كتب وبحوث

أدنى الأجور.. دراسة شرعية

الكاتب: د. أحمد بن ناصر الغامدي

المقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فقد حرص الإسلام على إنصاف العمال، فحذر من عدم إعطائهم أجورهم فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال : ” قال الله : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره ” [1].

أو المماطلة فيها فعن عبد الله بن عمر –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أعطوا الأجير أجره، قبل أن يجف عرقه ” [2].

ومع ذلك ربما لاحظنا في أجور بعض العمال ضعفا وقلة، وقد يشعرون بالظلم بسبب ذلك، ولكن ربما قيل إن الاتفاق على الأجرة حصل بالتراضي وأن هذه الأجرة في بلادهم لا تعتبر قليلة، فهل الأجرة القليلة فيها ظلم وهل للأجور حد أدنى لا يجوز النزول عنه، هذا ما أريد بحثه، ولم أجد دراسات شرعية سابقة، وأسأل الله التوفيق.

التمهيد

إن الإسلام دين الرفق في كل شيء ومن ذلك العمل فرفق بالعمال فحذر من عدم إعطائهم أجرتهم أو تأخيرها، ولكنه دين العدل فلا يميل إلى طرف على حساب طرف آخر، فأنصف العمال وأرباب العمل، وهكذا في سائر الأمور ففي الملكية وبين البائع والمشتري ربط بين القبض وبين التصرف والضمان([3])، وكذلك الحال في العلاقة بين الأجراء وأرباب العمل، فقد أعطى كلا منهما حقه فأنصفهما، ولكن العامل قد يحتاج للعمل فيتفق مع رب العمل على أجرة معينة، وقد تكون هذه الأجرة زهيدة، إلا أن العامل يقبل بها نظرا لظروفه السيئة، فهل يجوز ذلك أم يعتبر استغلالا؟ وهل يجوز لولي الأمر أن يحدد الأجور، وهل ينظر في التحديد على القول بجوازه إلى قيمة الأجرة والمستوى المعيشي في بلد العامل، فقد تكون الأجرة تعتبر بالنسبة له في بلده مبلغا كبيرا، أو ينظر لبلد رب العمل؟ هذا ما سأبحثه، وسأتكلم أيضا في ثنايا البحث عن بعض الآثار الإيجابية والسلبية لتحديد الأجور. وسأبدأ بذكر الأدلة، دون ذكر أقوال العلماء، لأني لم أجد قولا للعلماء خاصة السابقين في هذه المسألة، وقد قسمت البحث إلى مبحثين :

المبحث الأول: الحد الأدنى للأجور شرعا

المبحث الثاني: مسائل تتعلق بتحديد الأجور

المبحث الأول: الحد الأدنى للأجور شرعا

ويشتمل على مسألتين:

المسألة الأولى: هل يوجد حد أدنى للأجور شرعا؟

المسألة الثانية: حكم التحديد من ولي الأمر.

المسألة الأولى: هل يوجد حد أدنى للأجور شرعا؟

الأدلة

الأدلة على التحديد

1- قياسا على البيع بأقل من سعر السوق المنهي عنه، فقد قال المالكية : يجوز أن يقول الحاكم لمن حط سعراً إما أن يلحق بالناس أو ينصرف عنهم، وقالوا : ليس لمن أتى السوق من أهله أو من غير أهله، أن يبيع السلعة بأقل من سعرها، ويمنع من ذلك، وله أن يبيع بأكثر، قال مالك : لو أن رجلاً أراد فساد السوق فحط عن سعر الناس، لرأيت أن يقال له : إما لحقت بسعر الناس، وإما رفعت، وأما أن يقال للناس كلهم – يعني لا تبيعوا إلا بسعر كذا – فليس ذلك بالصواب([4]).

فيقاس على ذلك العامل فليس له أن يقبل بأجرة قليلة إذا كان ذلك يضر بالعمال الآخرين، وليس لرب العمل أن يستغل حاجته.

ومما يدل على ذلك ما ورد عن عمر، فعن سعيد بن المسيب([5])، أن عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- مـر بحاطب بن أبي بلتعة([6])، وهو يبيع زبيباً له في السوق، فقال له عمر : إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من سوقنا ([7]).

المناقشة: أن هذه المسألة وقوله: بع كالناس مما اختلف فيه العلماء، فيحرم ذلك عند الحنابلة([8]).

أما الأثر فقد رجع عنه عمر، قال ابن قدامه: (فأما حديث عمر فقد روى فيه سعيد والشافعي([9])أن عمر لما رجع حاسب نفسه، ثم أتى حاطبا في داره فقال: إن الذي قلت لك ليس بعزيمة مني ولا قضاء، وإنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت فبع كيف شئت، وهذا رجوع إلى ما قلنا) ([10]).

2- قياسا على أجر المرضعة فهو محدد بالشيء المعقول الذي لا يجوز ما دونه، قال تعالى (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وائتمروا بينكم بمعروف)([11]). فقوله تعالى (وأتمروا بينكم بمعروف) أي: لا تشترط المرأة على الزوج فيما تطلبه من أجرة الرضاع، ولا يقصر الزوج عن المقدار المستحق([12]).

المناقشة: أن المرضعة هنا متعينة إذا رغبت، وليس كذلك العامل، قال ابن الجوزي([13]): قوله تعالى (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) يعني: أجرة الرضاع، وفي هذا دلالة على أن الأم إذا رضيت أن ترضعه بأجرة مثله لم يكن للأب أن يسترضع غيرها.

ثم إن هناك أقوالا أخرى في تفسير الآية، فقد فسرت الآية بالحث على قبول الأمر المعروف غير المنكر ممن جاء به من الزوجين. قال الطبري ([14]): وقوله (وأتمروا بينكم بمعروف) يقول تعالى ذكره: وليقبل بعضكم أيها الناس من بعض ما أمركم بعضكم به بعضا من معروف. وقال القرطبي ([15]): (وأتمروا بينكم بمعروف) هو خطاب للأزواج والزوجات أي: وليقبل بعضكم من بعض ما أمره به من المعروف الجميل. وقال ابن كثير ([16]): قوله تعالى (وائتمروا بينكم بمعروف) أي: ولتكن أموركم فيما بينكم بالمعروف، من غير إضرار ولا مضارة.

والراجح أن المراد بالآية: تشاوروا بشأن الطفل في الأجرة والرضاع، من المشاورة ومنه قوله تعالى (إن الملأ يأتمرون بك ليخرجوك) ([17])، وعلى أية حال فالرضاع يختلف عما نحن بصدده، لأن لكلٍ من الزوجين علاقة بالولد محل الإرضاع، وليس الأمر كذلك ههنا، إلا إذا كانت الحاجة بنا ماسة لأصحاب المهن، فيمكن أن يقال ههنا بإجبارهم على العمل بأجر المثل.

3- قياسا على بيع المضطر المحرم أو المكروه، بجامع أن كلا من البائع والعامل مضطراً، فيقبل البائع بالسعر والعامل بالأجرة اضطرارا.

المناقشة: أن بيع المضطر مختلف فيه، وهذا يجرنا إلى بيان معناه وحكمه:

معناه: الاضطرار يكون من وجهين، أحدهما : أن يضطر إلى العقد من طريق الإكراه عليه، وهذا بيع فاسد لا ينعقد، والثاني : أن يضطر إلى البيع لدين ركبه أو مؤنة ترهقه، فيبيع ما في يديه بالوكس للضرورة، أو أن يضطر الرجل إلى طعام أو شراب أو لباس أو غيرها، ولا يبيعها البائع إلا بأكثر من ثمنها بكثير ([18]). والوجه الثاني هو المراد هنا.

حكم بيع المضطر:

أقوال العلماء:

1- قال الجمهور بكراهته أو تحريمه مع صحة العقد، فإن هذا سبيله في حق الدين والمروءة أن لا يبايع على هذا الوجه، ولكن يعار ويقرض إلى الميسرة، أو يشتري إلى الميسرة، أو يشتري السلعة بقيمتها، فإن عقد البيع مع الضرورة على هذا الوجه صح، مع كراهة أهل العلم، وقال الحنفية بفساده([19]).

2- وقال المالكية بجوازه بلا كراهة، وهو قول ابن حزم([20]).

الأدلة

أدلة تحريم بيع المضطر:

عن شيخ من بني تميم قال: خطبنا علي –رضي الله عنه- أو قال: قال علي: نهى النبيصلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر، وبيع الغرر، وبيع الثمرة قبل أن تدرك ([21]).

المناقشة: هو حديث ضعيف([22]).

الجواب: أنه يشهد له أحاديث أخرى، فقد روي أيضا عن حذيفة، وعبد الله بن عمرو –رضي الله عنهم- ([23]) قال الشاطبي ([24]): وهذه الأحاديث الثلاثة – وإن كانت أسانيدها ليست هناك – مما يعضد بعضه بعضا، وهو خبر حق في نفسه يشهد له الواقع.

أدلة جواز بيع المضطر:

أ- أن كل من يبتاع قوت نفسه وأهله للأكل واللباس فإنه مضطر إلى ابتياعه بلا شك، فلو بطل ابتياع هذا المضطر لبطل بيع كل من لا يصيب القوت من ضيعته، وهذا باطل بلا خلاف ([25]).

ب- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قد ابتاع أصواعا من شعير لقوت أهله، ومات -عليه السلام- ودرعه مرهونة في ثمنها ([26])، فصح أن بيع المضطر إلى قوته وقوت أهله وبيعه ما يبتاع به القوت بيع صحيح لازم ([27]).

والراجح في بيع المضطر صحة العقد مع الكراهة إذا علم باضطراره، وكان على البائع في ذلك ضررا، وإنما قلت بالجواز مع الكراهة لأن الأدلة في النهي عنه لا تخلو من مقال، وقد تنتفي الكراهة إذا ترتب على الامتناع عن الشراء منه ضررا به.

3- من الأدلة على وجود حد أدنى للأجور حديث المعرور بن سويد ([28]) قال: رأيت أبا ذر الغفاري –رضي الله عنه- وعليه حلة وعلى غلامه حلة، فسألناه عن ذلك؟ فقال : إني ساببت رجلا فشكاني إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- فقال لي النبي: – صلى الله عليه وسلم:- (أعيرته بأمه؟ إخوانكم خولكم ([29])، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يطعم، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم) ([30]).

فأمر الرسول – صلى الله عليه وسلم- بأن يطعم السيد خادمه مما يطعم، ويلبسه مما يلبس، وهذا يدل على مراعاة بيئة الخادم فكذلك العامل، ولا يقتصر ذلك على رب العمل ونفقته على نفسه، قال النووي: وإنما يجب على السيد نفقة المملوك وكسوته بالمعروف بحسب البلدان والأشخاص، سواء كان من جنس نفقة السيد ولباسه أو دونه أو فوقه، حتى لو قتر السيد على نفسه تقتيرا خارجا عن عادة أمثاله، إما زهدا وإما شحا لا يحل له التقتير على المملوك وإلزامه وموافقته إلا برضاه ([31]).

المناقشة: أن هذا يختص بالخادم فإن محيطه ضيق واحتكاكه بمن يخدمهم شديد لذا ينبغي مراعاته، فلا يشمل هذا الأمر المجتمع بأسره، ثم إن هذا الأمر محمول على الاستحباب، قال النووي([32]): والأمر بإطعامهم مما يأكل السيد، وإلباسهم مما يلبس محمول على الاستحباب لا على الإيجاب، وهذا بإجماع المسلمين، وأما فعل أبي ذر في كسوة غلامه مثل كسوته فعمل بالمستحب.

4- أن هذا له التحديد قد قال به العلماء في بعض الحالات فقد قالوا تصح الإجارة بدون تسمية الأجرة وتنصرف لأجرة المثل، لأن الشرط العرفي كاللفظي [33].

الأدلة على عدم وجود حد أدنى للأجرة:

1- قصة علي – رضي الله عنه- فإنه آجر نفسه من يهودي يستقي له كل دلو بتمرة ([34]). وهذه أجرة زهيدة.

المناقشة: أن الحديث ضعيف، وإن صح فعلي –رضي الله عنه- مضطر، واليهودي لا يحتج بفعله.

والجواب: أن الحديث صحح بعض العلماء، بعض طرقه.

2- أن ذلك وقع برضا العامل ورغبته، دونما إكراه، وقد قال تعالى في البيع (إنما البيع عن تراض) فكذلك هنا المناقشة: أن رضاه بسبب حاجته واضطراره، وذلك يعتبر استغلالا لهذه الحاجة، فالأمر وإن كان ظاهره الرضا إلا أنه في حقيقته إكراه، لأن العامل رضي بذلك مضطرا.

3- أنه لا يوجد نص صحيح صريح يمنع من ذلك.

الترجيح: الراجح عدم وجود حد أدنى للأجرة، والأدلة على وجوده، إما غير صحيحة أو غير صريحة، والحديث في النهي عن بيع المضطر لا تخلو طرقه من مقال، فيبقى الأمر على الإباحة، مع كراهة استغلال كل منهما لحاجة الآخر، لكن العامل وكذلك البائع لا يمكَّن كلٌ منهما من الإضرار بنفسه، ولا بغيره من أرباب العمل وأهل السوق، ويرجع في ذلك إلى العرف.

المسألة الثانية: تحديد الأجور من قِبل ولي الأمر

سواء قلنا بوجود حد أدنى للأجور يجب الالتزام به، أم بعدم وجوده، فهل يجوز تحديد الأجور عند الحاجة إلى ذلك، تحقيقا للمصلحة ودفعا للظلم.

إن ذلك ينبني بشكل كبير على مسألة التسعير، فإذا قلنا بجواز تسعير السلع وتحديد قِيَمها وإلزام الناس البيع بها، فيمكن أن نقول مثل ذلك في الأجور.

الأدلة على جواز التسعير:

1- قال – صلى الله عليه وسلم- : من أعتق شركا له في عبد، وكان له من المال ما يبلغ ثمن العبد، قُوِّم عليه قيمة عدل، لا وكس ([35]) ولا شطط ([36])، فأعطى شركاءه حِصصهم وعتق عليه العبد ([37]).

فمنع من الزيادة على ثمن المثل في عتق الحصة من العبد المشترك، ولم يمُكن المالك أن يساوم المعتق بالذي يريد، فإنه لما وجب عليه أن يُملك شريكه المعتق نصيبه الذي لم يعتقه لتكميل الحرية في العبد قُدر عوضه، بأن يُقوم جميع العبد قيمة عدل ويعطيه قسطه من القيمة، فإن حق الشريك في نصف القيمة لا في قيمة النصف عند الجمهور ([38]). وصار هذا الحديث أصلا في أن من وجبت عليه المعاوضة أجبر على أن يعاوض بثمن المثل، لا بما يريد من الثمن. وصار أصلا في جواز إخراج الشيء من ملك صاحبه قهرا بثمنه للمصلحة الراجحة.

والمقصود أنه إذا كان الشارع يوجب إخراج الشيء عن ملك مالكه بعوض المثل لمصلحة تكميل العتق، ولم يمكن المالك من المطالبة بالزيادة على القيمة، فكيف إذا كانت الحاجة بالناس إلى التملك أعظم وهم إليها أضر، مثل حاجة المضطر إلى الطعام والشراب واللباس وغيره، وهذا الذي أمر به النبي – صلى الله عليه وسلم- من تقويم الجميع قيمة المثل هو حقيقة التسعير ([39]).

2- القياس على الشفعة، فقد سلط الشرع الشريك على انتزاع الشقص المشفوع فيه من يد المشتري، بثمنه الذي ابتاعه به لا بزيادة عليه، لأجل مصلحة التكميل لواحد، فكيف بما هو أعظم من ذلك، فإذا جوز له انتزاعه منه بالثمن الذي وقع عليه العقد، لا بما شاء المشتري من الثمن، لأجل هذه المصلحة الجزئية، فكيف إذا اضطر إلى ما عنده من طعام وشراب ولباس وآلة حرب، وكذلك إذا اضطر الحاج إلى ما عند الناس من آلات السفر وغيرها، فعلى ولي الأمر أن يجبرهم على ذلك بمثل الثمن، لا بما يريدونه من الثمن ([40]).

وكذلك إذا احتاج الناس إلى صناعة طائفة فلولي الأمر أن يلزمهم بذلك بأجرة المثل، لأنه لا تتم مصلحة الناس إلا بذلك ([41]).

المناقشة :

أ- أن التسعير قد اختلف العلماء فيه ([42]):

1- فقيل : لا يحل للسلطان التسعير وهو قول جمهور العلماء: أبو حنيفة والشافعي وأحمد، فقالوا: لا يجوز للحاكم أن يسعر على الناس مطلقاً، وإن فعل ذلك يكون فعله هذا إكراهاً يكره معه البيع والشراء، ويمنع صحة البيع عند بعضهم ([43]). فعند الحنابلة يبطل العقد على الصحيح من المذهب عندهم، وقيل لا يبطل، وعند الشافعية في صحته وجهان ([44]).. وأما الشراء به (أي بالسعر المحدد) فيكره عند الحنابلة ([45])، وعند الحنفية محرم ([46]).

2- وقال المالكية بجواز التسعير في الأقوات مع الغلاء، قال مالك: إذا تبين في ذلك ضرر داخل على العامة وصاحبه في غنى عنه، فيجتهد السلطان في التسعير.

والتفصيل هو اختيار ابن تيمية وابن القيم، وقالوا بوجوبه أحيانا ([47]).

واستدل المانعون للتسعير بأدلة، منها ما يأتي:

1 – حديث أنس –رضي الله عنه-، قال : غلا السعر في المدينة على عهد رسول الله – صلى الله هعليه وسلم- فقال الناس : يا رسول الله غلا السعر، فسعر لنا : فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- -: « إن الله هو المسعِّر، القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله عز وجل، وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال » ([48]).

وجه الدلالة في هذا الحديث من وجهين:

أحدهما: أنه لم يسعر وقد سألوه ذلك، ولو جاز لأجابهم إليه.

الثاني: أنه علل الامتناع عن التسعير بكونه مظلمة، والظلم حرام.

المناقشة:

هذه قضية معينة وليست لفظا عاما، وليس فيها أن أحدا امتنع من بيع ما الناس يحتاجون إليه، ومعلوم أن الشيء إذا قل رغب الناس في المزايدة فيه، فإذا بذله صاحبه كما جرت به العادة، ولكن الناس تزايدوا فيه، فهنا لا يسعر عليهم ([49]). فلم يسعر الرسول –صلى الله عليه وسلم- لأنه لم يكن هناك ما يقتضي التسعير في ذلك الوقت، لأن ارتــفــاع الأسعار لم يكن بفعل التجار واحتكارهم، وإنما كان ذلك نتيجة لعوامل أخرى لا دخل فيها لهم.

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- علة امتناع النبي –صلى الله عليه وسلم- عن التسعير فقال: (وإنما لم يقع التسعير في زمن النبي –صلى الله عليه وسلم- بالمدينة؛ لأنهم لم يكن عندهم من يطحن ويخبز بكراء (أجرة)، ولا من يبيع طحيناً وخبزاً، بل كانوا يشترون الحب ويطحنونه ويخبزونه في بيوتهم، وكان من قدم بالحب لا يتلقاه أحد، بل يشتريه الناس من الجلابين، ولهذا جاء في الحديث : « الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون ([50])»، وكذلك لم يكن في المدينة حائك، بل كان يقدم عليهم بالثياب من الشام واليمن وغيرهما، فيشترونها ويلبسونها).

فالتسعير منه ما هو ظلم محرم، ومنه ما هو عدل جائز، فإذا تضمن ظلم الناس وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه أو منعهم مما أباح الله لهم من غير سبب منهم باحتكار أو غيره فهو حرام، وإذا تضمن العدل بين الناس، مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيادة على عوض المثل، فهو جائز، بل واجب.

فإذا كان الناس يبيعون سِلعهم على الوجه المعروف من غير ظلم منهم، وقد ارتفع السعر إما لقلة الشيء وإما لكثرة الخلق فهذا إلى الله، فإلزام الناس أن يبيعوا بقيمة بعينها إكراه بغير حق.

وأما الثاني فمثل أن يمتنع أرباب السلع من بيعها مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة، فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل، ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل، فالتسعير ههنا إلزام بالعدل الذي ألزمهم الله به ([51]).

2 – أن الناس مسلطون على أموالهم، ليس لأحــد أن يأخذها، أو شيئاً منها؛ بغير طيب أنفسهم إلا في المواضع التي يلزمهم الأخذ فيها، وهذا ليس منها. والله تعالى يقول:{ ولا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِل إلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} [النساء:29 ] ([52]). والثمن حق العاقد، فإليه تقديره، فلا ينبغي للإمام أن يتعرض لحقه، إلا إذا تعلق به دفع ضرر العامة ([53]).

المناقشة: أن هذا هو الأصل، فإذا كان في ترك التسعير ضررا فيجوز دفعا لهذا الضرر.

3 – أن (التسعير سبب الغلاء، لأن الجالبين إذا بلغهم ذلك لم يقدموا بسلعهم بلدا يُكرهون على بيعها فيه بغير ما يريدون، ومن عنده البضاعة يمتنع من بيعها ويكتمها، ويطلبها أهل الحاجة إليها فلا يجدونها إلا قليلا، فيرفعون في ثمنها ليصلوا إليها، فتغلوا الأسعار ويحصل الإضرار بالجانبين، جانب الملاك في منعهم من بيع أملاكهم، وجانب المشتري في منعه من الوصول إلى غرضه، فيكون حراما ([54])). فإذا سعر عليهم من غير رضا بما لا ربح لهم فيه أدى ذلك إلى فساد الأسعار، وإخفاء الأقوات، وإتلاف أموال الناس ([55]).

المناقشة: أن ما ذكروه من الضرر موجود فيما باع في بيته، ولا يمنع منه ([56]).

الترجيح:

الراجح في مسألة التسعير أن الأدلة السابقة لا تدل على المنع من التسعير كـقـاعدة عامة في كل الأحوال والظروف، ولكنها تدل على المنع من التسعير في الأحوال الـعـاديـة التي يكون التسعير فيها مجحفاً بحق البائع الذي يقوم بما يجب عليه من امتناع عن الاحتكار أو التواطؤ لإغلاء الأسعار ورفعها، وذلك أن الامتناع عن التسعير جاء مـعـلـلاً بالظلم، والأحكام تدور مع العلة وجوداً وعدماً ([57]).

الراجح في مسألة تحديد الأجور

وإذ كان هذا الحكم في التسعير فكذلك تحديد الأجور، لا يجوز كقاعدة عامة. وعلى أية حال فالتسعير إذا جاز فللمصلحة العامة، وفي ظروف خاصة، كما إذا امتنعوا عن بيع ما يحتاجه الناس، فقد أوجب ابن تيمية إلزامهم المعاوضة بمثل الثمن إذا امتنعوا عن بيع ما يجب عليهم بيعه، وقال ابن تيمية : لا نزاع فيه ([58]). لأنها مصلحة عامة لحق الله تعالى ([59]). فكذلك إجبار الحاكم أصحاب المهن المحتاج إليها على العمل بأجر المثل ([60]). فيجوز عند الحاجة إلى ذلك، كأن ترتفع الأجور بلا مبرر.

المبحث الثاني: مسائل تتعلق بتحديد الأجور على القول بجوازه

ويشتمل على مسائل:

المسألة الأولى: متى يتم تحديد الأجور؟

المسألة الثانية: كيف يتم تحديد الأجرة؟

المسألة الثالثة: في أي الأعمال يتم تحديد الأجرة؟

المسألة الأولى: متى يتم تحديد الأجور؟

هذا مقيس على مسألة التسعير، والتسعير يجوز إذا كان في ارتفاع الأسعار تعديا فاحشا، قال صاحب الدر المختار ([61]): إلا إذا تعدى الأرباب عن القيمة تعديا فاحشا فيسعر بمشورة أهل الرأي، وكذلك قال في البحر الرائق ([62]) وزاد: (إلا إذا كان أرباب الطعام يحتكرون على المسلمين، ويتعدون في القيمة تعديا فاحشا، وعجز السلطان عن منعه إلا بالتسعير بمشاورة أهل الرأي والنظر)، وكذلك قال صاحب تبيين الحقائق، وعرّف التعدي الفاحش بأنه البيع بضعف القيمة ([63]).

فإذا تقرر هذا فيمكن أن نقول مثل ذلك في الأجرة، فإذا بلغت حدا فاحشاً فيتم تحديدها منعا للظلم والاستغلال، سواء كان ذلك من قبل العمال أو أرباب العمل انخفاضا أو ارتفاعا.

المسألة الثانية: كيف يتم تحديد الأجرة، وهل ينظر في تحديدها إلى بيئة العامل وبلده أو لبلد رب العمل، أو لكليهما؟

مع انتشار ظاهرة استقدام العمال من بلادٍ شتى، ولحاجتهم للمال في بلادهم فإنهم قد يضطرون إلى العمل بأقل الأجور، فهل يجوز لأرباب العمل في البلاد الأخرى التعاقد معهم على أجرة زهيدة، أم أن ذلك يعتبر استغلالا لحاجتهم، وهل يجوز تحديد الأجور؟ هذا ما تم بحثه. لكن على القول بجواز تحديد الأجور فهل يراعى في تحديدها الوضع الاقتصادي للبلد الذي يعملون فيه، أم للبلد الذي قدموا منه؟ عند النظر في حديث أبي ذر –رضي الله عنه- يظهر منه مراعاة البيئة التي يعمل فيها العامل -وإن كان الحديث في الخدم والرقيق- خاصة وأنهم يعيشون في حال عملهم في بلد أرباب العمل وربما طالت مدة عملهم، ولكن بالنظر إلى أن هؤلاء العمال سيعودون إلى بلادهم، وربما كان ذلك المال القليل في نظر أرباب العمل كثيرا لدى العمال، بحيث يُسرون به ويستفيدون منه في حال عودتهم لبلادهم، فإذا نظرنا إلى بيئتهم فهذا الأجر لا يعتبر قليلا حينئذ! هذه المسألة محل نظر، ولعل الأنسب مراعاة الحالين (بيئة العمال وأرباب العمل)، كما قال الحنابلة في تقدير نفقة الزوجة أنه يراعى حال الزوجين ([64])، والله تعالى أعلم.

وقد قال العلماء في صفة التسعير عند من جوزه : ينبغي للإمام أن يجمع وجوه أهل سوق ذلك الشيء، ويحضر غيرهم استظهارا على صدقهم، فيسألهم كيف يشترون، وكيف يبيعون، فينازلهم إلى ما فيه لهم وللعامة سدادا حتى يرضوا به، ولا يجبرهم على التسعير ولكن عن رضى ([65]). فيمكن أن نقول مثل ذلك في تحديد الأجرة، وفي معرفة الحد الأدنى لها، فيتم ذلك عن طريق جمع العمال وأرباب العمل ومشورتهم للوصول للحد المعقول من الأجرة، عند الحاجة لتحديدها. ومع أخذ الجهد بعين الاعتبار إلا أن تقدير الأجرة يكون بالمنفعة، لا بالجهد فقط [66]. المسألة الثالثة : في أي الأعمال يتم تحديد الأجرة، فهل يكون تحديد الأجور في كل الأعمال، أو فيما يحتاجه الناس، أو فيما يقع فيه ظلم على العمال؟

وهذه المسألة كذلك نقيسها على التسعير، وقد قال الشافعية : يكون التسعير في الأطعمة، ويلحق بها علف الدواب على الأصح ([67]). وعند الحنفية في القوتين : اللحم والخبز، لكن إذا تعدى أرباب غير القوتين، وظلموا العامة، فيسعر عليهم الحاكم بناء على ما قال أبو يوسف، ينبغي أن يجوز ([68]).

وهذا يعني أن التسعير يكون في ما يحتاجه الناس ويضطرون إليه، فكذلك تحديد الأجور يكون في الأعمال التي يحتاجها الناس، بحيث لا يستغل العمال حاجة الناس إليهم فيغالون في الأجرة، ولا يمكن أيضا أرباب العمل من استغلال حاجة العمال، على ضوء قوله تعالى (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) [69].

الخاتمة والتوصيات

دين الإسلام دين الرفق والعدل، وفي نفس الوقت فإن الأصل أن يكون المرء حرا واعتبار رضاه، ولكن الإنسان قد يضطر إلى القبول بما لا يرضيه بسبب الحاجة، وهذا الأمر قد تنشأ عنه آثار سيئة، ونوصي بما يلي:

1- الأصل ترك الناس ليختاروا ويفعلوا ما شاؤوا ما دام في حدود المباح.

2- عند انتشار ظاهرة استغلال العمال أو امتناعهم عن العمل بلا مبرر مع حاجة الناس الضرورية لهذه الأعمال فيحسن حينئذ تحديد الأجور، وقد يجب ذلك لرفع الظلم.

3- عند التحديد ينبغي أن ينظر إلى بيئة العامل ورب العمل.

والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

_______________________

[1] – رواه البخاري في كتاب البيوع (2141)

[2] – رواه ابن ماجة في كتاب الرهون (2455)

([3])لحديث (نهى عن ربح ما لم يضمن) رواه الترمذي وصححه (1235) والنسائي (4629) وابن ماجة (2188)، ولحديث (الخراج بالضمان) رواه عن عائشة أبو داود (3509) والترمذي وصححه (1285) والنسائي (4490) وابن ماجة (2244)، وأما حديث المصراة فضمن المشتري لأن اللبن لم يحدث عند (الفتاوى 20/557). وقيل بعدم التلازم بين الربح والضمان، وحديث (الخراج بالضمان) إنما هو فيما اتفق ملكا ويدا، وأما إذا كان الملك لشخص واليد لآخر فقد يكون الخراج للمالك والضمان على القابض، ويمكن أن نقول مثل ذلك في حديث (نهى عن ربح ما لم يضمن)، أو نحمله على الغالب. وأما الضمان فمبني على التمكن من القبض لا على القبض. لأن البائع قد أدى ما عليه، فما تمكن المشتري من قبضه وهو المتعين بالعقد فهو من ضمانه، ومن التمكين من القبض أن يوفيه التوفية المستحقة إذا كان المبيع مما يحتاج إلى توفية فيكيله أو يزنه أو يعده، ولذلك يضمن المشتري الصبرة المتعينة جزافا، لحديث ابن عمر (مضت السنة أن ما أدركته الصفقة حيا مجموعا فهو من مال المشتري) رواه البخاري معلقا في باب إذا اشترى متاعا أو دابة الخ والدارقطني في كتاب البيوع (215)، مع أنه لا يجوز بيعها حتى ينقلها لما روى ابن عمر (كنا نبتاع الطعام جزافا فنهينا أن نبيعه في مكانه حتى ننقله في رحالنا) رواه البخاري وأما علة النهي عن بيع الطعام أو الشيء قبل قبضه فهي عدم تمام الاستيلاء، أو عدم انقطاع علاقة البائع عنه، فإنه يطمع في الفسخ والامتناع من الإقباض إذا رأى المشتري قد ربح فيه، انظر : حاشية ابن القيم (9/276-283)، والفتاوى (29/402، 403، 507). والنهي عن بيع الطعام قبل قبضه هو في الطعام المعين، وأما الذي في الذمة فالاعتياض عنه جائز، لأنه من جنس الاستيفاء. الفتاوى (29/512)].

واستدل من قال بعدم حتمية التلازم بين الضمان والقبض بأن ذلك حاصل في بعض الصور ومنها :

أ- وضع الجوائح، فالثمار من ضمان البائع ويجوز للمشتري التصرف فيها.

ب- أن منافع الإجارة مضمونة على المؤجر قبل الاستيفاء، فلو تلفت الدابة بآفة سماوية أو تعطلت المنافع كانت من ضمان المؤجر، مع أنه يجوز للمستأجر التصرف فيها حتى بالبيع في ظاهر المذهب.

ج- ليس كل ما دخل في ضمان المشتري يجوز التصرف فيه، كالمقبوض قبضا فاسدا.

د- أن النهي عن بيع الشيء قبل قبضه إنما هو عن البيع خاصة فلو أعتق العبد المبيع قبل قبضه صح إجماعا.

هـ- أن المالك يجوز له أن يتصرف في المغصوب فيبيعه من غاصبه، أو ممن يقدر على تخليصه منه، وإن كان مضمونا على الغاصب، وكذلك للمالك أن يتصرف في المعار.

ويبيع الدين ممن هو عليه عند أحمد وأبي حنيفة، وممن ليس هو عليه عند مالك، مع أن الدين ليس مضمونا على المالك. الفتاوى (20/343، 400) وانظر أيضا في الضمان وعلاقته بالقبض: قواعد ابن رجب (1/294، 329، 363، 375)

([4])القوانين الفقهية (1/169) والكافي لابن عبد البر (1/360)، والاستذكار (6/412) والمنتقى (5/13، 18)

([5])سعيد بن المسيب بن حزن القرشي المخزومي، أحد العلماء الفقهاء الأثبات، اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل، مات بعد التسعين، وقد ناهز الثمانين. التقريب (2396)

([6])صحابي من مشاهير المهاجرين، شهد بدرا والمشاهد، مات سنة ثلاثين. سير أعلام النبلاء (2/43)

([7])رواه مالك في الموطأ في باب الحكرة والتربص (1328) وعبد الرزاق في المصنف (8/207) والبيهقي في السنن (6/29). وانظر : شرح الزرقاني (3/381) والاستذكار (2/651) (6/410).

([8])الإنصاف (4/338)

([9])الأم (3/204) وانظر : مختصر المزني ص129.

([10])في المغني (6/312) وانظر : الفتاوى (28/912) والطرق الحكمية (1/371)

([11])سورة الطلاق (6). انظر : الاقتصاد الإسلامي لحسن سري (148) والنظام الاقتصادي في الإسلام د/ أحمد العسال ود/ فتحي عبد الكريم (142، 143). فسلام الإسلام

([12])زاد المسير (8/297)، وأحكام القرآن للجصاص (5/361)

([13])زاد المسير (8/297)، وانظر : أحكام القرآن للجصاص (5/361)

([14])في تفسيره (28/148)

([15])في تفسيره (18/169)

([16])في تفسيره (4/384)

([17])القصص (20) وانظر : التسهيل لابن جزيء (4/241)

([18])المجموع (9/161) والنهاية (3/83) وانظر : حاشية ابن عابدين (5/59)

([19])حاشية ابن عابدين (5/95)، والمجموع (9/153) وروضة الطالبين (3/418)، والفروع (4/4) والفتاوى (29/300، 361)، والسيل الجرار (3/10)

([20])مواهب الجليل (4/49) والمحلى (9/22)

([21])رواه أبو داود في بيع المضطر (3382) وهو ضيعف لجهالة روايين، والحديث ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود والبيهقي (6/17) قال البيهقي: وقد روي من أوجه عن علي وابن عمر وكلها غير قوية. وانظر: المجموع (9/153) والمحلى (9/22)) وفتح الباري (12/317) وأعلام الموقعين (3/170) وعون المعبود (9/168، 169).

([22])لجهالة روايين، والحديث ضعيف الألباني. وانظر : المراجع السابقة.

([23]) حديث حذيفة من طريق مكحول قال : بلغني عن حذيفة –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : ألا إن زمانكم هذا زمان عضوض، يعض المؤمن على ما في يده حذار الإنفاق، قال الله عز وجل (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) قال : وشهد شرار الناس يبايعون كل مضطر، ألا إن بيع المضطرين حرام، ألا إن بيع المضطرين حرام، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله إن كان عندك معروف فعد به على أخيك وإلا فلا تزده هلاكا على هلاكه. نسبه في المطالب العالية (7/337) (1422) لأبي يعلى، ولم أجده في مسنده المطبوع، وقال ابن حجر : الكوثر متروك، ومكحول عن حذيفة t منقطع. وفي الفروع (4/4) : الكوثر ضعيف بإجماع، قال أحمد : أحاديثه بواطيل، ليس بشيء. وأما حديث عبد الله بن عمرو فقد روى البيهقي في سننه في جماع أبواب السلم، (باب ما جاء في بيع المضطر وبيع المكره (6/18) وسعيد بن منصور في سننه (2/187) (2393) عن عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما- قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- : لا يركبن رجل بحرا إلا غازيا أو معتمرا أو حاجا، فإن تحت البحر نارا، وتحت النار بحرا، وتحت البحر نارا، ولا يشتري مال امرىء مسلم في ضغطة. وهذا الحديث إسناده ضعيف، وقال البخاري : لا يصح هذا الحديث. المجموع (9/161)

([24]) في الاعتصام (3/85)

([25]) المحلى (9/22)

([26]) رواه عن عائشة : البخاري (2759، 4197)

([27]) المحلى (9/22)

([28]) أبو أمية الأسدي الكوفي، حدث عن ابن مسعود وأبي ذر وجماعة، وثقه يحيى بن معين، توفي سنة بضع وثمانين. سير أعلام النبلاء (4/174)

([29]) الخول : حشم الرجل وأتباعه. النهاية (2/88)

([30]) رواه البخاري (30، 2407)، ومسلم (1661)

([31]) في شرحه لمسلم (11/133)

([32]) في شرحه لمسلم (11/133)

[33] – بدائع الصنائع (4/51) وأعلام الموقعين (4/6)، وزاد المعاد (5/118)، والقواعد لابن رجب (ص136)

([34]) رواه عن علي الترمذي في كتاب الذبائح (2509) وأبو يعلى في المسند (479). وعن ابن عباس ابن ماجة في كتاب الرهون (2458)، والبيهقي (6/119) وضعفه الزيلعي في نصب الراية (4/132). ورواه أحمد (676) وابن ماجة مختصرا (2459) وقال ابن حجر عن حديث ابن عباس : فيه حنش راويه عن عكرمة عنه وهو مضعف، وسياق البيهقي أتم، وعندهما أن عدد التمر سبعة عشر، ورواه أحمد من طريق علي بسند جيد، ورواه بن ماجة بسند صححه ابن السكن مختصرا قال : كنت أدلو الدلو بتمرة وأشترط أنها جلدة. التلخيص الحبير (3/61)

([35])الوكس : النقص. النهاية (5/218)

([36])الشطط : الجور والظلم والبعد عن الحق. النهاية (2/475)

([37])رواه البخاري في باب في الشركة في الرقيق (2369)، ومسلم في كتاب العتق (1501)

([38])انظر : المغني (14/351)

([39])الطرق الحكمية (1/375، 376)

([40])الطرق الحكمية (1/376) وقال ابن القيم : فإذا قدر أن قوما اضطروا إلى السكنى في بيت إنسان لا يجدون سواه، أو النزول في خان مملوك، أو استعارة ثياب يستدفئون بها، أو رحى للطحن، أو دلو لنزع الماء، أو قدر أو فأس أو غير ذلك، وجب على صاحبه بذله بلا نزاع، لكن هل له أن يأخذ عليه أجرا، فيه قولان للعلماء، وهما وجهان لأصحاب أحمد. الطرق الحكمية (1/376)

([41])الطرق الحكمية (1/359) والفتاوى (29/194). ولذلك قال العلماء بأن الصناعات التي لابد للناس منها في معايشهم فرض كفاية. روضة الطالبين (10/223) والطرق الحكمية (1/359). وقد تطرأ الحاجة إلى تحديد الأجور حتى لا يستغل العمال حاجة الناس إليهم. انظر : انظر فتاوى ابن تيمية (28/86)، والاقتصاد الإسلامي لحسن سري (186) ومباديء النظام الاقتصادي الإسلامي د/ سعاد صالح (169)

([42])التسعير في اللغة هو : تقدير السعر، أو هو الذي يقوم عليه الثمن، وجمعه : أسعار، وقد أسعروا وسعَّروا بمعنى واحد، أي : اتفقوا على سعر. وقال الفيومي في المصباح المنير : سعَّرت الشيء (تسعيراً) : جعلت له (سعراً) معلوماً ينتهي إليه، و(أسْعَرته) بالألف، لغة، وله (سعر) إذا زادت قيمته، وليس له (سِعْر) إذا أفرط رخصه. لسان العرب (4/365)، ومختار الصحاح (1/126) والتعاريف (1/405).

وفي الاصطلاح الفقهي : عرفه الشوكاني بأنه : أمر السلطان ونوابه، أو كل من ولي من أمور المسلمين شيئاً، أهل السوق ألا يبيعوا أمتعتهم إلا بسعر كذا، فيمنعون من الزيادة أو النقصان لمصلحة. نيل الأوطار (5/335) وانظر : عون المعبود (9/229) وتحفة الأحوذي (4/452)

([43])الدر المختار (6/400)، والمهذب (1/292)، وروضة الطالبين (3/411)، والإنصاف للمرداوي (4/338) والمغني (6/311) وتنقيح التحقيق (3/13)

([44])الإنصاف (4/338) وروضة الطالبين (3/411)

([45])الإنصاف (4/338) ويمكن أن يقاس عليه أخذ العامل للأجرة المفروضة في حال فرضها على أرباب العمل.

([46])الدر المختار (6/400)

([47])القوانين الفقهية (1/169) والكافي لابن عبد البر (1/360)، والاستذكار (6/412) والمنتقى (5/13، 18) والمغني (6/311، 312) والفتاوى (28/77، 86، 90) (29/254) والطرق الحكمية (1/355) والأشباه والنظائر (1/528) ونيل الأوطار (5/334).وعند الشافعي قول بجوازه وقت الغلاء دون الرخص، وقيل : إن كان الطعام مجلوبا حرم التسعير وإلا جاز. روضة الطالبين (3/411)

([48])رواه أنس وأخرجه أبو داود (3450، 3451) والترمذي (1314) وابن ماجة (2200) وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (3/14) : إسناده حسن.

([49])الطرق الحكمية (1/374)

([50])رواه ابن ماجة (2155) والدارمي (2/324)، والبيهقي (6/30) وقال: تفرد به علي بن سالم، عن علي بن زيد، قال البخاري : لا يتابع في حديثه.

([51])الطرق الحكمية (1/355، 356) وانظر : الفتاوى (28/90)

([52])انظر : الاستذكار (6/412)، والفتاوى (28/91)

([53])البحر الرائق لابن نجيم الحنفي (8/230)

([54])المغني لابن قدامة (4/152)

([55])الطرق الحكمية (1/374)

([56])المغني (6/312)

 ([57])انظر : الطرق الحكمية.

 ([58])الإنصاف (4/338) والطرق الحكمية (1/374)

 ([59])الإنصاف (4/338)

 ([60])الفتاوى (29/195)

 ([61])الدر المختار (6/400)

 ([62])البحر الرائق لابن نجيم الحنفي (8/230) وانظر : الاستذكار (6/412)

 ([63]) نصب الراية للزيلعي 6/ 28، وانظر : حاشية ابن عابدين 5 /256). وانظر : بحث (هل للربح حد أعلى) للشيخ القرضاوي، مجلة المجمع الفقهي الإسلامي السنة الثانية العدد الرابع ص59. قال الشيخ القرضاوي : ولكنه لم يبين المراد بالقيمة، هل هي ثمن المثل في السوق في مثل هذا الوقت؟ حينئذ لا تلازم بين القيمة والربح، أو القيمة ثمن الشراء الذي اشتريت به السلعة؟ وهنا يكون الربح محددًا بألا يزيد على مائة في المائة، وقد شاع لدي كثيرين أن في علماء المالكية من يحدد نسبة الربح بالثلث، ولم أعثر علي مصدر لهذه الدعوى، وأخشى أن يكون ثمت خلط بين الربح والغبن، ولا تلازم بينهما كما ذكرت في أول البحث) وذكر أنه قد يربح الضعف ولا يكون غابنا، لأن السلعة تساوي في السوق أكثر من ذلك.

 ([64]) المغني (11/348)

 ([65])الفتاوى (28/94) والطرق الحكمية (1/374)

 [66] – المجتمع المتكافل في الإسلام ص89 ط3 القاهرة دار السلامة

 ([67])روضة الطالبين (3/411)

([68])الدر المختار (6/400)

[69] – هود الآية (85)

المصدر: موقع المسلم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى