كتابات

الإسلام والآخر

 

بقلم د. محمد عمارة

المسلمون – وأحيانًا الإسلام – متهمون في الكثير من دوائر الفكر الغربي، وكل دوائر الفكر العلماني، بالتعصب المقيت، وإنكار الآخر، وتكفير الآخرين، ولقد شاعت وتشيع هذه الاتهامات على ألسنة وأقلام غلاة العلمانيين في بلاد الإسلام، يستوي في ذلك المسلمون وغير المسلمين من هؤلاء العلمانيين الغلاة.

وإذا كان تحرير وتحديد المفاهيم – مفاهيم المصطلحات – هو الطريق الآمن لأي حوار حقيقي، بل ولاكتشاف مساحات الاتفاق والاختلاف بين مختلف الفرقاء – فلنبدأ بتحرير مضمون ومفهوم مصطلح “التكفير”.

إن “الكفر” هو نقيض “الإيمان”؛ فكل مؤمن بشيء هو بالضرورة كافر وجاحد ومنكر لنقيض هذا الشيء؛ فالمؤمن بالتثليث كافر بالتوحيد، والمؤمن بالتوحيد كافر ومنكر لعقيدة أن عزيرًا ابن الله، والعكس صحيح.

والمؤمن بأن عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله، منكِر وجاحد وكافر بأن عيسى ابن الله، وإله، والعكس صحيح، والمنكر لكون القرآن الكريم وحيًا إلهيًّا، ولكون محمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولًا، هو بالضرورة كافر بالإسلام دينًا سماويًّا.

وكذلك الحال في ميدان المذاهب والفلسفات و”الأيدلوجيات”؛ فالمؤمن بالفاشية والنازية كافر بالديمقراطية، والعكس صحيح، والمؤمن بالشيوعية كافر بالليبرالية، والعكس صحيح؛ فكل مؤمن بشيء هو كافر بنقيضه؛ أي إن كل إنسان من غير الإداريين هو في الحقيقة مؤمن وكافر في ذات الوقت؛ فالكفر ليس سبَّةً ولا نقيصة بإطلاق وتعميم، ولكن المعيار هو كفر بماذا؟ وكذلك الإيمان، ليس ميزة وإيجابية بإطلاق وتعميم، وإنما العبرة فيه هي: الإيمان بماذا؟

ولقد عبَّر القرآن الكريم عن هذه الحقيقة، التي يجهلها البعض، ويتجاهلها الكثيرون، عندما صور الإيمان والكفر وجهين لعملة واحدة، فقال: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 256].

فكل مؤمن بالله الواحد الأحد هو كافر بالطاغوت والطواغيت، والعكس صحيح.

فأين هي التهمة – إذًا – في أن يصنِّف المسلمون مَن يكفُرون بالإسلام دينًا سماويًّا وبالقرآن وحيًا إلهيًّا، وبمحمد بن عبدالله نبيًّا ورسولًا في عِداد الكافرين بهذا الذي هم به كافرون وله منكرون وجاحدون؟!

ألا يصنِّف المؤمنون بالتثليث أهل التوحيد الخالص – المنكر للتعدد والحلول والاتحاد – في عِداد الكافرين بهذا التثليث، بل وألا تعتبر المذاهب النصرانية الكبرى – الأرثوذكسية، والكاثوليكية، والبروتستانتية – فضلًا عن الأريوسية[1] – المخالف لها في “قانون الإيمان” كافرًا بهذا “القانون” – الذي هو جوهر وجماع أصول الاعتقاد – داخلًا في “الحرمان الديني” الذي هو الكفر والتكفير؟!

لقد رفض قساوسة دير “سانت كاترين” – بسيناء – وهو من الروم الأرثوذكس – أن يصلي بابا الفاتيكان والحبر الأعظم للكاثوليكية – يوحنا بولس الثاني 1921 – 2005م – داخل الدير – عند زيارته له في فبراير سنة 2000م؛ لأنه في نظرهم غير “مؤمن” حسب مقاييسهم للإيمان، وما هي إلا شهور معدودة، حتى صدر عن الفاتيكان ما يؤكد أن هذا هو الموقف الطبيعي والمتبع بين كنائس النصرانية، فصدر في سبتمبر سنة 2000م القرار الذي يؤكد ويعلن أن الكنائس غير الكاثوليكية “ليست كنائس بالمعنى الصحيح، وأن الخلاص في اليوم الآخر محصور في الكنيسة الكاثوليكية وحدها”[2].

ناهيكم عن موقف كل هذه الكنائس من الإسلام والمسلمين؛ فهم فضلًا عن تكفير المسلمين -لجحدهم الإسلام كدين، وكفرهم بالقرآن وحيًا إلهيًّا، وبمحمد نبيًّا ورسولًا – يمارسون ويعلنون كفر وتكفير بعضهم البعض داخل النصرانية الواحدة.

يحدث هذا اليوم، بينما فتح رسول الله مسجد النبوة – بالمدينة المنورة – قبل أربعة عشر قرنًا – فصلى فيه نصارى نجران صلاة عيد الفصح[3]، ومع ذلك لا يستحي غلاة العلمانيين من تخصيصهم الإسلام والمسلمين بهذا الابتزاز..

تلك هي حقيقة الزيف والافتراء اللذين يخص بهم الفكر العلماني والإعلام الغربي الإسلام والمسلمين، يخصونهم بالتعصب، ونفي الآخر، وضيق الصدر والأفق، والتكفير للآخرين.

بل ويحدث هذا الافتراء على الرغم من امتلاء أدبيات الإسلام بالتحذير من المسارعة إلى التكفير، حتى ليقول الإمام محمد عبده (1266 – 1323هـ/ 1849 – 1905م): “لقد اشتهر بين المسلمين وعرف من قواعد أحكام دينهم أنه إذا صدر قول من قائل يحتمل الكفر من مائة وجه، ويحتمل الإيمان من وجه واحد، حمل على الإيمان، ولا يجوز حمله على الكفر”[4].

ومن قبله قال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي (450 – 505هـ/ 1058 – 111م): “ينبغي الاحتراز من التكفير ما وجد الإنسان إلى ذلك سبيلًا؛ فإن استباحة الدماء والأموال من المصلين إلى القبلة، المصرحين بقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، خطأ، والخطأ في ترك ألف كافر: أهونُ من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم”[5].

كما يقول الإمام النووي (631 – 676هـ/ 1233 – 1277م) في شرحه لصحيح مسلم مخاطبًا كل مسلم، ومحذرًا له من الحكم على ما في القلب والضمير: “إنك إنما كلفت بالعمل بالظاهر، وما ينطق به اللسان، وأما القلب فليس لك طريق إلى معرفة ما فيه”.

ويجمع علماء الأمة الإسلامية على أن حكم الكفر إنما يلقى على “المقولة”، وليس على “القائل” لهذه المقولة؛ إذ ربما يكون لديه تأويل، حتى ولو كان فاسدًا، فهذا التأويل – حتى الفاسد منه – يخرج قائل الكفر فضلًا عن ناقله من عداد الكفار؛ لأن التأويل الفاسد شبهة، والحدود تُدرَأُ بالشبهات.

لكن ابتزاز الإسلام وحده يصل إلى حد إرهاب علماء الإسلام بأنهم “مكفراتية”، ويصدر هذا الابتزاز من الذين يعلنون – نعم يعلنون – أنهم قد اختاروا مقولات ونظريات وفلسفات الكفر البواح؛ فالماركسية – مثلًا – مؤسسة على الفلسفة المادية؛ فهي تفسر الكون والخلق والحياة وفق “المادية الجسدية”، وتفسر التاريخ وفق “المادية التاريخية”، وتعلن في كل أدبياتها “أن المادة مستكفية بنفسها، مستغنية عن خالق يوجدها… وأي دفاع أو تدبير لفكرة الله – مهما كان جيدًا ومهما حسنت نواياه – هو تدبير للرجعية”[6].

والماركسيون الذين عقدوا – بمصر – ندوة فكرية كبرى – عقب سقوط الاتحاد السوفيتي – قد أعلنوا أن الذي سقط هو “التطبيق السوفيتي للاشتراكية”، أما أسس الماركسية، وخاصة المادية الجدلية والمادية التاريخية، فإنها “علم” لا يراجع ولا يلحقه السقوط، هؤلاء الماركسيون، الذين أعلنوا أن الكفر والإلحاد وإنكار وجحود كل إيمان ديني هو “علم” لا يراجع، هم في مقدمة الذين يبتزون علماء الإسلام، زاعمين أن لديهم هم “صحيح الدين”، في حين يعلم الله مدى جهلهم المطبق حتى بقواعد الاستنجاء! لكنه الابتزاز الذي افتقر أهله إلى أدنى درجات الحياء.

إنهم يتجاهلون – ولا أقول: يجهلون – أن الإيمان الديني – كأي لون من ألوان الانتماء – له شروط وواجبات وصفات، فمن يدعي الانتماء إلى حزب ماركسي، بينما هو يعلن بالقول والعمل أنه ضد الفلسفة المادية، والمِلكية الجماعية، والصراع الطبقي، وديكتاتورية البروليتاريا – لن يصدق عاقل انتماءه إلى الماركسية وأحزابها، وكذلك الحال مع من يعلن انتماءه إلى الليبرالية، على حين لا يؤمن بالمِلكية الفردية، والحرية الاقتصادية، وفائض القيمة، لا يمكن أن يكون ليبراليًّا رأسماليًّا.

إن أحدًا لن يصدق “مكارثي” إذا أعلن أنه شيوعي! ولن يصدق أحد “ستالين” (1879 – 1953م) إذا ادعى أنه ليبرالي رأسمالي، وليس هناك عاقل يمكن أن يصدق “هتلر” (1889 – 1945م) أو “موسوليني” (1883 – 1945م) إذا أعلنا انتماءهما إلى الديمقراطية.

وكذلك الحال مع الانتماء إلى الإيمان بالإسلام؛ فالذين لم يرَ أحدهم راكعًا ولا ساجدًا لله، ولا داعيًا إلى عقائد الإسلام، ولا ملتزمًا بأركانه المميزة لأهله عمن سواهم – هل يعقل عاقل انتماءهم إلى الإسلام، مهما ألحوا في ابتزاز علماء الإسلام، وإرهابهم، وتخويفهم من سلاح التكفير.

صحيح وحق وواجب ضرورة الحذر الإسلامي من المسارعة إلى التكفير، “فلا يسارع إلى التكفير إلا الجهلة” – كما يقول حجة الإسلام أبو حامد الغزالي، وصحيح وحق وواجب – أيضًا – أن يقف التكفير عند تكفير “المقولات” دون “القائلين”؛ إذ ربما كان لهؤلاء القائلين تأويل، حتى ولو كان فاسدًا، فالتأويل الفاسد شبهة، والحدود تُدرَأ بالشبهات، لكن كل هذا خاص بالذين لا يعلنون انتماءهم إلى الكفر الصريح البواح، “ونضالهم” في سبيل الإلحاد، في تيارات الفكر المادي المعاصر من هو “غني عن التكفير”، كما أن في الناس من هو “غني عن التعريف”.

هذا عن تهمة الكفر والتكفير.

أما تهمة “إنكار الآخر”.. التي شاع ويشيع اتهام المسلمين بها، فإنها تعني إنكار حق الآخر في الوجود، والسعي إلى استئصاله، أو على الأقل استثنائه من المشاركة في العمل العام، وهنا يرد التساؤل، بل والتساؤل الإنكاري والاستنكاري:

  • من في الواقع المعاصر بل القديم هو الذي ينكر الآخر؟ ومن الذي يستأصل الآخر ويستثنيه؟
  • إن واقع الحال المعاصر يقول – بكل ألسنة الحال والمقال -: إن المسلمين هم ضحايا الإنكار والاستثناء والاستئصال؛ فكثير من البلاد الإسلامية التي أخذت بالتعددية الحزبية – تسمح بكل الأحزاب التي تمثل كل “الأيدلوجيات”، لكنها تستثني الإسلاميين الذين ينطلقون من الدعوة إلى الشريعة الإسلامية، وإسلامية الدولة والقانون والاجتماع.. ومسموح لأي جماعة أو جمعية أو حزب أن يرى الاشتراكية هي الحل، أو الليبرالية هي الحل، أو القومية هي الحل، أما أن ترى جماعة أو جمعية أو حزب أن الإسلام هو الحل، فذلك محظور وممنوع.

يحدث هذا حتى في بعض البلاد التي تنص دساتيرها على “أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام”، وعلى “أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع”، ومع ذلك يسمح فيها بالأحزاب التي تدعو إلى مختلف “الشرائع” والفلسفات، باستثناء الحزب الذي يدعو إلى شريعة الإسلام.

وكثير من المؤسسات الثقافية والفكرية، التي يقبض على زمامها العلمانيون، نجد فيها كل ألوان الطيف الفكري والفلسفي و”الأيديولوجي”، بينما الاستثناء والإقصاء والاستئصال خاص بالإسلاميين، ومرجعية “وأيديولوجية” الإسلام.

وكثير من البلاد “الإسلامية – العلمانية” وشبه العلمانية تأتمن المدرسين الماركسيين والملاحدة على التدريس لأبنائها – في المدارس والجامعات – وصياغة عقول ووجدانات شبابها – بمؤسساتها الثقافية والإعلام – بينما تحرم المتدينين من هذا العمل، فتحيلهم إلى الأعمال الإدارية، وتُبعدهم عن مهنة التربية والتعليم، والتثقيف والإعلام!

وفي بعض هذه البلاد الإسلامية، تصل هيمنة الماركسيين وغلاة العلمانيين على أجهزة الثقافة إلى الحد الذي يجعل جوائز الدولة كلأً مباحًا للماركسيين والعلمانيين – بل والبهائيين – بينما هي حرامٌ على علماء الإسلام ومفكريه!

وكل الدول “الديمقراطية” في الغرب “الديمقراطي” ترضى عن نتائج الانتخابات – النيابية والنقابية – في العالم الإسلامي، يمينًا كانت أو يسارًا توجهات الفائزين في هذه الانتخابات، اللهم إلا إذا جاءت صناديق الاقتراع بالإسلام والإسلاميين، فهنا يصل الإنكار والإقصاء والاستئصال إلى حد تأييد “الديمقراطيين” الغربيين للانقلابات الفاشستية على إرادة الشعب والانتخابات الديمقراطية النزيهة! كذلك الحال مع الحق الفطري والديمقراطي في “تقرير المصير”؛ فهو مطلب ديمقراطي يسعى إليه الغرب الديمقراطي، بل ويفرضه أحيانًا، كما حدث في “تيمور الشرقية” سنة 2000م وسكانها أقل من مليون، وجنوب السودان سنة 2011م، لكن هذا الغرب “الديمقراطي” سيستثني الشعوب المسلمة من الحق الطبيعي والديمقراطي في “تقرير المصير”.

وشواهد هذا الاستثناء والإقصاء تغطي خريطة المعمورة؛ من كشمير إلى الفلبين إلى بورما إلى الشيشان والقوقاز وتركستان، وحتى فلسطين، ومثل ذلك يحدث على جبهة حقوق الإنسان، فمن حق كل إنسان وشعب وأمة أن يختار القانون الذي يحكم حياته ودولته ومجتمعه، اللهم إلا إذا كان هذا القانون هو الشريعة الإسلامية، فهنا يصبح هذا الحق الطبيعي – في نظر “الديمقراطية” الغربية والحرية الليبرالية – تطرفًا وتشددًا ورجعية وماضوية وظلامية و”أصولية مرذولة”، بل وانقلابًا على حقوق الإنسان!

إن الرؤى الإسلامية للكون ترى التنوع والاختلاف والتمايز سنةً من سنن الله التي لا تبديل لها ولا تحويل.

فالناس شعوب وقبائل وأمم وجماعات؛ ليتعارفوا ويتعايشوا، وهم – في الألسنة واللغات – يختلفون ويتمايزون؛ أي: إنهم قوميات متعددة ومتنوعة، واختلافهم هذا آية من آيات الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ﴾ [الروم: 22].

وهم من الملل والشرائع الدينية مختلفون إلى أن يرِثَ الله الأرض ومن عليها:

﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [المائدة: 48].

وصورة العالم – في الرؤية الإسلامية – أنه “منتدى حضارات وثقافات”؛ لأن اختلاف المناهج – الذي قرنته الآية القرآنية باختلاف الشرائع – هو التعبير القرآني عن سنَّة التنوع والاختلاف في الثقافات والحضارات؛ فالناس سعيهم شتى.

﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾ [الليل: 4].

﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 148].

﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [المائدة: 48].

ذلك هو موقف الإسلام من التنوع والتعدد، والتمايز والاختلاف، الذي تأسس عليه موقف الإسلام من الآخَر، على النحو الذي رأيناه في “صورة الآخر الديني” يهوديًّا، ونصرانيًّا، بل وكذلك الديانات الوضعية التي عاملها المسلمون – منذ صدر الإسلام – معاملة أهل الكتاب؛ وذلك عملًا بما رواه عبدالرحمن بن عوف عن الرسول صلى الله عليه وسلم: ((سنوا بهم سنة أهل الكتاب))، وفي صورة “الآخر الحضاري” و”الآخر القومي” و”الآخر الثقافي” عندما رأى الإسلام وأمته وحضارته العالم “منتدى ديانات وثقافات وقوميات وحضارات” تتفاعل وتتعاون وتتعارف فيما هو مشترك إنساني عام، وتتمايز وتختلف وتتنوع فيما هو من الخصوصيات الثقافية والهويات الحضارية والدينية.

على حين رأينا موقف اليهودية والتلمودية والتوراتية من الأغيار – كل الأغيار – وموقف النصرانية الغربية من الإسلام، وموقف النزعة المركزية الحضارية الغربية من الآخر الحضاري والثقافي، وخاصة عندما يكون إسلاميًّا.

لقد ضاق الغرب حتى بالتعددية المذهبية داخل النصرانية ذاتها؛ فامتدت الحروب الدينية بين الكاثوليكية والبروتستانتية أكثر من قرنين، واشتهر منها إحدى عشرة حربًا (1562 – 1563م) و(1567 – 1568م) و(1569 – 1570م) و(1572 – 1573م) و(1574 – 1576م) و(1576 – 1577م) و(1580) و(1585 – 1594م) و(1586م) و(1621م) و(1625 – 1629م).

ولقد هلك وأبيد في هذه الحروب – داخل الدين الواحد – نحو 40% من شعوب وسط أوروبا؛ أي: نحو عشرة ملايين – حسب إحصاء الفيلسوف الفرنسي “فولتير” (1694 – 1778م) [7]، بينما لم يتعدَّ عدد الذين قتلوا في جميع غزوات وحروب الإسلام ضد الشرك والمشركين طوال غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهداء المسلمين وقتلى المشركين – 386 قتيلًا فقط لا غير.

ولو أن المشركين تركوا المسلمين وما يدينون، ولم يفتنوهم في دينهم، ولم يُخرجوهم من ديارهم، لَمَا أسال الإسلام قطرة دم واحدة من “الآخرين”.

ومع كل هذا الذي أشرنا إليه – عن موقف الإسلام من الآخر، وموقف الآخرين من الإسلام – نرى دعاوى المفترين والمنافقين تترى، واضعة الإسلام وأمته وحضارته في قفص الاتهام، حتى لقد أصبح الكذب في هذه القضية مصدرًا يرتزق منه الكذبة والمنافقون، وصدق الله حيث يقول: ﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾ [الواقعة: 82].

فمن هو الذي يعترف بمن؟ ومن الذي يتخذ من الآخر موقف الإنكار، وموقع الاستئصال؟

♦♦♦♦♦

وإذا كانت الحقيقة في الموقف من الآخر قد وضحت، والإجابة عن هذا السؤال قد اتضحت – فجدير بنا أن ننبه على حقيقة أخرى، تتألق بها عظمة الإسلام وإنصافه وعدله وإنسانيته، وهي حرص الإسلام على عدم التعميم والإطلاق في الحكم والتقويم للآخر – كل آخر، فمع هذا الذي قاله غير المسلمين في الإسلام وصنعوه بالمسلمين، يدعو القرآن الكريم إلى عدم التعميم في الحكم عليهم، فيقول:

﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 113 – 115].

فيجب ألا نضعَ هؤلاء في سلة الملعونين:

﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79].

وكذلك الحال مع النصارى؛ فمنهم من قال عنهم القرآن الكريم:

﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [المائدة: 82، 83].

ومنهم الذين بلغ بهم الغلوُّ حدَّ الكفر والشرك:

﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 72، 73].

وكذلك الحال مع الغرب الحضاري؛ إذ يجب أن نميز في الغرب بين:

  • الإنسان الغربي، وهذا لا مشكلة بين الإسلام وبينه، بل إنه يفتح قلبه وعقله لقضايانا العادلة، بل ولدِين الإسلام، إذا نحن نجحنا في تبليغ الدعوة وإقامة الحجة، وإزالة الشبهة عن قضايانا وعقائد ديننا.
  • والعِلم الغربي – وخاصة منه العلوم الطبيعية والدقيقة والمحايدة – وكذلك الخبرات والنظم التي حققت الحضارة الغربية فيها تراكمًا معرفيًّا هائلًا وعظيمًا، فلا بد من طلب هذا العلم، والسعي لتحصيل هذه الحكمة، التي هي ضالة المؤمن، أنى وجَدها فهو أحق بها؛ لأنها مشترك إنساني عام.
  • أما المشكلة – كل المشكلة – فهي مع المشروع الغربي، الذي يريد إلغاء المشروع الإسلامي؛ أي: الذي يريد إلغاء الآخر الحضاري للأمم والشعوب غير الغربية، وفرض النموذج الحضاري الغربي علي العالمين.

فالتمييز بين فصائل الآخر وتياراته فريضة إسلامية، يقتضيها العدل والإنصاف، وصدق الله العظيم إذ يقول:

﴿ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الممتحنة: 7 – 9].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 135].

وإذا جاز لنا أن نختم هذه الصفحات “بشهادات غربية” على عمق الموقف الغربي الرافض للآخر الإسلامي، فإننا نكتفي بشهادة جنرال بريطاني، وكاتب في تاريخ العرب والفتوحات الإسلامية، هو “جلوب” باشا (1897 – 1986م)، الذي أعلن أن مشكلة الغرب مع الشرق إنما ترجع إلى ظهور الإسلام، فقال: “إن تاريخ مشكلة الشرق الأوسط إنما يعود إلى القرن السابع للميلاد”.

وشهادة عميد الاستشراق الفرنسي المعاصر “جاك بيرك” (1910 – 1995م)، الذي تحدث عن الرفض الغربي.. والإنكار.. والاستبعاد.. والاتهام للإسلام.. فقال: “إن الإسلام الذي هو آخر الديانات السماوية الثلاث، والذي يَدين به أزيد من مليار نسمة في العالم، والذي هو قريب من الغرب جغرافيًّا، وتاريخيًّا، وحتى من ناحية القيم والمفاهيم – قد ظل، ويظل حتى هذه الساعة، بالنسبة للغرب، ابن العم المجهول، والأخ المرفوض.. والمنكور الأبدي.. والمبعد الأبدي.. والمتهم الأبدي.. والمشتبه فيه الأبدي”[8].

وهي “شهادات” يثني عليها ويؤكدها المفكر القومي العربي “ميشيل عفلق” (1328 – 1409هـ/ 1990 – 1989م) عندما يقول: “إن أوربا اليوم، كما كانت في الماضي، تخاف على نفسها من الإسلام، وإن المنافسة بين الغرب والأمة العربية سببها الدور الحضاري الذي جاء به الإسلام، والحروب الصليبية لم تنتهِ بعد، وصيغتها الأخيرة هي الكيان الصِّهْيوني، فلقد أصبحت اليهودية – بقوة الصِّهْيَونية في الغرب – جزءًا عضويًّا في جسم الغرب، وحليفًا لمحاربة الإسلام، ومنذ قرون عديدة والغرب الاستعماري يخوض صراعًا تاريخيًّا ضد الإسلام والأمة العربية، بدافع التعصب الديني والعنصري، وحب الاستغلال والهيمنة، ولقد أصبح الغرب اليوم أشد عداء للعرب والإسلام، منذ وجد في الصِّهْيَونية ضالته المنشودة، وهذه الشراكة بين الغرب والصِّهْيَونية هي أخطرُ بكثير من مجرد تحالف سياسي؛ إذ إنها تستند إلى شراكة حضارية ثقافية عميقة، عمرها مئات السنين”[9].

نعم، لقد توحدت قبضة الغرب في مواجهة الإسلام.

فالمشرع الصِّهْيَوني بدأ مشروعًا بروتستانتيًّا غربيًّا، ثم تبنته الإمبريالية الغربية – العلمانية – ضد الإسلام ووطن العروبة وعالم الإسلام، وها هو التحالف “الغربي – الصِّهْيوني” – ضد الإسلام وأمته وحضارته وعالمه يكتمل بابتزاز الصِّهْيَونية للكاثوليكية، حتى غدَتْ تطلب الغفران من اليهود، في ذات الوقت الذي تعلن فيه حرب التنصير ضد الإسلام والمسلمين.

وبعد سقوط الخيار الاجتماعي الماركسي، توحدت قبضة الغرب الليبرالي، ورأوا ذلك نهاية التاريخ، الذي يجب أن يفرض على الآخر – وبالذات الآخر الإسلامي – بصدام وصراع الحضارات..

ومع ذلك، وبالرغم منه، يتحدث الكذَبَة والمنافقون – من الغربيين والمتغربين – عن عداء الإسلام للآخر، وإنكار المسلمين وتكفيرهم ونفيهم للآخرين..

قدمت هذه الورقة كبحثٍ ضمن بحوث مؤتمر ” سمات الخطاب الإسلامي المعاصر “، والذي نظمه: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عام 2012.

—————————————————-

[1] الأريوسية هي الاتجاه الموحد في المسيحية الشرقية، منسوب إلى “أريوس”، وفي ميلاده خلاف.. وكانت وفاته سنة 336م، جمع بين علوم مدرسة أنطاكية ومدرسة الإسكندرية، وكان واحدًا من رجال الدين في الإسكندرية، وتتميز نزعته بإنكار ألوهية المسيح، فالله عنده جوهر أزلي أحد، لم يلد ولم يولد، وكل ما سواه مخلوق، حتى “الكلمة” فإنها كغيرها من المخلوقات، مخلوقة من لا شيء، وليست من جوهر الله في شيء، ولقد أدانه هو وأتباعه ونزعته التوحيدية مجمع “نيقية” الذي دعا إليه الإمبراطور قسطنطين سنة 325م، ثم نصره مجمع القدس بعد عشر سنوات، لكن الأريوسية اضمحلَّت بعد مجمع القسطنطينية سنة 381م – انظر في تفصيل ذلك كتابنا: “إزالة الشبهات عن معاني المصطلحات”، طبعة دار السلام – القاهرة، 1431هـ، 2010م.

[2] محمد السماك “الفاتيكان والإيمان المختلف”، الأهرام في 20/ 9/ 2000م.

[3] ابن القيم، (زاد المعاد).

[4] (الأعمال الكاملة)، دراسة وتحقيق د. محمد عمارة، ج3، ص302، طبعة القاهرة، سنة 1993م.

[5] (الاقتصاد في الاعتقاد)، ص143، طبعة مكتبة صبيح، القاهرة، بدون تاريخ.

[6] د. مراد وهبة (المعجم الفلسفي)، مادة: “مادي – مذهب” طبعة القاهرة سنة 1971م، “والموسوعة الفلسفية” لمجموعة من العلماء السوفييت، بإشراف م. روزنتال ب. يودين، ترجمة سمير كرم، طبعة بيروت، سنة 1974م، مادة: “تشييد الله”.

[7] انظر في هذه الحروب الدينية: ول ديورانت “قصة الحضارة”، المجلد السادس، ج3، 4، ترجمة د. عبدالرحمن يونس، طبعة القاهرة، سنة 1971م، سنة 1972م، توماس أرنولد “الدعوة إلى الإسلام”، ص30 – 32 – 73 – 122 – 135 – 136 – 141 – 154 – 156 – 223 – 226 – 274 – 276، ترجمة د. حسن إبراهيم حسن، د. عبدالمجيد عابدين إسماعيل النحراوي، طبعة القاهرة، سنة 1970م، وبطرس البستاني “دائرة المعارف”، مادة الحروب الدينية، طبعة القاهرة الأولى، وهاشم صالح، “التنوير الأوروبي” ردة فعل للاقتتال المذهبي”، صحيفة “الشرق الأوسط”، لندن في 26/ 2/ 2000م.

[8] من حديث لجاك بيرك – في 27/ 6/ 1995م – انظر: حسونة المصباحي “العرب والإسلام في نظر المستشرق الفرنسي جاك بيرك – صحيفة “الشرق الأوسط” – لندن – في 1/ 11/ 2000م.

[9] ميشيل عفلق (في سبيل البعث) ج1 ص 130، 202 وجـ3 ص 98، 270 طبعة بغداد سنة 1986 – سنة 1987م، وطبعة دار الطليعة – بيروت سنة 1974م، وانظر كتابنا (التيار القومي الإسلامي) ص 119 – 122 طبعة القاهرة سنة 1997م.

المصدر: الألوكة نت.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى