تقارير وإضاءات

كيف برر أزهري تأييده للسيسي وتفاخر بأنه من علماء السلطان؟

كيف برر أزهري تأييده للسيسي وتفاخر بأنه من علماء السلطان؟

برر عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الشيخ خالد الجندي، تأييده للنظام العسكري الحاكم في مصر بأنه اتباع لأمر الله تعالى، مؤكدا أن من يُطلق عليهم وصف “شيوخ السلطان”، ليس عيبا، بل هو أمر الله باتباع الحاكم والرئيس، مستدلا بآية كريمة.

وببرنامج “لعلهم يفقهون”، بفضائية “dmc”، الخميس، استدل الجندي، بقول الله تعالي: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ”، مضيفا أن أي أمة حتى النمل بها قيادة ورئاسة يجب إطاعتها، مطالبا العلماء بإعلان أنهم من مشايخ السلطان.

وزعم الجندي أن هناك جماعة ترسخ بالمجتمع أن طاعة الأمير إثم، وإننا طبالون ومنافقون، ويريدون وضع المؤمن بحالة تمرد على قيادته ورئيسه وملكه، مضيفا: “لو قلنا إننا نسمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وندين له بالطاعة، يقولون: منافقين وطبالين، أمال عايزين ندين لمين”.

ونفي الجندي، في تموز/ يوليو 2018، بالبرنامج نفسه أن يكون من شيوخ السلطان، بعد رفع اسمه من قائمة العلماء المسموح لهم بالفتوى.

وطالما أشاد الجندي، بالسيسي، واصفا إياه بـ”زعيمنا وحبيبنا وتاج رأسنا”.

وخالف الجندي، موقف الأزهر بأزمة الطلاق الشفوي التي مثلت إحدى نقاط الصراع بين شيخ الأزهر ورئيس سلطة الانقلاب، وأيد رأي السيسي بضرورة توثيق الطلاق.

رويبضة أو منافق

وانتقد الأستاذ بجامعة الأزهر، ياسر محمد، حديث الجندي، ومن معه قائلا: “هذا تدليس وتلبيس على الناس”، مؤكدا أنه “ليس معنى علماء السلطان أن يترك العلماء قول الحق حتى ولو كان مرا”.

الأكاديمي الأزهري، أوضح لـ“عربي21”، أنه “إذا داهن العلماء السلطان ولم يقولوا الحق ضاع الحق وانتشر الظلم؛ وأصبح العلماء هم الذين يسوغون للظالم أفعاله، ولذلك هم هنا أشد الناس عذابا”.

وأضاف: “لو أن الحاكم لا يعلم الحق والعالم يعرفه وجب تنبيهه؛ لكن علماء هذا الزمن؛ هم إما رويبضة أو منافق يجادل الناس بالقرآن فيفتنهم، والجندي هنا يلبس على الناس دينهم حتى يبرر ما يقول”، على حد وصفه.

وحول اعتماد الجندي على أدلة قرآنية ونبوية، أكد الأستاذ المساعد بجامعة السلطان الشريف علي الإسلامية، بماليزيا، أن الرد عليه بحديث الرسول الكريم “لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق”.

وأشار إلى حديث أمير الجيش الذي أراد أن يعاقب جنوده، “فقال لهم: أوقدوا نارا فلما أشعلوها، قال لهم: ألم يأمر الرسول بطاعتي، ادخلوا هذه النار، فهمّ قوم بالدخول واعترض فريق، وتجادلا حتى سكت غضب الأمير، فلما رجعوا للرسول قال لهم: لو دخلتم النار لم تخرجوا منها”.

وأكد الأكاديمي الأزهري، أن “التاريخ الإسلامي مليء بنماذج لعلماء السلطان الناصحين مثل العز بن عبدالسلام، وقبله رجاء بن حيوة، مع سليمان بن عبدالملك، حيث قوله للحق كان سببا بتولي عمر بن عبدالعزيز الخلافة”، مضيفا: “وكذلك الأئمة الشافعي، وأبوحنيفة، ومالك، الذين سجنوا بقولهم المخالف للحاكم”.

تجاهل آية واستعان بأخرى

من جانبه أكد الباحث عبدالله النجار، أن الجندي إن كان “يقصد شيوخ السلطان بأنهم بطانة الحاكم الصالحة التي تنصحه وتأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر فهذا مطلوب ولا شك؛ ولكن حين يقصد بطانة السلطان، بالتي تتلقى رغبات الحاكم لتضفي عليها صبغة شرعية دينية؛ فهذا أبعد ما يكون عن مقاصد الشرع”.

النجار، أضاف لـ“عربي21”، “وعن معنى الآيتين الكريمتين: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا”، أكد أن “الجندي ترك الآية الأولى تماما وهي واجبات الحكام، واستعان بالثانية وأخذ فقط جزء الأمر بالطاعة؛ ونسي أن الطاعة مرتبطة بطاعة الله والرسول ابتداء وليست مطلقة”.

وقال الباحث المصري، إن “الآية الثانية تفترض وجود نزاع بين ولاة الأمر والأمة، وأرشدتنا لكيفية حل النزاع بالرجوع للنص قرآنا كان أم سنة”.

وأكد أنه “ولهذا فالجندي تعسف فيما ذهب إليه، وأهمل الآيات الكريمات التي تتحدث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ كواجب أول للعلماء تجاه الحكام والرعية، وليس واجبهم أبدا إضفاء شرعية دينية على الحكام و قراراتهم”.

هل السيسي سلطان؟

وقال أستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية، الدكتور وصفي أبوزيد: “من سنة الله تعالي أن جعل علماء للقرآن وعلماء للسلطان، وقوله تعالى: “أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ”، لم يجعل لأولى الأمر طاعة مستقلة، بل رهن طاعتهم بمدى طاعة الله ورسوله”.

الأكاديمي المصري، تساءل بحديثه لـ”عربي21″: “أين ما يفعله السيسي من طاعة الله والرسول؟ هل قتل الناس واعتقالهم، وبيع الأرض، ونهب المال، وإغلاق المساجد والفضائيات، والانقلاب على سلطة منتخبة من طاعة الله والرسول؟”.

الداعية الإسلامي، أضاف: “كيف نوافق هؤلاء الذين يطبلون ويزمرون وكأنهم بملهى ليلي وبكلام خليع لا علاقه له بقرآن وبسنة، وعار لا يمثل علما ولا علماء، وإنما يعبر عن مطبلين يصفون أنفسهم بما يصفهم الناس به؛ وطاعة أولي الأمر مرهونة بطاعة الله ورسوله”.

وقال أبو زيد: “حينما ينقلب شخص على سلطة منتخبة فهذا منكر يجب رفضه”، متابعا تساؤلاته: “ألم يظلم السيسي، ويتجير؟ ألم يتكلم بما يخالف القرآن والسنة؟ ألم يتهجم على نصوص قرآنية ونبوية وتاريخ المسلمين وحضارتهم؟ ألم يكذب كذبا صريحا ويعد وعودا زائفة؟ ألم يؤخر مكانة مصر ويجرفها من الحياة السياسية والثقافية والفكرية؟”.

خاتما رؤيته بالقول: “أين هؤلاء من هذه الجرائم؟ لو كانوا علماء سلطان فالسلطان من جاء باختيار ورضا وإرادة الأمة، ولم يأت قهرا وغصبا وانقلابا كما فعل السيسي”.

(المصدر: عربي21)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى