كتب وبحوث

جامع ومدرسة المؤيد شيخ المحمودي في رسوم المستشرقين

جامع ومدرسة المؤيد شيخ المحمودي في رسوم المستشرقين

إعداد د. ربيع أحمد سيد أحمد

ترجمة المؤيد شيخ المحمودي:

هو السلطان المؤيد شيخ المحمودي, ولد سنة 770هـ, ولُقِبَ باليزيدي1, وقيل البرزي2, وقيل البزدري3, نسبة إلى التاجر الذي بائعه, وهو محمود اليزيدي, الذي أحضره إلى مصر مع آخرين فنسب إليه, وكان عمره آنذاك ثلاث عشرة سنة, اشتراه الأمير برقوق قبل أن يتسلطن, ولما تولّى برقوق السلطنة أعتق المؤيد شيخ, وولاّه خاصكيًا ثم ساقيًا4.

وفي سنة 794هـ عُين في رتبة أمير عشرة, وفي سنة 804هـ عُين في رتبة أمير طبلخاناة, ثم أميرًا للحج وعمره 31 سنة, ثم مات السلطان برقوق, وتقلّد الناصر فرج بن برقوق, فعيّن الأمير شيخ نائبًا لطرابلس الشام, وفي أثناء حرب تيمور للشام أُسر الأمير شيخ وسُجن, إلا أنه استطاع الهرب وعاد إلى مصر, وعينه السلطان الناصر فرج نائبًا لدمشق, وفي أثناء نيابته لدمشق, دبَّر المؤامرات للإطاحة بالناصر فرج, ونجح بالفعل في ذلك, وعزل الناصر فرج من السلطنة وقتله5.

وفي 8 شعبان سنة 815هـ خلع الأمير شيخ المحمودي الخليفة العباسي, ووثب على السلطنة, وقد أدى ذلك إلى ثورة أمراء الشام ضده, ومنهم الأمير نوروز إلا أنه قبض عليهم, وسجنهم بالإسكندية6, وتلقب بالسلطان المؤيد شيخ, وقال عنه ابن إياس وكان يُعرف بالخاصكي المجنون7.

مرضه وعبر في موته:  

ابتدأ مرض موته في الحادي عشر من ذي الحجة سنة 823هـ, بإسهال وزحير(قيء مستمر), وألم في الحصاة, وحمى وصداع وألم في المفاصل, وحبسٍ للإراقة (البول), وتوفي في ظهر يوم الاثنين التاسع من المحرم سنة 824هـ, وكان له من العمر لما مات نحوًا من خمس وستين سنة8.

ويُذكر أنه لما أرادوا غُسل الملك المؤيد, لم يجدوا له إناء صغير يصبّوا عليه به الماء, ولا وجدوا له مِنشفة ينشفوا بها لحيته, حتى أخذوا منديل بعض من حضر غسله, ولا وجدوا له مِئزرًا يستروا به عورته, حتي أخذوا مئزر بعض الجوار النائحات وهو مئزر صعيدي أسود خشن, فسبحان من يُعز ويُذل9. وأنشد الشاعر قوله:

ومن يأمن الدنيا يكن مثل قابضٍ

                                          على الماءِ خانته فروج الأصابعِ 10

خزانة شمائل وسبب بناء الجامع: 

هذا الجامع بجوار باب زويلة من داخله, كان موضعه خزانة شمائل, حيث يُسجن أرباب الجرائم, وهذه الخزانة عُرفت بالأمير علم الدين شمائل وإلى القاهرة أيام الملك الكامل الأيوبي, وكانت من أشنع السجون وأقبحها منظرًا, يُحبس فيها من وجب عليه القتل أو القطع من السراق وقطاع الطريق ومن يُريد السلطان إهلاكه من المماليك, وأصحاب الجرائم العظيمة11. وقد حُبِسَ المؤيد شيخ وهو أمير في هذه الخزانة فقاسي في ليله من البق والبراغيث, فنذر إن نجاه الله وملك مصر أن يجعل هذه البقعة مسجدًا لله تعالى12, وكان من مواضع هذا الجامع بالإضافة لخزانة شمائل, قيسارية سُنقر الأصفر, ودرب الصُفيرة, وقيسارية بهاء الدين أرسلان13. وعقبّ المقريزي على اختيار موقع سجن شمائل فقال: «إن من عرف أوله من تبديل الأحوال من حال إلى حال, فبينا هو سجن تُزهق فيه النفوس, صار مدارس آيات وموضع عبارات, ومحل سجود لله»14.

أقوال المؤرخين عن الجامع: 

وصفه المقريزي بقوله: «فهو الجامع لمحاسن البنيان, الشاهد بفخامة أركانه وضخامة بنيانه أن مُنشئه سيد ملوك الزمان, يحتقر الناظر له عند مشاهدته عرش بلقيس وإيوان كسرى, ويستصغر من تأمل بديع إسطوانة الخورنق وقصر غمدان”15. وقال عنه السخاوي: «أنه لم يعمر في الإسلام أكثر منه زخرفة ولا أحسن ترخيمًا إلا المسجد الأموي”16. وقال عنه السلطان سليم العثماني “حقًا إن هذه عمارة الملوك”17.

عمارة الجامع والمدرسة:

تتبع هذه المدرسة نظام المساجد الجامعة في التخطيط, والحجة الشرعية للسلطان المؤيد شيخ تُؤكد أن هذا البناء كان مُعدًا لتدريس الفقه الإسلامي على المذاهب الأربعة, بالإضافة إلى دروس تفسير الحديث النبوي الشريف, وتجويد القرآن الكريم, هذا إلى جانب الوظيفة الأساسية للبناء من حيث استخدامه كمسجد جامع تُؤدى فيه الصلاة الجامعة والعيدين18.

ومما يؤسف له أن هذا الجامع تعرض لتهدم شديد, ليس بفعل عاديات الزمن, بل بفعل التخريب الذي قام به الوالي العثماني حين تحصنّ به الطغاة من الزرب, فقام الوالي العثماني بضربهم بالمدفعية حتى استسلموا, وأدى ذلك إلى تهدم البناء, ولم يعد إلى حالته الطبيعية إلى اليوم, وقد زار المدرسة الرحالة المهندس باسكال كوست Pascal Coste, في القرن التاسع عشر الميلادي, وذكر أنها في أسوأ حال من التخريب, وقام بعمل رفع معماري تتبع فيه الأساسات الأصلية للتخطيط, وعاينها أيضًا عالم الكتابات مِهرن Mehren سنة 1827م, وكتب عن نقوشها الكتابية, وذكر أن الجامع متخرب فيما عدا ظلة القبلة19.

عمارة الجامع (من الخارج):

ولهذا الجامع أربع واجهات جُدد ثلاث منها, أما الواجهة الرئيسة الجنوبية الشرقية فهي المحتفظة بتفاصيلها, وبها المدخل الرئيسي بالزاوية الشرقية من الواجهة, وهو مدخل تذكاري بحجر غائر.

ويتوسط صدر حجر المدخل فتحة باب مستطيلة يغلق عليها مصراعين من الخشب مصفحين بالبرونز يبلغ ارتفاعهما حوالي 6 أمتار, وهذان المصراعان مأخوذان من جامع ومدرسة السلطان حسن في شهر شعبان سنة 819هـ, حيث تم نقل الباب والتنور النحاسي, ودفع ثمنهما 500 دينار, وقد علّق بن تغري بردي على هذه الحادثة بقوله: «وفي نقل الباب نقص مروءة وقلة أدب», وعللّ بعض المؤرخين سبب نقل باب السلطان حسن إلى مدرسته لأن السلطان برقوق كان قد سدَّ باب مدرسة السلطان حسن بالحجارة, فكان هذا الباب غير منتفع به, وقيل إن المؤيد شيخ نقله بناءًا على اقتراح بعض المهندسين وأنه في نظير ذلك أوقف على مدرسة السلطان حسن قرية قها بالقليوبية, ويذكر بن تغري بردي أن بعض أعيان المماليك المؤيدية وعدوا إن طالت مدة حكم المؤيد أن يصنع بابًا وتنورًا لجامعه ويرد باب السلطان حسن إلى مكانه, فقبضه الله قبل ذلك20.

– رسم باسكال كوست للواجهة الجنوبية الشرقية للجامع والمدرسة (اللوحة 1)

رسم باسكال كوست الواجهة الرئيسية لجامع ومدرسة السلطان المؤيد شيخ, والتي تُطل على شارع المعز (القصبة العظمي), حيث تظهر الواجهة, وقد استخدم فيها الحجر المشهر باللونين الأحمر والأصفر, ويتجلي رسم التكسيات الخزفية لكتلة المدخل, وتبدأ التصويرة برسم المدخل الرئيسي جهة يمين التصويرة حيث مدخل تذكاري بارز يتوجه عقد مدايني(ثلاثي) باطنه ملىء بالمقرنصات ذات الدلايات, ويتقدم المدخل سلم بطرف واحد بدا أنه كان بطرفين, وقد سُدَّ الطرف الآخر, وله درابزين رخامي, ويفضي السلم إلى بسطة عريضة تتقدم المدخل.

دركاة المدخل:

يُفضي الباب إلى دركاة لها سقف شاهق على هيئة قبو مروحي تتوسطه مصلبة من الحجر المشهر, وبالدركاة بابان أحدهما إلى اليمين يؤدي إلى دهليز منكسر يوصل إلى ظلة القبلة, والآخر يُؤدي إلى القبة الضريحية مباشرة.

ظلة القبلة:

تتكون من ثلاثة أروقة تسير عقودها موازية لجدار القبلة, حُملت العقود على أعمدة من الرخام بتيجان مختلفة ويربط بينها روابط خشبية, ويتصدر المحراب الجدار الجنوبي الشرقي وهو غنيّ بزخارفه الرخامية, ويكتنفه زوج من الأعمدة بتيجان من زخارف الأرابيسك, ويجاور المحراب منبر خشبي له جوانب من الحشوات المجمعة المطعمة بالصدف والعاج, وظلة القبلة كلها مؤزرة بالرخام الملون, كما يعلو المحراب دائرة كبير من الرخام بها مداور صغيرة من الرخام متعدد الألوان, أطلقت عليه وثائق العصر المملوكي اسم رخام “سماقي” وهو أحمر داكن, و”زرزوري” وهو رمادي به نقط بيضاء, و”صعيدي” وهو ما يطلق عليه الآن ألبستر, وعند ابن تغري بردي أن السلطان ألزم مباشري الدولة بالرخام الجيد لأجل جامع السلطان, فطُلب الرخام من كل جهة حتى أُخذت من البيوت والقاعات والأماكن, ويومئذ عزَّ الرخام بالديار المصرية لكثرة ما احتاجه هذا الجامع من رخامٍ لسعته, وقال عنه بن تغري بردي: «وهو أحسن جامع بني بالقاهرة في الزخرفة والرخام لا في خشونة العمل والإمكان»21.

– رسم باسكال كوست لظلة القبلة بجامع المؤيد شيخ المحمودي (لوحة 2):

رسم باسكال كوست ظلة القبلة بجامع المؤيد شيخ, حيث اتخذ باسكال كوست الزاوية الجنوبية من ظلة القبلة, وفيما يبدو أنه جلس في منتصف الرواق الأوسط لظلة القبلة وظهره إلى الجدار الجنوبي, وتجلت في التصويرة العقود المدببة المحمولة على أعمدة رخامية متنوعة ما بين المثمنة والإسطوانية, ويظهر في التصويرة السقف المسطح, وقد تجلّى فيها التنوع ما بين جزء به براطيم خشبية مطبقة بالألواح, وجزء من نوع “سقف نقي لوح وفسقية” في المصطلح الوثائقي, كما يظهر في التصويرة المنبر الخشبي, وتظهر دكة المؤذنين, كما تظهر دكة مقرىء من الخشب ويجلس على الدكة رجل يقرأ القرآن, كما تُشرف ظلة القبلة على الصحن بسياج خشبي.

– رسم باسكال كوست لحنية المحراب بجامع المؤيد شيخ المحمودي (لوحة 3):

رسم باسكال كوست حنية المحراب بجامع المؤيد والتي يكتنفها عمودان مدمجان, وقد اتخذ باسكال كوست زاوية من البائكة الثانية لظلة القبلة صوب جدار المحراب, فيظهر في التصويرة عقد مدبب من الحجر المشهر محمول على عمودين من الرخام لهما قواعد دورية وتيجان مركبة, وفي يمين التصويرة يقف شخص ممسكًا بمصحف جهة العمود الأيمن, وإلى جوار حنية المحراب يوجد المنبر الخشبي, وإلى جواره يجلس شخص جلسة التربيعة مستندًا بظهره إلى المنبر.

دكة المؤذنين:

تقع هذه الدكة في منتصف الرواق الثاني من ظلة القبلة, وهي عبارة عن شرف من الرخام محمولة على ثمانية أعمدة من الرخام أيضًا.

– رسم دافيد روبرتس لدكة مؤذنين جامع المؤيد شيخ المحمودي (لوحة 4):

تمثل التصويرة جزء من ظلة القبلة في جامع ومدرسة المؤيد شيخ المحمودي بباب زويلة (بوابة المتولى)، حيث رسم روبرتس جزء من البائكة الثانية، حيث ظهرت جزء من البلاطة المحصورة بين البائكتين، وظهرت البوائك التي تسير موازية لجدار القبلة, حيث العقود المدببة المحمولة على أعمدة رخامية, وتربط بين العقود الروابط الخشبية لمنع رفس العقود، ولحمل أدوات الإنارة، كما تظهر فى التصويرة  دكة المبلغ (دكة المؤذنين), ويجلس عليها شخص ربما يُعطي درس للجلوس في ظلة القبلة والرجل مستقبل القبلة بينما الجلوس ظهرهم للقبلة، كما يظهر التنور النحاسي الذي انتُزِع من جامع ومدرسة السلطان حسن, وهو الآن بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة, ويظهر في التصويرة أيضًا السقف الخشبي من براطيم خشبية مطبقة بالألواح تحصر بينها مربوعات وتماسيح، كما يظهر الكردي الخشبي ويظهر الذيل المقرنص, كما تظهر واجهة قبة النساء بإيوان القبلة بالناحية الجنوبية من الظلة الجنوبية الشرفية. كما يظهر بجدار القبلة المنبر الخشبي, وقد تنوعت أزياء الأشخاص ما بين القفاطين والجبب، وأغطية الرؤوس عبارة عن عمائم مكونة من طواقي تلتف حولها شيلان.

الصحن:

مستطيل المساحة, مكشوف سماوي, يتوسطه ميضأة يعلوها قبة خشبية برفرف مائل, وهذه الميضأة مضافة على المكان, حيث كانت الميضأة الأصلية خارج المدرسة, وقد بناها السلطان المؤيد على جزء من ربع السلطان الظاهر بيبرس البندقداري سنة 819هـ, أما وسط الصحن فيتوسطه فسقية لتلطيف درجة حرارة الجو, ويذكر ابن تغري بردي أنه في يوم الجمعة 20 من رمضان سنة 823هـ نزل السلطان إلى جامعه بالقرب من باب زويلة, وقد هيئت به المطاعم والمشارب, ومُلئت الفسقية التي بالصحن بالسكر المذاب, فشرب الناس منه22.

– رسم باسكال كوست لصحن جامع المؤيد شيخ المحمودي (لوحة 5):

تمثل التصويرة صحن جامع المؤيد شيخ المحمودي, وقد اختار باسكال كوست موضعًا لتنفيذ تصويرته من الظلة الشمالية الغربية, فبدأت التصويرة بجزء من بائكة الظلة الشمالية الغربية, وظهرت العقود المدببة من الحجر المشهر والتي تسير موازية لجدار القبلة, والمحمولة علي أعمدة مختلفة, وتربط بين العقود روابط خشبية لمنع رفس العقود, ولتعليق أدوات الإنارة, ثم رسم لنا الصحن, وتتوسطه الفوارة بدون قبة, وقد تم اصلاحها علي يد لجنة حفظ الآثار العربية عام 1881م أي بعد حوالي 70 عام من رسم باسكال كوست, كما تظهر الظلات الجانبية, كما تظهر عقود البائكة المطلة على الصحن لظلة القبلة, كما تظهر المئذنتان في أقصى يمين التصويرة, كما تظهر القبة الضريحية في أقصى يسار التصويرة.

الظلات الجانبية والمعاكسة:

تهدمت هذه الظلات منذ زمن بعيد, ولم يأت القرن التاسع عشر إلا والمسجد في أسوا حالات التخريب, فقد عاينه مسيو باسكال كوست, كما عاينه مسيو مهرن سنة 1872م, وقال: «إن المسجد متخرب عدا الإيوان الشرقي». ومنذ سنة 1881م وجهت لجنة حفظ الآثار العربية عنايتها إلى المسجد, فوجدته متداعيًا وقد فقد إيواناته عدا صفيّ عمد بالإيوان الشرقي كانا على وشك السقوط, ورخام الجدار الشرقي للمحراب مشوه, وقبة المؤيد في حاجة إلى الإصلاح, ومنارتا الجامع مفقود جزؤهما العلوي, وقد قامت بالمحافظة على البقايا الأثرية وأزالت الدكاكين التي كانت بالواجهة الشرقية, وقومتّ العمد وركبت عمدًا جديدة, وأصلحت سقفي الرواقين وأعادتهما إلى سابق مجدهما, وأصلحت الباب النحاسيّ والمدخل الرئيسي, وأصلحت الرخام بالجدران والمحراب, كما أصلحت دكة المبلغ  وكملت المنارتين وأنشأت الرواق الثالث المشرف على الصحن, كما عملت قبة الوضوء بالصحن وأصلحت المنبر وأبواب القباب, وفي حديقة المسجد لوحة تاريخية تشير إلى تعميره سنة 1302هـ/1884م في عصر الخديوى توفيق23.

المنارتان:

استغل مهندس هذه المدرسة باب زويلة وقام ببناء مئذنتي المدرسة عليهما, وهما منارتان رشيقتان, تتكون كل واحدة منهما من ثلاث شرفات, ولها جوانب من الحجر المفرغ, ويربط بينها بدن مثمن, ويُذكر أنه كان مخطط أن تُبنى مئذنة ثالثة للمدرسة ورد ذكرها في الحجة الشرعية للسلطان المؤيد شيخ. وهذه المآذن ليست الأصلية إذ تداعت المآذن الأولى في حياة السلطان المؤيد شيخ نفسه, وهي التي بناها محمد البرجي أولاً. ويذكر ابن تغري بردي أن السبب في تهدم المآذن الأولى هو إنها بُنيت من أسفلها بحجر صغير, وأعلاها بحجر كبير, فأوجب ذلك ميلها وهدمها بعد الفراغ منها24, وقد سجّل المقريزي هذه الحادثة بقوله: «وفي أثناء شهر ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وثمانمائة ظهر على المئذنة التي أُنشئت على بدنة باب زويلة جهة التي تلي الجامع اعوجاج إلى جهة دار التفاح, فكُتب محضر بجماعة المهندسين أنها مستحقة الهدم, وعُرض على السلطان فرسم بهدمها, فوقع الهدم يوم الثلاثاء رابع عشرين ربيع الآخر سنة 821هـ 25.

– رسم دافيد روبرتس لمأذنتي جامع المؤيد شيخ المحمودي (لوحة 6):

تمثل التصويرة مأذنتيّ جامع المؤيد شيخ المحمودى من داخل باب زويلة, وواجهة جامع المؤيد شيخ المحمودي، حيث رسم روبرتس في يمين التصويرة المدخل وجزء من الواجهة لجامع المؤيد شيخ المحمودي، ويرى درج السلم الصاعد إلى حجر المدخل لجامع ومدرسة المؤيد شيخ المحمودي، ويرى أجزاء من المقرنصات ذات الدلايات، وكذا الدخلات الضحلة التي تنتهى بصدور مقرنصة.

كما رسم في يسار التصويرة واجهة وكالة نفسية البيضا، حُيث تظهر الحوانيت في الطابق الأول، وكذا المشربيات الخشبية في الطابق الثاني.

كما رسم في الخلفية باب زويلة من الداخل حيث العقد النصف دائري، كما يظهر بجلاء مداميك الأبلق والمشربيات في الطوابق العليا من الخشب الخرط، أيضاً تظهر المئذنتان, حيث يظهر من فوق البوابة بدن مثمن لكل منهما فتح به المعمار نوافذ, ويعلو ذلك شرفة لها درابزين من الرخام محمولة على مقرنصات ذات دلايات، ثم بدن مثمن يعلوه شرفة محمولة أيضًا على مقرنصات ذات دلايات ثم الجوسق وقمة المئذنة من طراز القلة المملوكي.

كما رسم روبرتس زحام شديد في الشارع وأناس في أوضاع مختلفة منهم الجالسون يتجاذبون أطراف الحديث أمام درج السلم المؤدي لمدخل جامع ومدرسة المؤيد شيخ المحمودي، ومنهم على ظهور الحمير، كما رسم سيدات أيضًا على ظهور الحمير ويظهر مجموعة من الرجال على ظهور الجمال, ورسم أشخاص أمام الحوانيت.

المراجع:

1 –  المقريزي (تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر ت 845هـ), السلوك لمعرفة دول الملوك, ج6, تحقيق محمد عبدالقادر عطا, دار الكتب العلمية, بيروت, لبنان, الطبعة الأولي, 1418هـ/ 1997م, ص 338؛ السخاوي (شمس الدين محمد بن عبدالرحمن), الضوء اللامع لأهل القرن التاسع, ج 3, دار الجيل, بيروت, ص 308 -311؛ حسنى نويصر, العمارة الإسلامية في مصر (عصر الأيوبيين والمماليك), ص 384. ص

2 – بن تغري بردي (جمال الدين أبو المحاسن يوسف), النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة, ج13, ص 157.

3 – حسني نويصر, العمارة الإسلامية في مصر, ص 384.

4 – المقريزي, السلوك, ج6, ص 338؛ حسني نويصر, العمارة الإسلامية في مصر, ص 385.

5 – المقريزي, السلوك, ج 6, ص 338؛ حسني نويصر, العمارة الإسلامية في مصر, ص 384.

6 – بن الجيعان, القول المستظرف في سفر الملك الأشرف قايتباي, تحقيق محمد زينهم, الدار الثقافية للنشر, 2005م, ص 83.

7 – ابن إياس (محمد بن أحمد بن إياس الحنفي), بدائع الزهور في وقائع الدهور, تحقيق محمد مصطفى, ج2, فرانس شتاينر, فيسبادن, 1395هـ /1975م, ص 3- 4.

8 – المقريزي, السلوك, ج 7, ص 20؛ حسني نويصر, العمارة الإسلامية في مصر, ص 386.

9 – بن تغري بردي, النجوم الزاهرة, ج 2, ص 59-60.

10 – بن تغري بردي, النجوم الزاهرة, ج 2, ص 59.

11 – المقريزي, الخطط, ج 2, ص 813.

12 – المقريزي, الخطط, ج 4, تحقيق أيمن فؤاد سيد, مؤسسة الفرقان للتراث, لندن, 2003م, ص 334؛ حسني نويصر, العمارة الإسلامية في مصر, ص 383؛ هالة نواف يوسف الرفاعي, السجون في مصرفي العصر المملوكي(648-923هـ /1250-1517م), كلية الدراسات العليا, الجامعة الأردنية, 2008م, ص 17.

13 – المقريزي, الخطط, ج 4, تحقيق أيمن فؤاد سيد, مؤسسة الفرقان للتراث, لندن, 2003م, ص 334؛ السخاوي, تحفة الأحباب وبغية الطلاب, ص 80؛  حسني نويصر, العمارة الإسلامية في مصر, ص 383.

14 – المقريزي, الخطط, ج 4, ص 385؛ حسني نويصر, العمارة الإسلامية في مصر, 384.

15 – المقريزي, الخطط, ج 4, ص 383.

16 – السخاوي, الضوء اللامع, ج3, ص310.

17 – حسني نويصر, العمارة الإسلامية في مصر, 384.

18 – حسني نويصر, العمارة الإسلامية في مصر, 388.

19 – حسني نويصر, العمارة الإسلامية في مصر, 388.

20 – بن تغري بردي, النجوم الزاهرة, حوادث سنة 820هـ, ج13, ص 194؛ حسن عبدالوهاب, تاريخ المساجد الأثرية, ج1, وزارة الثقافة, سلسلة ذاكرة الكتابة, 2014م, ص ص 209-210؛ حسني نويصر, العمارة الإسلامية في مصر, 390.

21 – بن تغري بردي, النجوم الزاهرة, حوادث سنة 820هـ, ج13, ص 194؛ حسن عبدالوهاب, تاريخ المساجد الأثرية, ص ص 209-210؛ حسني نويصر, العمارة الإسلامية في مصر, 390.

22 – حسني نويصر, العمارة الإسلامية في مصر, ص 393.

23 – حسن عبدالوهاب, تاريخ المساجد الأثرية, ص 214.

24 – حسني نويصر, العمارة الإسلامية في مصر, ص 393.

25 – المقريزي, الخطط, ج4, ص 343.

(المصدر: مجلة “فكر” الثقافية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى