعتبر “اتحاد الجمعيات الإسلامية في نيوزيلندا” هو مظلة المسلمين في نيوزيلندا. كما يتوفر عدد قليل من المدارس الإسلامية.

من مشاكل المسلمين في نيوزيلندا

مشكلات المسلمين بنيوزيلندا تتلخص في نقص الدعاة والمعلمين الذين يجيدون اللغة الإنجليزية إضافة إلى قلة المدارس الإسلامية والكتب الإسلامية المترجمة. هذا دون الحديث عن مشاكل المسلمين في أستراليا التي هي ذاتها في نيوزيلندا من الأمراض التي تهدد المجتمعات المسلمة والإسلاموفوبيا وعداء الصليبيين المتطرفين والصهاينة.

مجزرة المساجد

مسجد النور هو مسجد في ريككارتون بكرايستشرش في نيوزيلندا.

في عام 1440هـ (15 مارس 2019م) فجع المسلمون في يوم الجمعة في نيوزيلندا بمجزرة ارتكبها أسترالي صليبي حاقد يدعى برنتون تارانت بحق المصلين في مسجدين بمدينة كرايستشرش (مسجدي النور ومركز لينود الإسلامي) راح ضحيتها خمسون مسلمًا وأصيب مثلهم، وقد سبق هذه المجزرة حوادث اضطهاد فردية، يدفعها فكرة الصليبيين بسيادة البيض وكراهية الإسلام.

ورغم حجم البشاعة الذي اتصفت بها هذه المجزرة لم تملك نيوزيلندا ولا أستراليا ولا إعلامهما ولا الغرب عمومًا الشجاعة على تصنيفها من جنس الإرهاب؛ ما يعكس درجة النفاق والكيل بمكيالين في التعامل مع قضايا العنف حين يتعلق الأمر بالمسلمين.

ولا تزال هذه المجزرة صفحة سوداء في تاريخ نيوزيلندا لا تزال تداعياتها إلى اليوم تكشف عمق الصراع بين الإسلام والغرب.

جزء لا يتجزأ من أمة الإسلام

على الرغم من مجزرة نيوزيلندا الإجرامية وما حملته من إشارات واضحة للعداء الصليبي للإسلام، وعلى الرغم من الحالات المنفردة التي يضطهد فيها المسلمون، وتلك الدعاية والحملات التي تستهدفهم وانتشار الإسلاموفوبيا؛ إلا أن نيوزيلندا لم تشهد موجات تصادم واضحة على طول امتداد التاريخ الطويل لوجود المسلمين في هذه البلاد؛ ويرجع ذلك بشكل كبير لعدم تورط نيوزيلندا بتاريخ احتلال في العالم الإسلامي، مع ذلك تدعم الحكومة النيوزلندية السياسات الغربية بشكل عام وتشارك في تحالفاتهم العسكرية مما يفسر التوترات التي يعيشها المسلمون في هذه البلاد تزامنًا مع الصراع العالمي بين الإسلام والغرب.

والمسلمون في نيوزيلندا جزء لا يتجزأ من هذه الأمة المسلمة، يتعرضون لنفس الأخطار ويعيشون نفس الآلام وتجمعهم ذات المشاكل التي تواجه المسلمين في الغرب. ولذلك من الضرورة بمكان توطيد العلاقات معهم وتقوية الحركة الدعوية بكل السبل المتاحة والاستمرار في الدعوة للإسلام خاصة مع حقيقة أن الإسلام أسرع الأديان انتشارًا في المنطقة.

وإلى حين تحقيق مشروع اجتماع المسلمين تحت سلطان الخلافة الإسلامية الواعدة لا يجب أن نغفل عن ضرورة الكفاح لحفظ حقوق المسلمين في عبادة الله وممارسة شعائرهم بحرية تامة، ويدخل في ذلك رد حملات الصهيوصليبية التي تشيطن المسلمين وتصادر حقوقهم تحت ذريعة الحرب على ما يسمى الإرهاب. وتوفير الآلات الإعلامية القوية الخاصة بالمسلمين، والعمل على نشر الوعي والمفاهيم الأصيلة لتجتمع القلوب والسواعد لعودة الإسلام من جديد للريادة.

 

 

المصادر

 

(المصدر: موقع تبيان)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى