الجوائح في الإسلام (18) وباء العراق والجزيرة

الجوائح في الإسلام (18) وباء العراق والجزيرة

بقلم محمد فاروق الإمام

(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) صدق الله العظيم.

عم العراق والجزيرة سنة (439هـ/1047م) وباء شديد بسبب جيف الدواب التي نفقت في السنتين الماضيتين، وكان أشد البلاء في مدينة بغداد، فمات فيها خلق كثير، حتى خلت الأسواق، وقلت العقاقير والأدوية التي يحتاجها الناس لمداواة مرضاهم، وغدت صلاة الجمعة في الموصل لا يصليها إلا نحو أربعمائة مصلي، وأن أهل الذمة لم يبق منهم إلا نحو مئة وعشرين نفساً.

 وباء بخارى وطاعون أذربيجان

نزل ببخارى سنة (449هـ/1058م) وباء قاتل، يقال إنه مات في يوم واحد ببخارى من هذا الوباء ومن حولها ما يزيد على ثمانية عشر ألف إنسان، ويقول ابن الجوزي: وأحصي من مات في هذا الوباء من تلك البلاد إلى يوم كتب فيه هذا الكتاب بألف ألف وخمسمائة ألف وخمسين ألف، أي (1,550,000) والناس في تلك البلاد يمرون فلا يرون إلا أسواقاً فارغة وطرقات خالية، وأبواباً مغلقة، ووحشة وعدم أنس.

كما تفشى وباء الطاعون في أذربيجان وما حولها من البلاد، وأنه لم يسلم من تلك البلاد إلا العدد اليسير جداً.

كما حل الطاعون بالأهواز وبواط وأعمالهما وغيرها، حتى طبق البلاد، ولم يكن للناس شغل في الليل والنهار إلا غسل الأموات، وتجهيزهم ودفنهم، فكان يحفر الحفير فيدفن فيه العشرون والثلاثون، وكان الإنسان بينما هو جالس إذ انشق قلبه عن دم المهجة، فيخرج منه إلى الفم قطرة فيموت من وقته.

وتاب الناس في تلك السنة وتصدقوا بأكثر أموالهم فلم يجدوا أحداً يقبل منهم، وكان الفقير تعرض عليه الدنانير الكثيرة والدراهم والثياب فلا يقبلها.

وأراق الناس الخمور وكسروا آلات اللهو، ولزموا المساجد للعبادة وقراءة القرآن، وما وجدت دار فيها خمر إلا مات أهلها كلهم.

وكان (الشيخ أبو محمد عبد الجبار بن محمد) يدرس على يديه سبعمائة متفقه، فمات وماتوا كلهم إلا اثني عشر نفراً منهم. ولما اصطلح (السلطان دبيس بن علي) رجع بلاده فوجدها خراباً لقلة أهلها من الطاعون.

وباء بغداد

في ذي القعدة من سنة (456هـ/1064م) تفشى وباء شديد بالناس ببغداد وغيرها من مدن وبلاد العراق، وغلت أسعار الأدوية، وقل التمر هندي حتى بلغ الرطل منه بأربعة دنانير، وكذلك الشيرخشك، فمات كثير من الناس.

 علل وأمراض بغداد

في ذي القعدة من سنة (469هـ/1077م) كثرت العلل والأمراض ببغداد وواسط والسواد، وكثر الموت بين الناس. وبقيت معظم الغلات والمحاصيل دون أن يتمكن الناس من رفعها. وحل بالشام ما حل بالعراق.

(المصدر: رابطة العلماء السوريين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى