عُمان تتيح أكثر من 4 آلاف مخطوطة إلكترونياً للباحثين

أعلنت سلطنة عُمان توفير أكثر من 4 آلاف مخطوطة موزعة على أربعة مجالات، معظمها حول العلوم الإنسانية من التفسير والحديث وعلوم القرآن والفقه والتاريخ، إلى الأدب واللغة العربية والفلك والطب وعلوم البحار.

ويعاني الباحث العُماني من صعوبة الوصول إلى المخطوطات والمصادر التراثية القديمة في سبيل دعم أبحاثه الأكاديمية، ذلك أن كثيراً من المخطوطات العُمانية موزعة بين جهات رسمية عدة وبعض المكتبات الخاصة، ما يجعلها تستنزف كثيراً من الوقت والجهد حتى تصل إلى مبتغاها، بحسب ما ذكرت “الجزيرة نت” اليوم الأحد.

وذللت وزارة التراث والثقافة العُمانية كثيراً من الصعوبات التي تواجه الباحثين بعد تدشين المنصة الإلكترونية التابعة لدار المخطوطات في الوزارة، وإتاحتها لجميع الباحثين والدارسين والمشتغلين بالبحث في علم المخطوطات من جميع أنحاء العالم.

ويجد الداخل إلى المنصة: (https://manuscripts.mhc.gov.om/ar/) أنها صممت بطريقة جاذبة وبلغة بصرية وتقنية ميسرة خالية من التعقيدات البرمجية، مما يسهل على الباحث اكتشاف هذا الرصيد الفكري والوطني الذي يتجاوز أربعة آلاف مخطوطة موزعة على أربعة مجالات؛ معظمها حول العلوم الإنسانية، من التفسير والحديث وعلوم القرآن والفقه والتاريخ، إلى الأدب واللغة العربية والفلك والطب وعلوم البحار.

ويشير العرض المرئي لمكتبة المخطوطات بالدار إلى أن مخطوط “الجمع بين الصحيحين” لأبي عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي يعد أقدم مخطوطة عُمانية في الحديث الشريف تعود إلى سنة 617هـ الموافق 1220م (نحو ثمانمئة عام)، كما أن مخطوطة الطبيب راشد بن عميرة الهاشمي التي تعود إلى عام 654هـ/1256م تعد واحدة من أنفس المؤلفات الطبية التي تحوي رسومات تفصيلية للدماغ والأعصاب وتشريح جسم الإنسان.

وقد بذلت الدار جهوداً حثيثة في الحصول على تلك المخطوطات النادرة، سواء عبر تشكيل لجنة لتقديم تعويضات مادية للأهالي الذين تبرعوا بمخطوطاتهم القيمة التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، أو عمل زيارات منظمة لمن يمتلكون مخطوطات نادرة ونفيسة في مكتباتهم الخاصة لتشجيعهم على إيداعها في الدار، ذلك أنها المكان الآمن لحفظها والعناية بها.

وتشير إحصائيات المنصة الإلكترونية إلى أن “الدلائل والأخبار في خصائص ظفار – تاريخ ظفار” لمؤلفه عبد الله بن جعفر الكثيري المولود في القرن العاشر الهجري/الخامس عشر الميلادي هي الأكثر زيارة حتى الآن، وكذلك “المختار من شعر أبي نواس” للحسن بن هانئ أبي نواس.

وقد جاء مخطوط “قاموس الشريعة” لجميل بن خميس السعدي، و”بيان الشرع” لمحمد بن إبراهيم الكندي، الأكثر مبيعاً، فيما حلت “الكواكب الدرية تسبيع البردة البوصيرية” لعبد الله بن عمر الشيرازي البيضاوي، و”السيَر والأنساب الحمراء” لسلمة بن مسلم العَوتبي، الأكثر قراءة بعد مضي شهر من تدشين المنصة.

ويستطيع الباحث نسخ وشراء ما يشاء من المخطوطات بأسعار رمزية.

وتأمل وزارة التراث والثقافة العُمانية في أن تسهم هذه المنصة في تحقيق هذه المخطوطات وطباعتها منقحة على نسخ متعددة، ونشر إسهامات الإنسان العُماني بما خلفه من مخزون فكري عبر مختلف المجالات والعلوم.

رئيس الجمعية العُمانية للكُتاب والأدباء، الشاعر سعيد الصقلاوي، أكد أهمية مواكبة المؤسسات الثقافية العصر من الناحية التقنية والمعلوماتية، مشيراً إلى أن كبرى المكتبات في العالم باتت تتيح مصادرها ورصيدها الفكري، مثل مكتبة الكونغرس، والمكتبة البريطانية، والأرشيف البريطاني، والمكتبة الوطنية الفرنسية، وغيرها من المؤسسات الثقافية والبحثية والتراثية عبر منصات إلكترونية لتوفير المخطوطات بأيسر السبل ودون عناء، وبعضها دون مقابل.

ويرى الباحثون العُمانيون ضرورة إتاحة جميع المخطوطات لدى جميع المؤسسات الوطنية المعنية بالشأن الثقافي والعلمي والبحثي والمكتبات العُمانية، من خلال منصات إلكترونية مماثلة؛ ليسهل تتبع التطور الحضاري والبحثي والتاريخي، وهو ما عبر عنه الباحث في التاريخ العُماني محمد بن حمد العريمي، بالقول: إن “لدينا شحاً في المصادر التاريخية العُمانية بسبب عدم اهتمام العلماء بالجانب التاريخي بقدر اهتمامهم بالجوانب الدينية”.

وأضاف أن من كتب في التاريخ غالباً ما انطلق من أغراض مختلفة، إما دينية أو توثيقاً لبعض السير الشخصية، مؤكداً الحاجة الماسة إلى العودة لهذه المخطوطات لاستنباط تفاصيل تاريخية من التاريخ العُماني الضارب في عمق الحضارة الإنسانية.

(المصدر: الخليج أونلاين)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى