كتب وبحوث

عرض كتاب “البيئة والأوبئة في التراث الطبي العربي الإسلامي”

عرض كتاب “البيئة والأوبئة في التراث الطبي العربي الإسلامي”

 

صدر حديثًا كتاب “البيئة والأوبئة في التراث الطبي العربي الإسلامي”، تأليف: د. “محمود الحاج قاسم محمد”، وذلك عن “إصدارات رابطة التدريسيين الجامعيين في نينوى” بالعراق، ودار “ماشكي للطباعة والنشر والتوزيع”.

يتناول هذا الكتاب – الذي صدر في ظل أزمة جائحة الكورونا الحالية – جهود علماء المسلمين في التعرف على الأمراض المعدية، وطرق انتشارها، ومعالجتها، ومحاولة الوقاية منها.

يقول الكاتب:

«لقد كانت رحلة البشر مع المرض صراعًا موغلًا في القدم، عنيفًا قدر شدة الأدواء التي يصادفها الإنسان، مديدًا ما امتدت الحياة على الأرض، ومن هذه العلاقة وهذا الصراع نجم التعرف على الأمراض وانتشارها ومعالجتها ومحاولة الوقاية منها، إلا أنه باستعراض الكتب التي أرخت لتاريخ الطب العربي لا نجد سوى إشارات متناثرة لمفهوم الأوبئة والعدوى والأمراض المعدية والوقاية منها، حيث لم ينل هذا الفرع المهم من فروع الطب العناية الكافية من لدن مؤرخي الطب العرب، الأمر الذي جعل جمعها وتصنيفها أمرًا في غاية الأهمية من نواحي عديدة».

ويتناول هذا البحث عدة أمور هامة في تأريخ جهود علماء المسلمين في مكافحة الطواعين:

أولاها: إبراز معرفة الأطباء العرب المسلمين بأهم الأمراض المعدية وكيفية الوقاية منها.

الثانية: تسليط الضوء على اكتشافاتهم للبعض من تلك الأمراض.

الثالثة: أن الأطباء العرب المسلمين لم يكونوا مجرد نقلة لطب الأمم السابقة، بل قاموا بإضافة الكثير مما جادت به عبقريتهم في حقول الطب المختلفة منها هذا الحقل المهم.

وقد جاء هذا البحث مكونًا من ثلاثة أقسام رئيسة:

القسم الأول: المفهوم العام للعدوى والأمراض: احتوى هذا القسم خمسة فصول هي:

الفصل الأول: مفهوم العدوى والأمراض عند الأمم السابقة.

الفصل الثاني: مفهوم العدوى والأمراض المعدية والوباء في الإسلام.

الفصل الثالث: مفهوم العدوى والأمراض المعدية عند الأطباء العرب والمسلمين.

الفصل الرابع: الأمراض المعدية والسارية التي جاء ذكرها في الكتب الطبية العربية.

الفصل الخامس: الوقاية من الأمراض الوبائية بالتطعيم.

القسم الثاني: صحة البيئة والحفاظ على سلامتها في الإسلام والتراث: وقد جاء هذا القسم مكونًا من فصلين:

الفصل الأول: وسائل الإسلام في حماية البيئة ومنع تلوثها.

الفصل الثاني: صحة البيئة والحفاظ على سلامتها في التراث الطبي العربي الإسلامي.

القسم الثالث: الأوبئة التي انتشرت في العالم عبر التاريخ: ضم هذا القسم أربعة فصول هي:

الفصل الأول: الأوبئة التي انتشرت في العصور القديمة.

الفصل الثاني: الأوبئة التي انتشرت في العصور الإسلامية.

الفصل الثالث: الأوبئة التي اجتاحت العراق في العهد العثماني، ووسائل الوقاية منها.

الفصل الرابع: الأوبئة العالمية.

وقد ركز الكاتب في كتابه على مجموع الأوبئة التي اجتاحت عالمنا الإسلامي عبر التاريخ، وكيفية تأثر الناس به، ومقاومتهم له، وبحث الأطباء المسلمين في تفسير ظاهرة الجائحة الطاعونية، ونجد أن من أشهر الأوبئة التي انتشرت في العصور الإسلامية: وباء الطاعون، وداء الكلب، والوباء (الكوليرا)، والأمراض الدموية، والحميات، ووجع المفاصل، وأورام الحلق والماشرا والخوانيق، والجدري.. وغيرها.

أما عن أهم الأمراض التي ضربت القطر العراقي إبان الحكم العثماني فكان منها: وباء الطاعون العام أثناء فترات طويلة من القرن الحادي عشر الهجري حتى القرن الثالث عشر الهجري، ووباء الكوليرا (الهيضة = أبو زوعة = الهواء الأصفر) والذي غزا العراق سنة 1236 هـ/ 1820 م.

إلى جانب أوبئة متنوعة أخرى ظهرت على فترات مختلفة، وكانت محدودة الانتشار وقليلة التكرار، ومنها: التيفوس، والجمرة الخبيثة، والملاريا (البرداء)، والجدري، والحصبة، والماشرا (الخنّاق)، والتهاب السحايا، وحبة بغداد، والحمى التيفوئيدية، والأنفلونزا، والحَبُّ الإفرنجي (السفلس أو الزهري)، والبلهارزيا، وأنواع الديدان الأخرى، وبعض أمراض العيون.

ونجد أن المسلمون عرفوا قواعد الحجر الصحي والوقاية من الأمراض منذ وقت طويل، وفي عهد الخلافة العثمانية طبقت قوانين الحجر الصحي من قبل السلطات، ونجد أن الحجر الصحي طُبِّقَ أول ما طبق في الدولة العثمانية على السفن القادمة من روسيا إلى المواني العثمانية بعد ظهور الكوليرا هناك، وكان تطبيقًا أوليًّا، أما التطبيق الأول للحجر الصحي الحقيقي فقد وقع في عام 1831م في مضيق البوسفور على السفن القادمة من البحر الأسود، وتأسس نظام الحجر الصحي في استنبول عام 1254هـ / 1838م، وقد صدر نظام الكرنتينة (الحجر الصحي وملحقاته) سنة 1279هـ / 1862م.

ونجد أنه قبل منتصف سنة 1786م قدم بغداد تاجر شاب أرمني إستانبولي الأصل اسمه “أوانيس مراديان”.. ويعتبر هذا الرجل أول من أدخل في بغداد – لأول مرة – التطعيم الواقي والعام من الجدري طبقًا لطريقة “جنر”.

ونجد أنه جرى أول مرة في بغداد تطعيم ضد الهيضة في الوباء الذي حصل سنة 1917م.

واعتبارًا من نهايات القرن التاسع عشر صدرت قوانين عديدة تنظم أمور التلقيحات مما يدل على تحسس السلطة العثمانية لأهمية ذلك في بغداد، وهذه القوانين هي: (نظام التلقيح 110هـ / 1892م، تعليمات إجراء التلقيح 1322هـ/1904م، تلقيح الحمى (تيفو) 1330هـ / 1911م، نظام تلقيح الجدري 1331هـ/ 1912م).

أما المصادر الطبية فتذكر حدوث أربعة جائحات عالمية كبرى ذهب ضحيتها الملايين من البشر، وهي:

  • طاعون جستنيان (الإمبراطور البيزنطي) وهو أول وباء عالمي انتشر في العالم القديم بأسره، وقتل خلال قرنين من الزمان نصف سكان المعمورة آنذاك، وقد ظهر هذا الطاعون عام 541 بعد الميلاد في وادي النيل وانتقل منه إلى الدلتا ومنه إلى سوريا وآسيا الصغرى.

  • طاعون القرن الرابع عشر الميلادي (1347م / 747هـ) ظهر أول ما ظهر في فرنسا في “تولوز” والتي فقدت نصف سكانها وساح الطاعون في أوروبا حتى قتل أكثر من 25 مليون.

  • طاعون القرن الخامس عشر الميلادي واجتاح معظم أوروبا ثم اختفى.. ثم ظهر طاعون لندن الشهير عام 1664-1665م / 1074 – 1075هـ، وقتل من سكان لندن أكثر من سبعين ألفًا.

  • الوباء العالمي الرابع في نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين: ظهر في الصين في مقاطعة يونان سنة 1860 وظل محصورًا بها ثم وصل هونج كونج عام 1894، ومنها انتشر إلى بقية دول آسيا وقتل من سكان الصين أكثر من مائة ألف، وساح في الشرق الأوسط والهند وأفريقيا وأوروبا، ومنه إلى أمريكا.

ويعد هذا البحث سياحة ممتعة في عالم الأوبئة، وأثره في التراث الطبي العربي الإسلامي، ومدى التغيير الذي أحدثته الطواعين والجوائح في العالم القديم، وما زال تأثيرها باقيًا حتى عصرنا الحديث.

والمؤلف: هو د. محمود الحاج قاسم محمد الطائي، ولد سنة 1937م، درس الابتدائية والمتوسطة والثانوية في الموصل وأكمل الثانوية سنة 1955م، التحق بكلية طب استنبول في 1955م، وحصل على شهادة دكتور في الطب عام 1961م.

وهو عضو الجمعية العالمية لتاريخ الطب – باريس منذ سنة 1982م، وعضو اتحاد المؤرخين العرب – بغداد، 1987م، وعضو جمعية تاريخ الطب العراقية منذ 1989م، وعضو جمعية المؤرخين والآثاريين – الموصل، وعضو اتحاد الأدباء والكتاب – فرع نينوى، وعضو الجمعية الإسلامية لتاريخ الطب 2003سنة م.

من مؤلفاته العديدة:

  • ” الموجز لما أضافه العرب في الطب والعلوم المتعلقة به “.
  • ” تاريخ طب الأطفال عند العرب “.
  • تحقيق كتاب “تدبير الحبالى والأطفال والصبيان وحفظ صحتهم ومداواة الأمراض العارضة لهم” لأحمد بن محمد بن يحيى البلدي.
  • ” أمراض الطفل المعدية وتلقيحاته “.
  • ” الطب عند العرب والمسلمين: تاريخ ومساهمات “.
  • “الأورام والسرطان في الطب العربي الإسلامي”.
  • “الطب الوقائي النبوي”.
  • تحقيق كتاب “من لا يحضره الطبيب” لأبي بكر محمد بن زكريا الرازي.
  • “الطب في الموصل منذ الفتح الإسلامي وحتى نهاية الحكم العثماني”.
  • تحقيق كتاب “نصيحة الإخوان باجتناب الدخان” لإبراهيم اللقاني.
  • “الاستنسال (الاستنساخ) بين العلم والدين”.
  • “انتقال الطب العربي إلى الغرب.. معابر وتأثير”.
  • “دليل الصائم الطبي في رمضان”.
  • ” دعوة للعودة إلى السواك “.
  • “وسائل الإسلام في الوقاية من الأمراض الجنسية والتناسلية”.
  • “الوقاية من الأمراض النفسية وعلاجها في الطب العربي الإسلامي”.
  • ” الأطباء العراقيون خريجو كليات الطب في إسطنبول”.
  • “طرائف وأحداث لبعض أطباء الموصل”.
  • “الأطباء والصيادلة الموهوبون الموصليون في القرن العشرين”.
  • “الرياضة في الإسلام والطب العربي”.
  • “تاريخالطبفيالموصلعبرالعصور”.
  • “الحلال والحرام في الممارسة المهنية للطب”.
  • “كبار السن ما لهم وما عليهم”.
  • “السلوك الطبي الإسلامي”.

(المصدر: شبكة الألوكة)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى