كتب وبحوث

واجب الدولة في حفظ مال الأمة

الدولة المسلمة أمينة على المال العام، فلا يحق لها التفريط فيه ولا إساءة استخدامه ولا توزيعه حسب الهوى، بل لا بد من مراعاة الضوابط الشرعية في ذلك كله. ورسالة الإسلام وهديه في الحكم قائمة على مثل أخلاقية عليا ينبغي تحقيقها من الصدق والأمانة والبر والرحمة والعفو والصفح والعدل وما سوى ذلك من مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات.
إن عبد الله المؤمن الذي استرعاه الله على مال عام، ينبغي أن يعلم أنه ليس مخوّلاً في أن يفعل به ما يشاء، وأن يتخوّض فيه بغير حق، بل عليه أن يستشعر أن وضعه خطير وحسابه عسير، وأنه عن كل شيء محاسب مسئول، والحجة في ذلك آية وأحاديث، أما الآية فقول ربنا سبحانه وتعالى في القرآن: (وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون، قال ابن عباس وعكرمة وابن جبير: نزلت بسبب قطيفة حمراء فُقدت في المغانم يوم بدر، فقال بعض من كان مع النبي صلى الله عليه وسلم لعل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذها؛ فنزلت الآية. فالنفي هنا لإمكان وقوع الفعل وليس لحله أو جوازه، فهنا يأتي السياق بحكم عام ينفي عن الأنبياء عامة إمكان أن يغلوا. ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة، قال القرطبي: “يأتي به حاملاً له على ظهره ورقبته، معذَّباً بحمله وثقله، مرعوباً بصوته، وموبَّخاً بإظهار خيانته على رؤوس الأشهاد”، وإذا كانت الآية نازلة في سبب خاص يتعلق بحادثة معينة زمان النبي صلى الله عليه وسلم فإنها تعم كل غلول، وكل اعتداء على المال العام، وكل إساءة للتصرف فيه، وكل خيانة؛ لما تقرر عند أهل الأصول من أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ولعل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تجلي المعنى وتزيد الأمر بياناً فلنذكر بعضها:
1 عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ردوا الخياط والمخيط؛ فإن الغلول عار ونار وشنار على أهله يوم القيامة.
2 عن عدي بن عميرة الكندي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطاً فما فوقه فهو غلول يأتي به يوم القيامة، فقام رجل من الأنصار أسود، كأني أنظر إليه، فقال: “يا رسول الله، اقبل عني عملك”، قال: وما ذاك؟، قال سمعتك تقول كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنا أقوله الآن: ألا من استعملناه على عمل فليجئ بقليله وكثيره، فما أعطى منه أخذ، وما نهى عنه انتهى.
3 عن أبي رافع قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر ربما ذهب إلى بني عبد الأشهل فيتحدث معهم حتى ينحدر إلى المغرب إذ مر بالبقيع فقال: أُفٍّ لك، فلزقت في درعي وتأخرت وظننت أنه يريدني، فقال: مالك؟، فقلت: أحدثت حدثاً يا رسول الله؟ قال: وما ذاك؟ قلت: إنك قلت لي كذا. قال: لا، ولكن هذا قبر فلان بعثته ساعياً على آل فلان فغل نمرة، فدُرِّع الآن مثلها من نار.
4 عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فلما سرت، أرسل في أثري فردني، فقال: أتدري لم بعثتُ إليك؟ لا تصيبن شيئاً بغير إذني فهو غلول ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة.. لهذا دعوتك فامض لعملك.
5 عن أبي مسعود الأنصاري قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعياً ثم قال: انطلق أبا مسعود، ولا ألفينك يوم القيامة تأتي على ظهرك بعير من إبل الصدقة له رغاء قد غللته.
يقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله: وقد عَمِلتْ هذه الآية القرآنية والأحاديث الشريفة عملها في تربية الجماعة المسلمة حتى أتت بالعجب العجاب. حُملت الغنائم إلى عمر بعد القادسية وفيها تاج كسرى وإيوانه لا يقومان بثمن، فنظر رضي الله عنه إلى ما أداه الجند في غبطة وقال: “إن قوماً أدوا هذا لأميرهم لأمناء”.
روى ابن جرير في تاريخه قال: “لما هبط المسلمون المدائن، وجمعوا الأقباض، أقبل رجل بحُقٍّ معه فدفعه إلى صاحب الأقباض، فقال والذين معه: ما رأينا مثل هذا قط ما يعدله عندنا ولا يقاربه، فقالوا: هل أخذت منه شيئاً؟ فقال: أما والله لولا الله ما أتيتكم به. فعرفوا أن للرجل لشأناً، فقالوا: من أنت؟ فقال: لا ــ والله ــ لا أخبركم لتحمدوني، ولا غيركم ليقرظوني، ولكني أحمد الله وأرضى بثوابه، فأتبعوه رجلاً حتى انتهى إلى أصحابه، فسأل عنه فإذا عامر بن عبد قيس”.

مظاهر التهاون بالمال العام
قد علم المسلمون طُراً أن الولاية والإمارة والحكم والمسئولية شأن خطير، له ما بعده من التبعات والحساب العسير بين يدي الله يوم القيامة، وذلك بعدما سمعوا من نبيهم صلى الله عليه وسلم قوله: ما من رجل يلي أمر عشرة، فما فوق ذلك، إلا أتى الله عز وجل مغلولاً يوم القيامة يده إلى عنقه، فكَّه برُّه، أو أوبقه إثمه، أولها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخرها خزي يوم القيامة.
ولكن هذا العلم لا يكفي وحده في تحقيق الاستقامة والسير على الجادة وتقدير الأمانة حق قدرها، ولذا جاءت الشريعة ببيان الحقوق والواجبات في هذا الأمر، وتعيين الحدود في الأخذ والعطاء، حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يتعدى أحد على حق أحد، متأولاً في ذلك نصاً، أو مبتدعاً في ذلك سابقة، وكان أول ما قررته الشريعة في هذا الباب أن للمسئول حقاً في أن يأخذ من بيت مال المسلمين ما يحقق كفايته، ويصون وجهه عن السؤال، ويكف يده عن الحرام، فروى المستورد بن شداد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان لنا عاملاً فليكتسب زوجة، فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادماً، فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكناً. قال أبو بكر: “أُخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اتخذ غير ذلك فهو غالٌّ أو سارق”، وعن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “لما استُخلف أبو بكر الصديق قال: لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مئونة أهلي، وشُغلت بأمر المسلمين، فسيأكل آل أبي بكر من هذا المال وأحترف للمسلمين فيه”.
فهذه الأحاديث يستفاد من مجموعها كما قال أهل العلم أن للعامل أن يأخذ من عرض المال الذي يعمل فيه قدر حاجته، وفيها أن الوالي ونوابه يأخذون كفايتهم من بيت المال من غير إسراف ولا تقتير؛ لأن أوقاتهم مصروفة في المنافع العامة التي هي في مصلحة الناس كلهم، ومنهم المدرسون والخطباء والوعاظ وأئمة المساجد والمؤذنون، وفي مقابل ذلك ليس من حق صاحب الولاية أن يباشر تجارة أو غيرها من أسباب التكسب، لما في ذلك أولاً من تضييع مصالح المسلمين بالتشاغل في تنمية ماله وزيادة كسبه، ولما فيه ثانياً من مظنة استغلال النفوذ ومحاباة الناس له رغبة أو رهبة، يدل على ذلك ما رواه ابن سعد بإسناد مرسل رجاله ثقات قال: “لما استخلف أبوبكر، أصبح غادياً إلى السوق على رأسه أثواب يتجر بها، فلقيه عمر بن الخطاب وأبوعبيدة بن الجراح، فقال: كيف تصنع هذا وقد وليت أمر المسلمين؟ قال: فمن أين أطعم عيالي؟ قالوا: نفرض لك ففرضوا له كل يوم شطر شاه” وفي رواية أنهم قالوا: برداه إذا أخلقهما وضعهما وأخذ مثلهما، وظهره إذا سافر، ونفقته على أهله كما كان ينفق قبل أن يستخلف فقال أبوبكر: رضيت”.
ولعله لا يخفى ما في قول الصحابة لأبي بكر: “كيف تصنع هذا وقد وليت أمر المسلمين؟” من الإنكار والتعجب.. ويؤيد هذا ما كان عمر يفعله من مشاطرة عماله أموالهم، إذا زادت حال ولايتهم، هذا إذا كان العامل ذا فضل ودين لا يتهم بخيانة.
وهاهنا مسألة لا بد من التطرق إليها، حيث كثر طرحها والسؤال عنها في بلادنا هذه يقول قائلهم: ما الحكم فيما لو لم تكفل الدولة المسلمة للعامل كفايته من مسكن وزوج وخادم كما حدد ذلك الحديث الشريف؟ أيحل له أن يأخذ من غير إذن حتى يضمن حاجاته الضرورية ولوازمه المعاشية؟ والجواب ــ والعلم عند الله تعالى ــ أن ذلك مرتع وخيم وطريق شر وبيل، لو فتح بابه فلن يسد. وثانياً: أليس هذا العامل ـــ وزيراً كان أو سفيراً أو رئيساً أو غيره ــ قد التزم بعقد إجارة مع الدولة يقوم بموجبه بعمل معلوم في مقابل أجر معلوم وقد رضى بذلك؟ والجواب: أن نعم، ما دام ذلك كذلك فلا يحل له الخوض في مال المسلمين متأولاً تحصيل كفايته لأن المسلمين على شروطهم.

وهاهنا أعرض بعض مظاهر الاعتداء على المال العام والتصرف فيه بغير ما شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وبغير ما سنّه الخلفاء الراشدون الهداة المهديون، وهذه أمثلة لا يراد بها الحصر، وإلا فالناس في كل حين يحدثون ذنوباً ويبتدعون حيلاً لتحليل ما حرم الله، ونسأل الله السلامة. وسأكتفي بأمثلة عشرة:
1 -قبول الهدية:
وهذه قديمة جديدة، حيث عهد الناس أن يهدوا للحاكم والمسئول هدايا، ويمنحوه عطايا؛ طلباً لنفعه، ودفعاً لشره، وسعياً لرضاه، وقد قرأنا في كتب السيرة أن كفار قريش لما أرادوا رد المهاجرين من الحبشة بعثوا رجلين في هذه المهمة إلى النجاشي، ومعهما هدايا مما يُستطرف من متاع مكة من الأدم وغيره، وأمروهما ألا يكلما النجاشي حتى يدفعا إليه هديته وكذلك إلى كل بطريق، ولكن النجاشي رحمه الله آثر رضا الله على رضا الناس فرد الرسولين خائبين لم ينالا خيراً، وأمر كذلك بردِّ هداياهما.
وقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هدايا العمال باب للشر ومظنة للتهمة، ومطية لإبطال الحق وركوب متن الهوى في معاملة الناس؛ ولذلك نهى كل ذي سلطة عن قبول الهدايا، والعلة في ذلك كما بيّن صلى الله عليه وسلم أن هذه الهدايا تساق إليه لا من أجل شخصه بل لوصفه، لا لذاته بل لسلطته التي خوله الله إياها، فروى البخاري من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من بني أسد ويقال له ابن الأتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أُهدي لي. فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما بال العامل نبعثه فيأتي فيقول: هذا لك وهذا لي، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا؟ والذي نفسي بيده، لا يأتي بشيء إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيراً له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر ــ ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ــ ألا هل بلغت؟ ــ ثلاثاً ــ، وهذا الحديث واضح في دلالته حيث منع النبي صلى الله عليه وسلم عامل الدولة من قبول الهدية، وعلل ذلك بقوله: هلا جلس في بيت أبيه وأمه، ليشير إلى أن الهدية كانت من أجل استجلاب رضاه لا من أجل ذاته، قال ابن العربي رحمه الله: “النبي صلى الله عليه وسلم استكثر الهدية، واستشرف إلى أنه زادت على طريق المعروف، فتوقع أن تكون تصنعاً أو استدفاعاً لباطل أو لجلب ما لا يجوز من الصدقة”، وقد أخرج الإمام أحمد والطبراني من حديث أبي حميد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هدايا العمال غلول.

قال ابن بطال: “دل الحديث على أن الهدية للعامل تكون لشكر معروفه أو لتحبب إليه أو للطمع في وضعه من الحق، فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه فيما يهدي له من ذلك كأحد المسلمين لا فضل له عليهم فيه وأنه لا يجوز الاستئثار به” وفيه: أن هدايا العمال تجعل في بيت المال، وأن العامل لا يملكها إلا إن طلبها له الإمام، وكراهة قبول هدية طالب العناية، وزاد ابن حجر: “جواز قبول الهدية ممن كان يهاديه قبل ذلك”.
ويتعلق هذا الأمر ببيان التهاون الذي وقع فيه الحكام والمسئولون ــ إلا من رحم ربك ــ من قبول الهدايا والترخص في ذلك، مع ما في هذا الحديث من الوعيد الشديد من المقام النبوي، ولا نجد ــ إلا في القليل النادر الذي يكاد أن يكون شاذاً ــ من يرد الهدية إلى بيت المال، مع أن غير المسلمين ــ كالأمريكان مثلاً ــ يلزمون ذا الولاية، بداية من رئيس الجمهورية برد الهدية إلى الخزانة إذا بلغت قدراً معيناً لعله مائتان وخمسون دولاراً.
يقول ابن تيمية رحمه الله: “وقد يبتلي الناس من الولاة بمن يمتنع من الهدية ونحوها؛ ليتمكن بذلك من استيفاء المظالم منهم، ويترك ما أوجبه الله من قضاء حوائجهم، فيكون من أخذ منهم عوضاً على كف ظلم وقضاء حاجة مباحة، أحب إليهم من هذا”.
والواجب على المسئول المسلم أن يجمع بين الحُسنيين، فلا يحتجب دون رعيته، ولا يجعل بينه وبينهم أبواباً وحجاباً، وفي الوقت نفسه ينزه نفسه عن مواطن الشبهات ومثار التهم، فلا يقبل هدية إلا ممن كان يهاديه قبل الولاية وتربطه به رحم أو مودة سابقة، وكانت الهدية معقولة لا يستنكرها عرف الناس. قال الإمام الشوكاني: “وقد كان بعض أهل العلم والفضل يمتنع هو وأصحابه من قبول الهدية من أحد أصلاً لا من صديق ولا من قريب ولا غيرهما وذلك لفساد النيات في هذا الزمان”.
وهذا عمر بن عبدالعزيز الإمام العادل والخليفة الراشد يشتهي يوماً التفاح، ولم يجد في بيته شيئاً يشتري به، فتلقاه غلمان الدير بأطباق تفاح، بعدما سمع بعض الناس برغبة أمير المؤمنين، فتناول واحدة فشمها ثم رد الأطباق، وقال: لا حاجة لي فيه. فقيل له: ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوبكر وعمر يقبلون الهدية؟ فقال: إنها لأولئك هدية وهي للعمال بعدهم رشوة، وإذا كان هذا زمان عمر فكيف بزماننا ورجالنا؟

2 – استعمال المال العام في مصلحة خاصة:
الأصل في المال العام أن لا يستعمل إلا في مصلحة عامة يعود نفعها على مجموع الناس، ولو شرد الإنسان بنظره لوجد الأمر بخلاف ذلك في بلاد المسلمين ــ وبخاصة السودان ــ حيث المال العام غنيمة باردة وكلأ مباح يرتع فيه الراتعون ويستمتع به المستمتعون، حتى إنك تجد سيارات الحكومة ــ وهي أبرز مثال ــ تذرع الطرقات بالليل والنهار جيئة وذهاباً تحمل الرجال والنساء والأطفال، لزيارات ومجاملات أسرية لا دخل للدولة بها ولا نفع للمجتمع فيها، مع ما يصحب ذلك من تفريط وتهاون بحقوق الأمة، حتى إن هذه الأشياء قد تحبس أحياناً عن مصلحة عامة لأنها مستعملة في شأن خاص، وقل مثل ذلك في الوقود واستعمال الأوراق والأقلام وأدوات الطباعة والتصوير في أمور خاصة، وقد علمنا ــ جميعاً ــ أن المسلمين شركاء في هذا المال، ما ينبغي أن تستأثر به طائفة دون سائر الناس. وواقع الأمر خلاف ذلك دلالة على أن النظرية خلاف التطبيق، وأن الناس في دولة الإسلام بحاجة إلى تربية وتزكية حتى يحاسب أحدهم نفسه في المال العام محاسبة الشريك الشحيح لشريكه، وهو يعلم علم اليقين أن الله سائله ومحاسبه، حاله كحال الإمام العامل عمر بن عبدالعزيز رحمه الله الذي قال: “وليُّ الأمر كالسوق ما نفق فيه جلب إليه”. فإن نفق فيه الصدق والبر والعدل والأمانة، جلب إليه ذلك، وأن نفق فيه الكذب والفجور والجور والخيانة جلب إليه ذلك. ولم يكن قول عمر بن عبدالعزيز كلاماً بل فعلاً وخلقاً حتى رووا عنه رحمه الله أنه كانت تسرج عليه الشمعة ما كان في حوائج المسلمين، فإذا فرغ، أطفأها وأسرج عليه سراجه. وقال مالك: أُتي عمر بن عبد العزيز بعنبرة، فأمسك على أنفه مخافة أن يجد ريحها، وعنه: أنه سد أنفه، وقد أُحضر مسكٌ من الخزائن. ولا ريب أن من سمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله، جدير به أن يفعل ذلك وأن يؤدي الأمانات إلى أهلها.
وقد قال رجل لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين، لو وسعت على نفسك في النفقة من مال الله تعالى، فقال له عمر: أتدري ما مثلي ومثل هؤلاء؟ كمثل قوم كانوا في سفر، فجمعوا منهم مالاً، وسلموه إلى واحد ينفقه عليهم، فهل يحل لذلك الرجل أن يستأثر عنهم من أموالهم، فكان رضي الله عنه يرى المسلمين جميعاً شركاء في هذا المال، وما من واحد منهم إلا وله فيه حق ونصيب، ورغم أن أموال المسلمين كانت في يده إلا أنه عمل فيها برضا الله فأثمر ذلك في رعيته تقى وهدي، ولما حمل إليه مال عظيم ــ مرةً ــ من الخمس، قال رحمه الله: “إن قوماً أدوا الأمانة في هذا لأمناء، فقال له بعض الحاضرين: إنك أديت الأمانة إلى الله تعالى، فأدوا إليك الأمانة، ولو رتعتَ لرتعوا”.
وإذا كان أولو الأمر يرجون من الرعية أمانة وحرصاً على المال العام، وضناً به أن ينفق في أمر تافه أو شأن خاص، فينبغي أن يجعلوا من أنفسهم وأحوالهم قدوة وأسوة ومثلاً، فليس من الحكمة أن يطلب الحاكم من الناس تقشفاً وحفظاً وصيانة للمال العام، وهم يرون من حاله خلاف ما يقول، فحيثما ذهب تجد السيارات الفارهة والمراكب الفاخرة، وحيثما جلس تجد السرر المرفوعة والأكواب الموضوعة والنمارق المصفوقة والزرابي المبثوثة، وأينما طعم فالفاكهة واللحم، وكأنه قد تعجل جنته فكان كمن قال الله فيهم: ]أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمعتم بها، والناس على دين ملوكهم فإن عف الملوك عفت الرعية وإن رتعت الملوك فكذلك الرعية.
ولا يعقل كذلك أن يطلب الأمير أو الوزير من الناس أن يصبروا ويصابروا ويرابطوا ويكابدوا مشقة الحياة، وهم يرون ثلاث سيارات في خدمته واحدة له وأخرى للبيت وثالثة للأولاد في المدرسة تذهب بهم وتجيء، لا شك أن في هذا ظلماً واستئثاراً بالنعمة دون الناس، ومن كان حاله كذلك لا يحق له أن يأمر الناس بالصبر أو يطلب منهم صيانة المال العام، لأنه ما صانه ولا حفظه، وإن تكلم بمثل هذا الكلام دخل تحت مقت الرب ]يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون، وقد سأل ناس من الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده، فقال لهم حين أنفق كل شيء بيده: ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله.

3- إخفاء شيء من المال العام:
وهذا أمر يتساهل به كثير من الناس، فتجده مأموناً على المال الكثير والعرض العظيم، لكنه يخفي اليسير من النقود أو غيرها، ويختص نفسه بها ظناً منه أن الأمر هين وهو عند الله عظيم، وأمثال هؤلاء أذكِّرهم بنكير رسول الله صلى الله عليه وسلم على من فعل ذلك، حتى بلغ به شؤمه أن يحرم من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازته، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة، فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو في النار، فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها قال ابن حجر: “وفي الحديث تحريم قليل الغلول وكثيره، وقوله: هو في النار أي يعذب على معصيته، أو المراد هو في النار إن لم يعف الله عنه”، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ففتح الله علينا، فلم نغنم ذهباً ولا ورقاً، غنمنا الطعام والمتاع والثياب، ثم انطلقنا إلى الوادي، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد له، وهبه له رجل من جذام يدعى رفاعة بن زيد من بني الضبيب، فلما نزلنا الوادي قام عبد رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل رحله، فرمى بسهم، فكان فيه حتفه، فقلنا: هنيئاً له الشهادة يا رسول الله! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلا والذي نفس محمد بيده! إن الشملة لتلتهب عليه ناراً، أخذها من الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم. قال: ففزع الناس، فجاء رجل بشراك أو شراكين، فقال: يا رسول الله أصبت يوم خيبر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : شراك من نار أو شراكان من نار، قال الإمام النووي رحمه الله في كلامه عما يستفاد من الحديث: “فيه غلظ تحريم الغلول وأنه لا فرق بين قليله وكثيره حتى الشراك، ومنها أن الغلول يمنع من إطلاق اسم الشهادة على من غَلَّ إذا قُتِل”. وعن زيد بن خالد الجهني أن رجلاً من المسلمين توفي بخيبر، وأنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صلوا على صاحبكم، فتغيرت وجوه القوم لذلك، فلما رأى الذي بهم قال: إن صاحبكم غل في سبيل الله، ففتشنا متاعه، فوجدنا فيه خرزاً من خرز اليهود ما يساوي درهمين. قال الإمام الشوكاني رحمه الله: “فيه دليل على تحريم الغلول وإن كان شيئاً حقيراً”.
وهذه الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحة في دلالتها على أن الغالَّ من المال العام محروم مشئوم معرض لسخط الله وغضب رسوله، وكل من عقل يعلم أنه لا شيء في الدنيا ــ قليلاً أو كثيراً ــ يستأهل أن يعذب الإنسان به ساعة في قبره أو يحرم بسببه من رحمة الله.

4 – إساءة استعمال المال العام:
من التربية الخاطئة التي نشأت عليها أجيال من المسلمين أن المال العام كلأً مباح لا صاحب له ولا بواكي، فتجد الصبية الأغرار يسيئون استعمال المقاعد والمباني في المدارس وكذا في المراكب العامة، وتجد الكبار من الناس ــ سناً وقدراً ــ يسيئون استخدام المكاتب وما بها من مرافق، ويتعمدون المبالغة في الإنفاق حتى تستغرق الميزانية المخصصة كلها ويتمادح الناس بذلك، ويعيبون على فلان من الناس أنه أعاد شيئاً مما خصص له.
وإذا كان ولي الأمر كالسوق ما نفق فيه جلب إليه ــ كما قال عمر بن عبدالعزيز ــ فإننا نقول: إن كثيراً من مظاهر إساءة استعمال المال العام مردها إلى أن الناس رأوا قادتهم كذلك، فعلموا أن أثاثات القصور تبدل كل ستة شهور، وهي ــ بعدُ ــ جديدة لم يمسسها سوء، ولم تتعرض لتلف أو بلى، بل هي الرغبة في المظهر وأبهة الحكم، دون تفكير في أن هذا المال مال الله ينبغي أن يعود نفعه على المسلمين بإطعام جائعهم وكسوة عاريهم ووعظ جاهلهم، ولكن أنى للمسلمين ذلك؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وهاهنا أُوردُ مثلين من حياة الخلفاء الصالحين والحكام المفلحين الذين راقبوا الله في رعيتهم ومال الله الذي بين أيديهم.. ولا أمل من تكرار هذه الأمثلة، ولا يقولن قائل: ]تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم؛ فقالوا: يا أمير المؤمنين، لو قدمت إلينا من هذا البط والوز، والخير كثير، فقال رضي الله عنه: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل للخليفة إلا قصعتان: قصعة يأكلها هو وأهله، وقصعة يطعمها.

المثال الثاني:
كتب أحد الولاة لعمر بن عبدالعزيز رحمه الله يطلب المزيد من الأقلام وورق الكتابة، فأجابه عمر: “إذا جاءك كتابي هذا فأدقَّ قلمك، وقارب بين أسطرك، فإني أكره أن أخرج من أموال المسلمين ما لا ينتفعون به، ولا حاجة للمسلمين في فضل قول أضر ببيت مالهم”، ولما طلب منه بعض ولاته الإذن بمزيد من الشموع التي كانت دار الإمارة تضاء بها، ويضاء بها للأمير وهو في طريقه إلى المسجد لصلاة العشاء والفجر، كتب إليه عمر: “لقد عهدتك يا ابن أم حزم، قبل أن تكون والياً، تخرج في الليلة الشاتية المظلمة من غير مصباح.. ولعمري، لأنت يومئذ خير منك اليوم، ولقد كان في فتائل أهلك ما يغنيك”.
فالعبث بالمال العام ــ عند الحاكم المسلم ــ جريمة مرفوضة وشر كبير، لا يسمح به في دولته، حتى لا يغرى السفهاء بالانتقال من القليل إلى الكثير، ومن اليسير إلى الجليل، فاليوم شمعة ودابة، وغداً سراج وسيارة، وهكذا يستمر الأمر، والحاكم عن ذلك كله مسئول أمام ربه.

5- استغلال النفوذ:
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: شهدت جلولاء، فابتعت من المغنم بأربعين ألفاً، فلما قدمت على عمر قال لي: أرأيت لو عرضت على النار، فقيل لك: افتده. أكنت مفتديَّ؟ قلت: والله ما من شيء يؤذيك إلا كنت مفتديك منه. فقال: كأني شاهد الناس حين تبايعوا، فقالوا: عبدالله بن عمر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وابن أمير المؤمنين، وأحب الناس إليه، وأنت كذلك، فكان أن يرخصوا عليك بمائة درهم أحب إليهم من أن يغلوا عليك بدرهم، وأني قاسم مسئول، وأنا معطيك أكثر ما ربح تاجر من قريش، لك ربح الدرهم درهماً، قال: ثم دعا التجار، فابتاعوا منه بأربعمائة ألف فدفع إلي ثمانين ألفاً، وبعث بالبقية إلى سعد بن أبي وقاص، فقال: اقسمه في الذين شهدوا الوقعة ومن كان مات منهم فادفعه إلى ورثته.

هكذا كان حال عمر بن الخطاب مع ابنه الورع التقي الزاهد العابد عبدالله بن عمر، هكذا كان حكم الراشدين المرشدين الهداة المهتدين، لا تحدث أحداً نفسه أن يتوصل بنسبه أو قرابته إلى غرض دنيوي أو مطمع عاجل، بل كانت قرابتهم وصلتهم بالخلفاء سبباً في تشديد الرقابة عليهم وحرمانهم من حقوق تتاح لعامة المسلمين، وما ذاك إلا نفياً للشبهة، وطلباً للسلامة واستبراء للعرض والدين. حتى خلف من بعدهم خلفٌ رتعوا في مال الله، وأنفقوا منه على الأهل والقرابة بغير حساب، فيا سعادة من كان الأمير أباه أوعمه، أو أخاه أو خاله، حيث المال مبذول والقوانين ــ في حقه ــ معطلة، والأنظمة ملغاة وكل شيء ــ في سبيل راحته وثرائه ــ ميسور ممهد، حتى صرنا نسمع العجب العجاب عن ثروات بعض حكام المسلمين وأقاربهم ومنادميهم.
وكان أول من ابتدع هذا المنكر حكام بني أمية حيث أقطع بعضهم بعضاً أراضي وممتلكات هي حق مشاع للمسلمين وملك لهم جميعاً، لكنهم استأثروا بها دون الناس حتى تضخمت ثرواتهم واتسعت أملاكهم الحرام، فلما أراد الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز أن يصلح هذا الفساد، ويقوم هذا الاعوجاج، ويرد الحق إلى أهله عسر ذلك على بني أمية الذين اعتادوا أكل أموال الناس بالباطل، والتميز عليهم بغير حق ولا سابقة ولا جهاد، وكتب أحدهم إلى عمر بن عبد العزيز مهدداً متوعداً: أما بعد فقد أزريت بمن كان قبلك من الخلفاء، وسرت بغير سيرتهم، فقطعت ما أمر الله به أن يوصل، وعملت بغير الحق في قرابتك، وعمدت إلى أموال قريش ومواريثهم وحقوقهم فأدخلتها بيت مالك ظلماً وجوراً وعدواناً. فاتق الله يا ابن عبد العزيز، فإنك توشك ألا تطمئن على منبرك.. فكتب إليه عمر بن عبد العزيز يقول: “من عمر أمير المؤمنين، إلى ابن الوليد.. سلام على من اتبع الهدى.. أما بعد، فعهدي بك كنت جباراً شقياً، والآن تكتب تتهمني بالظلم، لأنني حرمتك وأهل بيتك من مال المسلمين ما هو حق للضعيف والمسكين وابن السبيل! ألا إن شئت أخبرتك بمن هو أظلم مني وأترك لعهد الله إنه أبوك الوليد، فويل لك، وويل لأبيك، ما أكثر طلابكما وخصماءكما يوم القيامة.. وأظلم مني وأترك لعهد الله من استعمل الحجاج بن يوسف يسفك الدم الحرام، وأظلم مني وأترك لعهد ا لله، من استعمل يزيد بن أبي مسلم على جميع المغرب، يجبي المال الحرام ويسفك الدم الحرام. ألا رويدك يا ابن الوليد، فلو طالت بي حياة لأتفرغن لك ولأهل بيتك حتى أقيمكم على المحجة البيضاء”. ونستبين من هذا الكلام عزم عمر رحمه الله على رد الأمور إلى نصابها، وإعطاء كل ذي حق حقه، لكن بني أمية ما تركوا الرجل يستكمل خطته ويتمم طريقته، إذ لو فعل لما ترك بأيديهم شيئاً من مال المسلمين، ولجعلهم وأدنى رجل في المسلمين سواء، فدسوا له من وضع السم في طعامه، فانتقل إلى ربه راضياً مرضياً.. ولو وجد مسلمو اليوم، من بين حكامهم من يسير سيرة عمر أو قريباً منها، فيقيم الحق على القريب والبعيد لفدوه بأرواحهم، وساروا خلفه سيراً حثيثاً إلى الله رب العالمين، فما تخلفوا عن غزوة ولا جهاد، ولا مالئوا عدواً، ولا شغلوا بالقيل والقال في حق رؤسائهم وحكامهم، ولعلم كل واجبه فأداه. ولكن أني ذلك؟ قل عسى أن يكون قريباً.

6- الإنفاق على أحفال مصطنعة وأعياد مبتدعة:
في دين الإسلام لم يشرع للمسلمين سوى عيدين هما الفطر والأضحى، وكلاهما عقيب عبادة شكراً لله على نعمته، وحمداً له على توفيقه، وما سوى ذلك من الأعياد فإن الإسلام لا يعرفه ولا علاقة له به، وإذا علم ذلك يتبين يقيناً أن ما استحدثه حكام المسلمين من أعياد تنفق فيها الأموال، وتهدر فيها الأوقات، وتهتك فيها الحرمات ــ من عيد للاستقلال، وآخر للجلاء، وثالث للثورة، ورابع للنصر، وخامس للوطن.. وهلم جراً ــ كل هذا سفه وطيش وتعدٍّ على دين الله، يقول الشيخ محمد الغزالي: “ومن الوسائل التي يلجأ إليها حكام الجور، لصرف الناس عن ملاحقتهم بالنقد، تضخيم الأحداث التافهة، وحوك الأساطير حولها، ثم إشاعتها بين العوام وأشباههم، ليتلهوا بها زمناً، فإذا فرغوا منها لوحقوا بغيرها، وهكذا دواليك، حتى يستقر للحكام الفسقة أمرهم دون نكير”.
طوّف بناظريك في بلاد الإسلام .. تجد أغلب أيام السنة أعياداً، تزين فيها الجدران، وتطلى فيها الحيطان، وتعطل الأعمال، وتفرض على الناس الأموال، لتغطية تكاليف تلك الأحفال، ثم ارجع لأزهى أيام الإسلام وتأمل: هل احتفل المسلمون بفتح بلاد فارس مثلاً وجعلوا عيداً قومياً؟ أم تراهم قد احتفلوا بفتح الشام؟ او بانتصار الإسلام فيما وراء البحار؟ ما كان شيء من ذلك كله، ولو كان خيراً لسبقونا ليه، فإنهم أهل التقوى وأهل المسابقة في الخيرات، والمسارعة في الطاعات والقربات.
قد يقول قائل: إن في الاحتفال ببعض الأيام التي أظهر الله فيها الإسلام وأهله، ونصر المسلمين فيها على الصليبيين، إغاظة للكفار والملاحدة، وهذا مطلب شرعي ومبدأ إسلامي، كما أن في تلك المحافل إظهاراً القوة المسلمة وردعاً للعدو الباغي، مما يدل على مشروعيتها.. وما ذكروه من المقدمات حق لا ريب فيه إذ إغاظة الكفار وإرهابهم أمر لا بد منه ديناً وشرعاً، لكن النتيجة التي رتبوها على تلك المقدمات غير مسلَّمة، وذلك من وجهين: الأول عقدي: إذ الاعتراض على تسمية تلك الأيام أعياداً قائم، والثاني واقعي إذ لا يمكن بحال أن يستجيز مسلم لنفسه ــ حاكماً أو غيره ــ إنفاق الأموال الطائلة على تلك المظاهر والمواكب والمحافل، وفي المسلمين فقير جائع ومريض ضائع، ومظلوم مقهور وغريب مأسور وشيخ كبير، بل فيهم من يتعرض للفتنة في دينه من قبل أهل الصليب حين يعرضون عليه من الطعام ما يسد جوعته، ومن اللباس ما يستر عورته. وكيف تفتح باب شر متيقن لخير مُتوهَّم قد يحصل وقد لا يحصل؟
نعم.. لو خلت تلك المحافل من معصية الله، ولم تنفق فيها الأموال، بل اقتصر بها على الغاية التي أقيمت من أجلها دون تكلف أو تصنع، ولم تسمَّ أعياداً، أمكن القول بجوازها، أما والحال ما نرى فينبغي أن يعود الناس إلى عقولهم، ويحكموا شريعة ربهم فيما شجر بينهم عملاً بقول العلي الأعلى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا.

7 -الخوض فيه بغير حساب:
في دولة الإسلام الأولى كانت مخصصات الحاكم معروفة، وميزانية بيته وعياله مألوفة، لا تكاد تتعدى ميزانية أدنى بيت من بيوت المسلمين، ولذلك ما عرف عن حكام المسلمين في عصور الإسلام الزاهية أموال طائلة ولا عقارات هائلة ولا أراضي شاسعة ولا بيوت واسعة، بل توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ترك ديناراً ولا درهماً ولا عبداً ولا أمة، إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها، وسلاحه، وأرضاً جعلها لابن السبيل صدقة، كما قال عمرو بن الحارث رضي الله عنه. وكذلك أبو بكر رضي الله عنه لما نزل به الموت، قال لابنته عائشة رضي الله عنها وهي تُمرّضه: “أما ــ والله ــ لقد كنت حريصاً على أن أوفر فيء المسلمين، على أني قد أصبت من اللحم واللبن، فانظري ما كان عندنا فأبلغيه عمر”. قال: وما كان عنده دينار ولا درهم، ما كان إلا خادماً ولقحة ومحلباً، فلما رجعوا من جنازته أمرت به عائشة إلى عمر، فقال: “رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده” وقول أبي بكر هنا: “أصبت من اللحم واللبن” إشارة إلى ما فرضه له المسلمون ــ وعلى رأسهم عمر وأبو عبيدة ــ من عطاء نظير عمله في الخلافة، حيث فرضوا في كل يوم شطر شاة، وماكسوه في الرأس والبطن.
وكذلك حال عمر رضي الله عنه كان أمره ظاهراً مكشوفاً للناس، وكان يعلن على الملأ قائلاً: “ألا أخبركم بما أستحل من مال الله؟ حلتين، حلة الشتاء والقيظ، وما أحج عليه وأعتمر من الظهر، وقوت أهلي كرجل من قريش، ليس بأغناهم ولا أفقرهم، ثم أنا رجل من المسلمين يصيبني ما أصابهم”.
وإذا احتاج الحاكم لشيء آخر فلا يغمس يده في بيت المال غمساً ليستحل من مال الله ما حرمه دون حسيب أو رقيب، بل يستقرض شأنه شأن سائر الناس، ولذا أرسل عمر إلى عبد الرحمن بن عوف يستسلفه أربعمائة درهم، فقال عبد الرحمن: “أتستسلفني وعندك بيت المال؟ ألا تأخذ منه ثم ترده؟”، فقال عمر: “إني أتخوف أن يصيبني قدري”، فتقول أنت وأصحابك: “اتركوا هذا لأمير المؤمنين.. حتى يؤخذ من ميزاني يوم القيامة، ولكني أتسلفها منك لما أعلم من شحك، فإذا مت جئت فاستوفيتها من ميراثي”، وهكذا كان حال عثمان وعلي رضي الله عنهما.
ثم خلف من بعد ذلك خلوف لا يرعون لمال الله حرمة، ولا يعرفون للمسلمين فيه حقاً، بل حال أحدهم مع أموال المسلمين كحال الذئب مع الغنم، أو كالذي يأكل ولا يشبع، همُّ أحدهم ملذاته ومتعه وشهواته، ثم يقسم ــ بعد ذلك ــ من مال الله، على غير ما يحب الله ورسوله، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة، وفي حديث خولة بنت قيس رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن المال خضرة حلوة، من أصابه بحقه بورك فيه، ورب متخوض فيما شاءت نفسه من مال الله ورسوله ليس له يوم القيامة إلا النار. وفي هذه الأحاديث ردع للولاة أن يأخذوا من المال شيئاً بغير حقه أو يمنعوه من أهله وعليه فلا بد ــ في دولة الإسلام ــ أن يكون للحاكم والوزير والمسئول ميزانية معلومة وعطاء معروف وراتب مقدر، شأنه شأن رعيته، وبعد ذلك لا يحل له إن كان يؤمن بالله واليوم الآخر أن يأخذ شيئاً من أموال المسلمين.
يقول الأستاذ محمد المبارك رحمه الله: “إن مبدأ استقلال ملكية الشعب أو المجتمع أو المسلمين عامة من ملكية الحاكم الخاصة، ومنعه من التصرف بها إلا بموجب قواعد مقررة مبدأ هام وفتح جديد في ميدان الحقوق الدستورية، سبق الإسلام نظرياً والمسلمون عملياً إلى إقراره، وقد رأينا ضرورة التنويه به وإبرازه. وذلك لبيان سبق الإسلام إليه والتأكيد عليه، ولتقوية الوعي العام لدى الشعوب الإسلامية في هذا الميدان بسبب ما حدث من شذوذ وانتهاك لهذا المبدأ من قرون عديدة حتى العصر الحاضر”.

8- منع الحق عن أهله:
وهذه من المصائب التي ابتلى بها المسلمون، فلو اختلف إنسان مع حاكم أو وزير في رأي أو وجهة نظر، وجهر بذلك، بله أن يخرج عليه أو يؤلب الناس على حكمه، فإن ذلك الحاكم سرعان ما تسعفه بديهته بأن يحارب ذلك الشخص في رزقه، فيبادر إلى فصله من وظيفته، وحرمانه من معاشه وقوت أهله وعياله، حتى يأتي ذليلاً صاغراً طالباً العفو والصفح، ووالله ما أقبحها من وسيلة وما أخسه من سبيل يندى له الجبين! ترى ماذا يقول ذلك الحاكم لربه يوم القيامة إذا سأله عن مثل هذا العمل الذي يُسوِّد وجهه يوم تبيض وجوه وتسود وجوه؟

وما عرف تاريخ الدولة الإسلامية مثل هذا الانحطاط وهذه الخسة إلا بعد ما زال هدى القرآن والسنة، ونقضت عرى الإسلام في الحكم والسياسة، وإلا فإن رجلاً جاء إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال له: يا أمير المؤمنين، إني وجدت هذا ـــ لرجل من الخوارج ــ يسُبُّك؛ قال علي: فسُبّه كما سبني. قال: ويتوعدك؛ قال: لا أقتل من لم يقتلني. ثم قال: لهم علينا ثلاث: أن لا نمنعهم المساجد أن يذكروا الله فيها، وأن لا نمنعهم الفيء ما دامت أيديهم مع أيدينا وأن لا نقاتلهم حتى يقاتلونا. بمثل هذا المنطق الشرعي كان يتكلم علي وأمثال علي من المؤمنين، ومن قبله لما جاء رجل إلى عمر قال له عمر: إني لا أحبك؛ قال الرجل: هل تمنعني حقي؟ قال: لا. قال: إذن لا حاجة لي في حبك، إنما يآسى على الحب النساء.
يقول ابن الجوزي رحمه الله ــ وهو يُعدِّد مسالك إبليس في التلبيس على الولاة والسلاطين ــ: “والسادس: أنه يحسن لهم الانبساط في الأموال ظانين أنها بحكمهم، وهذا تلبيس يكشفه وجوب الحجر على المفرط في مال نفسه، فكيف بالمستأجر في حفظ مال غيره، وإنما له من المال بقدر عمله، فلا وجه للانبساط. قال ابن عقيل: وقد روى عن حماد الراوية أنه أنشد الوليد بن يزيد أبياتاً فأعطاه خمسين ألفاً وجاريتين. قال: وهذا ما يروى على وجه المدح لهم وهو غاية القدح فيهم، لأنه تبذير في بيت مال المسلمين، وقد يزين لبعضهم منع المستحقين وهو نظير التبذير”. ولله درُّ هذا الإمام النحرير ــ أبي الفرج رحمه الله ــ حين قال مقالته تلك، إذ منع المال من وجهه كإعطائه في غير وجهه ولا فرق، وحبس المال عن طاعة واجبة كإنفاقه في معصية ولا فرق، هذا في مال نفسك، فكيف والمال مال الله وأنت مستأجر فيه مستخلف عليه.. ومن عجب أنك لا تجد مثل هذه العاهات في بلاد الكفر، فهناك يختلف الناس في الرأي وقد يشتم بعضهم الحاكم أو الحكومة ولا يجرؤ أحد على طرده من عمله أو التضييق عليه في رزقه.

9 -محاباة بعض الناس على حساب بعض:
يقول شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله: “ولا يجوز للإمام أن يعطي أحداً ما لا يستحقه لهوى نفسه، من قرابة بينهما أو مودة ونحو ذلك، فضلاً عن أن يعطيه لأجل منفعة محرمة منه، كعطية المخنثين من الصبيان المردان الأحرار والمماليك ونحوهم، والبغايا والمغنين والمساخر، ونحو ذلك، أو إعطاء العرافين من الكهان والمنجمين ونحوهم”.
وقد كان هذا الأمر عند العدول من حكام المسلمين واضحاً وضوح الشمس، لا يسمح أحدهم لبشر ما أن يتوسل بنسبه أو قرابته ليحصل على ما لا يستحق من مال المسلمين، وقد مضى ذكر أخبار عمر بن الخطاب في ذلك.. وقد كتب عنبسة بن سعيد إلى عمر بن عبد العزيز يسأله حاجة لنفسه، فكتب إليه عمر رحمه الله: “يا عنبسة.. إن يكن مالك الذي عندك حلالاً فهو كافيك، وإن يكن حراماً فلا تضيفن إليه حراماً جديداً.. أخبرني عنبسة: أمحتاج أنت؟ لا. أفعليك دين؟ لا. إذن فكيف تطمع في أن أعمد إلى مال الله فأعطيه في غير حاجة وأدع فقراء المسلمين، فليكن لك في مالك غناء، واتق الله وانظر من أين جمعته، وحاسب نفسك قبل أن يحاسبك أسرع الحاسبين”.
ونقرأ في ترجمة الحاكم الصالح ذي اليد البيضاء على الإسلام والمسلمين صلاح الدين الأيوبي رحمه الله أنه ما خلّف في خزانته من الذهب والفضة إلا سبعة وأربعين درهماً، وديناراً صورياً، ولم يخلف ملكاً ولا عقاراً رحمه الله، ولم يختلف عليه أحد من أصحابه، وكان الناس يأمنون ظلمه، ويرجون رفده، وأكثر ما كان يصل عطاؤه إلى الشجعان، وإلى العلماء وأرباب البيوتات، ولم يكن لمبطل ولا لمزاح عنده نصيب.
ففي دولة الإسلام لا يحابى أحد في المال العام، بل ينفق من ذلك المال على أهل السابقة والجهاد، وذوي الكفاءات، وأهل الحاجات، ونقدم من قدمه الله ورسوله، من أهل التقوى والورع والبلاء في الإسلام، فلا تنفق الأموال الطائلة من خزينة الدولة على سفر أهل الفن للحج مثلاً، أو لسفر فريق من فرق كرة القدم، وفي الوقت نفسه أبناء الشهداء في فقر ومسغبة، وأصحاب المهن النافعة والكفاءات النادرة وطلاب العلم في حال من الفقر والضيق عجيب.. كذلك لا يصح شرعاً أن تنفق الأموال من الدولة أو من الأفراد على إقامة سرادقات للمولد، في الوقت الذي يتضور فيه المسلمون جوعاً ويتعرض لهم أهل الصليب بالفتنة في دينهم، وما إقامة تلك الموالد إلا لإرضاء جماعات وأفراد نشأوا على تلك الأمور واعتادوها حتى عدوها ديناً يعبدون الله به.

10 -ممارسة أعمال أخرى في غير مصالح الرعية:
قد نرى بعضاً من أهل الولاية العامة في ديار المسلمين يشتغل بأمر خاص لا نفع للرعية فيه، من تجارة أو زراعة ونحوهما، مما يؤثر سلباً على أدائه للوظيفة العامة، وقيامه بحقوق الرعية التي نيطت به، وقد يتطور الأمر إلى ما هو أسوأ حيث يستعمل ولايته ووزارته ــ من طرف خفي ــ لتسهيل عمله الخاص بطريق مباشر أو غير مباشر، ومن أجل هذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعيد النظر، حين منع ولاته من مثل ذلك، وكان ينكر على أحدهم بقوله: إنما بعثناك والياً ولم نبعثك تاجراً.
فلا يحق لذي الولاية العامة ــ في ظل دولة الإسلام ــ أن يمارس عملاً خاصاً يؤثر على مصالح الرعية ويفضي به إلى تعطيل أعمالهم، أو إفشاء أسرارهم أو تضييع حقوقهم، وينبغي للإمام أن يخير هؤلاء بين العمل الخاص والعمل العام لئلا تختلط الأمور وتتشابك المصالح، ولا يستطيع التمييز بين ا لخاص والعام، ولا يتأتى هذا إلا بتربية أهل الولاية من أمراء ووزراء وسفراء وغيرهم تربية إيمانية خالصة، تجعلهم على وعي بخطر ما هم فيه من المهام والمسئوليات، ولذلك لما دخل أبو مسلم الخولاني على معاوية بن أبي سفيان قال: “السلام عليك أيها الأجير”، فقالوا: “قل السلام عليك أيها الأمير”، قال: “السلام عليك أيها الأجير”، فقالوا: قل: “أيها الأمير”، فقال: “السلام عليك أيها الأجير”، فقالوا: “قل الأمير”، فقال معاوية: “دعوا أبا مسلم فإنه أعلم بما يقول”. فقال: “إنما أنت أجير استأجرك رب هذه الغنم لرعايتها، فإن أنت هنأت جرباها، وداويت مرضاها، وحبست أولاها على أخراها، وفاك سيدها أجرك، وإن لم تفعل عاقبك سيدها”.

——————————–
سورة آل عمران، الآية 161.

رواه الترمذي في كتاب التفسير. قال ابن العربي رحمه الله وقول من قال: أخذها النبي ــ إن صح ــ يحتمل أن يريد بما يجوز له من نفل أو صفي فهذا لا شيء عليه فيه، وإن كان أراد أنه أخذها خيانة فهو كافر، ولا ينطق بهذا إلا كافر أو منافق أ.هـ. انظر عارضة الأحوذي 11/137. قلت: معلوم أنه لم يشهد بدراً إلا مؤمن موحد، وقد عصم الله شهود بدر من أن يكون بينهم منافق، ومعلوم كذلك أنه ما نجم النفاق إلا بعد بدر حين قال ابن سلول: هذا أمر قد توجه. وعليه فإن قول ابن العربي يحمل على أن هذه المقالة حصلت بعد رجوع المسلمين من بدر ودخول بعض الناس في الإسلام نفاقاً.

سيد قطب، في ظلال القرآن 1/498.

القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 4/264.

انظر تفصيل القاعدة في: الزركشي، البرهان 1/32، ابن قدامة، روضة 205، الغزالي، المستصفى2/60، الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام 2/226، السبكي، الإبهاج 2/183.

تنبيه بالأدنى على الأعلى كما في قوله سبحانه وتعالى: ]ولا تقل لهما أف رواه النسائي في كتاب الهبة برقم 3628.

رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال 247.

بطن من بطون الأنصار رضي الله عنهم. روى الشيخان من حديث أنس بن مالك أن رسول الله r قال: خير دور الأنصار بنو النجار، ثم بنو عبد الأشهل ثم بنو الحارث بن الخزرج، ثم بنو ساعدة.

مقبرة المدينة التي دفن فيها خيار الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة العلم والدين. انظر في ذلك: تاريخ معالم المدينة المنورة قديماً وحديثاً، السيد أحمد ياسين الخياري 247، سيرة أبي شهبة 1/59.

فيه دليل على سماع النبي r عذاب أهل القبور: انظر: الروح لابن القيم 75.

شملة فيها خطوط بيض وسود. اللسان 5/235.

رواه الإمام أحمد في المسند.

رواه الترمذي في كتاب الأحكام، باب ما جاء في هدايا الأمراء.

رواه أبو داود في كتاب الإمارة 11، وبقية الحديث قال: إذن لا أنطلق. إذن لا أكرهك.

يعني قوله تعالى: ]وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة.. سيد قطب، في ظلال القرآن 1/499.

الطبري، تاريخ الأمم والملوك 4/16.

طبقات ابن السعد 7/103.

أي الإمارة والولاية والمسئولية.

ذكره الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 239، وقال رواه أحمد 5/267.

رواه أبو داود في كتاب الإمارة، باب أرزاق العمال، وهو في صحيح أبي داود برقم 2550.

الجملة حالية، أي أن القيام بأمور الخلافة شغله عن الاحتراف. فتح الباري 4/304.

رواه البخاري في كتاب البيوع 15 باب كسب الرجل وعمله بيده.

ابن حجر، فتح الباري 4/305.

منصور ناصف، التاج الجامع للأصول 3/52.

ابن حجر، فتح الباري 4/305.

ابن الجوزي، صفة الصفوة 1/258.

ابن تيمية، السياسة الشرعية 40.

هما عبد الله بن أبي ربيعة وعمروبن العاص بن وائل، وقيل: بل كان مع عمرو عمارة بن الوليد بن المغيرة.

البطريق القائد العظيم الذي يلي عشرة آلاف فما فوق.

د. أبو شهبة، السيرة النبوية 1/376، سيرة ابن هشام 1/335.

وفي رواية: من الأزد، وجمع ابن حجر بأن بني أسد فخذ من الأزد.

وفي رواية ابن اللتبية، واسمه عبد الله، واللتبية أمه. قال الحافظ: ولم نقف على تسميتها.

وفي رواية: فصعد المنبر وهو مغضب.

العفر بياض ليس بالناصع.

الحديث رواه البخاري في كتاب الهبة/ باب هدايا العمال، ورواه كذلك في الزكاة وكتاب ترك الحيل وكتاب الجمعة.

ابن العربي، عارضة الأحوذي 6/82.

ابن حجر، فتح الباري 5/221.

ابن حجر، فتح الباري 12/349.

ابن حجر، فتح الباري 5/221.

ابن حجر، فتح الباري 13/167.

ابن تيمية، السياسة الشرعية 41.

الشوكاني، نيل الوطار 6/6.

ذكره الإمام البخاري في كتاب الهبة تعليقاً، قال ابن حجر: ووصله ابن سعد وأبو نعيم في الحلية من طريق عمرو بن مهاجر وفرات بن مسلم.

ابن تيمية، السياسة الشرعية 29.

الذهبي، سير أعلام النبلاء 5/136.

المصدر السابق 5/136.

رواه البخاري في كتاب الزكاة 18، وكتاب الاستقراض 2.

ابن الجوزي، مناقب عمر بن الخطاب.

ابن تيمية، السياسة الشرعية 29.

النمارق هي الوسائد، الواحدة نمرقة.

الزرابي بسط فاخرة مفرقة في المجالس، واحدتها زربية بفتح الزاي وكسرها.

سورة الأحقاف، الآية 20.

سورة الصف، الآيات 2-3.

رواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ورواه البخاري في الرقاق 20، ومسلم في الزكاة 124.

العيال وما يثقل حمله من الأمتعة.

رواه البخاري في كتاب الجهاد 190 باب القليل من الغلول.

ابن حجر، فتح الباري 6/188.

اسمه مدعم، وهو غير المذكور في رواية البخاري فتحمل القصة على التعدد كما قال ابن حجر.

قبيلة من قبائل اليمن ممن سكنوا الشام بعد انهيار سد مأرب. السيرة النبوية 1/64.

قال ابن حجر: قال الواقدي: كان رفاعة قد وفد على رسول الله r في ناس من قومه، فأسلموا قبل خروجه إلى خيبر، وعقد له على قومه، الفتح 7/489.

الشملة كساء مخطط ويقال لها كذلك البردة والنمرة.

الشِّراك بكسر الشين هو السير المعروف الذي يكون في النعل على ظهر القدم. قاله النووي.

رواه الإمام مسلم في كتاب الإيمان 183 باب غلظ تحريم الغلول.

النووي، شرح صحيح مسلم 1/407.

خيبر واحة زراعية تقع شمال المدينة المنورة، وتبعد عنها بحوالي 165 كم وترتفع عن سطح البحر بنحو 850 كم، وامتازت بخصوبة أرضها ووفرة مياهها وكثرة نخيلها. انظر: د. أكرم العمري، السيرة النبوية الصحيحة 1/318 حيث نقل ذلك عن الموسوعة العربية الميسرة 770.

رواه أبو داود في الجهاد 133، والنسائي في الجنائز 66، وابن ماجة في الجهاد 34، ومالك في الموطأ.

الشوكاني، نيل الأوطار 4/47.

الخزيرة الحسا من الدسم والدقيق، وقيل: لا تكون خزيرة إلا إذا كان فيها لحم. اللسان 4/237.

ذكره الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 362 وقال: رواه ابن أبي الدنيا في الورع ورواه أحمد رقم 1/78 وابن عساكر 12/188.

الذهبي، سير أعلام النبلاء 5/132.

خالد محمد خالد، الدولة في الإسلام 139.

جلولاء: قرية بناحية فارس، كان فيها الواقعة المشهورة التي انتصر فيها المسلمون سنة 16هـ. انظر: معجم البلدان 87، تاريخ الطبري 4/24.

رواه أبو عبيد في الأموال 242.

انظر ــ رحمك الله ــ كيف جعل السرقة والغلول من مال المسلمين حقاً وميراثاً، وكيف جعل فعل عمر ظلماً وجوراً وعدواناً؟ كما قال فرعون عن موسى: أني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد.

خالد محمد خالد، الدولة في الإسلام 159.

أضف إلى ذلك عيد الجمعة الأسبوعي، وهو مرتبط كذلك بعبادة جليلة وشعيرة عظيمة هي صلاة الجمعة.

2 علي محفوظ، الإبداع في مضار الابتداع 662. الشيخ محمد عبد السلام، السنن والمبتدعات 161.

3 محمد الغزالي، ليس من الإسلام 253.

سورة النساء، الآية 60.

رواه البخاري في كتبا الوصايا 1 وفي الجهاد 61، وفي المغازي 82.

عمرو بن الحارث الخزاعي المصطلقي، ختن رسول الله r، وأخو أم المؤمنين جويرية بنت الحارث.

القائل هو عبد الله بن أبي مليكة، العالم المفتي صاحب الحديث.

اللقحة: بفتح اللام وكسرها هي الناقة القريبة العهد بالنتاج.

أبو عبيد القاسم بن سلام، الأموال 248.

المماكسة في البيع، انتقاص الثمن.

ابن الجوزي، صفة الصفوة 1/257.

أبو عبيد، الأموال 249.

أي ينزل بي الموت.

أبو عبيد، الأموال 249.

رواه البخاري في كتاب الخمس 7 باب قوله تعالى: ]فإن لله خمسه وللرسول.. على تأويل أن المال ــ في الحديث ــ هو الغنيمة.

رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

ابن حجر، فتح الباري 6/219.

محمد المبارك، نظام الإسلام في الحكم 46.

أبو عبيد، الأموال 219.

ابن الجوزي، مناقب عمر بن الخطاب 111.

ابن الجوزي، تلبيس إبليس 151.

جمع أمرد، من طر شاربه ولم تنبت لحيته من الشبان.

جمع بغي، وهي العاهرة الزانية.

جمع مسخر، وهو ما يسخر منه ويستهزأ به ويحترف إضحاك الناس.

جمع عراف وهو الكاهن المنجم.

ابن تيمية، السياسة الشرعية 46.

خالد محمد خالد، الدولة في الإسلام 144.

الذهبي، سير أعلام النبلاء 21/288.

(المصدر: شبكة مشكاة الإسلامية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى