تقارير وإضاءات

صناعة المواطن الصالح.. كيف مرَّت اتفاقية التطبيع في الإمارات دون أي معارضة؟

صناعة المواطن الصالح.. كيف مرَّت اتفاقية التطبيع في الإمارات دون أي معارضة؟

إعداد عمر الآغا

كما بات معلوما للجميع؛ دشَّنت اتفاقات إبراهيم، برعاية أميركية، مرحلة جديدة من التطبيع العربي الإسرائيلي، أو بصورة أدق، أظهرت إلى السطح التحالف غير المُعلن بين الإمارات العربية المتحدة ومن خلفها البحرين وبين الاحتلال الإسرائيلي، قبل أن يُمدَّد الاتفاق سريعا ليشمل السودان، ثم المغرب، مع إشارات إلى احتمالية اتّساع دائرة المنضمّين للاتفاق.

 

وبعيدا عن الحديث الدائر حول طبيعة الصفقة، والاصطفافات الإقليمية، والمسارات السياسية الجديدة المرسومة في المنطقة، ثمّة تساؤلات تلوح في الأفق حول المواقف الشعبية، باعتبارها خطّ الدفاع الرئيس عن “القضايا العادلة”، في ظل توغُّل الأنظمة السلطوية وسيطرتها على المشهد السياسي العربي وسعيها للهيمنة على الخطاب الشعبي.

 

وعلى خلاف ما جرى في السودان، وبصورة أقل -نسبيا- في البحرين، من وجود رد فعل شعبي ضد إعلان التطبيع، بدا المشهد في الإمارات العربية المتحدة مُهادنا تماما، بل ومؤيدا لهذه الخطوة على المستوى الشعبي، كما يظهر علنا على الأقل. على الأرجح، فإنكَ قرأت أحد المنشورات الإماراتية التي تقول إننا نقف مع قيادتنا أيًّا كان موقفها، أو مررت على أحدهم يُشيد بمراجعة الأفكار وأهمية عدم التحجُّر والانفتاح على أفق “إنساني وتقدُّمي”، ولا بد أنك شاهدت ذلك الذي لا يحتاج إلى أي تبرير، ويدعو للنظر من منظور “واقعي” يُراعي المصلحة القومية القُطرية دونا عن غيرها، وذاك القادر على تغيير موقفه في لحظة، فقط لأن القائد المُلهَم قال ذلك.

 

 

يطرح ذلك الموقف سؤالا جوهريا: هل نحن أمام صمت شعبي مُطبِق حقا؟ في البدء، دعونا نُعرِّج باتجاه إحدى الملاحظات المهمة التي لا يُمكن إغفالها بعيدا عن الحدث وتبعاته السياسية، وهو ما يتّصل بالطريقة التي مرَّ بها القرار على الصعيد الشعبي في الإمارات، وبعض دول الخليج المجاورة، فعلى الرغم من خروج أصوات مُعارضة خليجية كثيرة -بما يشمل الإماراتيين المقيمين في الخارج- فإن المشهد المحلي الإماراتي بدا مُهادنا، بل ومؤيدا فيما يظهر للقرار الذي كان في وقت قريب من المُحرَّمات التي لا يمكن المساس بها، أقله على المستوى الشعبي.

 

ثمّة ملاحظتان رئيسيتان حين نُحلِّل المشهدين الاجتماعي والسياسي الإماراتي، الأول: غياب المجتمع بمعناه السياسي الفاعل، والثاني يرتبط وثيقا بحملات الاجتثاث المحليّة التي طالت الأصوات المعارضة، التي ترتكز على المفهوم الشعبي القائل “اضرب المربوط يخاف السّايب”. الملاحظتان السابقتان تُمثِّلان أرضية مهمة ننطلق منها، إذ يتعذَّر قياس مستوى الرضا الشعبي الإماراتي عن التطبيع بالنظر للتفاعلات على مواقع التواصل الاجتماعي فقط، وذلك لعدّة أسباب. أولا: التاريخ الطويل المتأصل للاعتقالات السياسية للآراء المخالفة في الإمارات، ثانيا: وجود رموز المعارضة، حتى المحتملين منهم، داخل السجون أصلا أو في المنفى، وأخيرا: التكلفة الباهظة لإبداء الرأي والمراقبة السلطوية الصارمة على منصات التواصل الاجتماعي. ما سبق أشارت إليه الناشطة الإماراتية آلاء الصديق لـ “ميدان” بقولها إن “مواقع التواصل الاجتماعي لا تُعبِّر في كثير من الأحيان عن الموقف الحقيقي. ففي الإمارات، ثمّة قانون لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، الذي ينص في مواده التالية على عقوبات يمكنها أن تُثني أي ناقد لقرارات النظام”.

 

وفي هذا السياق، سننطلق في رحلة لفهم أعمق للمشهد، من مستويات عدة، اقتصادي، واجتماعي، وسياسي. ولا بد من التنويه هنا أن المستويات الثلاثة عادة ما تتقاطع وتتداخل. وفيما يلي، سنتطرَّق للمستويين الاقتصادي والاجتماعي بتفصيل، على أن يكون العامل السياسيّ حاضرا ضمنيا في كلا المستويين باعتباره لا ينفصل عنهما بحال.

 

كثيرة هي الأدبيات التي عالجت مسألة السلطة، والهيمنة، والمجال العام، والعلاقة بين الفرد والسلطة ومُحدِّداتها، ومساحات الالتقاء والتنافس والتضاد، وتحدَّثت عن الدولة القومية الحديثة ومقدّساتها، وعن الجسد المُستباح في الدولة والسياسة الحيوية التي جعلت الفرد يقبع في شبكة من علاقات الهيمنة والعنف الرمزي والمادي الذي تنظمه. ودون الخوض في التفاصيل النظرية لهذه الأفكار، فقد كانت رحلة انتقال السلطة إلى النمط المركزي في دول الخليج فريدة من نوعها، ومُركَّبة بطريقة لا يصلح لفهمها إعادة تدوير المفاهيم المُعلَّبة حول الخليج.

 

 

فمع تثبيت أعمدة الدولة الريعية في منطقة الخليج عموما، تدفَّقت عوائد النفط للسلطة المركزية(1) ما أسهم في تحوُّلات اجتماعية وسياسية كبيرة. يُشير الباحث والأكاديمي البحريني عمر هشام الشهابي إلى أن بروز الصناعة النفطية وتكتُّل عوائدها بيد النظام السياسي المُتحكِّم فيها شكَّلا العنصران الرئيسيان اللذان أدّيا إلى إعادة تركيب المجتمع بطريقة جذرية كلّيا، وكان لمَن يتحكَّم في إيرادات الصناعة النفطية ورؤوس الأموال الناجمة عنها النفوذ الأكبر في تشكيل سمات المجتمع الأساسية.(2)

ونتيجة لذلك، وكما يُشير الشهابي، فإن النظر بمَن يتحكَّم في رؤوس الأموال وآلية تدفُّقها يقودنا إلى معرفة الكيفية التي يتشكَّل بها المجتمع حولها. فعلى الصعيد الداخلي، أدَّت إيرادات النفط إلى فكّ الاعتمادية التاريخية بين مُتَّخذي القرار وباقي شرائح المواطنين (شيوخ القبائل، التُّجّار، رجال الحرب، إلخ)، وأصبح في إمكان مُتَّخذي القرار استعمال هذه الإيرادات لتشكيل العلاقات الاجتماعية والاقتصادية وأجهزة الدولة الرسمية بطريقة تخدم مصالحهم. الفكرة ذاتها يُؤكِّدها طالب الدكتوراه في العلوم السياسية محمد المرّي في حواره مع “ميدان” مشيرا إلى أن “الثروة النفطية لعبت دورا محوريا في تسهيل عملية إعادة تعريف العلاقة بين الفرد الخليجي (وبالتالي الجماعة الخليجية) والسلطة بأنواعها”. فقبل القرن العشرين؛ كانت العلاقات بين هذه القوى مختلفة جذريا، وبذلك لعبت الوفرة المادية دور “المزلّق” لإدخال تعاريف جديدة للعلاقة بين الفرد والسلطة ما كانت لتلج لولا السعة المادية.

 

على جانب آخر، تسبَّبت الوفرة النفطية في توطيد العلاقات بين مُتَّخذي القرار محليّا في دول الخليج وبين الدول الغربية التي مَثَّلت السوق الرئيسية لتصدير النفط. سابقا كانت بريطانيا هي مَن تحتل موقع الصدارة، أما اليوم، فإن الولايات المتّحدة هي مركز الثقل الرئيس بالنسبة لدول الخليج. وبذلك استطاعت الدولة الخليجية أن تستحوذ على مصادر القوة والسلطة في المجتمع، وذلك بجمعها بين أمرين رئيسيين(3): القوة المنظمة المُستمَدَّة من التنظيم الاجتماعي، أي الشبكة المُركَّبة من المؤسسات الاجتماعية التي تشمل الحكومة وأجهزة القمع العنيف مثل الشرطة، والقوة المُستمَدَّة من ملكية الموارد المادية والثروة.

ما سبق يُمثِّل مدخلا عاما يمكن إسقاطه على دول الخليج كافة، مع عدد من التباينات المحليّة التي تختلف من قُطْر خليجي إلى آخر. لكن الخطأ الأكثر شيوعا هنا يكمن في النظرة التقليدية للأنظمة السياسية في الخليج باعتبارها امتدادا لنُظُم سياسية سبقتها (كأن نقول إن النظام السياسي الحالي هو نظام قَبَلي فقط)، والحقيقة أن هذا الأمر تغيَّر بصورة ملحوظة بفعل اختراق الدولة والسوق كل قطاعات مجتمع الشرق الأوسط(4)، أضف إلى ذلك أن حضور القبيلة في الواقع المَعيش وإن بقيَ مُمتدا وحاضرا، فإن توظيفه السياسي وحضوره الاجتماعي بُنيَ على مواءمات سلطوية تخضع لمنطق الدولة القومية، مما جعل من إعادة استدعاء القبيلة في الواقع المَعيش مشُوبا بكثير من التغيُّرات التي تحتاج إلى دقة في النظر قبل التحليل.

فيما يتعلَّق بالإمارات تحديدا، تُعَدُّ مسألة تمركز القوة العسكرية والمالية بيد إمارة أبو ظبي من بين سائر الإمارات السبعة، خاصة في عُهدة ولي العهد محمد بن زايد الحالية، والتوسُّع في توظيف السياسات الخشنة منذ عام 2011 وما بعده؛ تُعَدُّ تحوُّلا بالغ الأهمية لفهم السياسات الإماراتية الحالية وعقلية قيادتها، التي تختلف كثيرا عن نهج مؤسس البلاد الشيخ زايد صاحب المقولة الشهيرة “إصلاح ذات البين” في علاجه لقضايا الخلاف الداخلي بين الإمارات السبعة.

 

ولا يعني ذلك أن صراعات النفوذ لم تكن حاضرة في عُهدة الأمير الراحل الشيخ زايد وبين أمراء الإمارات الأخرى، بل يمكن القول إن إدارة هذه الصراعات والتباينات استندت إلى نهج توافقيّ يميل إلى المواءمة ومُراعاة التوازنات مع الحرص على إبقاء السلطة الأعلى في يد أبو ظبي، الأمر الذي أكسب الإمارات في عهده قوة ناعمة، وسُمعة داخلية وخارجية تصالحية. لكن صعود محمد بن زايد جاء متزامنا مع تبني مقاربة مختلفة تستند إلى أولوية الأمن والاقتصاد، خاصّة مع تجذُّر سلطة الدولة وإحكام قبضتها على هذه الملفات.

محمد بن زايد

إضافة إلى ما سبق، وتأكيدا لأهمية العامل الاقتصادي، كان امتلاك أبو ظبي الريادة في مجال النفط بقيادة شركة بترول أبوظبي الوطنية عاملا حاسما في نفوذها المالي الضخم الذي أتاح لها قدرة على توسيع نفوذها على حساب الإمارات الأخرى. ويمكن القول إن إمارة دبي هي الوحيدة التي امتلكت تأثيرا فعليا من الناحية الاقتصادية، حيث حاولت الإمارة بشتى الطرق تلمُّس سبل تحقيق الاستقلال المالي والاقتصادي الذي يُمكِّنها من الحفاظ على ذاتيتها، وعدم الانزلاق نحو النزعة المركزية لأبو ظبي التي نجحت بالفعل في إخضاع بقية الإمارات، وقد فعلت دبي ذلك عبر تحويل نفسها إلى مركز مالي عالمي، والاهتمام بعمليات الإنشاءات والسياحة والتجارة والسيطرة على الموانئ العالمية.

 

ومع الوضع السياسي لعائلة آل مكتوم، حُكَّام دبي، في التحالف الحاكم، الذي ضمنته لهم بريطانيا، استطاعت دبي في ظل رئاسة الشيخ زايد للإمارات أن تُحدِث طفرات اقتصادية أدَّت إلى الحفاظ على التوازن بينها وبين أبو ظبي إلى حدٍّ ما، لكنّ نقطة التحوُّل التي أخلَّت بهذا التوازن كانت هي الأزمة المالية التي شهدتها دبي عام 2008 ومنحت أبو ظبي اليد العليا؛ بالتزامن مع صعود المُكوِّن العسكري والأمني في الدولة الإماراتية في عهد محمد بن زايد الذي مَثَّل بروزه إيذانا بانتهاء عهد الموازنات القبلية النسبية بين الإمارات السبعة لصالح القبضة البوليسية بحسب تعبير مجلة فورين بوليسي.

 

الوصف ذاته استخدمته آلاء الصدّيق أثناء حديثها لـ “ميدان” حول طريقة الحكم وصناعة القرار التي باتت مُتمركزة في إمارة أبو ظبي بصورة مُطلَقة، وهو وصف لا ينطبق فقط على السياسات الداخلية وطريقة إدارة أبو ظبي للعلاقات بين الإمارات ومواجهتها للمعارضة السياسية الداخلية، لكنه بات أكثر انطباقا على سياستها الخارجية التي باتت أكثر خشونة منذ انتفاضات الربيع العربي، ومساعي أبو ظبي لحصار التجارب الديمقراطية الوليدة في العالم العربي، وحصار الإسلام السياسي، التيار الذي عدّته أبو ظبي عدوا إستراتيجيا لها في المنطقة.

 

كان العامل الاقتصادي حاضرا بقوة في سياسة أبو ظبي الخشنة تجاه كل ما يتّصل بالثورات العربية التي اندلعت مطلع عام 2011، حيث وضعت الإمارات ثقلها المالي والأمني لإفشال الحَرَاكات الثورية وجهود الانتقال الديمقراطي، وكانت أكثر خشونة وحزما في التعامل مع الإسلام السياسي على وجه الخصوص، وفي هذا السياق، نُشير على سبيل المثال إلى أن الإمارات أنفقت ما يقرب من 14 مليار دولار فقط من أجل تثبيت حكم السيسي في مصر، في أعقاب انقلابه العسكري الذي أطاح بجماعة الإخوان المسلمين منتصف عام 2013.

بالمثل، تدخَّلت أبو ظبي في اليمن أيضا لوأد الثورة خشية وصول “الإصلاح” للحكم وحفاظا على مصالحها في الجنوب تحديدا، الأمر الذي دفعها لوضع ثقلها المالي والعسكري دعما للمجلس الانتقالي الجنوبي صاحب الأجندة الانفصالية، الذي كان له دوران أساسيان بحسب الباحث اليمني في علم الاجتماع السياسي محمد الحميري في حديثه لموقع “ميدان”: أولهما طرد الجماعات التي ساهمت في تحرير عدن سابقا ومنها حركة الإصلاح المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، والآخر هو تنفيذ أجندة الإمارات بالسيطرة على المناطق الجنوبية، مثل أرخبيل سقطرى الذي تُشير تقارير إلى نية الإمارات إقامة قاعدة عسكرية استخبارية فيه بالتعاون مع إسرائيل، ناهيك بسيطرة أبو ظبي الفعلية على مدينة عدن عبر المجلس الانتقالي أيضا، وذلك على الرغم من مرور أكثر من عام على اتفاق الرياض الذي ينص في أحد بنوده على سحب القوات العسكرية الموالية له من المدينة لصالح الحكومة الشرعية، وتأتي هذه السيطرة بهدف التحكُّم بالشريط الساحلي للبحر الأحمر وخليج عدن، الذي يحتل دورا بارزا في “إمبراطورية الموانئ” التي تسعى الإمارات للتحكُّم بها في المنطقة.

 

أما في ليبيا فقد سخَّرت الإمارات قوتها لخدمة الجنرال خليفة حفتر، وقدَّمت له الدعم المالي والعسكري في مواجهة حكومة الوفاق المُعترَف بها دوليا، وهذا بخلاف عدد من الملفات الأخرى التي توغَّلت فيها الإمارات مثل محاولة الانقلاب على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عام 2016، وهو الملف الذي تتهم فيه تركيا محمد دحلان، المستشار الأمني لمحمد بن زايد، بالتورُّط فيه، وهو ما ولَّد كذلك تباينا حادا في المواقف الإقليمية بين الإمارات وتركيا.

 

بعبارة مختصرة، يمكننا أن نقول إن نفوذ أبو ظبي الاقتصادي، مع وجود رؤية أمنية خشنة لقيادتها، سهَّل وسرَّع كثيرا عملية التوغُّل والسيطرة داخليا وإقليميا، وساعد أبو ظبي على تحقيق هدفها بوأد التجارب الديمقراطية في المنطقة، ولم يكن التطبيع المُعلَن مع دولة الاحتلال الإسرائيلي سوى امتداد طبيعي لنهج أبو ظبي في سياستها الخارجية، وهو ما كان يتطلَّب بالتزامن إعادة تشكيل النسيج الاجتماعي والتحكُّم بمنظومة القيم والأفكار التي يتبنَّاها الإماراتيون من أجل بناء قاعدة اجتماعية وثقافية يمكن أن تضمن استمرار هذه السياسات لأطول فترة ممكنة، ودون أدنى معارضة.

“إن السلطة الحقيقية، أيّ السلطة التي ينبغي لنا أن نُقاتل من أجلها، ليست السلطة على الأشياء، بل على الإنسان”.

(جورج أورويل) – 1984

بينما كانت بعض دول الخليج في عشرينيات وثلاثينيات القرن المنصرم تُعاني من أزمات اقتصادية حادة انعكست على نسيجها الاجتماعي، بدءا من ظهور اللؤلؤ الصناعي الذي أثَّر على تجارة اللؤلؤ وعلى التجارة الساحلية بالعموم، وصولا إلى اندلاع الحرب العالمية في نهاية الثلاثينيات وعدم تعافي المنطقة عموما من تبعات الحرب، تَشكَّل واقع قاسٍ دفع العديد من قبائل شبه الجزيرة للهجرة البينية عبر صحراء شبه الجزيرة، حيث اتجه بعضها إلى ساحل إيران، لكن ظهور النفط من باطن الأرض، فجأة، قَلَب المنطقة رأسا على عقب.

 

في خُماسيّته الروائية البديعة، “مدن الملح”، رسم الروائيّ السعودي عبد الرحمن منيف صورة حية جسَّدت التحوُّلات الجذرية التي طالت شبه الجزيرة حينما قال واصفا مدن الخليج وظهور الدول، باعتبارها(5) “نشأت في بُرهة من الزمن بشكل غير طبيعي واستثنائي، بمعنى أنها لم تظهر نتيجة تراكم تاريخي طويل أدَّى إلى قيامها ونموها واتساعها، وإنما هي عبارة عن نوع من الانفجارات نتيجة الثروة الطارئة. هذه الثروة (النفط) أدَّت إلى قيام مدن مُتضخمة أصبحت مثل بالونات يمكن أن تنفجر، أن تنتهي، بمجرد أن يلمسها شيء حاد”.

تُعَدُّ هذه الطفرة، بحسب الدكتور علي الكواري، مدخلا مهما لفهم أسباب فقدان الفاعلية الاجتماعية-السياسية في دول الخليج؛ إذ إن التدفُّق الهائل للأموال “أتى على مجتمعات لم تكن مُهيَّأة لا سياسيا ولا اجتماعيا ولا اقتصاديا لاستيعابها”(6). فالمجتمع في عموم الخليج لم يعرف عملية تراكم رأسمالي كتلك التي مرَّت بها المُجتمعات الرأسمالية ونتج عنها إعادة هيكلة البنية الاجتماعية والثقافية للمجتمع، كما أنها لم تكن محصّلة نمو أصيل لقوى الإنتاج الوطنية، بل جاءت نتيجة التحول لاقتصاد النفط الذي جاء بدوره وليد “المصادفة التاريخية”(7).

 

مع هذه “المصادفة”، دخلت منطقة الخليج مرحلة جديدة من التحوُّلات الداخلية والخارجية، جعلتها محطّ اهتمام القوى العالمية التي سارعت لتعزيز وجودها في المنطقة، إذ لم يَعُد دورها منحصرا في وظيفتها باعتبارها معبرا تجاريّا، برا وبحرا، لكنها باتت جزءا من لعبة النفوذ والمصالح. لكن ما يهمنا في هذا السياق هو التغيرات الاجتماعية الهائلة التي تولَّدت مع هذه الطفرة الاقتصادية على امتداد المنطقة الخليجية.

 

انتقالا إلى الإمارات العربية المتحدة خاصة، تكشف أستاذة العلوم السياسية كالفريت جونز في كتباها: “من بدو إلى برجوازيين.. إعادة تشكيل المواطنين في زمن العولمة”، عن التغيُّر الذي طرأ عقِب تدفُّق الثروة النفطية على الإمارة، وذلك بسبب سياسة توزيع الثروة، التي أوجدت وظائف مضمونة للمواطنين، ما أدَّى إلى ظهور ما يُعرف بـ “الذهنية الريعية”، التي تسبَّبت بالتبعية في خفوت الفاعلية السياسية.

في كتابها، الذي يُعَدُّ إسهاما مهما في أدبيات الهندسة الاجتماعية (Social Engineering)، وصفت “جونز” الإمارات باعتبارها دولة “بطريركية جديدة”(*)، تجد لديها الدوافع اللازمة لتغيير أفكار مواطنيها من أجل مصلحة أصحاب السلطة، وذلك عبر “الاستفادة من الشعور الوطني بالانتماء إلى الإمارات العربية المتحدة، وهو ما من شأنه أن يكبح الآراء والنوازع الذاتية”. أشارت جونز في موضع آخر، وتحديدا في مقال لها على واشنطن بوست، إلى أن “تجربة غرس حبّ الوطن والاعتزاز به والاعتداد بالنفس وبناء الثقة في الشباب والإشادة المُفرطة بهم التي طُبِّقت في الإمارات، أسفرت عن تعزيز الشعور بالتميُّز لديهم وبأنهم أهل لرعاية الحكومة عبر توفيرها الوظائف لهم”، وبذلك، نجحت السُّلطة بربط مختلف الشرائح المُجتمعيّة بها بصورة عضوية.

يُقدِّم لنا النظر في آليات الهندسة الاجتماعية بُعدا مهما لفهم التحوُّلات الاجتماعية التي شهدتها دولة الإمارات، لكن هذا البُعد ليس كافيا وحده لفهم الصورة كاملة دون التدقيق في ممارسات القمع، وآليات الترقي والإقصاء، وسياسات الضبط الاجتماعي التي مارسها حكام البلاد. وفي هذا الصدد، نُشير إلى أن أبو ظبي اعتمدت نهج الاعتقالات والتضييق الأمني الشرس ضد المعارضين والمنتقدين، حتى في تلك المواضيع التي لا تمس آليات تنظيم الحكم وسياسات توزيع الثروة، وهو ما دفع الأصوات الناقدة أو الراغبة بالإصلاح إلى مغادرة البلاد حفاظا على حياتهم، أو البقاء مع التزام الصمت المُطبِق. كل هذه الحوادث لعبت دورا أساسيا في تشكيل الخطوط الحُمر، وإعادة تشذيب الآراء والتوجُّهات وتقليمها.

 

على رأس هؤلاء الراحلين أو الصامتين، كان الإسلاميون السياسيون من ذوي الفاعلية السياسية، وكل من يدعو للإصلاح وإشراك المواطنين في التشريعات، وهو ما ولَّد ملفّا كاملا ما زال مفتوحا حتى يومنا يُعرف بـ “سُجناء الرأي في الإمارات“، فعلى الرغم من اشتهار عداء أبو ظبي لكل ما يتّصل بالإسلام السياسي، فإن النهج السياسي الإماراتي يأخذ خطّا معاديا بوضوح تجاه أي فعل “ديمقراطي” يمكن أن يُفكِّك منظومة الاستبداد في المنطقة. وينطبق ذلك تماما على سياسات أبو ظبي الخارجية، فرغم أنها تشن الحروب بطول المنطقة وعرضها ضد الإسلام السياسي على وجه الخصوص، فإن شظايا نيرانها تُصيب جميع التيارات الداعية للديمقراطية والثورة بالعموم.

“إن ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد قد يكون أكثر مَن يكره الإخوان المسلمين في العالم”.

(السفير البريطاني السابق في الإمارات السير جون جينكز)

أما عن التسلسل التاريخي لهذا التحوُّل، فقد شهدت حقبة خمسينيات وستينيات القرن الفائت بداية تنامي حضور الحركة الإسلامية مُمثَّلة بالإخوان المسلمين في الإمارات العربية المتحدة كما غالبية دول الخليج العربي، وقد بدأ حضورها المجتمعي بالازدياد في مختلف قطاعات الدولة، كالتعليم، والأوقاف، والأمن، وغيرها، ما تسبَّب في موجات من المد والجزر في علاقاتها مع السلطة تحت حكم الشيخ زايد. لكن بداية التحوُّل في العلاقات بين الطرفين كانت عام 2003، أي قبل عام واحد فقط من وفاة الشيخ زايد، إثر عملية نقل واسعة داخل وزارة التربية والتعليم لأكثر من 170 من أعضاء جمعية “الإصلاح”، برَّرها المسؤولون الإماراتيون بأنها تأتي “ضمن رؤية إستراتيجية تهدف إلى نقلة كبرى في التعليم العام، وتتماشى مع التحوُّلات الكبيرة الاقتصادية والثقافية التي تمر بها البلاد منذ أواخر التسعينيات من القرن الماضي”. كان واضحا للجميع أن نجل الشيخ زايد القوي، ورئيس أركان القوات المسلحة، محمد بن زايد، هو الراعي الأول لهذا التحوُّل، الذي كان العلامة الأولى على عدائه الخاص للإسلاميين.

مرَّ الوقت مشوبا بالحذر؛ حتى حانت لحظة الربيع العربي، إذ دخل الإصلاحيون في الإمارات في مواجهتهم الأكبر مع السلطة، بعدما أصدر 133 أكاديميا وحقوقيا غالبهم من “الإصلاح” مطلع عام 2011 وثيقة دعوا بها إلى انتخابات مباشرة للمجلس الوطني الاتحادي، ولمنحه صلاحيات تشريعية، تزامنا مع صعود “الإخوان المسلمين” في مصر. جسَّد هذا التحرُّك لقادة الإصلاح أحد أكبر مخاوف محمد بن زايد ماثلا أمام عينيه، ولذلك كان التحرُّك هذه المرة أكثر جذرية وحِدَّة، لتعتقل الحكومة خمسة من الناشطين قبل أن تتسع رقعة الاعتقالات لتشمل غالبية مَن وقَّعوا على العريضة.

 

لكن التصعيد الأكثر حِدَّة تَمثَّل في اعتقال الشيخ سلطان بن كايد القاسمي ابن عم حاكم إمارة رأس الخيمة الذي شغل منصب رئيس جمعية دعوة الإصلاح منذ 20 إبريل/نيسان 2012، وذلك بسبب مقال صحفي عبَّر فيه عن رفضه لقيام السلطات الإماراتية بسحب الجنسية من سبع مواطنين إماراتيين، بعدما كان الشيخ المعتقل من أوائل المُوقِّعين على عريضة الثالث من مارس/آذار 2011. كان هذا التصعيد تجاه أحد أفراد العائلات الحاكمة في إحدى الإمارات السبع إيذانا بدخول عهد لا مكان فيه للتوازنات بين الإمارات المختلفة، وإعلانا صريحا لعصر الإمارة الأقوى، والفرد الأقوى في الاتّحاد الإماريّ كافة. وبهذا، وصلت الرسالة إلى عموم الشعب؛ لا أحد فوق القبضة الأمنية، ولا مكان للاعتراض، أو حتى لإبداء الرأي.

“إن الوطنية الحقيقية ليست قولا باللسان فحسب، بل لا بد أن يُصدِّقه الفعل والعمل، وتظهر مكانتها الحقيقية لدى المواطن إذا اختُبرت بالبلاء ومواقف التضحية”.

(سلطان بن كايد القاسمي)

بالتزامن مع ذلك، صعَّدت الإمارات من سياساتها العنيفة ضد كل ما يتصل بالإسلام السياسي، داخليا وخارجيا، استنادا إلى منظومة تجسسية وأمنية عالية المستوى، بل وبدأت عبر شبكاتها الفنيَّة والدينية بتشويه كل ما يتصل بالإسلام السياسي باعتباره العدو الأخطر، وشكَّل ذلك ضلعا أساسيا في منظومة تشكيل الخطاب الداخلي وصياغة الأفكار المقبولة لدى منظومة حُكم الإمارات. وهنا تُشير الصديق لـ “ميدان” إلى أن السبب الرئيس الذي يقف وراء عداء الإمارات لتيار “الإسلام السياسي” هو الاتجاه المعارض الذي اختطوه، وتنوّه إلى أن السلطات الإماراتية لا تحصر عداءها على هذا التيار، بل تُعادي كل معترض على سياستها، أيًّا كان توجُّهه وتصنيفه، ومثال ذلك اعتقالها للناشط السياسي الإماراتيّ أحمد منصور، وهو مدافع مستقل عن حقوق الإنسان، وذو توجُّه علماني.

الناشط الإماراتي أحمد منصور (مواقع التواصل)

هذا العداء، امتدَّ للجانب الفنّي-الدراميّ كما أشرنا، إذ لا يمكن بحال أن نغفل إنتاج مسلسل “خيانة وطن” الذي عُدَّ تعبيرا واضحا وجليّا لحملة الهجوم على كل ما يتصل بالإسلام السياسي، وبجماعة الإخوان المسلمين بالتحديد، وهو المسلسل الذي حرصت وزارة الداخلية ووزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع على تكريم كادر عمله، وذلك بحضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع.

 

وفي إطار مساعيها لتشكيل “فكر إسلامي” مضاد يخدم أجندتها الداخلية والخارجية؛ اتجهت الإمارات لدعم التيار الإسلامي الصوفي، وما يُعرف باليسار الحداثي، وخلق شبكاتها الخاصة من المؤسسات والمنظمات البديلة، وكان هذا الاتجاه موائما تماما لموقف عدد من كبار الخبراء الأميركيين في سياسات الشرق الأوسط وعلى رأسهم برنارد لويس ودانييل بايبس، الذين وجَّهوا إلى أهمية عقد تحالف مع الطرق الصوفية لملء الساحة الدينية والسياسية وفق ضوابط فصل الدين عن الحياة. ففي صيف 2002 أصدرت مؤسسة “راند” دراسة دعت فيها إلى تأسيس تحالف إستراتيجي مع الصوفية لمواجهة ما سمَّته بـ “التطرُّف الديني في العالم الإسلامي”.

“ما يُعتَبر دينا وما لا يُعتَبر دينا ليس أمرا معتمدا على حضور أو غياب الإيمان بالله، وإنما قرار سياسي حول درجة الولاء السياسي للدولة القومية”(9).

(المفكّر الأميركي وليام كافانو)

وفي هذا الإطار تُضيف آلاء الصديق لـ “ميدان” “أن أبو ظبي تسعى لتوظيف رجال السلطان من نوعين رئيسيين. الأول يرى أن طاعة ولي الأمر واجبة مهما بلغ طغيانه تجنُّبا للفوضى، وأن الدين يجب ألا يتدخَّل في السياسة، وأن الروحانيات هي الأساس، ووفق هذا المنطق، فلا بأس إن كان هؤلاء يدَّعون أنهم على المذهب السلفي أو الصوفي. ونوع ثانٍ يُصنع على عين رجال السلطة ليواجه الطرف المُستبعد من الإسلاميين والدعاة الذين يرون أن لهم دورا سياسيا وإصلاحيا في مجتمعاتهم وبلدانهم”.

يبرز التوظيف الديني إذن باعتباره أداة سلطوية يمكن أن تتبدَّل بحسب المصالح السياسية، وهو ما دفع أحد الرموز الدينية الشهيرة في الإمارات -على سبيل المثال- إلى الانقلاب على مواقفه السابقة كافة الرافضة للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، ليُوظِّف آيات مثل “لا نُفرِّق بين أحد من رسله” في سياق تبرير موقف الإمارات من التطبيع مع الإسرائيليين، باعتبارهم يهودا، لم يُفرِّق الله بينهم وبين المسلمين. كذلك لم يعد من المستغرب أن نرى رموزا وناشطين إماراتيين لا يخجلون من إبداء التعاطف مع الاحتلال واتهام الفلسطينيين بالعنف والإرهاب.

 

مع هذا التضييق الشديد للفضاء العام في الإمارات، بالإضافة إلى التحكُّم المركزيّ بالخطابَيْن الديني والفني واحتكار المجال السياسي لعقود طويلة، طالت تأثيرات السلطة قطاعات واسعة من المجتمع، ودفعت آخرين إما خارج الدولة تماما، وإما حوَّلتهم إلى أجساد صامتة بداخلها. خَلَقَ التوجُّه السلطوي عددا من الأساطير القومية التي اختزلت الدولة في الأشخاص، ورهنت مصيرها الإستراتيجي بهم؛ الأمر الذي شكَّلَ بنية اجتماعية مغلقة تخطّ معايير جديدة للثواب والعقاب ويُعاد فيها تعريف المواطن الصالح بما يتوافق تماما مع تدابير الرجل الذي يجلس فوق سدة الحكم.

“تلاشى وجه الأخ الكبير، وظهرت شعارات الحزب الثلاثة بأحرف كبيرة بارزة:

الحرب هي السلام

الحرية هي العبودية

الجهل هو القوة”.

(جورج أورويل) – 1984

تتوافق سياسات الهندسة الاجتماعية الإماراتية تلك مع ما أورده ماكس فيبر، أحد المُنظّرين الكلاسيكيين في علم الاجتماع، حول النظام التقليدي الذي تتولَّد داخله الشرعية بقوة التقاليد، والسلطة التي تتعاظم هيبتها بمرور الزمن عليها. في ضوء ذلك، لم يَعُد مستغربا أن نشاهد تلك الحالة من اللا مبالاة السياسية في كثير من الشرائح الاجتماعية الإماراتية، على حد وصف المفكر الإماراتي محمد عبيد غباش، نتيجة النفوذ المطلق الذي باتت تتمتع به السلطات على المجال العام، وهو ما ينطبق -بنسبة ما- على الحالة السياسية الخليجية عموما، مع خصوصيات وتباينات لا يمكن إغفالها لكل دولة.

 

ربما يُقدِّم هذا المنطق المركَّب مقاربة أعمق لفهم عمليات الإقصاء السياسي في المنطقة الخليجية بالعموم(10)، وفي الإمارات العربية المتحدة خاصة. فعلى عكس مفهوم الدولة الريعية الشائع، والقائم على تحقيق الشرعية عبر ما يمكن أن نُسمّيه “رشوة عامة”، صرنا نمتلك تصوُّرا أكثر تماسكا؛ وهو تصوُّر وإن لم يكن يُنكر دور الريع وعائدات النفط في تدجين المواطنين وتحييدهم سياسيا، فإنه يضع بالاعتبار العاملين السكاني والأمني، كونهما ركنين أساسيين لسياسات الهندسة الاجتماعية، المصممة بالأساس لخلق مجال عام صامت، وفرز جيل من المواطنين يؤمن -من كل قلبه- برواية السلطة، ولا يتوقف عن اعتناقها وترديدها في أي وقت وتجاه أي قضية.

 

————————————————-

الهوامش

  • (*) البطريركية: كلمة يونانية مكونة من شطرين، ترجمتها الحرفية “الأب الرئيس”؛ ومن حيث المعنى فهي تشير إلى من يمارس السلطة بوصفه الأب، ولذلك فإن النظام المعتمد على سلطة الأب، يدعى “النظام البطريركي”.

——————————————————————————–

المصادر

  1.  عوامل تشكل السلطة في الخليج محطّ نظر وتحليل واسعين في الكتابات التي تتناول الخليج، وليست مجال بحثنا.
  2.  عمر هشام الشهابي، اقتلاع الجذور: المشاريع العقارية وتفاقم الخلل السكاني، ص53.
  3.  Dennis Hume Wrong. Power: Its forms, Bases and uses, Key concepts in the social science
  4.  Clarke, J. and Bowen-Jones, H. (eds) (1981) Change and Development in the Middle East:Essays in honour of W.B. Fisher. London: Methuen.
  5.  عبد الرحمن منيف، مدن الملح
  6.  علي خليفة الكواري، مجتمعات على مفترق طرق: تأثير التغيرات المصاحبة للنفط على مجتمعات شرق الجزيرة العربية “(الدوحة، 1998)، ص3.
  7.   سعد الدين إبراهيم وآخرون، المجتمع والدولة في الوطن العربي (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1988)، ص280-281.
  8.  كالفريت جونز، من بدو إلى برجوازين: إعادة تشكيل المواطنين في العولمة
  9.  وليام كافانو، أسطورة العنف الديني، ترجمة أسامة غاوجي، ص20.
  10.  محمد عبيد غبّاش، الدولة الخليجية: سلطة أكثر من مطلقة.. مجتمع أكثر من عاجز
(المصدر: الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى