كتاباتكتابات مختارة

تلامذة التلمود

تلامذة التلمود

بقلم د. محمد قسم الله محمد إبراهيم

كلمة التلمود كلمة عبرية تعني الشريعة الشفوية والتعاليم ، وهو كتاب تعليم الديانة اليهودية بكل ما فيها من شطحات وسفاهات وأحقاد على العالم.

ويدَّعي اليهود أنّ موسى عليه السلام ألقى التلمود على بني إسرائيل فوق طور سيناء، وحفظه عند هارون ، ثم تلقاه يوشع من هارون  ثم إليعازر وهلم جرا … حتى وصل الحاخام يهوذا حيث وضع التلمود بصورته الحالية في القرن الثاني قبل الميلاد وذلك على ما يزعمون.

 والحقيقة أن التلمود هو كتاب مختلق يضم كل شيء عن هواجس وخرافات بني إسرائيل، ويعطي اليهود التلمود أهمية كبرى وتقديس منقطع النظير لدرجة أنهم يعتبرونه الكتاب الثاني ، والمصدر الثاني للتشريع ، حتي أنهم يقولون إنّه من يقرأ التوراة بدون المشناه والجمارة فليس له إله.

والمشناة والجمارة هما جزءا التلمود. فالمشناه Mishnah  هي النسخة الأولى المكتوبة من الشريعة اليهودية التي كانت تتواتر شفويا والشريعة اليهودية الشفوية دُونت بواسطة يهوذا هاناسي أو يهوذا الأمير وعُرفت باسم الميشناه عام 200 م. أما الجماره Gemara فهى التى تتناول الميشناه بالبحث والدراسة وشروحات وتعليقات حاخامات وحكماء بنى صهيون. وفي القرون الثلاثة اللاحقة للعام 200م خضعت الميشناه للتحليل والدراسه والإضافه في كل من فلسطين وبابل أكثر أماكن تواجد اليهود في العالم في ذلك الزمان.

إذاً فالتلمود هو محض تدوين لنقاشات حاخامات اليهود حول الشريعة اليهودية والأعراف، وقصص التراث اليهودي ، وهو أيضا المصدر الأساسي لتشريع الحاخامات في الدعاوى القانونية والعامل المؤثر الرئيسي في الإيمان والمعتقد اليهودي . وكذلك فهو القاعدة الأساسية لجميع التشريعات القانونية اليهودية اللاحقة.

ولذلك فالمرتكز الأساسى لدولة إسرائيل هو هذا التلمود بكل ما فيه من خزعبلات أقلها الطعن فى الذات الإلهيه تعالى الله عن ما يزعمون علواً كبيراً ولو أنك إطلعت على بعض ما جاء فى هذا التلمود لتصبب عرقك مما يفترون.

ولا يختلف يهودى فى استمساكه بتشريعات التلمود أكثر من إستمساكه بالتشريعات السماويه التى أُنزلت على بنى إسرائيل عبر العصور لا يختلف فى ذلك المنتمين لحزب العمل أو الليكود أو حزب شاس الراديكالى. الشاهد أنَّ إعتناق اليهود للتلمود وتعاليمه وإجتهادهم فى التلمذه على مبادئه لا لشيئ إلا لأنَّ التلمود بهرطقاته يًُعلى من شأنهم بما يحتويه من أباطيل ما أنزل الله بها من سلطان ويجعلهم فى منزلة شعب الله المختار وهذا ما لم تُقره التشريعات السماويه على اختلافها وتواتر أزمانها. وعلى ما عُرف به اليهود من المعصيه فقد وجدوا ضالتهم فى التلمود هذا السفر الموضوع الذى أضفوا عليه سمة القداسه في مسعاهم الحثيث والخبيث لهيمنة العنصر اليهودى .

وقد تمكن اليهود وعبر السنوات من خدمة أغراضهم الإستعماريه والإستعلائيه على السواء مستندين على خبثهم ودهائهم وعلى تلمودهم الذى يجتمعون حول ضلالاته بعصبيه غريبه منقطعة النظير حتى بلغ بهم الأمر السيطره على مفاصل الإقتصاد العالمى بل والتأثير على مجريات الأحداث السياسيه فى الكثير من بلدان العالم غير أنّ ما يدور عبر العصور فى الأراضى الفلسطينيه يدعو للتأمل فى المكر اليهودى على النحو الذى يجعلنا فى كل مره  تتجدد فيها الأطماع الإسرائيليه فى المزيد من الأرض العربيه نسترجع أدبيات الصراع الأزلي لكن المؤسف أن سياسات التمدد اليهودى لا تزال تأخذ طريقها بطابع  دينى مستمد من شريعة التلمود المزعوم..

وهذا االصراع الأزلى يرتبط بشكل جذري بتاريخ اليهود في المنطقه ونشوء الصهيونية والهجرة اليهودية إلى فلسطين ، والاستيطان فيها ، ودور الدول العظمى في أحداث المنطقة هذا من جانب ، بالمقابل وفي الجانب الآخر تتمحور القضية الفلسطينية حول تاريخ الفلسطينيين في نفس المنطقه الجغرافيه وقضية اللاجئين الفلسطينيين وشرعية إسرائيل واحتلالها للأراضي الفلسطينية بعدة مراحل ، وارتكابها للمجازر بحق الفلسطينيين وعمليات المقاومة الفلسطينيه ضد الإحتلال.

 والمعلوم بالضروره أنَّ القضية الفلسطينية أو النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي مصطلح يشار به إلى الخلاف السياسي والتاريخي والمشكلة الإنسانية في فلسطين بدءاً من عام 1880 وحتى يومنا الحالي ، ويُعتبر هذا النزاع القضية المركزية في الصراع العربي الإسرائيلي وسبب أزمة هذه المنطقة وتوترها. وبالرغم من أن هذا النزاع يحدث ضمن منطقة جغرافية صغيرة نسبياً ، إلا أنه يحظى باهتمام سياسي وإعلامي كبير نظراً لتورط العديد من الأطراف الدولية فيه وبمشاركه فاعله  للدول العظمى في العالم نظراً لتمركزه في منطقة حساسة من العالم وارتباطه بقضايا إشكالية تشكل ذروة أزمات العالم المعاصر، مثل الصراع بين الشرق والغرب ، وعلاقة الأديان الإسلام والمسيحية واليهودية فيما بينها ، وعلاقات العرب مع الغرب ، وأهمية النفط العربي للدول الغربية ، وأهمية وحساسية القضية اليهودية في الحضارة الغربية خصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية نتيجةً للتغلغل اليهودى متمثلاً فى جماعات الضغط واللوبيات اليهوديه فى صناعة رأى عالمى ينحاز لجانب اليهود وإظهارهم بمظهر المضطهد كما فى دعاوى الهولوكوست اليهودي وقضايا معاداة السامية.

أما علي الصعيد العربي فيعتبر الكثير من المفكرين والمنظرين العرب وحتى السياسيين أن قضية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي هي القضية والأزمة المركزية في المنطقة التي تنال إهتماماً واسعاً لدى القادة العرب في دعم القضية في كافة الأوساط والانتهاء بها إلى إثبات الحق العربي الفلسطيني في الأرض المحتلة وإعلان الدولة الفلسطينية كاملة السيادة.

والثابت تاريخياً أنَّ أطماع اليهود الغربيين في العصر الحديث في الأراضي الفلسطينية بدأت منذ عام 1530 م عندما حاول اليهودي الإيطالي يوسف ناسي الذي كان يعتبر أغنى رجل في العالم حينها بناء مستعمرة لليهود الغربيين يفرون فيها من الاضطهاد الذي يتعرضون له في الغرب . ثمَّ بدأ اليهود الغربيون في ثمانينيات القرن التاسع عشر تبني نظريات جديدة في استعمار الأراضي الفلسطينية تقوم على فكرة استبدال محاولات السيطرة المدنية أو السلمية بالسيطرة المسلحة، وقد كان من أكبر الداعمين لهذه النظرية الحركة الصهيونية العالمية التي قالت إن اليوم الذي نبني فيه كتيبة يهودية واحدة هو اليوم الذي ستقوم فيه دولتنا. ففي أواسط العام 1880، قامت الحركة الصهيونية في أوروبا بتكوين مجموعة “عشاق صهيون”. كأول كتيبه يهوديه طالبت بإقامة دولة خاصة باليهود ، ورأى العديد من الصهاينة أن موقع هذه الدولة يجب أن يكون في المنطقة التي تعرف باسم فلسطين. وكانت فلسطين حينذاك جزءاً من الدولة العثمانية وتحظى بحكم محلي كولاية عثمانيه ، وكانت المنطقة مأهولة بالفلسطينيين العرب بشكل رئيسي.

لاقى هذا المشروع الصهيوني غضباً شعبياً عمَّ كل فلسطين، ورفضاً قاطعاً من كل الشخصيات السياسية آنذاك ، كان من بينهم زعماء سياسيين ودينيين وعسكريين ، وكانت تلك هي بدايات نشوء المقاومة الشعبية في فلسطين التي اكتسبت مداً شعبيا وتعاطفا عربياً كاسحاً من الشعوب العربية والقادة العرب.

أما بالنسبة للدول الغربية فقد رحبت بالمشروع الصهيوني في فلسطين ، فتلقى المشروع دعماً مالياً وعسكرياً ولوجستياً من دول كبرى مثل بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا، والتي رأت في الدولة العبرية التي يطمح الصهاينة لإنشائها في فلسطين حماية لمصالحها في المنطقة.

وحينما أعلن الشريف حسين بن علي الثورة ضد الأتراك بإسم العرب جميعاً تحت مبادئ الثورة العربية التي وُضعت بالاتفاق ما بين الشريف حسين وقادة الجمعيات العربية في بلاد الشام والعراق في ميثاق قومي عربي غايته استقلال العرب وإنشاء دولة عربية متحدة قوية ، وكانت فلسطين من ضمن المناطق المكونة لهذه الدولة المرتقبه. وقد وعدت الحكومة البريطانية العرب من خلال مراسلات حسين – مكماهون (1915) بالاعتراف باستقلال العرب ورفع العلم العربى ذى الألوان الأربعه إبتداءاً من يونيو 1917 فى الذكرى السنويه الأولى للثوره العربيه مقابل إشراكهم في الحرب إلى جانب الحلفاء ضد الأتراك. إلا أن بريطانيا نقضت عهدها للعرب ، وتمت المصادقة على اتفاقية سايكس بيكو ومن ثم وعد بلفور لتكريس الوجود الصهيوني في فلسطين ، وفصل الأخيرة عن محيطها العربي ومنحها لقمةً مستساغةً فى طبق من ذهب لتلامذة التلمود الذين أحسنوا المحاوره والمناوره والمداوره تماماً كما علمهم حيي بن أخطب ويهوذا الأمير..

ولقد تبنت إنجلترا منذ بداية القرن العشرين وبإلحاح سياسة إيجاد كيان يهودي سياسي في فلسطين يكون في المستقبل مشغلة للعرب ينهك قواهم ويورثهم الهم الدائم ويعرقل كل محاولة للوحدة فيما بينهم .وفى سبيل خدمةً أغراضها الإستراتيجيه ومصالحها التوسعيه فى الشرق الأوسط قامت بريطانيا بتحويل مسار هجرة يهود روسيا وأوروبا الشرقية الذين كانوا يتعرضون للاضطهاد إلي فلسطين وقامت بتوفير الحماية لهم والمساعدة اللازمة . وتوجت بريطانيا سياستها هذه بوعد بلفور الذي أطلقه وزير خارجيتها آنذاك آرثر جيمس بلفور بإسم ملكة بريطانيا لزعماء الحركة الصهيونية في الثاني من نوفمبر عام 1917 بتأسيس وطن قومي لليهود على أرض فلسطين.

ولقي هذا الإعلان معارضة العرب الشرسة ، ووجدت فلسطين نفسها فى المأزق الذي لا زال يكبلها حتى اليوم وتعددت المساعي الحميده والخبيثه علي السواء لحل المشكل العربى الإسرائيلي ومن ذلك ما يُعرف بخارطة تقسيم فلسطين  وهي من أولي المحاولات لحل النزاع على أرض فلسطين فى العام1947 بواسطة الأمم المتحده وقضت بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيه إلي ثلاثة كيانات جديدة ، أي تأسيس دولة عربية وأخرى يهودية على تراب فلسطين وأن تقع مدينتا القدس وبيت لحم في منطقة خاصة تحت الوصاية الدولية … وتوالت المحاولات التي دائماً ما تذروها الرياح …. كما توالت السنوات … ولاتزال السلطة الفلسطينية ومنذ تأسيسها عام 1994عقب إتفاقية غزه أريحا، تفاوض على قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وتقع في هاتين المنطقتين مدن فلسطينية كبيرة مثل القدس الشرقية وغزة ورام الله ونابلس والخليل. وتتخذ السلطة من مدينتي رام الله وغزة مقرا مؤقتا لمؤسساتها. وتشمل الضفة الغربية جغرافيا جبال نابلس و جبال القدس بما في ذلك الجزء الشرقي من مدينة القدس وجبال الخليل وغربي غور الأردن. وقد سمتها السلطات الأردنية بالضفة الغربية لأنها واقعة إلى الغرب من نهر الأردن بينما يقع معظم أراضي المملكة الأردنية الهاشمية شرقي النهر. أما قطاع غزة فهو شريط ضيق يمتد جنوب الشاطئ الفلسطيني على البحر المتوسط ذو الكثافة السكانية الأعلى بالعالم نتيجة لجوء أعداد كبيرة من فلسطينيي الداخل إليه بعد النكبة.

وتعتبر مكانة قطاع غزة السياسية معقدة بشكل خاص منذ انسحاب الجيش الإسرائيلي منها عام 2005 دون اتفاق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على طبيعة السلطة فيه، وكذلك بسبب استيلاء حركة حماس الراديكالية عليه رغم معارضة السلطة الفلسطينية لخطوة حماس تلك وما استتبع ذلك من صراع فلسطينى – فلسطيني لم يكن بطبيعة الحال في صالح القضيه برمتها. وتنفجر الأوضاع بشكل متزايد بين الحزبين الكبيرين_إن جاز التعبير_ فى فلسطين  حزب فتح وحزب حماس وبينهما ما بينهما من التنافس المضمر والأجنده الخفيه … فتاريخياً وفي العام 1964 تأسست منظمة التحرير الفلسطينية كمنظمة سياسية شبه عسكرية ، معترف بها في الأمم المتحدة والجامعة العربية وكممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين. وجاء تأسيسها بعد انعقاد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول في القدس نتيجة لقرار الجامعة العربية في اجتماعها الأول بالقاهرة عام 1964 لتمثيل الفلسطينيين في المحافل الدولية وهي تضم معظم الفصائل والأحزاب الفلسطينية تحت لوائها. ومن بينها حركة فتح والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية… وغيرها. ويعتبر رئيس اللجنة التنفيذية فيها رئيسا لفلسطين والشعب الفلسطيني في الأراضي التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة بالإضافة إلى فلسطينيي الشتات. وتجدر الإشارة هنا إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة الجهاد الإسلامي ليستا من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.

كان الهدف الرئيسي من إنشاء المنظمة، هو تحرير فلسطين عبر النضال المسلح إلا أن المنظمة تبنت فيما بعد فكرة إنشاء دولة ديمقراطية علمانية ضمن حدود فلسطين التي أقرتها سلطة الإنتداب البريطاني.

وفي العام 1988 تبنت منظمة التحرير رسميا خيار الدولتين في فلسطين التاريخية ، والعيش جنبا لجنب مع إسرائيل في سلام شامل يضمن عودة اللاجئين واستقلال الفلسطينيين على الأراضي المحتلة عام 1967 وتحديد القدس الشرقية عاصمة للدوله الفلسطينيه ، وبحلول العام 1993 قام رئيس اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير آنذاك ياسرعرفات بالاعتراف رسميا بإسرائيل، في رسالة رسمية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحق رابين ، في المقابل اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني. نتج عن ذلك تأسيس السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي تُعتبر من نتائج اتفاق أوسلو بين المنظمة وإسرائيل.

 أما  كفة الميزان الأخرى فتمثلها الحركة الإسلامية في فلسطين والتي يُعبِّر عنها فصيلان رئيسيان، هما حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وكانت نشأة حركة الجهاد الإسلامي ثمرة تدافع سياسي شهدته الحركة الإسلامية الفلسطينية أواخر السبعينات وقادته مجموعة من الشباب الفلسطيني أثناء وجودهم للدراسه الجامعية في مصر، وكان على رأسهم مؤسس الحركة فتحي الشقاقي.

في أوائل الثمانينات وبعد عودة الشقاقي وعدد آخر من السياسيين إلى فلسطين تم بناء القاعدة التنظيمية لحركة الجهاد وبدأ التنظيم خوض غمار التعبئة الشعبية والسياسية في الشارع الفلسطيني بجانب الجهاد المسلح ضد إسرائيل، كحل وحيد لتحرير فلسطين.

أما بالنسبة لحركة حماس فأعلن عن تأسيسها الشيخ أحمد ياسين في ديسمبر 1987، حيث اجتمع سبعة من كوادر وكبار قادة جماعة الإخوان المسلمين العاملين في الساحة الفلسطينية، وكان هذا الاجتماع إيذانًا بانطلاق حركة حماس وبداية الشرارة الأولى للعمل الجماهيري ضد الاحتلال.

واشتعلت الانتفاضة فى العام1987 وهي التي أعادت القضية الفلسطينية إلى الأجندة العالمية من جديد بعد سنوات من الإهمال السياسي. وكان من أهم نتائج هذه الانتفاضة إضافة إلى الخسائر المادية التي ألحقتها بإسرائيل أن أزالت الخوف من صدور الشباب الفلسطيني وأعادت خيار المقاومة المسلحة إلى صدارة الحلول المطروحة لحل المشكلة الفلسطينية.

وأثناء ذلك قام المجلس الوطني الفلسطيني في  نوفمبر 1988 بإعلان استقلال دولة فلسطين على جزء من أرض فلسطين التاريخية، تم ذلك خلال انعقاد الدورة التاسعة عشرة (دورة الانتفاضة) المنعقدة في الجزائر.ويطلق إعلاميا على إعلان الاستقلال بوثيقة إعلان الاستقلال التي كتبها الشاعر محمود درويش وقرأها الرئيس الراحل ياسر عرفات. ومع نهاية الإعلان عزفت موسيقي الجيش الجزائري النشيد الوطني الفلسطيني. بعدها قامت مائه وخمسة دول بالاعتراف بهذا الاستقلال، وقامت منظمة التحرير بنشر سبعين سفيراً فلسطينياً في عدد من الدول المعترفة بالاستقلال.

لكن لم يستمتع الفلسطينيون بالحكم الذاتي على علاته إلا بعد تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية بموجب إتفاق أوسلو الذى تم التوقيع عليه في واشنطن في سبتمبر 1993 على أساس إعلان المبادئ بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول الحكم الذاتي المرحلي ، وفي إطاره تم إعطاء الصلاحيات المدنية بشكل مؤقت لحين مفاوضات الوضع النهائي ، ويعول عليها أن تكون نواة الدولة الفلسطينية المقبلة على جزء من أرض فلسطين التاريخية وهي الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس، والتي طالما حلم بها الشعب الفلسطيني.

يقوم الفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) بانتخاب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وأعضاء المجلس التشريعي.

ويقوم الرئيس بتعيين المدعي العام ويختار رئيس الوزراء ويكون مسؤولا عن قوات الأمن والشرطة الفلسطينية ويقوم رئيس الوزراء باختيار مجلس الوزراء.

في الانتخابات التشريعية التي جرت في يناير 1996 حصل ممثلو حركة فتح على الأكثرية البرلمانية محتلين خمسه وحمسين مقعدا من أصل ثمانيه وثمانين ولم تشارك حركة حماس في الإنتخابات. وفي الانتخابات التشريعية التاليه في  يناير 2006 خسرت فتح الأكثرية البرلمانية في المجلس التشريعي الفلسطيني لتفوز بها حركة حماس بواقع سته وسبعين مقعداً من أصل مئه إثنين وثلاثين مقعداً ، مما أعطى حماس أغلبية في المجلس التشريعي ، وحيث لا تؤمن حماس بأي حق لليهود الذين أعلنوا دولتهم عام 1948 في فلسطين، ولكن لا تمانع في القبول مؤقتاً وعلى سبيل الهدنة بحدود 1967، ولكن دون الاعتراف لليهود الوافدين بأي حق لهم في فلسطين التاريخية.

وتعتقد حماس التي تتوزع قياداتها السياسية ما بين فلسطين والخارج أن مسيرة التسوية بين العرب وإسرائيل التي انطلقت رسميا في مؤتمر مدريد عام 1991 أقيمت على أسس خاطئة، وتعتبر اتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل والذي وقع عام 1993 ومن قبله خطابات الاعتراف المتبادل ثم تغيير ميثاق المنظمة وحذف الجمل والعبارات الداعية إلى القضاء على دولة إسرائيل تفريطا بحق العرب والمسلمين في أرض فلسطين التاريخية وبينما كانت المساعي تمضي حثيثة بدعم عربي للقضية الفلسطينية للوصول بتعقيداتها المتشابكة لتسوية سياسية مرضية لكن حماس بمواقفها الراديكالية المتطرفة أفسدت تلك الجهود الجادة وانحرفت بالقضية في مسار آخر تماماً يتسم بالصراع بين الطرفين فتح وحماس.

هذا الصراع المزمن يعيق الهدف الإستراتيجى  ممثلاً في عودة الأرض العربيه وهو صراع  بطبيعة الحال يعطل تسارع الخطى حثيثاً نحو تحقيق هذا الهدف الإستراتيجى بعيد المنال. وتعود جذور هذا الصراع عملياً بين الحركتين عندما وقع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مع إسرائيل عام 1994 إتفاق إعلان المبادئ الشهير بـ ” اتفاق غزة أريحا “، فقد أعلنت حركة حماس رفضها الاتفاق وقررت مواصلة عملها العسكري ضد إسرائيل، وهو بالطبع ما حولها بعد نشوء السلطة الفلسطينية بموجب تطبيق اتفاق إعلان المبادئ والملاحق التابعة له لقوة المعارضة الرئيسية في الأراضي الفلسطينية.

ومنذ تلك الفترة، بدأت المناوشات وحرب التصريحات الإعلامية تظهر على الساحة بين حركة ( فتح ) التي ذابت تماماً داخل جسد السلطة الفلسطينية وحركة ( حماس ) التي اعتمدت الخطاب الديني المتزمت خطاً لمسيرتها، وازدادت شدة الاحتدام عندما بدأت الأخيرة بشن عمليات تفجيرية في قلب الدولة العبرية، فردت السلطة الفلسطينية تحت ضغوط كبيرة من الحكومة الإسرائيلية والولايات المتحدة الأميركية بإعلان ( حماس ) تنظيماً محظوراً وشنت حملة إغلاق لمؤسساتها الخيرية والإعلامية واعتقلت العديد من كوادرها وأنصارها في الضفة الغربية وقطاع غزة.

في مارس 2002 اجتاحت القوات الإسرائيلية كافة مدن الضفة الغربية، ودمرت غالبية مقرات الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وهو ما ولد معه مستجدات على الساحة، واقتربت حركتا (فتح) و(حماس) وفقاً لذلك نوعاً ما من بعضهما، ونفذتا عمليات عسكرية مشتركة ضد إسرائيل ولكن مرحلة الانفجار والتوتر بين الحركتين تجددت مع إعلان حركة (حماس) قرارها بترشيح نفسها لخوض الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي عقدت عام 2006، بعد عشر سنوات من رفض الحركة المشاركة في الانتخابات التي أجريت 1996. وبالتالي بدأت الغيره السياسيه لحركة (فتح) تسري مسراها كما رأت فى ذلك تهديداً جديداً لوجودها، ومارس قادة حركة (فتح) ضغوطا على الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن من أجل إرجاء الانتخابات التشريعية تحسباً لفوز حركة حماس.

ومع إعلان فوز حماس بأغلب مقاعد المجلس التشريعي حينها ثارت قيادات وأنصار حركة فتح، واستخدموا بالتالي خطاباً إعلامياً عنيفاً ضد حماس حمل لغة المنافسة والتحريض والاستقطاب .

وفي ظل موجة من التصريحات والاتهامات المتبادلة ، انطلقت شرارة الاقتتال الداخلي فى الأول من أكتوبر العام 2006 وسمي هذا التاريخ بيوم “الأحد الأسود أو الدامي” حيث وقعت اشتباكات بين عناصر من القوة التنفيذية التي أسستها حركة (حماس) أثناء تشكيلها لحكومتها الأولى، وعناصر من الأجهزة الأمنية التابعة لحركة (فتح) .

ووصلت بعدها درجة التحريض والاحتقان للذروة، وكانت أرضية خصبة مهدت لوقوع اشتباكات اشد عنفاً، انتهت في يونيو2007 عندما أحكمت حركة حماس سيطرتها العسكرية على قطاع غزة. وهو ما أسس لمرحلة تحارب وتحريض غير مسبوقة بين الحركتين، وبات المواطن الفلسطيني والعربي يسمع مصطلحات جديدة يتبادلها الطرفان، مثل الانقلابيون والخونة والزمرة الفاسدة، وغيرها من الكلمات ذات الطابع الاستفزازي والمحرض وتقول منظمة العفو الدولية في آخر تقاريرها إن الصراع بين حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين يؤدي الى انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان.

والآن لا تزال الخلافات الفلسطينيه – الفلسطينيه تراوح مكانها . وتحت ظل هذا الصراع المتأجج بين فتح التي تتشبث ببضع كيلومترات ترزح تحت رحمة دولة الكيان فى الضفه ورام الله، وحركة حماس تنفرد بقطاع غزه فإن شقة الخلاف تتسع والخاسر الكبير هى القضيه الفلسطينيه فى المقام الأول والحال هكذا يفقد الشارع العربى والفلسطينى الثقه فى كلتا الحركتين التين كانتا يُعوَّل عليهما الكثير وليس التصارع على كراسى ليست كاملة الأهلية والعدو ينخر كالسوس مستثمراً لهذا الصراع فما بين الإتهامات التى تطعن فى أخلاقيات قادة فتح وسلوكياتهم فضلاً عن ذممهم الماليه على النحو الذى تحدث عنه مسئول أمنى سابق فى السلطه الفلسطينيه مما تناقلته وسائل الإعلام وقتها، و قضية إبن القيادى فى حركة حماس القابع فى السجون الإسرائيليه حسن يوسف الإبن الذى إسمه مصعب أصدر كتاباً أعلن فيه عمالته لإسرائيل وبدل إسمه إلى جوزيف بدلاً عن مصعب بعد أن إعتنق المسيحيه .. فتأمل كيف اخترقت إسرائيل فتح وحماس، وقبلها يذكر الناس الخلافات الشهيره بين الرئيس محمود عباس أبو مازن والرئيس الراحل ياسر عرفات وغير ذلك من الخلافات المتجدده بينما يري العالم كيف أسس هؤلاء اليهود لأنفسهم نظام حكم مستقر يرسخون به لأنفسهم في ظل هذا الصراع المخزي بين الإخوه الأعداء فتح وحماس.

وكل العالم شهد عمليات الإستيطان المستمره وعمليات ضم المقدسات الإسلاميه للتراث اليهودي، تخسر فتح وتخسر حماس وتخسر القضية الفلسطينية برمتها حينما تتصارع الثيران فى مستودع الخزف حيث المستفيد الأوحد هم هؤلاء التلامذه النجباء .. تلامذة التلمود.

(المصدر: مجلة البيان)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى