كتب وبحوث

تكوين الملكة اللُّغويّة

اسم الكتاب: تكوينُ المَلَكة اللُّغويَّة.

اسم المؤلف: د. البَشير عصام المراكشي.

عدد الصفحات: 228 صفحة.

الناشر: مركز نماء للبحوث والدراسات.

نبذة عن الكتاب:

لا يختلِفُ اثنانِ حَولَ أهميَّة اللُّغةِ العربيَّة في حِفظِ الهُويَّة الحضاريَّة للأمَّة، وفي رَبطِ حاضِرِها بالمَعينِ الأصليِّ لدينِ الإسلامِ، كما لا يختلِفُ عالِمان بأصولِ الاستنباطِ الأصوليِّ أنَّ أساسَ هذا الاستنباطِ ورُكنَه الرَّكينَ، هو المعرفةُ العميقةُ باللِّسان العربيِّ، سواءٌ أكان ذلك من جهةِ القَواعِدِ والمعلوماتِ، أو من جِهةِ الذَّوقِ والمَلَكات.

وهذا الكتاب (تكوينُ المَلَكة اللُّغويَّة) إسهامٌ من المؤلِّف لرَفعِ الوَعيِ بأهميَّة اللُّغة العربيَّة وعلومِها، ووضْعِ خُطَّة ومنهجٍ مُقتَرَح لتكوينِ مَلَكة لُغويَّة متينةٍ ومؤصَّلة.

وقد جعلَ المؤلِّفُ كتابَه بعد المقدِّمة في تمهيدٍ وبابينِ.

فذكَرَ أن المقصودَ من التمهيدِ هو التوطئةُ للكتابِ، وبحَثَ فيه مسألتينِ:

الأولى: مرتبةُ العربيَّة من الدِّين وعُلومِه، فأكَّد أنَّ الإسلامَ والعربيَّة مرتبطانِ لا ينفكَّان إلى أنْ يرِثَ اللهُ الأرضَ ومَن عليها؛ لأن العربيَّة هي الأساسُ الذي لا تقومُ مَعرفةُ الدينِ ومرادُ اللهِ مِن المكَلَّفين إلَّا عليه.

وأشارَ إلى قولِه تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2] وقولِه تعالى:{بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195].

أما الثانيَّة: فكانت عن معنى المَلَكة العِلميَّة عمومًا، واللُّغويَّة خصوصًا، وذكر أنَّ المعاجِم اللُّغويَّة لا تذكُر لفظَ المَلَكة بمعناها المقصودِ في البَحثِ، وأشار إلى أنَّ أصلَ لَفظِ (مَلَكة) يدلُّ على قوةٍ في الشَّيءِ وصِحَّة، وأنَّ اشتقاقَ المعنى الاصطلاحيِّ منه على هذا الأصلِ يُصبِحُ ظاهرًا لا خفاءَ فيه.

ثم عرَّفَ المَلَكة عامَّةً بأنَّها صفةٌ راسخةٌ في النَّفس، ثم عرَضَ لتَعريفِ المَلَكة اللُّغويَّةِ، والتي عرَّفَها بأنها: (سجيَّةٌ راسخةٌ في النَّفسِ تُمكِّنُ صاحِبَها من قوَّةِ الفَهمِ لدَقائِقِ الكلامِ العربيِّ الفصيحِ، وحُسنِ التَّعبيرِ عن المعاني المُختلِفة، بلسانٍ عربيٍّ سالمٍ مِن أوضارِ العُجمةِ ومفاسِدِ اللَّحنِ، مع القُدرةِ على الجَمعِ والتَّفريقِ، والتَّصحيحِ والإعلالِ، ونحو ذلك)

ثم بدأ المؤلِّفُ في تناوُل الباب الأول والمُعَنون له بـ (عَقَبات في طريقِ تكوينِ المَلَكة اللُّغويَّة)

وخصَّصه لدراسةِ تلك العَقَبات سواءٌ المرتبطةُ باللُّغةِ ذاتِها من جهةِ ما لَحِقَها من تطوُّراتٍ، مثل: اختلاطِ العرَبِ بغيرهم، والتأثُّرِ بالحضارات الأخرى، والتساهُلِ في الكلامِ بغيرِ العربيَّة، وغيرها من الأمورِ.

أو تلك العَقَبات المرتبِطة بوسائلِ تَحصيلِ المَلَكة، سواءٌ في الطريقةِ التقليديَّة، مثل: الانشغالِ بدراسة الألفاظِ على حسابِ المَضامينِ المقصودةِ بالأصالة، ونُدرة التَّطبيقِ، وضَعف تعليمِ المهارات اللُّغويَّة، مثل: مهارة الخَطابة، الإيجاز والإطناب عند الحاجةِ إليه، وتوليد المعاني البليغةِ وغَيرِها من المهارات.

أو في طريقةِ التَّدريس الأكاديمي، مثل: انشغال الأساتذة والطَّلَبة بدراسة المناهِج العلميَّة اللُّغويَّة على حسابِ المضمونِ اللُّغوي، وضَعف البرامِجِ الدراسيَّة الجامعيَّة، والانقطاع عن التُّراث، وإشكالات أساليبِ التدريسِ؛ مِن فصل العربيَّة عن الشَّريعة، وغياب التدرُّج العلمي، وقلَّة الحفظ والشُّروع في الكتب دون خَتمِها، وغيرها من الأمور.

ثم شرع في الباب الثاني، والذي هو أصلُ الكتابِ، وعَنْوَن له بـ (خُطَّة عمليَّة لتكوينِ المَلَكة اللُّغويَّة) وقسَّمَه إلى أربعةِ فُصولٍ:

في الفصل الأول تكلَّمَ عن الزَّادِ العلميِّ، وأوضح أنَّه سيذكُرُ فيه الحدَّ الأدنى الذي لا بدَّ من تحصيلِه لتحقيقِ المَلَكة اللُّغويَّة، مع ذِكرِ بعض الكُتُب والمراجِع لِمَن يريد التوسُّع.

فبدأ بالنَّحو والصرف: وفيه رَسَم المنهجَ المُقتَرَح، فأرشد أن تكون البداية بـ (مَتنِ الآجرُّوميَّة) مع شَرحِه (التُّحفة السَّنيَّة) للشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، ونبَّه إلى أنَّه لا يَدرُس الطَّالِبُ في هذه المرحلة شيئًا في الصَّرف.

ثم يقومُ في المرحلة التاليَّة بتلخيصِ كتابَي (شَرح شُذور الذَّهَب) و (شرح قَطْرِ النَّدى) لابنِ هشام في كرَّاسة واحدةٍ، فيها أهمُّ مقاصِدِ الكتابينِ، مع الاعتناءِ بإعرابِ الشَّواهد، والتَّعليقاتِ النَّافعة لمحقِّق الكتابِ الشَّيخ محيي الدين عبد الحميد.

أما في الصرف فيقرأُ بتمعُّن كتابَ (شَذا العَرْفِ في فَنِّ الصَّرْف) للحَملاوي، ثم يقرأ للتوسُّع والتَّطبيق كتابَ (التَّطبيق الصَّرفي) لعبده الرَّاجحي.

ثم المرحلة التاليَّة: والتي نَعَتَها بمرحلةِ الوصولِ، وأشار إلى أنَّها مرحلةُ أهلِ التخصُّص والرُّسوخ، وأنَّه لا يلزَمُ كُلَّ راغبٍ في تكوينٍ مَلَكَته اللُّغويَّة أن يَطرُقَها، ولكنَّه لا يستغني عن معرفةِ خُطوطِها العريضةِ، وأساسُ هذه المرحلة هي (مَتنُ ألفيَّة ابنِ مالكٍ) ورشَّحَ مِن شُروحِها (الشَّرح الميسَّر) لعبد العزيز الحربي؛ لفَك ِّعباراتِها، و (دليل السَّالك) للفوزان، و (شرح ابن عقيل) و (أوضح المسالك) لابن هشام، و (شرح الأشموني).

وذكر للتوسُّع (النحو الوافي) لعباس حسن، (التصريح على التوضيح) لخالد الأزهري، (المقاصد الشافيَّة) للشاطبي، وغيرها من الكتُبِ الموسَّعةِ.

أما في البلاغة، فبعد أن أشار إلى أنَّ عِلمَ البلاغة علمٌ قُرآنيٌّ في أصله نشأ في محاضِنِ إعجاز القرآنِ، ذكر تقسيمَه إلى ثلاثةِ عُلومٍ: البيان، والمعاني، والبديع، وأنَّ الأوَّلَينِ أولى بالعنايَّة من الثَّالث، وأشار كذلك إلى أنَّه ينبغي على الطَّالِبِ الحَذَرُ من الغَوصِ في كتابات المتأخِّرينَ في علم البلاغة، دون زادٍ مِن كتابات المتقَدِّمين.

ثم بدأ في خُطَّة الدراسة، وبَيَّنَ أنَّ أفضَلَ ما يبدأ الطَّالِبُ بدراسته: كتاب (البلاغة الواضحة)، ثم يعمِدُ إلى كتابِ (جواهر البلاغة) للهاشمي، مع تلخيص مقاصِده، ويختِمُ هذه المرحلةَ بالتعَرُّف على تاريخِ هذا العِلمِ مِن خلال كتابِ (البلاغة تطوُّر وتاريخ) لشوقي ضيف.

ثم مرحلة التوسُّط، واقترح فيها المؤلِّفُ الاعتناءَ بـ (نظم الجوهر المكنون) للأخضري، مع شرحِه (حليَّة اللُّب المصون)، ثم قراءة كتابِ (المنهاج الواضح في البلاغة) لحامد عوني، ثم تكميل المرحلة بكتابَينِ أشار إلى أنَّهما يُعَدَّان الأساس الذي بُنِيَ عليه هذا العِلمُ: (دلائل الإعجاز) و (أسرار البلاغة) كلاهما لعبد القاهر الجرجاني.

أمَّا مرحلةُ التوسُّع، فذكر فيها (متن التَّلخيص) للقُزويني، والذي هو للبلاغةِ ما لخلاصةِ ابنِ مالكٍ في النَّحو، حسَب تعبيرِ المؤلِّف.

وأمَّا بالنسبةِ لعِلمِ العَروضِ، فقد أشار المؤلِّفُ إلى أنَّ تكوينَ المَلَكة اللُّغويَّة ينبني- ولا بدَّ- على إتقانِ صَنعةِ الشِّعرِ، واكتسابِ مَلَكةِ تذوُّقه، والتمكُّن مِن نَقدِه؛ فإنَّ الشِّعرَ ديوانُ العَرَب الخالِد.

وذكر أنَّ الطَّالِبَ في المرحلةِ الأولى يعمِد إلى كتابِ (ميزان الذَّهَب في صناعة شعر العرب) للهاشمي، ثمَّ شَرْح كتاب (أهدى سبيل إلى علمَي الخليل) لمحمود مصطفى، ثم كتاب (شِفاء العليل في علم الخَليل) لمحمد بن علي المحلي.

وفي المرحلة الثانيَّة يحفَظُ منظومة (مجدد العوافي من رسمَي العروض والقوافي) للشنقيطي.

أمَّا للاستزادة فرشَّح (العيون الغامزة) للدماميني، و (الوافي في العروض والقوافي) للتبريزي، وغيرها.

 أمَّا الإملاءُ فبعد أن أشار إلى أنَّه ليس عِلمًا قائمًا، وإنما هو مجموعةٌ مِن القواعِدِ المُعِينةِ على الكتابة الصَّحيحة، اقتَرَح لدراسته كتابَ (قواعد الإملاء) لعبد السلام هارون، ثم أكَّد على إتقانِ القَواعِد بالممارسة العمليَّة.

وتناول في الفصل الثاني الزَّادَ اللُّغويَّ، وتكَلَّم فيه عن الدراساتِ اللُّغويَّة، وما يساعِدُ الطَّالِبَ على معرفةِ أصولِ عِلم اللُّغةِ وفِقهِ اللُّغة، واقتَرَح فيه قراءةَ كتابِ (دراسات في فقه اللُّغة) لصبحي الصَّالح، وكتابَي علي عبد الواحد (علم اللُّغة)، و (فقه اللُّغة)، وكتاب (فصول في فقه العربيَّة) لرمضان عبد التواب.

ثم تكلَّم عن معرفة الألفاظِ والتَّراكيب النَّافعةِ في الكتابة والخَطابة، وأشار إلى أنَّ أفضَلَ ما يُحفَظ في هذا الباب (نظم موطَّأة الفصيح) لمالك بن المرحل، ويُطالِع كتاب (الألفاظ الكتابيَّة) للهمداني، و (كفاية المتحفظ) لابن الأجدابي.

وفي حديثه عن المعاجِم اللُّغويَّة ذكر أنَّ أفضَلَ ما يبدأُ به الطَّالِبُ هو مرورُه السَّريع على كتابِ (المُعجم العربي- نشأتُه وتطوُّره) لحسين نصَّار، ثم اقتَرَح أن تكون البدايةُ في معجمٍ صغيرٍ مثل (المصباح المنير) للفيومي، أو (مختار الصِّحاح) للرازي.

ثم ذكر أنَّ تَحصيلَ المَلَكة اللُّغويَّة له تعلُّقٌ كبيرٌ بمقدار التبحُّر في نصوصِ الشَّريعة الأولى؛ لهذا فقد تكلَّم عن الاهتمامِ بالقُرآن الكريم، والسنَّة النبويَّة، وكلامِ السَّلَف، ونحو ذلك.

ثم تكلَّم عن الأدب، وأنَّ عُلومَ اللُّغة العربيَّة لا تنفَعُ دونَ ممارسةِ الأدَبِ، وأنَّه لا تُوجَد ممارسةٌ صحيحةٌ للأدب دون تمكُّنٍ مِن علوم العربيَّة.

ورشَّح أن تكونَ البدايةُ بقراءةِ مجموعةٍ مِن الكُتُب منها: (المنتخب من أدب العرب)، (الوسيط في الأدب العربي وتاريخه)، (جمهرة خطب العرب)، (جمهرة رسائل العرب)، ونحوها.

ثم المرحلة التاليَّة، وفيها حِفظُ المُعَلَّقات، ومُطالعة بعض الكتُب؛ مثل: (كَليلة ودِمْنة)، (البيان والتبيين)، (الكامل) للمبَرِّد، وغيرها، ثم مُطالعة بعضِ كُتب المعاصرين، كـ (تاريخ الأدب العربي) لأحمد حسن الزيات، و (أباطيل وأسمار) لأبي فِهر، وما شابَهَها.

وفي الفصل الثالث الدُّربة التطبيقيَّة، وفيه تناولَ الحديثَ عن التعبيرِ الشَّفَوي والكتابي، وطُرُق تنميتِهما.

أما الفصل الرابع فكانَ مُخصَّصًا للتَّمثيلِ ببعضِ المَلَكات اللُّغويَّة الفرعيَّة، فتكلَّم عن مَلَكة الفَهمِ الاستنباطيِّ، ومَلَكة تحديدِ السِّياق الزَّماني للنصِّ، ومَلَكة الرَّبطِ بين المعنى والإعراب النَّحوي، ومَلَكة تحليلِ المادة اللُّغويَّة باعتمادِ القَواعدِ البلاغيَّة، ومَلَكة التَّعبير اللُّغوي السَّليم عن المعاني الحادِثة.

ثم الخاتِمة وملحَق بقائمةِ كُتبٍ للقراءة في اللُّغةِ والأدب؛ منها:

في النحو والصرف: (نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة) لمحمد الطنطاوي، (جامع الدروس العربيَّة) للغلاييني، (المغني في تصريف الأفعال) لعضيمة، (شرح المُفصَّل) لابن يعيش، وغيرها.

وفي البلاغة: (مدخل إلى كتابَي عبد القاهر الجرجاني)، (التصوير البياني)، (خصائص التركيب)، ثلاثتُهم لمحمد محمد أبي موسى، (ديوانُ المعاني) للعسكري.

وفي العلوم الشرعيَّة: (التحريرُ والتنوير) لابن عاشور، (مُختَصر البخاري) للزبيدي، (مُختصَر مسلم) للمُنذري، (سِيَر أعلام النبلاء) للذَّهبي، وغيرها.

في الأدب: (أدب الكاتب)، و (الشعر والشعراء): كلاهما لابن قتيبة، (شرح ديوان الحماسة) لأبي تمام للمرزوقي، (شرح مقامات الحريري) للشريشي، (مقامات بديع الزمان الهمذاني)، (مؤلفات الطنطاوي)، (آثار الإمام البشير الإبراهيمي).

المصدر: الدرر السنية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى