أخبار ومتابعات

تشييع جثمان العلامة الأرناؤوط في العاصمة عمّان

شيّع امس بعد صلاة الجمعة في مسجد الفيحاء في الشميساني بالعاصمة الأردنية عمّان جثمان الراحل فضيلة الشيخ العلامة شعيب الارناؤوط عن عمر يناهز 88 عاما، وقد بلغ ما حقَّقه الشيخ شعيب الأرنؤوط أو أشرف على تحقيقه، نيِّفاً وأربعين ومئتي مجلد، شملت كتب السُّنة النَّبوية، والفقه، وتفسير القرآن، والتَّراجم، والعقيدة، ومصطلح الحديث، والأدب وما إلى ذلك.

السيرة الذاتية للراحل العلامة الارناؤوط:

ولد الشيخ شعيب الأرناؤوط في مدينة دمشق سنة 1928 ونشأ في ظل والدية نشأة دينية خالصة، تعلم في خلالها مبادئ الاسلام ، وحفظ أجزاء كثيرة من القرآن الكريم، ولعل الرغبة الصادقة في الفهم الدقيق لمعاني القرآن الكريم، وإدراك أسراره، هي من أقوى الأسباب التي دفعته إلى دراسة اللغة العربية في سن مبكرة ، فمكث ما يربو على السنوات العشر يختلف إلى مساجد دمشق ومدارسها القديمة، قاصدا حلقات اللغة في علومها المختلفة، من نحو وصرف وادب وبلاغة وما إلى ذلك.

تتلمذ الشيخ في علوم العربية لكبار أساتذتها وعلمائها في دمشق آنذاك، منهم الشيخ صالح الفرفور، والشيخ عارف الدوجي – اللذان كانا من تلاميذ علامة الشام في عصره الشيخ بدر الدين الحسني – فقرأ عليهم أشهر مصنفات اللغة والبلاغة العربية؛ منها: شرح ابن عقيل، و(كافية) ابن الحاجب، و(المفصل) للزمخشري، و(شذور الذهب) لابن هشام، وأسرار البلاغة و(دلائل الإعجاز) للجرجاني.

ممن قرأ عليه أيضا: الشيخ سليمان الغاوجي الألباني، الذي كان يشرح لطلابه كتاب (العوامل) للبركوي، و(الإظهار) للأطهلي، وغيرهما. بعد هذه الرحلة الطويلة الشاقة مع العربية، اتجه الشيخ لدراسة الفقه الإسلامي، فلزم أكثر من شيخ يقرأ عليه كتب الفقه، ولا سيما تلك المصنفة في الفقه الحنفي، مثل: (مراقي الفلاح) للشرنبلالي، و(الاختيار) للموصلي، و(الكتاب) للقدوري، وحاشية ابن عابدين. استغرقت دراسته للفقه سبع سنوات أخرى، تخللها دراسة أصول الفقه، وتفسير القرآن، ومصطلح الحديث، وكتب الأخلاق، وكان في تلك المرحلة قد جاوز الثلاثين.

لمس الشيخ – في أثناء دراسته للفقه – القصور الواضح عند شيوخه ومن عاصرهم في معرفة صحيح الحديث من سقيمه، وذلك جعله يدرك أهمية التخصص في علم السنة ليتسنى تحقيق كتبها، ومن ثم تمييز صحيحها وضعيفها، فعقد العزم على الاضطلاع بهذه المهمة الصعبة، فترك لأجلها مهنة تدريس اللغة العربية التي كان يزاولها منذ سنة 1955م، وفرغ نفسه للاشتغال بتحقيق التراث العربي الإسلامي.
كانت بدايته الأولى في (المكتب الإسلامي) بدمشق سنة 1958م، حيث رأس فيه قسم التحقيق والتصحيح مدة عشرين عاما، حقق فيها أو أشرف على تحقيق ما يزيد على سبعين مجلدا من أمهات كتب التراث في شتى العلوم. ثم بدا له أن ينتقل إلى العمل مع مؤسسة الرسالة في مكتبها بعمان سنة 1982 م، ليترأس من جديد قسم تحقيق التراث التابع لها، فكان عمله فيها أنضج وأرحب مدى، ويمكن القول: إن أهم إنجازاته في تحقيق التراث قد تمت في أثناء عمله في هذه المؤسسة التي تعد بحق رائدة بعث التراث العربي الإسلامي.

ولعل ما كتبه بشار عواد معروف في مقدمته لكتاب سير أعلام النبلاء في معرض حديثه عن تحقيق الكتاب، يجلي نواحي مهمة من طبيعة العمل الذي نهض به الشيخ الأرنؤوط في قسم تحقيق التراث بالمؤسسة، يقول: ‘ثم توج عمله – صاحب الرسالة – بأن ندب لمراجعة الكتاب والإشراف على تحقيقه، عالما بارعا، متأبها عن الشهرة، قديرا على تذليل الصعاب، فطينا لإيضاح المبهم، كفيا بتيسير العسير، هو الأستاذ المحدث الشيخ شعيب الأرنؤوط، وقد عرفت لهذا العالم فضله الكبير على هذا السفر النفيس، آثر ذي أثير حين اشترط أن يقام التحقيق على أفضل قواعده وهو فارس هذا الميدان الخطير الذي ضرب آباطه ومغابنه، واستشف بواطنه.
انا لله وانا اليه راجعون

المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى